10.1 C
عمّان
الخميس, 28 نوفمبر 2024, 11:41
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

قراءة اقتصادية في تعيين المحافظ الجديد للبنك المركزي

 من المحلل الاقتصادي عبدالمنعم الزعبي – بعد أسابيع من ترقب الاقتصاديين والمصرفيين، جاء تعيين المحافظ الجديد للبنك المركزي مبشرا لمختلف الأوساط.

فمن جهة، مثل اختيار المحافظ من مؤسسة المركزي تأكيدا على استقلالية البنك واستقرار ثوابت السياسة النقدية. ومن جهة أخرى، قوبل تعيين الدكتور عادل شركس بارتياح عام نتيجة دوره الرئيسي ضمن غرفة العمليات التي حافظت على استقرار الدينار والاحتياطيات عامي 2012 و2013.

فالمشاركة في عبور تلك المرحلة بما تضمنته من توظيف لحلول غير تقليدية، مثل عقود المقايضة، وسندات الدولار المحلية، والتسهيل الكمي المحدود، يؤكد قدرة المركزي بإدارته الجديدة على مواجهة التحديات والتقلبات المستقبلية. إدارة التوازنات الدقيقة مع السياسة المالية والاشتباك الإيجابي مع الإعلام تراكمات إيجابية أخرى ساهمت ذات المرحلة في بنائها لدى قيادات المركزي.

الأمر ذاته ينطبق على مساهمة المحافظ الجديد في عبور الأزمة الاقتصادية المصاحبة للجائحة في 2020 و2021. وربما يكون لهذه المساهمة الدور الأبرز في رسم دور أكبر للبنك المركزي في تحفيز النمو، ومعالجة العديد من القضايا الاقتصادية الاجتماعية مثل الإسكان والقروض الميكروية، والنهوض باستجابة الأردن تجاه تحولات الطاقة والتغير المناخي.

المحافظ الجديد أمامه مجموعة من الملفات والاستحقاقات الرئيسية، أهمها توقعات رفع الفيدرالي الأمريكي لفائدة الدولار. فاستجابة المركزي لارتفاع معدلات الفائدة عالميا سترسم الملامح الرئيسية للسياسة الاقتصادية في قادم الأيام. والتحدي على هذا الصعيد مركب، حيث يحتاج المركزي أن يواكب ارتفاعات الفائدة حفاظا على جاذبية الدينار، ويحتاج بالتوازي إلى أدوات وسياسات مساندة تحد من كلف ارتفاع الفائدة على المالية العامة والمقترضين من الأفراد والشركات.

أحد الاستحقاقات الرئيسية الأخرى بانتظار المحافظ الجديد مهمة إنهاء إدراج المملكة ضمن القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي المختصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأيضا هناك ملف التحول الرقمي بجميع أوجهه؛ العملات الرقمية والتكنولوجيا المالية والدفع الإلكتروني وتعزيز الاشتمال المالي. وكذلك هناك التحديات القديمة الجديدة في القطاع المصرفي، وأهمها تركز السيولة، وخطط الاستحواذ والاندماج، والتطوير المستمر  لتعليمات الشفافية والحوكمة. وقبل هذا كله طبعا دور المركزي الأصيل في حفز النمو والحفاظ على الاستقرار العام في معدلات التضخم وإدارة محفظة الدين العام.

القيادة الجديدة للبنك المركزي تمتلك مؤهلات استثنائية، وخبرة واسعة، وتحظى بالقبول والزخم المطلوبين. يبقى أمام اكتمال وصفة النجاح إذا توفير الدعم السياسي للمحافظ الجديد ومساندته في مواجهة تيار شعبوي متنام عالميا ومحليا نتيجة الظرف الاقتصادي الدقيق وتضخم مديونية الحكومات والشركات. ولنا في دول المنطقة التي حاولت معالجة تحدياتها الاقتصادية على حساب العبث بسياستها النقدية درس عن أهمية الحفاظ على مهنية واستقلالية البنك المركزي.

Share and Enjoy !

Shares