اتفق مصنعون على أهمية تنويع الصادرات الصناعية الأردنية سلعيا وجغرافيا، وعدم تركزها بمنتجات ودول بعينها لتجنب مخاطر الانكشاف على هذه الأسواق، خلال الأزمات والمخاطر.
وقالوا إن الصادرات الصناعية الأردنية تمتلك قدرات إنتاجية كبيرة، وتمتاز منتجاتها بالكفاءة والجودة العالية، مشيرين إلى ضرورة استغلال هذه الميزات وعكسها على تنوعها الجغرافي والسلعي. واكدوا أن تنويع الصادرات الصناعية يستدعي بناء استراتيجية وطنية للتصدير لتحديد الأسواق والمنتجات وإعادة ترتيب الأولويات بالترويج وتنويع السلع، وإجراء مسح شامل للقطاعات الإنتاجية الصناعية لإحداث نقلات نوعية بما ينتج، وتعزيز منافستها بالأسواق الخارجية.
وحسب أرقام إحصائية لغرفة صناعة الأردن، بلغت صادرات المملكة الصناعية خلال النصف الأول من العام الحالي 2.549 مليار دينار، مقابل 2.071 و2.138 مليار دينار خلال الفترة نفسها من عامي 2020 و2019، على التوالي. ويعتبر القطاع الصناعي الذي ينتج 1500 سلعة، من أكبر القطاعات الاقتصادية المساهمة بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 24.7 بالمئة بطريقة مباشرة و40 بالمئة بشكل غير مباشر، إضافة لامتلاكه قدرات تصديرية كبيرة تبلغ 93 بالمئة من إجمالي الصادرات الوطنية.
وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، إن الصادرات الصناعية تعاني من ضعف في تنوعها السلعي والجغرافي وتركز واضح على مستوى السلع والدول، مشيرا إلى أن 7 دول فقط تستحوذ على ما نسبته 70 بالمئة من اجماليها رغم وصول المنتجات الأردنية لأكثر من 142 دولة، كما تستحوذ 13 سلعة على حوالي 61 بالمئة، من اجمالي الصادرات.
وأضاف “رغم هذا الضعف الواضح، إلا أن دراسات مركز التجارة الدولية وفقاً لآلية خريطة إمكانيات التصدير، قدرت إجمالي الفرص التصديرية غير المستغلة للمنتجات الأردنية بحوالي 4.4 مليار دولار، من مختلف المنتجات والى مختلف دول العالم، بظل ذات الحجم من العمليات التصنيعية والاستثمار الحالي، والتي يمكن في حال استغلال هذه الفرص ضمان التنوع السلعي والجغرافي المطلوب للصادرات الوطنية”.
وتابع الجغبير، أن الفرص الضائعة على الصادرات الوطنية، تؤكد حقيقة ما نملكه من قدرات انتاجية ضخمة، وما تتمتع به المنتجات الصناعية من كفاءة وجودة، مبينا أنه لضمان استغلال هذه الفرص، وانعكاسها على تنوعها الجغرافي والسلعي، لا بد من العمل على إعادة ترتيب أولوياتنا في الترويج وتنويع الصادرات.
وأشار إلى أهمية بلورة ما دعا اليه جلالة الملك عبدالله الثاني خلال فترة الجائحة “بضرورة التفكير بآليات لزيادة التصدير إلى الخارج، وأهمية الترويج للصناعات الوطنية” على أرض الواقع ودون أي تأخير، مؤكدا أن تطوير آليات الترويج للمنتجات الأردنية وربطها بخطة أولويات للصادرات الوطنية أمر في غاية الأهمية لتعزيز تواجد المنتجات الأردنية بالأسواق العالمية. وبين أن عمليات الترويج الحالية يشوبها نقص الدعم المالي، وعدم وضوح الرؤية الدقيقة، مؤكدا أهمية بناء استراتيجية وطنية للتصدير، يكون بمقدورها تحديد اولويات الأسواق والمنتجات للصادرات الأردنية، مبنية على حقائق علمية وواقعية، تضمن رفع درجة التنوع السلعي والجغرافي للصادرات. ولفت الى أن المنتجات الصناعية تتمتع بالجودة والكفاءة المطلوبة، لكن ينقصها القليل من التشبيك والدعم الذي في معظمه فني من رفع القدرات التسويقية والترويجية لها وتوجيهها بالشكل المطلوب، حتى تصل الى الأسواق الخارجية وتعزز تواجد المنتجات الأردنية بالأسواق العالمية.
وأكد أهمية العمل على دعم الاتصال بسلاسل التوريد العالمية من خلال استحداث آليات وتقنيات للتجارة الإلكترونية التي زاد الاعتماد عليها ما بعد الجائحة، مشددا على ضرورة تعزيز برنامج ائتمان الصادرات، لتسهيل عمليات تمويل الصادرات، وتفعيل دور السفارات الأردنية في الخارج.
وأشار الجغبير إلى ضرورة استغلال المزايا التنافسية للأردن باعتباره مركزاً للوصول الى الأسواق العالمية يوفر الوصول الى أكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم، من خلال جذب استثمارات نوعية موجهة للتصدير مربوطة بمنظومة حوافز تدعم القيمة المضافة للاقتصاد الأردني وتشغيل واستدامة المزيد من فرص العمل للأردنيين. ولفت إلى أنه لدعم تنافسية المنتج الوطني، يجب العمل على الحد من الكلف الانتاجية العالية، من خلال خفض كلف النقل والطاقة، وتحسين عمليات النقل والخدمات اللوجستية (ميناء العقبة)، مشيرا إلى أن قرار الحكومة الأخير بخفض كلف الكهرباء على القطاعات الاقتصادية خطوة بالاتجاه الصحيح نحو تعزيز انتاجية وتنافسية المنتجات الوطنية والذي يتوقع تطبيقه مطلع العام المقبل.
بدوره، قال رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية محمد زكي السعودي، إن تنويع الصادرات يتم من خلال دراسة الاسواق العالمية وخصوصا المستهدفة من حيث حجم الاستهلاك وآليات البيع والتسويق والتسهيلات التي يتطلبها السوق ومدى توافق السلعة المراد تسويقها لرغبات المستهلكين.
وأضاف أنه يجب العمل على زيادة المعارض النوعية، التي تظهر ميزات وجودة وسعر السلعة الأردنية للأسواق المستهدفة، مشيرا إلى أهمية تكيف المصدر الأردني مع متطلبات الاسواق كي يسهل عليه بيع وتسويق السلع.
وشدد السعودي على اهمية دعم الصناعة الأردنية التصديرية، لأنها تعد مطلبا هاما لدخول الاسواق، من خلال تحمل الجزء المناسب من كلف المعارض الدولية، مبينا أن كلفها المرتفعة تشكل عائقاً كبيرا للشركات المصدرة الصغيرة والمتوسطة.
ودعا إلى تفعيل دور الهيئات الدبلوماسية وكوادر السفارات الأردنية من خلال الملحق التجاري بالتواصل الجاد لخلق الأسواق والترويج للمنتج الأردني.
بدوره، أكد المدير العام السابق لجمعية البنوك في الأردن الدكتور عدلي قندح، أن تركز الصادرات الصناعية في عدد محدود من الدول يزيد من مخاطر الانكشاف على هذه الأسواق، من حيث ارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية في حال حدوث أزمات في تلك الدول.
وأوضح أنه لتنويع الصادرات الوطنية والأسواق التصديرية وتجنب مخاطر التركز في الأسواق والسلع، يجب عمل مسح شامل للقطاعات الإنتاجية الصناعية بجميع تنوعاتها للوقوف على إمكانية إحداث نقلات نوعية بالمنتجات والسلع التي تنتجها هذه القطاعات لجعلها قادرة على المنافسة بالأسواق العالمية. وأشار إلى أن ذلك يتطلب البحث عن اسواق جديدة في الإقليم والعالم كالأسواق الإفريقية وفي أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والشرقية وحتى الأسواق الأوروبية الغربية، إضافة إلى وضع مواصفات ومعايير عالمية لمختلف انواع المنتجات الزراعية والغذائية وغيرها من المنتجات المصنعة بالاقتصاد الوطني.
ولفت إلى أن تنويع الصادرات والأسواق يتطلب نشر الوعي والتدريب وتقديم المساعدات الفنية والمالية لتلك المشروعات والاستثمارات بحسب حاجته، مضيفا أن هناك حاجة ماسة لإنشاء منصات تسويق إلكترونية للتعريف بالمنتجات الأردنية التي حققت المتطلبات الفنية والتقنية العالمية لتقديمها للأسواق العالمية بصورة ملائمة.
وأشار إلى أن تنويع الصادرات الصناعية يتطلب كذلك التعاون بين الصناعيين والتجار لأنه يصب بمصالح اعمالهم، فيما يتطلب من القطاع المالي توفير منتجات وخدمات ائتمانية لضمان الصادرات وائتمان الاستثمار، داعيا الحكومة لتوفير الدعم والمساندة اللازمة للمنتجين المحليين لتمكينهم من الوصول الى الأسواق العالمية من أوسع أبوابها.
واكد الدكتور قندح ضرورة التركيز على السلع والمنتجات الأردنية التي يتوفر فيها ميزة تنافسية كبيرة، ولاسيما بالأسواق العالمية غير التقليدية وإدخال الزراعات المائية الموفرة للمياه والعمالة وجميع اشكال الكلف واستخدام التكنولوجيا الحديثة بالصناعات لتلبية متطلبات السوق العالمية.
وحول دور وزارة الصناعة والتجارة والتموين في تنويع الصادرات، قال المستشار والناطق الإعلامي للوزارة ينال البرماوي، “إن الوزارة تولي أولوية ضمن سياساتها وخططها المستقبلية لتنويع صادراتنا سلعيا وجغرافيا، ما يعظم استفادة القطاع الخاص من المزايا التي وفرتها اتفاقيات التجارة الحرة التي يرتبط بها الأردن والتي توفر أسواقا بأكثر من مليار مستهلك”.
وأضاف أن وثيقة السياسة التجارية الخارجية 2018-2022 تضمنت برامج ومبادرات استراتيجية لتنويع الصادرات من خلال السعي لإيجاد أسواق جديدة وتعزيز نفاذ الصادرات إلى الأسواق غير التقليدية.
ولفت البرماوي إلى أن الوزارة تولي اهتماما لتفعيل نظام تحفيز الصادرات بهدف زيادة تنافسيّة الصناعة المحلية ويجري العمل على تفعيل شركة بيت التصدير، والتي تأسست بشراكة بين الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والقطاع الخاص.
وبين أن بيت التصدير يسعى لتطوير قطاع التصدير في المملكة، وبما يدعم الجهود التي تقوم بها هيئة الاستثمار والمؤسسة الأردنية لتطوير المشروعات الاقتصادية في ترويج الصادرات وتأهيل الشركات للتصدير.
واشار الى أن المؤسسة الأردنية لتطوير المشروعات الاقتصادية (جيدكو) تنفذ مجموعة من البرامج الموجهة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل التصدير والبيع والتصدير الإلكتروني والتصدير إلى الأسواق غير التقليدية، إضافة إلى برنامج دعم الشركات الصناعية من أجل التصدير لأول مرة، الهادف لتنويع الصادرات سلعيا وجغرافيا. واشار البرماوي إلى أن وزارة الصناعة والتجارة والتموين تعمل على معالجة اي معوقات تواجه الصادرات الأردنية التي حققت نموا بنسبة 23 بالمئة، خلال النصف الأول من العام الحالي.
(بترا )