وفر قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 الذي لجأ اليه الأردن خلال جائحة كورونا، أرضية صلبة لعبور البلاد من أخطر أزمة صحية ضربت العالم وعطلت عجلة الحياة.
واتاح قانون الدفاع الذي طبق في أضيق حدوده دون المس بالملكية الخاصة، أدوات مهمة للحكومة لتسيير شؤون حياة المواطنين وحماية العاملين والحفاظ على صحتهم وسلامتهم ومصدر رزقهم وتجنيبهم ويلات الوباء.
وجاء تطبيق القانون بموجب أحكام المادة 124 من الدستور ونظرا لوجود ظرف استثنائي يتطلب توفير أداة للحكومة ووسيلة إضافية لحماية الصحة العامة والحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم.
وتنص المادة 2/أ من قانون الدفاع “إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ تهدد الأمن الوطني أو السمة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقة منها بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات أو فتنة داخلية مسلحة أو كوارث عامة أو انتشار آفة أو وباء يعلن العمل بهذا القانون بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء”.
ووجه جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة عند بدء تطبيق القانون خلال شهر آذار عام 2020 أن يكون تطبيقه والأوامر الصادرة بمقتضاه في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير التي كفلها الدستور وفي إطار القوانين العادية النافذة، وكذلك ضمان احترام الملكيات الخاصة سواء أكانت عقارا أو أموالا منقولة وغير منقولة.
وبلغت كلفة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الجائحة 3 مليارات دينار، شكلت 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، منها 8 بالمئة إجراءات مرتبطة بالسيولة، و3 بالمئة تحفيزية مالية.
وأسهمت هذه الإجراءات التي توزعت بين تسهيلات من خلال البنك المركزي وبرامج الدعم من الضمان الاجتماعي وشبكة الحماية الاجتماعية وحساب الإنفاق الصحي، بالتخفيف من الآثار السلبية عن الاقتصاد الوطني.
ويهدف برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي 2021 -2023 الذي أطلق قبل شهرين، وخصص له 480 مليون دينار، إلى وضع الاقتصاد الوطني على مسار التعافي بعد التباطؤ الذي حدث جراء جائحة كورونا وانعكاساتها.
ويرتكز البرنامج على محاور رئيسة، تشمل تحسين بيئة الأعمال والاستثمار وتعزيز التنافسية والتشغيل ودعم القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، وهي السياحة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة.
وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، مازن المعايطة، أهمية قانون الدفاع والأوامر والبلاغات الصادرة بموجبه، في حماية حقوق العمال والحفاظ على الأمن الوظيفي للعاملين في شتى القطاعات العمالية والمنشآت الاقتصادية، وتوفير الحماية الاجتماعية لهم من خلال البرامج المتنوعة التي أطلقتها مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وقال إن التعديلات التي أجرتها مؤسسة الضمان الاجتماعي على البرامج التي طرحتها واستفاد منها العمال، أسهمت في ضمان الحفاظ على حقوق العمال وعدم التخفيض من أجورهم كما كان سابقا، مبينا أن برنامج استدامة قبل تطويره كان يخصص 75 بالمئة لأجر العامل فقط.
من جهته، أشار رئيس بيت العمال للدراسات والأمين الأسبق لوزارة العمل حمادة أبو نجمة، إلى أن أوامر الدفاع حظرت إنهاء خدمات العاملين إلا في حالات استثنائية جدا نص عليها القانون، ما ساعد في الحفاظ على الوظائف والحد من إنهاء خدمات العاملين على نطاق واسع، وهو نص ما زال نافذا وملزما منذ صدور أمر الدفاع رقم 6 لغاية الآن، وبموجبه يعاقب أي صاحب عمل ينهي خدمات أي من العاملين لديه لأسباب غير الأسباب المحدودة المسموح بها وذلك بالغرامة والحبس.
واضاف، كان الحظر مهما جدا لحماية الوظائف والحفاظ على فرص العمل في ظل الجائحة، ورغم ذلك حصلت حالات عديدة من إنهاء الخدمات المخالفة لأوامر الدفاع التي وصلت إلى عشرات الآلاف، ونجحت الوزارة في إلغاء بعضها، حسبما اعلنت وزارة العمل عدة مرات.
واكد أن سماح الحكومة منذ عدة أشهر بفتح معظم القطاعات، والإعلان عن السماح لبقية القطاعات بالعمل اعتبارا من مطلع حزيران الماضي، إضافة إلى مجموعة البرامج التي كانت قد أعلنت عنها وتضمنت إعفاءات وتأجيل التزامات من رسوم وضرائب وغيرها، ستشكل في مجملها دعما جيدا لمؤسسات القطاع الخاص والمساعدة في الحفاظ على ديمومة أعمالها والتخفيف من الأعباء التي سببتها الجائحة، وتوفير السيولة وإنعاش الحركة الاقتصادية وتحريك عجلة الإنتاج.
وبين ابو نجمة، أن فتح معظم القطاعات سيؤدي إلى زيادة قدرة المؤسسات في الحفاظ على العمالة لديها والحد من فقدان الوظائف، وفي الوقت نفسه سيمكن المؤسسات من تسديد التزاماتها تجاه العاملين لديها ولاسيما الالتزام بدفع الأجور دون الحاجة للسماح بالاقتطاع من أجور العاملين لأي سبب كان، ومن ذلك برنامج استدامة، وكذلك إلغاء استثناء العاملين من تأمين الشيخوخة.
واضاف أن المكتسبات التي تحققت للقطاع الخاص لا تبرر المساس بأجور العاملين الذين تضرروا على مدى الأشهر الماضية نتيجة التخفيضات المتتالية التي سمحت بها أوامر الدفاع منذ بداية الجائحة.
بدوره، قال الناطق الإعلامي في وزارة العمل محمد الزيود، إن أمر الدفاع رقم 6 لسنة 2020 والبلاغات الصادرة بموجبه، أسهمت في الحد من تسريح العمالة من سوق العمل منذ بداية جائحة كورونا لضمان استدامة فرص العمل وتوفير الحماية لحقوق العمال، من خلال حصر حالات انهاء الخدمات بأضيق نطاق، بالإضافة إلى الحد من تأخير أجور العاملين في القطاع الخاص.
واوضح أن أمر الدفاع رقم 6، أخذ بعين الاعتبار مصلحة العامل وصاحب العمل في مثل هذه الظروف الاقتصادية التي لم تكن سهلة على أي من أطراف عملية الإنتاج.
ولفت إلى أن الحكومة أتاحت لأصحاب العمل إمكانية الاستفادة من برامج الحماية الاقتصادية التي أعلنتها مع البنك المركزي والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مقابل المحافظة على العاملين لديهم.
ولفت إلى ان الوزارة أنشأت منصة إلكترونية باسم “منصة حماية” لاستقبال الشكوى العمالية والتي يتعلق معظمها بتأخير الأجور وإنهاء الخدمات.
وبين الزيود أن الشكاوى والاستفسارات العمالية الواردة إلى “منصة حماية” والبالغ عددها منذ الجائحة حتى اليوم 110560 شكوى واستفسارا عماليا، بلغت نسبة الحل والرد عليها حوالي 90 بالمئة؛ استنادا لأمر الدفاع رقم 6 والبلاغات الصادرة بموجبه نتيجة تجاوب القطاع الخاص مع إجراءات الوزارة.
واضاف أن عدد العمال الذين جرى انهاء خدماتهم 10192 عاملا، أعادت الوزارة منهم حوالي 6635 عاملا وعاملة، إلى أعمالهم استنادا لأمر الدفاع رقم 6 والبلاغات الصادرة بموجبه وفقا أحكام قانون العمل، والبقية حوالي 3410 أنهيت خدماتهم بشكل قانوني لا يخالف أوامر الدفاع أو قانون العمل، أما ما تبقى من شكاوى تتعلق بإنهاء الخدمات فما زالت قيد الإجراء.
وأكد أن إجراءات الوزارة نجحت استنادا لأمر الدفاع بتسليم 347250 عاملا وعاملة أجورهم المتأخرة.
(بترا )