21.1 C
عمّان
السبت, 23 نوفمبر 2024, 23:06
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

رجال البزنس في حضن السلطة ..!!

خالد خازر الخريشا

من العناوين اللافتة في المجتمع الاردني خلال العشرين سنة الماضية استشراء ظاهرة “وزراء ونواب البزنس” وفي التفاصيل تقرأ عن بعض الوزراء والنواب الذين كانت لهم صلات ومصالح مباشرة أو مداورة في صفقات وعطاءات الدولةتحوم حولها الشبهات.  وللاسف هؤلاء وهم مستمرون في مناصبهم ويتكاثرون ويتناسلون مثل (قوم يأجوج ومأجوج ) واصبحو يستلمون المناصب في السلطة التنفيذية والتشريعية.
المبدأ الشهير في الفقه الدستوري الذي ينص على “عدم جواز الجمع بين الوزارة والتجارة” ليس له نصيب في الدولة الاردنية المبدأ هو عنصر أساس من مبادئ الحكم الصالح الرشيد فالجمع بين تولي الوزارة ومزاولة التجارة لابد وأن يلقي بظلال من الشك والريبة، على مستوى أعمال الوزارة التي يتسلمها التاجر أو ازدهار تجارة الوزير .
بعض الدول العربية التزمت بالموانع الدستورية والقواعد القانونية في الجمع بين الوزارة والتجارة وهذه القاعدة القانونية منصوص عليها في غالبية الدساتير العربية إلا أن كثيرا من هذه الدول لا تلتزم بالقواعد الدستورية والقانونية وليس سراً أو بعيداً ما يجري في الاردن، حيث الجمع بين الوزارة والتجارة عيني عينك ومصطلح وزير عابر للحكومات شغال عندنا  100%
التوزير الذي يجري للمتبزنسين يعتمد على رأي يقول إن وزير البزنس هو “فهمان جداً، و”فلتة زمانه”، ومن أجل ذلك لمع في البزنس ونجح في “البزنسه”، وعلى أساس هذا النجاح فإنه لابد وأن ينجح في الوزارة كما نجح في البزنس الشخصي، خاصة مع ذيوع ظاهرة خصخصة القطاع العام الذي خرب البلاد وأرهق العباد والوزير البزنس سيدير الوزارة بعقلية تاجر وهذا الكلام مردود عليه، حيث كل قطاع وله قواعد خاصة تحكمه، والتماثل بين الشيئين لا يعدو تماثلاً في الواجهات وليس في المقاصد أو الغايات .
وعلى سبيل الحصول على مزيد من الإيضاحات والإجابات، فإنه من الممكن طرح هذه الأسئلة وغيرها لمعرفة تفاصيل موجعة عن حالات توزير المتبزنسين خلال حقبات الحكومات الاردنية: هل الوزير سيترك البزنس الخاص به من أجل أن يبزنس لصالح الحكومة ؟! طبعاً، لا ، إذاً، هل سيعمل وزير في أوقات الفراغ مثلاً ؟! هل الوزير يستطيع أن يفصل فصلاً تاماً بين الوزارة والتجارة ؟ الواقع يقول: لا، مستحيل ذلك، وسواء أكان مستحيلاً أو خارقاً فإن درء الشبهات مقدم على السير فوق حبالها وحبائلها .
ومن الواقع البحريني، فقانون السجل التجاري في البحرين يمنع موظفا حكوميا (حتى وإن كان من الدرجة الرابعة) من ممارسة البزنس، ولو كان هذا البزنس فتح مطعم لبيع الشاورما أو الحمص والفلافل أو كفتيريا لبيع الشاي والقهوة، كيف نقبل بالسماح لموظف بدرجة وزير أن يعمل يبزنس في أعمال تتشابه أو تتداخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة وطبيعة عمل وزارته ؟ إذاً، لا يجوز الجمع بين الوزارة والتجارة، والجمع بينهما يقترب من الحرام شرعاً وعقلاً، وهو شبيه بالجمع بين الأختين في الشريعة .


ان ارتماء السلطة في أحضان (البزنس) ليس له إلا نتيجة واحدة: إفساد المجتمع، ونهب للمال العام، وانعدام القيم والمبادئ، وبيع الضمائر، وخيانة الأمانة التي وضعتها الشعوب في أعناق حكامها وعندما يصير المال عصا سحريه تفتح بها الأبواب المغلقة فيدخل بها صاحبها إلى المناطق المحرمة، حيث مراكز صنع القرار لانتزاع تسهيلات غير مشروعة خارج إطار القانون، لم يكن يستطيع الحصول عليها، إلا من خلال شراء ذمم الفاسدين من الساسة، ومن بيدهم السلطة مسؤولي اتخاذ القرار .

فهذه التسهيلات عادة ما تعني تقديم رجل الأعمال رشوة للمسئول أقل بكثير من القيمة الحقيقية التي كان سيدفعها لو تمت الصفقة بطريقة مشروعة، وخطورتها أنها تضيع على الدولة مبالغ كبيرة، وبهذا تزيد ثروة الراشي (صاحب المال)، والمرتشي (صاحب السلطة)، ويكون الشعب هو الخاسر الأكبرومن هنا كلما زاد نفوذ وسطوة أصحاب المال على أصحاب السلطة كان الفساد واستنزاف ثروات الشعوب وإفقارها، وقد يخترق أصحاب المال نفوذهم للسيطرة على وزراء، وربما حكومة بأكملها، وقد يصلون لرؤساء حكومات  وتحويلهم إلى شريك أو خط دفاع أول لمصالحهم مقابل نسبة يحصلون  عليها .

Share and Enjoy !

Shares