على وقع فشل القوى السياسية في اختيار شخصية لرئاسة الحكومة، غادر الرئيس العراقي برهم صالح العاصمة بغداد، الثلاثاء، لحضور مؤتمر دافوس بسويسرا، ولقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
تعليق تكليف رئيس حكومة جديد لحين عودة صالح إلى البلد، فتح باب التساؤل واسعا بخصوص أجندة الرئيس العراقي في لقائه مع ترامب، وهل سيكون لها الأثر في الإسراع باختيار مرشح جديد يكون بعيدا عن التأثير الإيراني، أم أن قضية انسحاب القوات الأمريكية ستطغى على غيرها من الملفات؟
“لقاء روتيني”
وفي حديث لـ”عربي21″، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي، هشام الهاشمي، إن “ذهاب رئيس الجمهورية إلى دافوس ربما يكون روتينيا وتقليديا، ولقاؤه مع ترامب لا يتجاوز حدود الروتين، ولا يتحقق فيه الكثير”.
وأوضح أن “تأخير حسم موضوع اختيار مرشح للحكومة هو بسبب القوى المؤيدة للتعاطي الحكومي البطيء مع أزمة الاحتجاجات، وتحديدا تحالفي “البناء” و”سائرون”، الذين لم يتوافقوا على إحدى الشخصيات الخمس التي طرحت أمس الاثنين، وترك الأمر معلقا، ولا أظن أن الرئيس هو من تعاطى مع الملف بشكل بطيء”.
ورأى الهاشمي أن “أحزاب تحالف البناء هي من تعرقل دفع هذا الملف نحو اختيار شخص غير جدلية، وليست هناك عليه علامة فيتو من ساحات التظاهر”.
وبخصوص لقاء ترامب وصالح وتأثيره في ملف رئيس الحكومة، قال الهاشمي إن “مجرد فتح الرئيس العراقي لهذا الملف مع رئيس الولايات المتحدة، ربما يدخلنا في مشكلات حقيقية، جزء منها قائم، ولا يمكن حلها، وهو علاقة العراق بأمريكا بعد مقتل سليماني والمهندس”.
وتابع المحلل السياسي العراقي قائلا: “أظن أن رئيس الجمهورية سيكون حذرا ألّا يشارك الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الملف، الذي يعدّه داخليا، وينبغي أن يحل داخليا”.
“انسحاب شكلي”
وبشأن ملف انسحاب القوات الأمريكية من العراق، قال الهاشمي: “أظن أن هناك شيئا من الالتفاف سيكون بالتفاهم مع إيران وأمريكا، أن الأخيرة ستذهب إلى إخراج القوات من العراق كعضو في التحالف الدولي، لكن ليس ذلك شاملا لإخراجها من البلد بصفتها عضوا في حلف الناتو”.
وأردف: “بالتالي، فإن إخراج القوات الأمريكية سيكون من حيث الاسم، حتى ترضى هذه الأحزاب المنسجمة مع إيران بتمرير غضبها على أنها استطاعت إخراج الولايات المتحدة كقوة في التحالف الدولي من العراق، لكنها ستبقي القوات الأمريكية كقوة من الناتو ضمن اتفاقية البلد مع الحلف، أظن أن الأمر سيكون شيئا اسميا للاستهلاك الإعلامي”.
من جهته، استبعد رئيس مركز “التفكير السياسي” إحسان الشمري، في حديث لـ”عربي21″، أن يضع اللقاء المقرر بين ترامب وبرهم صالح النقاط النهائية، أو ينهي الجدل حول الشخصية التي سترأس الحكومة العراقية المقبلة.
ورأى الشمري أن “الموضوع داخلي، وأكثر الخلافات هي داخل البيت الشيعي، على اعتبار أن العرف السياسي في العراق يجعل منه مسؤولا عن اختيار شخصية لمنصب رئيس الوزراء المقبل”.
“إبعاد إيران”
وتوقع المحلل السياسي العراقي أن “يبحث ترامب مع برهم صالح ألّا يكون العراق مساحة إيرانية، في طبيعة تعاملاته وتعاطيه الداخلي والخارجي، وبكل الأحوال فإن الولايات المتحدة لا تريد أي معادلة سياسية داخلية تُخضع العراقي لإيران”.
كما توقع أن يطرح موضوع الحكومة العراقية خلال اجتماع الجانبين، لكن ليس بطريقة الإملاء من واشنطن على بغداد، وإنما سيكون هناك توضيح أن الولايات المتحدة الأمريكية حكومة عراقية ترأسها شخصية قريبة من إيران.
وبيّن أن أجندة اللقاء ستبحث في إبعاد العراق عن تأثير إيران، وملف الانسحاب الأمريكي من العراق، وكذلك الاستثناءات التي تمنحها الولايات المتحدة للعراق بشكل دوري في موضوع استيراد الطاقة من إيران، التي تفرض عليها واشنطن عقوبات من مدة.
“حلحلة الأزمة”
وفي السياق ذاته، قال حامد المطلك، العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ”عربي21″، إن “ذهاب الرئيس برهم صالح في هذا التوقيت إلى دافوس لم يكن مناسبا، لأن البلد يمر في أوضاع صعبة، وإن تكليف رئيس حكومة مهم للغاية”.
وقال المطلك إن “التأخير والمماطلة في تكليف شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة، لم يكن من الرئيس العراقي بلا شك، وإنما القوى السياسية هي من تتحمل ذلك؛ لأنها لم تأت بشخصية ترضي المتظاهرين”.
ولفت السياسي العراقي إلى أن “لقاء صالح وترامب قد يحلل ويسهم في إنهاء الأزمة الحالية في العراق، إذا اصطفت الولايات المتحدة ودعمت خيار الشعب العراقي والمتظاهرين؛ لأنها كانت سببا في وصول البلد إلى الوضع الحالي منذ عام 2003 وحتى اليوم”.
وفشلت الأطراف السياسية العراقية، أمس الاثنين، في التوافق على اختيار شخصية سياسية لرئاسة الحكومة المقبلة، وذلك بعدما كشفت وسائل إعلام محلية أن الموضوع انحصر في ثلاثة مرشحين، هم: “وزير التخطيط السابق علي الشكري، ووزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي، ورئيس جهاز المخابرات الحالي مصطفى الكاظمي”.