أكدت شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) أنها لا زالت تتحمل تركة الديون السابقة المتراكمة بحوالي 5ر5 مليار دينار والذي يكلفها حوالي 120 مليون دينار سنوياً كتكاليف خدمة للديون وفوائد للقروض المترتبة عليها.
وقالت إن التعاقد مع شركة نوبل جوردان لتوريد الغاز للمملكة، كان الخيار الأخير بعد انقطاع الغاز المصري، حيث تم دراسة خيارات التزويد من البلدان المجاورة عبر الأنابيب ونظراً للظروف المحيطة فكان ذلك هو المصدر المتوفر الوحيد.
وقال مدير عام الشركة المهندس أمجد الرواشدة في لقاء صحفي مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إنه على الرغم من بناء ميناء الغاز المسال الذي ساهم بالحد من الخسائر المالية مقارنةً بتشغيل النظام الكهربائي على وقود الديزل والوقود الثقيل، إلا أن هذا الخيار لا يعتبر الخيار الأمثل من الناحية الفنية والاقتصادية للنظام الكهربائي، حيث تكمن تحديات التعامل مع الغاز المسال في تذبذب أسعاره العالمية إلى أسقف قياسية، إضافة إلى المخاطر التشغيلية المتعلقة بتأثرها بالظروف الجوية ومحدودية السعات التخزينية.
وأضاف أن استيراد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب يعتبر أكثر موثوقية، وهو الخيار الأمثل ويكون تأثيره بتغير أسعار النفط عالمياً هامشياً، إضافةً إلى أهمية خيار تنويع المصادر المتمثل بالإبقاء على مشروع الغاز المسال والغاز المصري في حال توفر كميات لديه.
وأشار إلى عدم إمكانية استجرار الغاز من قطر والجزائر حيث لا يوجد حدود برية مشتركة، أما بخصوص استيراد الغاز المسال من هذه الدول عبر البواخر فقد تم طرح عطاء دولي تقدمت له معظم الشركات العالمية، وكانت أفضل العروض المنافسة من شركة شل العالمية، فيما لم تتقدم الجزائر بأي عرض وتقدمت قطر بعرض لم يكن منافساً ولم يكن العرض الأرخص.
وبخصوص اتفاقية الغاز مع شركة نوبل جوردان، أكد الرواشدة عدم وجود شرط جزائي بالمعنى القانوني، وأن الاتفاقية نصت على دفع غرامة محكومة بسقف وفقاً للضرر الفعلي الواقع على الطرف الآخرفي حال إخلال أي من الأطراف بالاتفاقية الموقعة.
وأوضح أن الاتفاقية نصت على غرامة 1.5 مليار دولار على شركة الكهرباء الوطنية، و 1.2 مليار دولار على شركة نوبل في أول 5 سنوات، و800 مليون دولار على شركة الكهرباء الوطنية، و600 مليون دولار على شركة نوبل في ثاني 5 سنوات، و400 مليون دولار على الطرفين في ثالث 5 سنوات.
وبين أن سقف الغرامة المترتبة على شركة الكهرباء الوطنية هي أعلى من المترتبة على شركة نوبل كون أن الأخيرة قامت بوضع استثمارات تقدر بحوالي 3.5 مليار دولار في بناء وتطوير حقل ليفايثان الذي سيتم شراء الغاز منه، في حين أننا لم نقم بأي استثمارات مشابهة، وعليه فإن هذه الجزئية بالاتفاقية تعتبر متوازنة.
وأكد أنه ووفقا لنصوص الاتفاقية فإن شركة نوبل لا تملك حق قطع الغاز وفي حالات نقص الإنتاج، فيتوجب عليها معاملة شركة الكهرباء الوطنية معاملة زبائنها الآخرين.
وبحسب الاتفاقية تبلغ الكميات المتعاقد عليها بحد أدنى مقداره 225 ألف مليون وحدة حرارية بريطانية/ يومياً وبسقف 300 ألف مليون وحدة حرارية بريطانية/يومياً، على أن تحدد شركة الكهرباء الوطنية الكمية التي تحتاجها ضمن هذه الكميات خلال مدة الاتفاقية وهي 15 سنة، لاستخدام الغاز في فطاع توليد الكهرباء بالمملكة.
ورداً على سؤال حول مدى صحة أن الشركة المتعاقد معها هي شركة وهمية، أكد الرواشدة أن شركة NBL Jordan Marketing ذات غرض خاص لهذا المشروع تم تأسيسها من الشركاء المساهمين، وأن هذا الإجراء متوافق مع الممارسات العالمية في مثل هذه المشاريع حيث يقوم الشركاء بتأسيس شركة للمشروع لغايات بناء النموذج المالي بهدف التمويل.
ولضمان الالتزامات، قام الشركاء جميعاً بتقديم كفالات لصالح شركة الكهرباء الوطنية تضمن التزامات شركة المشروع وتحل مكانها في حال إخلالها.
وبشأن أسعار غاز نوبل مقارنة بأسعار الغاز الطبيعي في العالم، أوضح مدير عام شركة الكهرباء الوطنية أن سعر الغاز الطبيعي لا يوجد له مرجعية عالمية بينما تتوفر هذه المرجعية للغاز المسال ضمن السوق الآني، وبالتالي فإن سعر الغاز الطبيعي يرتبط بالتكاليف الرأسمالية والتشغيلية للغاز المنتج من الحقل ويختلف من حقل إلى حقل آخر ومن منطقة إلى منطقة.
وبين أن كلف استخراج الغاز الطبيعي من الحقول الموجودة في البحار أو المحيطات تعتبر أعلى كلفة من استخراجه من الحقول الموجودة على اليابسة، علماً أن سعر غاز نوبل متقارب مع سعر العقد الأساسي للغاز المصري.
وبخصوص كلفة الغاز الطبيعي مقارنة بالغاز المسال المستورد من خلال الباخرة العائمة في مدينة العقبة، أشار الرواشدة إلى أن الغاز المسال إذا ما تم التعاقد عليه في عقود طويلة أو متوسطة المدى يكون سعره مرتبطاً مع سعر برنت العالمي وبشكل طردي وبالتالي عرضةً للتغيرات الكبيرة التي تطرأ على أسعار النفط عالمياً.
وتابع المهندس الرواشدة “أما خيار غاز الأنابيب فهو يضمن سعر شراء مستقر وبالتالي يمكن السيطرة عليه لتحقيق الاستقرار في كلف انتاج الطاقة الكهربائية، إضافةً إلى ضمان التخطيط بشكل جيد للتدفقات النقدية وضمان حساب جدوى اضافة المشاريع الجديدة بناء على فرضيات ثابتة ومستقرة”.
واضاف انه تم في ذلك الوقت مقارنة سعر غاز نوبل مع أسعار الغاز المسال وفقاً للعقد الموقع مع شركة شل، حيث كان سعر غاز نوبل أقل بحوالي 30 إلى 40 بالمئة عندما كان معدلات سعر برميل النفط 70 إلى 100 دولار، مما يحقق وفورات سنوية بحوالي 200-250 مليون دولار.
واكد الرواشدة أنه سيتم الإبقاء على خيار ميناء الغاز المسال كخيار استراتيجي واحتياطي يتعلق بأمن التزود بالغاز، إلا أنه ولغايات تخفيض التكاليف فإن شركة الكهرباء الوطنية استكملت دراسة الخيارات المتاحة لتخفيض تكاليف ميناء الغاز المسال والتي خلصت إلى أن الخيار الأفضل هو تأجير باخرة كسعات تخزينية مع بناء وحدة شاطئية لـ”إعادة التغييز”.
وأكد الرواشدة بهذا الصدد عدم وجود أي تأثير على النظام الكهربائي في حال انقطاع تزويد غاز نوبل واستمرار تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية لتعدد وتنوع مصادر الطاقة الكهربائية ومصادر تزويد الغاز، والذي يعزز مفهوم أمن التزود بالطاقة الكهربائية.
وأوضح مدير الشركة أن كميات الغاز التي يحتاجها النظام الكهربائي في المملكة تعتمد على كمية الاستهلاك الفعلي للطاقة الكهربائية، ويتم تغطيتها من مصادر متنوعة تشمل: كميات متعاقد عليها مع الجانب المصري، والكميات المتعاقد عليها من شركة نوبل، وكميات إضافية من الممكن استيرادها بواسطة السوق الآني من الغاز المسال بالإضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة.
وهذه الكمية من الغاز تساهم بإنتاج حوالي 40 بالمئة من الطاقة الكهربائية اللازمة في المملكة.
وعن مديونية شركة الكهرباء الوطنية، قال الرواشدة إن رحلة خسائر شركة الكهرباء الوطنية بدأت منذ العام 2011 والتي تزامنت مع انقطاع الغاز المصري المصدر الوحيد الذي كانت تعتمد عليه شركة الكهرباء الوطنية، بإنتاج الكهرباء بالإضافة إلى وقود الديزل والوقود الثقيل والذي كان يستخدم في الحالات الطارئة، ونتيجة لذلك فقد تحملت الشركة خسائر تشغيلية بمعدل سنوي يزيد عن مليار دينار نتيجة لتشغيل النظام الكهربائي على وقود الديزل والوقود الثقيل الذي ترافق مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً لمستويات قياسية في ذلك الوقت حيث بلغ سعر برميل برنت حوالي 140 دولاراً.
وأضاف بلغت المديونية المتراكمة من العام 2011 وحتى منتصف العام 2015 حوالي 5.5 مليار دينار أردني، وخلال هذه الفترة فإن الحكومة أخذت على عاتقها تحمل ارتفاع كلف انتاج الطاقة الكهربائية دون عكس ذلك على التعرفة الكهربائية وتحميلها على المواطن.
وللحد من تفاقم المديونية المالية تم المضي قدماً في بناء مشروع الغاز المسال والذي تم تشغيله في منتصف عام 2015.
وفيما يخص مشروع الصخر الزيتي وكلفته على الشركة، قال الرواشدة إن المشروع رتب عليها كلفة إضافية تبلغ حوالي 200 مليون دينار سنوياً بدءاً من عام 2021، مشيراً إلى أنها تعمل على تقليل التكاليف المترتبة عليها من خلال مراجعة اتفاقيات شراء الطاقة وبحث أي فرصة من شأنها أن تقلل من هذه التكاليف، والاقتراض بقروض طويلة الأمد بفائدة منخفضة لإعادة تمويل عدد من القروض قصيرة الأجل ما أدى إلى تخفيض تكاليف فوائد القروض والعمل على تعزيز منظومة الربط الكهربائي مع دول الجوار لتصدير/تبادل الطاقة الكهربائية وبما يخفف الأعباء الاقتصادية.
وعن تنويع مصادر الطاقة، بين الرواشدة أن النظام الكهربائي في المملكة يعمل وفق أفضل الممارسات العالمية ويعتمد بالأساس على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء بنسبة تزيد حالياً عن 80 بالمئة كونه إحدى أرخص وأكفأ طرق توليد الطاقة عالمياً وكون أن محطات توليد الكهرباء تم بناؤها اعتماداً على حرق الغاز كوقود أساسي إضافة لقدرتها على حرق الوقود السائل في الحالات الطارئة.
وقال الرواشدة “إن لجوء الأردن إلى الطاقة المتجددة يعد خياراً استراتيجياً، ويشكل تجربة رائدة على مستوى المنطقة بالوصول إلى ما يزيد عن 20 بالمئة من خليط الطاقة خلال السنوات القادمة، هذا ما عدا أنظمة الطاقة المتجددة المملوكة من المستهلكين والتي تغطي احتياجاتهم بالقطاعات المختلفة”.
وأكد أن مشاركة الطاقة المتجددة ستصل إلى نسب عالية وغير مسبوقة بالنظام الكهربائي الأردني وتفوق معظم الدول المتقدمة في العالم، موضحاً أنها ستشكل هذه الاستطاعة ما يقارب ثلث الاستطاعة المركبة للنظام الكهربائي الأردني وما يزيد عن 20 بالمئة من خليط الطاقة الكهربائية المولدة، والأردن اليوم يتبوأ المرتبة الأولى عربياً في حصة الفرد من الطاقة المتجددة.
وبين أنه لا يمكن الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كلي أو بكميات كبيرة نظراً للتحديات التشغيلية والفنية حيث أنها مصدر متذبذب للطاقة وغير متوفر على مدار الساعة لارتباطه بالظروف الجوية، موضحاً انه تم اعتماد سياسة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بكميات تضمن استقرار النظام الكهربائي الأردني وبما يحقق ديمومته ضمن أقل الكلف الانتاجية الممكنة، وبالتالي تظهر أهمية محطات الطاقة التقليدية والتي لا يمكن الاستغناء عنها في تشغيل الأنظمة الكهربائية، علماً أن النظام الكهربائي سيواجه تحديات تشغيلية من هذه النسبة المرتفعة من محطات الطاقة المتجددة.
أما فيما يخص تكنولوجيا تخزين الطاقة ودمجها مع أنظمة الطاقة المتجددة، قال الرواشدة، إن أسعار هذه التكنولوجيا لا زالت مرتفعة عالمياً وهي بحاجة إلى تحديد الوقت الأمثل لدمجها مع الشبكة الوطنية خصوصاً في ظل الانخفاض الكبير والمستمر على أسعار هذه التكنولوجيا حيث تبين مؤشرات الأسعار العالمية على انخفاض يتراوح بين 50-60 بالمئة خلال السنوات القادمة، كما لا بد من الاستفادة من التجارب السابقة والذي كان قطاع الطاقة سباقاً فيها بالاستثمار بتكنولوجيات جديدة، حيث أن مثل هذه التكنولوجيات الجديدة تحتاج لان يتم دراستها بتأني والاطلاع ودراسة تجارب الدول الأخرى وحصر الإيجابيات والسلبيات التعاقدية والتشغيلية.
وحول إعادة هيكلة الشركة، أوضح الرواشدة أن الشركة تتبنى مفهوم التخطيط الاستراتيجي والتطوير المؤسسي بما يعزز رفع مؤشرات الكفاءة وتخفيض التكاليف، وهذا يستدعي مراجعة الهيكل التنظيمي للشركة للتأكد من ملاءمته مع خطط الشركة الاستراتيجية والتحديات التي تواجهها، وبالتالي الخروج بهيكل تنظيمي أكثر مرونة وكفاءة.
وأضاف أن هذه الهيكلة ستساهم في تسليط الضوء بشكل دقيق على مدى مساهمة كل نشاط من أنشطة الشركة على حدة في كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة مما سيساهم في تطوير النظام الكهربائي الأردني بما يلبي احتياجات جميع القطاعات المختلفة، كما أن عملية إعادة الهيكلة هذه لا تعني وليس لها أي علاقة بموضوع أي خصخصة منظورة لشركة الكهرباء الوطنية.