قال خبير التغيرات المناخية والارصاد الجوية الاستاذ الدكتور قاسم الطراونة، إن الحالة الجوية التي تؤثر على الأردن وأدت إلى إرباك المشهد والحياة العامة في الأردن ومؤسسات الدولة ومراكز التنبؤات والمواطنين، هي حالة جوية قد تكون نادرة، وتعود لعدة اسباب.
وقال الطراونة إن هذه الحالة الجوية تكاد تكون نادرة لأنها كانت مرافقة لمرتفع جوي وليس لمنخفض جوي حيث كانت قيم الضغط الجوي تتراوح ما بين 1024 -1026 مليبار.
وبين أنه تم الاعلان عن حالة الثلج من قبل المراكز المختلفة، بشكل متردد ومرتبك بسبب الحالة النادرة لتساقط الثلج الخفيف المصاحب للمرتفع الجوي وليس لمنخفض جوي.
وأضاف أن الإعلان عن تساقط الثلوج بهذا الشكل أدى إلى اختلاط الأمر على المواطن العادي وبدأ يسأل عن الارتفاعات التي سيسقط عليها الثلج. كما تخيل المسؤول بان هناك تساقط للثلوج الأمر الذي يؤدي للانجماد (على اعتبار ان هناك جريان للمياه التي ستتجمد مع الانخفاض الحاد على درجات الحرارة وهو ما لم يحصل)، فترتب على ذلك تأخير الدوام إلى الساعة العاشرة خوفا من الانجماد علما ان الجو جاف جدا ولم يؤدي هذا المنخفض إلى أي جريان للمياه في غالبية المناطق، ما خلق حالة إرباك وازدحام في المواصلات العامة بالعاصمة عمان جراء تأخير الدوام.
وأكد الطراونة، أن عدم فهم الحالة الجوية النادرة من قبل بعض الجهات التي تصدر نشرات الطقس تسبب في عدم توضيح الحالة الجوية لصاحب القرار عن ماهية الحالة الثلجية، حيث من المعتاد أن تتساقط الثلوج بغزارة احيانا مصاحبة لرياح عاصفة وهذا الأمر الذي تخيله صاحب القرار وكذلك المواطن.
وقال إنه كان من المفترض توضيح الحالة على انها حالة عابرة جدا وستمر بسرعة، رغم أن المناطق الجبلية سيتراكم عليها طبقة خفيفة من الثلوج والتي سرعان ما تذوب بسبب سطوع الشمس المصاحب للمرتفع الجوي.
وأوضح الطراونة أن الرياح السطحية كانت شمالية شرقية جافة سيبيرية المنشأ ومسارها فوق اليابسة من جهة الاراضي العراقية وهي التي ما زالت تؤثر علينا حاليا مؤدية إلى حالة من الصقيع وليس الانجماد، إضافة إلى مسار ضيق لبعض الهواء القادم من البحر المتوسط وهو مصدر الرطوبة حيث لم يكن بالحجم الكافي لتغطية مساحة المملكة بالهواء الرطب وكان اتجاهه صوب جنوب المملكة، ورافقت الرياح الشمالية الشرقية السيبيرية الجافة حالة جوية هي التي زادت الشعور بالبرد القارص.
وعن توضيح الحالية الجوية التي اثرت على المملكة، قال الطراونة إن طبيعة الثلج الخفيف الذي رافق الحالة هو اشبه بتساقط الثلوج في المناظق القطبية، حيت من المعروف علميا ان المناطق القطبية هي مناطق جافة وباردة وهي مناطق ضغط جوي مرتفع وتسقط بها الثلوج بشكل خفيف.
وأضاف أن هذه الحالة مشابهة لتساقط الثلوج في المناطق القطبية، ويعرف اصحاب الاختصاص أن هناك قوى ديناميكية تؤدي الى رفع الهواء في المنخفض الجوي مما يؤدي الى تشكل الغيوم ونمو قطرات المطر والثلج داخل الغيوم، ولكن في هذه الحالة التي أثرت على المملكة وهي المرتفع الجوي، ما الذي ادى الى تشكل الغيوم!، حيث لا تتوافر عوامل رفع الهواء الديناميكية.
وبين أن وجود هواء بارد جدا في طبقات الجو العليا ساهم بتكاثف بخار الماء الموجود على ارتفاع 5 كم (18000) قدم حيث درجة الحرارة سالب 27 درجة مئوية، وهي حالة تساعد على رفع الهواء بقوة (الطفو) (BOUYANCY FORCE) حيث يطفو بخار الماء نتيجة تكاثفه وانبعاث طاقة حرارية منه نتيجة لتكاثفه (الطاقة الكامنة في التكاثف). ونظرا للحرارة المتدنية في الطبقات السفلى وحالة الجفاف المصاحبة للرياح السيبيرية نزلت هذه الثلوج على اغلب المناطق حتى الصحراوية منها.
ويرى الطراونة أنه يجب على الدولة إعادة النظر في الاهتمام بدائرة الارصاد الجوية ودعمها في نماذج عددية خاصة بالاقليم Regional Models)، مشير إلى أن هذه الدائرة احدى مؤسسات الدولة العلمية التي واكبت مئوية الدولة، علما ان نشرات الدائرة مهنية وهي تواجه قوى شد عكسي لاسباب مجهولة، داعيا وسائل الاعلام الرسمية للاعتماد على مهنية المؤسسة الرسمية