مع تواصل عمليات الحفر والإنقاذ في مختلف المناطق التي تعرضت للزلزال المدمر في سوريا وتركيا، تتضح ساعة بعد ساعة فداحة وهول ما خلفه من دمار وخراب واسعين طال البشر والحجر، حيث عشرات آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، ومثلهم عشرات آلاف قصص العذاب والألم.
ومن أكثر المدن السورية تضررا من كارثة الزلزال هي مدينة حلب الشمالية، وهي بمثابة العاصمة الصناعية والتجارية لسوريا، والتي كانت قد تعرضت لدمار كبير خلال سنوات الحرب.
فقد كشفت السلطات المحلية، الأربعاء، إن ما لا يقل عن 390 شخصا لقوا حتفهم وأصيب 750 آخرون في محافظة حلب في حصيلة غير نهائية، إلى جانب انهيار أكثر من 50 مبنى.
الزلزال من شقاء أهالي حلب الذين ما زالوا يعيدون بناء مدينتهم المدمرة رغم توقف القتال فيها منذ سنوات، حتى أن الآثار النفسية للكارثة على السكان لا تقل خطورة عن ما حل بهم وبمدينتهم، من خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات .
وفي هذا الصدد، يقول الاستشاري النفسي السوري حسام الضرير، من مدينة حلب:
الضغط شديد جدا على العيادات والأقسام النفسية في المستشفيات والمراكز الصحية في حلب، حيث يعاني كثيرون من سكان المدينة وخاصة الفتيات والأطفال الصغار من نوبات الهلع والبكاء والهستيريا، وارتجاف الأيدي وخفقان القلب وضيق التنفس واضطراب التوازن وتنميل خلف الرأس، وزوغان العينين وطنين الأذنين وارتباك المعدة والاضطرابات المعوية والهضمية وغيرها من الأعراض التحويلية، حتى أن ثمة حالات تصل لحد الإغماء بسبب صدمة الزلزال وما خلفه من دمار مادي ونفسي رهيب ومن خوف من هزات مدمرة جديدة .
كمعالج نفسي بدأت أشعر بالوهن والاكتئاب حيال ما نشاهده ونعاينه من حالات مرضية معقدة وصعبة، فالناس في وضع صحي ونفسي بالغ الحراجة، لكننا كأطباء نفسيين نحاول قدر المستطاع التماسك والتغلب على ما يعترضنا، كي نتمكن من معالجة المرضى والوقوف معهم ومدهم بالطاقة الايجابية والأمل وسط هذه الكارثة ووسط هذه الأجواء السوداوية.
الطاقة السلبية تنتقل في مثل هذه الأوضاع المضطربة، حتى من خلال مكالمة هاتفية، فمثلا تتلقى سيدة تلك الطاقة من خلال إخبارها عبر تلك المكالمة من إحدى صديقاتها أنها تبات في الشارع وبلا طعام ولا شراب، فتصاب متلقية المعلومة بالدوخة والانهيار جراء سماع ذلك، وهو ما يطلق عليه في الطب النفسي آلية الاسقاط.
الكلام والشرح لا يعبران بدقة عن واقع الحال المأساوي الرهيب، الذي تعيشه حلب ومختلف المناطق السورية المنكوبة بهذا الزلزال، ونحن كأطباء نفسيين تحت ضغط هائل بفعل التداعيات السيكولوجية الخطيرة لما حدث على الصحة والتوازن النفسيين للناس.
هذا وفي أحدث حصيلة للضحايا في مناطق سيطرة الحكومة السورية، أعلن وزير الصحة حسن محمد الغباش، عن ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 1262 حالة وفاة و2285 إصابة، وذلك في حصيلة غير نهائية.
وتشير بعض المصادر المحلية والإعلامية السورية ومن بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن مجموع حصيلة الضحايا السوريين في عموم مناطق البلاد، بما فيها تلك الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية مثل بعض أجزاء محافظة إدلب وريف حلب، يبلغ نحو 3500 ألف قتيل وآلاف الجرحى والمطمورين تحت الحطام.