يتهرب أصحاب عمل في العديد من القطاعات التجارية والخدمية والصناعية من الالتزام بدفع الحد الأدنى للأجور البالغ، 260 دينارا.
وقيمة الحد الأدنى للأجور تخص فقط العمال الأردنيين، ويتم إقرارها من خلال اللجنة الثلاثية للأجور المشكلة من ممثلي العمال وأصحاب العمل ووزارة العمل.
وتنص المادة 53 من قانون العمل على معاقبة صاحب العمل بغرامة لا تقل عن خمسمئة دينار ولا تزيد على ألف دينار عن كل حالة يدفع فيها إلى عامل أجرا يقل عن الحد الأدنى للأجور أو عن أي تمييز بالأجر بين الجنسين للعمل ذي القيمة المتساوية، وذلك إضافة إلى الحكم للعامل بفرق الأجر وتضاعف العقوبة كلما تكررت المخالفة.
وبحسب رصد ميداني أن قطاعات عمال خدمات المستشفيات وبعض المدارس الخاصة وشركات المياه وبعض المطاعم والمصانع ومحال تجارية ومهن حرفية وصناعية والتجميل والسكرتاريا هي الأقل التزاما بدفع الحد الأدنى للأجور للعاملين لديها، وفقا لبترا.
وقال عامل في أحد المناجر (32 عاما) أنه بدأ عمله قبل 13 عاما، بأجر شهري قدره 160 دينارا، ووصل راتبه الشهري إلى 350 دينارا رغم أن صاحب العمل سجله في الضمان براتب 260 دينارا .
وأشار عامل آخر (متزوج ولديه طفلان ويدفع بدل أجرة مسكن 170 دينارا)، إلى أن صاحب العمل يقوم بتكثيف العمل وإرساله إلى الورش خارج المنجرة ويلزم الجميع بالعمل من الساعة السادسة صباحا.
فيما قال عامل بإحدى المطاعم بالعاصمة يعمل منذ 9 أعوام، براتب 260 دينارا شهريا بمعدل 9 ساعات يوميا منها نصف ساعة استراحة، إنه لا يدفع له أجر عن ساعة العمل الإضافية، وله عطلة يوم واحد في الأسبوع حسب الدور وفي الكثير من الأحيان، يلغى يوم العطلة، ويرصد له لأسبوع آخر أو يتقاضى أجرا عاديا وليس إضافيا.
وكشف عامل ميكانيك في إحدى الكراجات بمنطقة بيادر وادي السير أنه يعمل في هذه المهنة منذ عشرين عاما، حيث بدأ براتب 160 دينارا، ويحصل الآن على راتب 370 دينارا بعد اقتطاع قسط الضمان.
وأكد أنه يعيش حالة من الضنك لكثرة التزاماته تجاه أولاده وأسرته وأن ما يحصل عليه من أجور لا تكفيه قوت يومه، فصافي راتبه يتوزع ما بين إيجار المسكن، ومصاريف بيته وأجور مواصلاته بين البيت والعمل حتى إنه لم يتمكن من تسجيل ابنه في المدرسة لضيق الحال.
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، إن مطالب الاتحاد والنقابات العمالية كانت على الدوام ومنذ السنوات الماضية، مستمرة، بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الأوضاع المعيشية التي يعاني منها العمال وفي شتى القطاعات الاقتصادية.
وأوضح أن قرار اللجنة الثلاثية والذي يقضي بزيادة الحد الأدنى للأجور بما يعادل نسبة التضخم أصبح في حكم القانون، من حيث التنفيذ والالتزام، مستدركا “بسبب التداعيات الاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية خلال العامين الماضيين بما فيها إغلاق بعض القطاعات وتضرر العديد منها، أدى ذلك إلى التأخير في تطبيق القرار إلى العام القادم”. وبشأن الزيادة السنوية للعاملين في القطاع الخاص، بيّن المعايطة أن هذا الأمر تحكمه الأنظمة الداخلية للشركات والمؤسسات واتفاقيات العمل الجماعي التي توقعها النقابات العمالية مع أصحاب العمل، قائلا، إن قانون العمل لا ينص على إلزامية الزيادة السنوية على الراتب.
وأكد أن النقابات المنضوية تحت مظلة الاتحاد، تسعى إلى تحسين الظروف الاقتصادية للعمال الذين تمثلهم في شتى القطاعات، وتحقيق مكتسبات تتضمن مزايا وحوافز مادية بما فيها إلزام المنشآت بصرف العلاوة السنوية على الراتب لجميع العاملين، لافتا إلى أن هدفها تحسين الأجور وزيادتها وليس الاكتفاء بالحد الأدنى للأجور، وذلك من خلال المفاوضة الجماعية مع أصحاب العمل.
وطالب المعايطة، أصحاب العمل بضرورة الالتزام بالحد الأدنى للأجور، وتكثيف الرقابة والتفتيش على المنشآت الاقتصادية التي تخالف قرار اللجنة واتخاذ إجراءات رادعة بحقها حماية لحقوق العمال وإنفاذا للقانون.
من جهته ، قال رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة، خالد أبو مرجوب إن المخالفات التي تتعلق بعدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور مستمرة وفي قطاعات عمالية عديدة تتبع للنقابة، مشيرا إلى أن معظمها في المنشآت الاقتصادية غير المنظمة كقطاع التجميل والمطاعم الشعبية والسكرتاريا وغيرها.
وأضاف أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها العمال تتطلب رفع مستوى الأجور وزيادة الحد الأدنى للأجور، وذلك لمواكبة غلاء الأسعار وارتفاع كلف المعيشة جراء الظروف الاقتصادية الراهنة، مشيرا إلى أنه “لا يكفي وقليل جدا” ودون المستوى الذي ينهض بواقع العمال المعيشي.
ولفت أبو مرجوب، وهو عضو في اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، إلى أنه تم ربط الحد الأدنى للأجور بزيادة سنوية تتناسب مع معدل التضخم بموجب قرار اتخذته اللجنة في شباط من عام 2020.
وأوضح أن النقابة تعمل على تحقيق مكتسبات مادية يستفيد منها العمال ممن يعملون في القطاعات العمالية المنضوية تحت مظلتها ومن شأنها أن تسهم بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهم، من خلال اتفاقيات العمل الجماعي التي تبرمها النقابة مع أصحاب العمل.
وأكد أبو مرجوب أن النقابة تسعى لتوسيع شريحة العمال ممن تشملهم المطالب العمالية عبر اتفاقيات قطاعية مع الجهات التي تمثل أصحاب العمل من نقابات وجمعيات أصحاب العمل.
بدوره، قال رئيس بيت الأعمال للدراسات حمادة أبو نجمة إنه لم يتضمن قانون العمل أحكاما تلزم صاحب العمل بمنح العاملين لديه زيادة دورية على الأجر كالزيادة السنوية أو غيرها أو زيادة مرتبطة بالترقي الوظيفي، وترك الأمر لإرادة صاحب العمل وأنظمته الداخلية إن وجدت، ولعقد العمل المبرم بين العامل وصاحب العمل إن تطرق إلى ذلك، ولم يتدخل قانون العمل في تحديد مقدار أجور العمال إلا في الجانب المتعلق بالحد الأدنى للأجور، عندما أوجب أن لا يقل أجر أي عامل عن الحد الأدنى للأجور .
وأضاف “من المتعارف عليه على المستوى المحلي وفي معايير العمل الدولية أن للنقابات العمالية دورا هاما في حماية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم وتحقيق المكتسبات والامتيازات لهم، وذلك بشكل خاص من خلال التفاوض مع أصحاب العمل أو منظماتهم في مختلف شؤون العمل وبشكل خاص فيما يتعلق بالأجور، فتبرم اتفاقيات العمل الجماعية بين منظمات العمال من جهة وأصحاب العمل أو منظماتهم من جهة أخرى، وهي اتفاقيات ملزمة وترقى إلى مستوى القانون فيما ورد فيها من أحكام وحقوق، وقد نظم قانون العمل ذلك في الفصل السادس من قانون العمل تحت عنوان عقد العمل الجماعي”.
وأشار أبو نجمة إلى أن المادة 43 من قانون العمل أعطت لوزير العمل صلاحية إصدار القرار بتوسيع نطاق أي اتفاقية عمل جماعية مضى على تنفيذها مدة شهرين أو أكثر لتسري بجميع شروطها والامتيازات التي وردت فيها على جميع أصحاب العمل والعمال في قطاع معين أو مهنة معينة بناء على توصية من اللجنة الثلاثية لشؤون العمل إذا وجدت اللجنة بأن مضمون الاتفاقية المبرمة مع شركة معينة مثلا تستحق أن تكون شاملة للشركات الأخرى المماثلة أو مجمل القطاع المهني المماثل، وهذا النص يتيح لوزير العمل من خلال اللجنة الثلاثية أن يستفيد من الاتفاقيات التي تتضمن تحسينا لأجور العاملين ومكتسباتهم في الدخل وفرض زيادة سنوية للعاملين للتدخل لفرض هذه المكتسبات والزيادات على نطاق أوسع تحقيقا للعدالة.
إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود أن الوزارة نفذت خلال النصف الأول من العام الحالي 2022 ما يزيد على 5200 زيارة تفتيشية للتأكد من مدى التزام منشآت القطاع الخاص بأحكام قانون العمل ومنها الالتزام بدفع الحد الأدنى للأجور.
وأشار الزيود إلى أن الوزراة نفذت كذلك حملة مكثفة خلال شهر آذار الماضي من العام الحالي للتأكد من مدى التزام المنشآت بدفع الحد الأدنى للأجور.
و بين أن عدد الشكاوى التي وصلت للوزارة عبر المنصة الإلكترونية (حماية) والتي تتعلق بعدم الالتزام بدفع الحد الأدنى للأجور بلغ 244 شكوى عمالية خلال النصف الأول من العام الحالي 2022.