لا أعرف إذا بقي بيننا من لا يزال لا يدرك خطورة فيروس كورونا ولا يعرف أن القصة لا تتوقف عنده أو عند عائلته بل أن المجتمع كله في دائرة الخطر حتى لو كان مصدره شخصا واحدا فقط، وبالتالي يصرّ البعض على التعامل بهذا الإهمال وعدم المبالاة متجاهلين كل هذا الضخ الهائل من التحذيرات وعبر كل الوسائل الإعلامية ومع ذلك يستمرئون عدم الالتزام بالتعليمات والانصياع للقانون، وكأنها بطولة، مستغلين بكل أسف سماحة الدولة وصبرها الذي طال.
كلما لاحت في الأفق بارقة أمل في انحصار هذا الفيروس اللعين وقرب الانتصار عليه محليا على الأقل بشكل مرحلي بانتظار الوصول للقاح وعلاج تتسابق شركات الأدوية ومراكز الأبحاث الطبية العالمية للتوصل له بغية إنقاذ البشرية التي تعيش أسوأ أيامها منذ الحرب العالمية الثانية يفاجئنا قلة من عديمي الإحساس بالمسوؤلية يغيب عنهم وازع الانتماء والحرص على سلامة المجتمع بكسر الحجر المنزلي والاختلاط بالناس وبطريقة توحي بأن الهدف هو الانتقام من المجتمع وتدمير كل الجهود المبذولة في سبيل نزوات نفسية ومالية أقل ما يقال فيها أنها رخيصة.
لا يمكن فهم نفسية شخص تبين أنه مخالط لشخص تم تشخيص إصابته بالفيروس ومع ذلك يمارس حياته بشكل طبيعي وبعنجهية وتحدٍ وصلفـ إلا أنه حزم أمره واتخذ قراره بنقل العدوى لأكبر عدد ممكن وهو بهذا التوصيف مجرم عن سبق إصرار وترصد ولا يعفيه مطلقا القول بأن إصابته لم تثبت بعد، فمجرد كسره قرار الحجر في المنزل هو قرار بتوسيع دائرة المخالطين له، وإرباك الجهات الرسمية التي لا تملك ترف الوقت بالتفرغ لإقناع شخص عديم المسؤولية ولا يدرك تبعات ومخاطر سلوكه.
الرهان على وعي الناس في غاية الأهمية ولكن في مثل حالة فيروس كورونا نحتاج مع الوعي قليلا من القطران وهو الحزم وبمقتضى القانون دون تساهل في تعليمات الحجر المنزلي وتستطيع الحكومة استخدام آليات جديدة والاستفادة من التكنولوجيا من خلال استخدام الإسوارة الإلكترونية لكل من يتطلب حجره وهذا متوفر لدى الجهات الأمنية وهناك دول بدأت تعتمده وأولها كوريا الجنوبية والخيار الآخر هو الحجز الإجباري في أماكن تحت الإشراف الحكومي من خلال تفريغ مبان حكومية كالمدارس أو بيوت الشباب أو حتى الفنادق ويتحمل الشخص المحجور التكاليف المالية لأن ذلك في المحصلة هو السبيل الوحيد لضبط هؤلاء وخلاف ذلك من المستحيل ضمان فكرة التباعد الاجتماعي وعدم التواصل مع المحيط العائلي والاجتماعي خاصة ضمن العمارات السكنية التي تستغل فترة حظر التجوال للتواصل والتزاور وللأسف تعميق العلاقات الاجتماعية دون وسائل وقاية.
الخطوة التي لاقت ارتياحا عاما وهي تحرك الادعاء العام بملاحقة بكل من يخرق إجراءات العزل وملاحقة من يتستر على الإصابة أو من يعرف مصابا ويتستر عليه، أو من يخالط وهو مشتبه بنفسه، أو من لا يستجيب لنداءات الجهات الطبية بالمراجعة في حال مخالطته لشخص، كلها تستدعي محاكمة عاجلة بمقتضى قانون الصحة وقانون العقوبات الأردني وقانون الدفاع دون تردد، فتحصين المجتمع أولوية تتقدم على الحرية.
نثق بوعي الغالبية العظمى من المواطنين ولكن المشكلة هنا أن الوعي النسبي لا قيمة له في أزمة الكورونا إذا لم يكن وعيا مطلقا بنسبة 100 %، وخلاف ذلك فشخص واحد كفيل بالعودة بنا للمربع الأول لذلك لنخرج من دائرة التمنيات بالالتزام والذهاب فورا لآليات جديدة للحجر الصحي سواء بالإسوارة الإلكترونية أو بالحجز التحفظي لدى الجهات الرسمية ومهما كانت الكلفة باهظة فإن ذلك أقل كلفة من ترك الأمور للمستهترين بحياتهم وحياة الناس