21.1 C
عمّان
السبت, 23 نوفمبر 2024, 22:42
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

صحفي أم متسوق خفي..؟!

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

اربعة مواقف حرجة؛ ويمكن لكاتب سيناريو هوليودي محترف أن يبني عليها قصة (فيلم آكشن)، وأضمن له نجاحا ولو على صعيد تنويري بالنسبة للمسؤولين الأردنيين، لكنهم أغلبهم مثلي، لا يتابعون افلاما عربية، وحين يداهمهم الليل الصامت، يلجأون الى فضائيات بعينها، يتابعون افلاما أجنبية، لا أعرف من يختارها ليعرضها على عرب الله العاربة، فكلها أفلام تتحدث عن جنّ وأشباح وشياطين وخزعبلات من فئة “خياليات الشعوذة”، تعطل الالهام والعقل وتغلق آفاق التفكير وتضمر معها القيم لدى متواضعي التفكير… اشي مش معقول!.

المواقف الأربعة؛ كلها في مؤسسات حكومية، وأبطالها السلبيون هم مسؤولون حكوميون مع كل أسف، وسأحدثكم هنا عن موقف واحد منها:
حيث التقيت صدفة بالنائب عبدالمنعم العودات رئيس اللجنة القانونية النيابية، التقينا على باب مكتب مسؤول محترم، يدير مؤسسة تعاني من بيروقراطية، كانت قبل قدوم هذا المسؤول ثاوية وموقوفة في إجراءاتها، ورغم ديناميكية وتقدمية تفكير مديرها العام الجديد، إلا أن قوى شد عكسي تسيطر على المؤسسة استدعت النموذج البيروقراطي الثاوي، وأصبح المواطن يعاني أكثر من الأمرّين بل قل ثلاثة وعشرة والتفنن في هدر وقته وماله وتعطيل مصالحه، يحصل على مواعيد ويشار عليه بمراجعة مديريات أخرى تابعة للمؤسسة، ومع كل جولة مراجعات، يلوذ المواطن ثالثة وسابعة بمكاتب الإدارة العامة، يحاول مقابلة المدير العام وينجح غالبا، لكنه في كل مرة يتحدث معه المسؤولون يقنعونه بأن موضوعه تم حله، ثم يكتشف المراجع المسكين بأنه يعود للمربع الأول من جديد!.

في الموقف الذي تدخل النائب العودات فيه من باب (خليك محضر خير)، كنت منزعجا غاضبا ومستعدا لفرط كل المعاملة، والله كنت مستعدا أن أباطح و(خليها وين ما تصفي تصفي)، وحين جلست مع المدير العام والنائب العودات دار الحديث عاصفا من طرفي وطرف المدير ومساعده، وكان النائب يتدخل للتهدئة، وفي خضم الحديث تطرق المدير لتبرير هذه المراوحات من قبل كوادر المؤسسة، تبريرا معتدلا لا يعترف فيه ببيروقراطية مؤسسته، ولم أقبله منه بالطبع وبادرته على الفور:
سيدي المحترم:
هذا أداء سيطر على المؤسسة حين أصبحت في عهدتك، فأنت شخصيا المقصود من هذا الأداء البيروقراطي من قبل موظفيك وليس أحد غيرك، كلمة فهمها النائب بسرعة بأنها من باب مناكفة المدير من قبل شلل المؤسسة، فالمناكفة فن نيابي وحزبي أصلا، لكن المدير العام استقبل إجابتي كنوع من العصف الذهني (أو ربما الكهنوت الصحفي).

سألت النائب العودات وهو رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب: إذا متى نلتقي إذاعيا نتحدث عن حزمة القوانين التي يتعامل معها النواب في دورته العادية الأخيرة؟!، قال : أتشرف بك في أي وقت شريطة أن لا تكون معصب كما أنت الآن، فأجبته بأنني لم أمر بمثل هذا الموقف منذ ٢٠ عاما (آخر هوشة محرزة)، لكن الغضب والأداء المصنف بأنه فن نيابي(من الآخر) ويحبه النواب ويبرعون فيه.

طبعا هو كذلك، لكنه يكون بالنسبة للنواب متلفزا أو أمام وسائل اعلام، أما بالنسبة لي فهو نشاط سري نادر محظور، لا يخرج الا للحبايب وللمتسوق الخفي.

Share and Enjoy !

Shares