بحث فريق من كلية الطب في الجامعة الأردنية برئاسة الدكتور إسلام مساد عميد الكلية، نتائج دراسة علمية عن أثر الحجر الصحي المنزلي على الصحة النفسية.
وأظهرت الدراسة التي شملت عينتها 5274 شخصا مثلوا شريحة واسعة من مختلف أطياف الشعب الأردني من شتى المحافظات والفئات العمرية، أن الغالبية العظمى من الأردنيين يرون أنهم قد التزموا بالحجر المنزلي بشكل جيد.
واتبع الفريق الذي ضم عضوي هيئة التدريس الدكتور رائد الطاهر والدكتور محمد أبو فرج، ومجموعة من طلبة كلية الطب في الجامعة، أسس البحث العلمي المتعارف عليها في الاستقصاءات النفسية والسلوكية.
وعند تحليل إجابات المشاركين في الدراسة، تبين أن 75% منهم يشعرون حاليا بعدم الارتياح أو القلق بسبب الحجر الصحي، إلا أن الجانب المبشر، أن ما نسبته 10% فقط منهم يشعرون بعدم الارتياح التام والقلق الشديد من المستقبل، حيث تعتبر هذه النسبة مطمئنة؛ بسبب تقبل المواطنين لأسباب هذا الحجر واعتقادهم بأنه إجراء مهم للحفاظ على صحتهم وحياتهم.
ورأى غالبية المشاركين أن الأمور ستكون إيجابية في نهاية الأزمة، على الرغم من الظروف التي يمرون بها حاليا، كما أن عددا كبيرا منهم لم يلحظوا تأثيرا للضغوطات النفسية على إنتاجيتهم وفعاليتهم.
وأشار 50% من المشاركين بأنهم أكثر عصبية وتوترا خلال فترة الحجر، إلا أنهم يرون أن هذه التغييرات لم تؤثر في قدرتهم على اتخاذ القرارات أو تقييمهم لمتغيرات الحياة.
وعند دراسة الفئات الأكثر معاناة من الضغوطات النفسية، تبين أن الإناث عموما كانوا أكثر عرضة للتوتر والإرهاق خلال فترة الحجر مقارنة بالذكور.
وتوصلت الدراسة إلى أن أصحاب الدخل الأعلى يعانون من القلق أو التوتر أو الإرهاق بشكل أكبر من ذوي الدخل الأقل؛ حيث وجدت الدراسة أن ما نسبته 61.5% من المشاركين كان دخل أسرهم الشهري أقل من 1000 دينار، وهم لا يعانون من القلق أو التوتر أو الإرهاق بشكل أكبر من أصحاب الدخل المرتفع (1000 دينار شهريا فأكثر)، إذ تتمحور جل مخاوفهم حول مستقلبهم، خصوصا المتزوجين منهم أو من تتكون عائلاتهم من أربعة أفراد فأكثر.
وخلصت الدراسة كذلك إلى أن كلا من العاطلين عن العمل والطلاب وربات المنازل والمدخنين ومرضى الربو معرضون أكثر للقلق أو الإجهاد وعدم الارتياح بسبب الحجر الصحي.
وأوضح الباحثون أن هنالك دورا كبيرا للترابط الاجتماعي متمثلا بالدعم من الأشخاص المحيطين كالأصدقاء والأسرة في التغلب على القلق والتوتر والإجهاد خلال هذه الازمة. ومن المبشر أن مجتمعنا الأردني معروف بأواصره الاجتماعية المتينة، فقد أظهرت الدراسة أن 97.5% من الأردنيين يعيشون مع فرد أو أكثر في المنزل، وأن الغالبية العظمى يجدون شخصين على الأقل عند حاجتهم للحديث عن مخاوفهم وقلقهم.
وعلى صعيد اخر، أشارت النتائج إلى ازدياد استخدام الأردنيين للأجهزة الإلكترونية بشكل ملحوظ، فقد بات أكثر من ثلثي المشاركين يستخدمون أجهزتهم الإلكترونية لأكثر من 4 ساعات يوميا خلال فترة الحجر، في حين أن 60% منهم فقط كان يستخدم الأجهزة الإكترونية لأكثر من 4 ساعات قبل قرار الحجر.
كما أن 16% من المشاركين أصبحت ممارستهم للأنشطة الرياضية اليومية أقل مما سبق.
وذكر الدكتور مساد أن هذه الدراسة تأتي للتشديد على أهمية الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ودوره العظيم في التغلب على الاثار النفسية للحجر المنزلي إزاء جائحة فيروس كورونا المستجد، وأنه رغم الأثر الواضح لهذه الأزمة على شريحة واسعة من الأردنيين، إلا أن أغلب الشارع الأردني ما زال متفائلا وينظر إلى المستقبل بصورة مشرقة.
وقد أكد الباحثون أن الدراسة تحتوي على نتائج قيمة أخرى، تهم الباحثين في مجال الصحة النفسية والمجتمعية، لاعتمادها معايير ومقاييس عالمية متعارف عليها تستخدم لقياس التوتر والإحباط والضغوطات النفسية، كما سيعاد توزيع الاستبيان نفسه مرة أخرى خلال الأسبوع القادم، ليتسنى لهم تقييم اثار الحجر الصحي مع مرور الوقت، ومقارنتها بالنتائج السابقة.
كما تم التأكيد على أن العمل جار لنشر نتائج هذه الدراسة في إحدى المجلات العلمية المحكمة في أقرب وقت ممكن، مؤكدين حرصهم على تقديم النتائج الأولية لهذه الدراسة إلى أصحاب القرار لاطلاعهم على الاثار النفسية المترتبة على قرار الحجر الصحي في الأردن.