خبراء يوصون بتعديل الحد الأدنى للأجور للعاملين في الغزل والنسيج
شارك
أوصى خبراء بالعمل على تعديل التشريعات التي تتعلق بالعاملين في قطاع الغزل والنسيج في المناطق الصناعية المؤهلة، خاصة المتعلقة بالحد الأدنى للأجور واستثناء العاملين في هذا القطاع منه، إضافة إلى تكثيف حملات التفتيش المنفذة من قبل وزارة العمل للمصانع والاطلاع على ظروف وبيئة العمل، والتأكد من حصول العمال على حقوقهم العمالية.
جاء ذلك في حلقة نقاشية نفذتها تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بعنوان “معايير الحماية الاجتماعية في قطاع الغزل والنسيج”، حيث جرى إطلاق نتائج دراسة متخصصة نفذتها “تمكين” شملت العاملين في قطاع الغزل والنسيج في المنطقة الصناعية في الظليل/ محافظة الزرقاء، من حيث ظروف العمل، والحماية الاجتماعية، والصحة النفسية للعاملين، مشيرة إلى أن عدد العاملين في الظليل يبلغ 21.622 عاملا وعاملة يعملون في 10 مصانع، موضحة أنه تم اختيار الظليل لأسباب عدة منها: عدم وجود دراسات ونقص المعلومات عن ظروف العمل والانتهاكات التي يتعرض لها العاملون ويتم تسليط الضوء عليها في الإعلام فقط، إضافة إلى وجود سكنات العمال خارج نطاق المصانع.
وبحسب الدراسة فإن العمال الأردنيين الذكور كذلك اللاجئين يعانون من أجور منخفضة جدًا لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار، أما العمال المهاجرين يقبلون العمل في هذه الظروف وبأجور متدنية نسبيًا، ذلك لأن مصروفاتهم الشهرية أقل من العمال الأردنيين واللاجئين، هذا يجعلهم يستطيعون تحمل العيش في ظروف اقتصادية صعبة بشكل أكبر من غيرهم.
وتشير الدراسة إلى أن الأجور المنخفضة تسبب ضغوطًا على العمال، حيث يضطرون إلى العمل لساعات إضافية طويلة من أجل وفي التفاصيل تناولت الدراسة قطاع الغزل والنسيج، مُبينة أن غالبية العاملين في هذا القطاع هم من العمال المهاجرين من بلدان جنوب آسيا مثل بنغلاديش وسريلانكا ونيبال.
وأظهرت الدراسة أن عددًا كبيرًا من هؤلاء العمال المهاجرين لا يزالون يعانون من الهشاشة قانونيًا واقتصاديًا.
وتشير الدراسة إلى أن هذه الفئة من العمال تواجه تحديات كبيرة في مجالات عدة، بما في ذلك قضايا الحقوق العمالية وظروف العمل غير المستقرة.
وتعتبر هذه الظروف الصعبة سببًا رئيسيًا في استمرار تدهور أوضاع العمال المهاجرين في هذا القطاع.
وجاء في الدراسة تحقيق دخل كافٍ. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا الضغط إلى إرهاقهم بشكل كبير، ويؤثر سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية، ما يعني أنَ الإرهاق الذي يصيب العمال نتيجة للعمل لساعات إضافية ينعكس بشكل سلبي على إنتاجيتهم في مكان العمل، حيث يصبحون غير قادرين على القيام بمهامهم بكفاءة وفعالية. بالتالي، يؤثر هذا الإرهاق على أدائهم وعلى جودة العمل الذي يقدمونه وفقًا للدراسة.
وجاء في الدراسة، أن هناك العديد من العمال يُحرمون من حقهم في الحصول على إجازة مرضية، وفي حال تم تغيبهم عن العمل بسبب المرض، يتم خصم أيام الإجازة من أجورهم مما يزيد من معاناتهم المالية، إضافة إلى ذلك، فإن العديد من العمال يحرمون من حقهم في الحصول على الإجازات السنوية والعطل الرسمية، مما يؤثر سلباً على أداء العاملين ويزيد من مستوى التوتر والإجهاد لديهم، مما يؤثر بدوره على كفاءة العمل والإنتاجية.
وبينت الدراسة أنّ سكنات العمال تخلو من أدنى الحقوق الإنسانية في الإقامة من حيث ازدحامها وغياب أدنى شروط الصحة والسلامة العامة، في مخالفة للتشريعات والقوانين الأردنية من حيث المساحة، وغيرها من الأمور التي تتعلق بالسكن اللائق. تؤكد الدراسة على أن ظروف العمل غير اللائقة التي يعمل فيها بعض العمال في المناطق الصناعية المؤهلة قد ترقى في بعض الحالات إلى جرائم اتجار بالبشر وظروف عمل جبرية، وتشير الدراسة إلى أن هذه الظروف قد تؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتعرض العمال لمخاطر صحية واجتماعية كبيرة.
وخلال الحلقة النقاشية قال ممثل النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج والألبسة خالد العمراني أنّه رغم التطور الحاصل في قطاع الغزل والنسيج، على مستوى تجاوب الشركات والتزامها في القوانين والأنظمة إلّا أن ذلك لا يعني أنه لا يوجد تحديات وانتهاكات يتعرض لها العاملون في القطاع، لذلك تعمل النقابة باستمرار على متابعة أمور العمال وحل مشكلاتهم.
وأشار العمراني في سياق حديثه إلى العيادات العمالية المجانية، بهدف تقديم الخدمات الطبية للعمال بما فيها خدمات الصحة النفسية. يعتبر عبد الجواد النتشه، ممثل مشروع عمل أفضل في الأردن، أن قطاع الغزل والنسيج له خصوصية معينة، حيث يعمل فيه حاليًا حوالي 80 ألف عامل، معظمهم من الإناث والعمال المهاجرين. ورغم ذلك، فإن القطاع مُستثنى من تطبيق الحد الأدنى للأجور البالغ 260 دينار أردني. ووفق النتشه يعود تاريخ بدء مشروع عمل أفضل في الأردن إلى بداية عام 2008، وأصبح إلزامياً في عام 2010 بالتعاون مع وزارة العمل، ويقدم المشروع خدمات تدريبية واستشارية وفقاً لمعايير العمل الدولية والقانون الأردني.
وأشار النتشه أنه بسبب تداعيات الحرب على قطاع غزّة، تراجعت الطلبات، مما أدى إلى مشكلات اقتصادية وتخفيضات في الإنتاج وتسريح للعمال.
ووفقًا للنتشه فإن عقد العمل الموحد الذي تم تطويره وتوقيعه في عام 2022 في قطاع الغزل والنسيج تضمن حقوق أفضل للعمال مثل خدمات الصحة النفسية والحضانات والعنف والتحرش في أماكن العمل.
أما ممثلة المركز الوطني لحقوق الإنسان نهلة المومني قالت إن أي تغيير في السياسات، والتشريعات لا بد أن يسبقة دراسات لأهميتها خاصة في قطاع الغزل والنسيج.
وأكدت أهمية الدور الرقابي من الحكومة، مطالبة بالعمل على تسليط الضوء باستفاضة على موضوع قطاع العمل وحقوق الإنسان، وهو من الأمور التي لم تأخذ نصيبها جيدً وفقًا للمومني. وأضافت إن الرقابة مهمة لكن يتوجب تجذير لمفهوم حقوق الإنسان لدى قطاع الأعمال، غير ذلك ستبقى الإنتهاكات مستمرة.
أخصائية الصحة النفسية ملك السعودي قالت إن العمال يتعرضون للعنف اللفظي المتمثل في الصراخ في قطاع الغزل والنسيج ذلك عند انتاج العدد المطلوب منهم، مشيرة أن العديد من السيدات العاملات في قطاع الغزل والنسيج يتركن العمل بسبب الضغط النفسي.
وأوضحت المومني أنّ بيئة العمل ليست فقط ضغط عمل، بل أيضًا إحترام، وطريقة معاملة، ونسبة تقبل الأشخاص في بيئة العمل، وظروف العمل ذاتها، وأوقات الدوام، ونسبة تقبل الأشخاص للمهنة.
وقالت إن الضغط النفسي يؤدي إلى الإنتحار، نتيجة إضطرابات القلق، والإضطرابات الإكتئابية، وبالتالي أول سلوك ممكن أي شخص يبذل الى ذهته هو إيذاء الذات، بالتالي ليس الهدف من الإنتحار الموت، هو للفت الإنتباه، بمعنى أن الأشخاص فيما يتعلق بالدراسات التي أجريت مع الأشخاص الذين قاموا بفعل الإنتحار، لكن لم تنجح تجربتهم، كان الهدف لفت النظر أنهم يعانون من مشكلة، لكن للأسف وسوء الحظ لم تنجح، وهم نسبة كبيرة من العمال والعاملات.
وتشير ممثلة منظمة العمل الدولية، سونيتا ايلوري، إلى أن العمال في قطاع الغزل والنسيج ينتقلون للعمل في القطاع غير الرسمي بسبب نظام الكفالة المعمول به على أرض الواقع. وتؤكد على أن ظروف العمل الصعبة وغير اللائقة التي يعاني منها العمال تؤثر بشكل كبير على حياتهم الاجتماعية.
وقالت إنّ هنالك حاجة ماسة إلى توفير المعاملة الإنسانية للعمال في هذا القطاع، حيث يجب أن تكون لديهم فرصة للعمل في بيئة آمنة وصحية، وبأجور تتناسب مع جهودهم وتضمن لهم حياة كريمة.