بعد مضي أسبوعين على بدء إعطاء اللقاح ضد وباء كورونا لم نسمع من القائمين على الحملة تقييماً واضحاً لسيرها وما الخطة البديلة لديهم في حال استمرار انخفاض أعداد المواطنين المُقبِلين على تلقي المطعوم. ومن المفيد القول إن الحكومة نجحت بالحصول على اللقاح في وقت معقول ومبكر نسبياً رغم شدة التنافس على شرائه عالميا حيث كان الأردن البلد العربي السابع بعد دول الخليج وضمن أول 41 دولة على المستوى العالمي. هذا إنجاز كبير قياساً على إمكانيات الأردن إذ هناك دول عربية لم تبدأ حملة التطعيم للآن.
من حيث الشكل تسير عملية إعطاء المطعوم بسلاسة ولكن ببطء واضح، عدد من حصلوا على الجرعة الأولى حتى الآن 35 ألف شخص،
فثمة عزوف وتردد واضحان. وبحسب بيانات وزارة الصحة استنكف نحو 30 % ممن أرسِلت لهم دعوات الحضور لتلقي اللقاح. فكيف ستنجح الوزارة في تحقيق الرقم المستهدف الذي يتراوح بين 20 % و 25 % أي حوالي ثلاثة ملايين مواطن؟ ويعني المعدل الحالي أنه إن بقيت الأمور تجري على هذا النحو سنكون بحاجة لثلاث سنوات لتحقيق تلك النسبة. واللافت أن هناك أعدادا كبيرة من الجسم الطبي لم تحصل على اللقاح بعد.
وبما أن نسبة المستنكفين بلغت 30 % فإنه يمكن زيادة من يتم دعوتهم بنفس هذه النسبة ويمكن زيادة عدد مراكز التطعيم.
قبل أيام تحدث عضو لجنة الأوبئة الدكتور عزمي محافظة مذكراً أننا بحاجة لحصول 30 ألف شخص يومياً على اللقاح حتى نتمكن من الوصول للمناعة الجماعية التي تعني إعطاء اللقاح لحوالي خمسة ملايين نسمة خلال خمسة أشهر. لكن هذا يبدو حلماً صعب المنال حالياً في ظل عزوف الناس ومحدودية إنتاج اللقاح من المصادر التي أجيزت من المؤسسة العامة للغذاء والدواء وهما لقاح فايزر الأميركي وسينوفارم الصيني.
يتضح حتى اللحظة أن حرية الاختيار لأخذ المطعوم لا تَراجُع عنها، ويتسق هذا مع الكميات المتوفرة من اللقاحات، ولكن نتوقع ونأمل أن يكون لدى وزارة الصحة خطط بديلة للتعامل مع هذا الوضع خاصة في ظل تزايد انتشار الفيروس المتحوّر وهو ما تحذر منه الوزارة ويستدعي العمل على تكثيف حملة التطعيم لما يمكن أن نسميه القطاعات الاستراتيجية والكوادر الصحية والمعلمين وموظفي القطاع العام وموظفي البنوك ودوائر الترخيص وشركات الاتصالات وأمانة عمان الكبرى والبلديات ودور رعاية المسنين والمراكز التجارية الكبرى.
يستدعي حَث الناس على أخذ اللقاح تشاركية من الجميع بما في ذلك القطاع الخاص وليس الحكومة فقط. ومن شأن ذلك إكمال خطة فتح جميع القطاعات وعودة الحياة لطبيعتها. ولغرف الصناعة والتجارة الدور المهم في حث المؤسسات المنتسبة لها على المبادرة لتسجيل موظفيها في منصة التطعيم التي خصصتها وزارة الصحة.
كما أن مسألة إجازة اللقاحات مهمة. لا أريد هنا أن أقلل من الجهد الذي تبذله المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تدرس ثلاثة لقاحات لمنحها الإجازة الطارئة لقاح جامعة أكسفورد «أسترازينيكا» ولقاح «سبوتنيك» الروسي. لكن من الواضح أن هناك استزادة لا نعرف سبباً لها في تأخير منح الإجازة الطارئة، فلقاح «أسترازينيكا» حصل على الإجازة الطارئة في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي والهند وكما أجيز اللقاح الروسي في معظم دول أميركا اللاتينية وإندونيسيا ومصر والمغرب، أما لقاح «جونسون آند جونسون» فقد يحصل على إجازة في الولايات المتحدة بداية الشهر القادم.
صحيح أن مؤشرات الوضع الوبائي مريحة ولكنها قد تفهم بشكل خاطئ. وأخشى في حال تردد الناس وتأخر وصول اللقاحات أن تحدث – لا سمح الله-انتكاسة. لذلك يبدو في غاية الأهمية العمل على محورين: الاستمرار في إجراءات التحوط والتباعد الاجتماعي والعمل سريعاً على رفع أعداد الحاصلين على المطعوم.