يعد قطاع الرعاية الصحية في الأردن من القطاعات الفاعلة في تحسين معيشة المواطنين والمساهمة في الاقتصاد الوطني.
ويسعى القطاع الصحي إلى تحسين المستوى المعيشي من خلال تقديم الخدمات الطبية بمختلف درجاتها للمواطنين، فيما رسّخ القطاع الأردن كوجهة أولى إقليميا في السياحة العلاجية، في عدة تخصصات متاحة.
ويُمثل قطاع الرعاية الصحية في المملكة جزءا من منظومة اجتماعية اقتصادية متعددة، تشمل مقدمي الرعاية الصحية، وتتداخل مع الاستثمارات العامة والخاصة، ونظام التعليم، والإنتاج والسياحة.
وقال المدير العام الأسبق لمركز الحسين للسرطان الدكتور محمود السرحان، والمشارك في ورشة العمل الاقتصادية الوطنية المنعقدة في الديوان الملكي الهاشمي، إن الورشة ناقشت قطاع السياحة العلاجية، باعتباره جزءا رئيسا من قطاع الرعاية الصحية، حيث بحث الحضور سبل تطوير منصة موحدة لتكون بوابة الأردن للسياحة العلاجية، إضافة لمعالجة الاختلالات المتعلقة بتسعيرة الأدوية، وتأشيرات الجنسيات المقيدة، ومنح حوافز للقطاع الصحي الخاص لخفض تكلفة مدخلات العلاج مثل فاتورة الطاقة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على تسعيرة الخدمات.
وبيّن السرحان أنه خلال ورشة العمل الاقتصادية الوطنية تم بحث إمكانية تخصيص موازنة وطنية للتسويق والترويج لاستقطاب المرضى من دول محددة، للحصول على خدمات معينة وبمشاركة جميع مؤسسات القطاع الصحي المعنية، إضافة لحشد التمويل من خلال داعمين في القطاع الخاص والعمل على معالجة الاختلالات الإدارية والمالية.
ويُصنف الأردن في المرتبة الأولى إقليميا والخامسة عالميا في مجال السياحة العلاجية، في عدة تخصصات أبرزها جراحة المخ والأعصاب، والعظام، وطب الكلى، وأمراض الجهاز الهضمي، والتلقيح الصناعي، وأمراض القلب، والأورام.
ويتيح قطاع الرعاية الصحية مزايا تنافسية للسياحة العلاجية في المملكة، أبرزها توفر أسعار أقل مقارنة بالمنافسين الإقليميين، ووجود القوى العاملة الماهرة، وإتاحة نطاق واسع من التخصصات الطبية، واعتماد 7 مستشفيات من قبل اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المنشآت الصحية، إلى جانب 35 مستشفى معتمدا من مجلس اعتماد المؤسسات الصحية.
ويوجد في المملكة 117 مستشفى، منها 32 مستشفى تابعة لوزارة الصحة، و68 تابعة للقطاع الخاص، و17 تابعة للجهات العامة الأخرى كالخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية. ويتوفر كذلك 15 ألف سرير، منها 5251 سريرا تابعا لوزارة الصحة، و5415 للقطاع الخاص، و4337 سريرا للجهات العامة الأخرى، في حين يبلغ الإنفاق على الرعاية الصحية 2.9 مليار دينار، توزعت مناصفة بين القطاعين العام والخاص.
ووفّر قطاع الصحة البشرية والعمل الاجتماعي جزءا محدودا من فرص العمل خلال الفترة (2010-2020)، قوامها 11.4 ألف فرصة عمل، بمعدل نمو سنوي مركّب بلغ 1.7 بالمئة.
من جهته، قال مساعد رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الدكتور محمد القضاة، المشارك في ورشة العمل الاقتصادية الوطنية، إن العوامل التمكينية التي تمت مناقشتها في جلسات الرعاية الصحية لها تأثير مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، إضافة إلى جذب السياحة العلاجية، وتشمل الحوكمة المؤسسية القوية للقطاع، وتطوير بروتوكولات العلاج الواضحة للارتقاء بجودة الخدمات، ومراجعة أنظمة التسعير لتكون منظمة بشكل جيد، إضافة إلى تأهيل كوادر صحية كفؤة باستمرار، ومتابعة التطبيق الفعّال للمسؤولية الطبية.
وأكد أهمية تعزيز التحول الرقمي في قطاع الرعاية الصحية، لأن ذلك من شأنه دعم السجلات الطبية وتسهيل الوصول إلى الخدمات.
أما التحديات الرئيسية التي تقف في وجه السياحة العلاجية، فتتمثل بالاضطرابات الإقليمية، وزيادة المنافسة من دول الشرق الأوسط وآسيا، والقيود المفروضة على تأشيرات المرضى الوافدين من الأسواق التقليدية، وانخفاض معدل اعتماد المستشفيات، وقلة رحلات الطيران المباشر من الأسواق المستهدفة، وقلة عروض السياحة العلاجية المنظمة وعدم وضوح التكلفة مسبقا بالنسبة للمرضى.
وينطوي قطاع الرعاية الصحية، على مواطن قوّة متعددة، منها الموارد البشرية الماهرة، وكثافة شبكة العاملين في القطاع التي تفوق المتوسط الإقليمي، وارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية، والتثقيف الطبي، ومتانة القطاع الصحي الخاص، وسُمعة السياحة العلاجية الراسخة، وتوفر هيئة وطنية مرموقة للاعتماد، والبنية التحتية الجيدة والمتطورة في مجالات التشخيص الطبي وخدمات العلاج وإعادة التأهيل.
ويسعى العاملون في قطاع الرعاية الصحية، لتحديد قائمة عمل للأولويات المستقبلية، تشمل أولويات النمو والتنمية الممكنة، وتوسيع نطاق الفحوصات المدعومة، وتفعيل رقمنة القطاع الصحي، وتحسين مرافق الرعاية الأولية، وتعزيز القيمة المقدمة من قطاع السياحة العلاجية، عبر تبسيط عمليات وإجراءات الزائرين بهدف العلاج، وإنشاء مراكز تميّز إقليمية وعالمية للرعاية المتخصصة.
(بترا)