خالد خازر الخريشا
لايشعر الكثيرين ببهجة قدوم العيد السعيد والسواد الاعظم حتى لا يعنيهم امور العطلة حيث ستغيب صلاة العيد والتكبيرات والصلاة في الساحات العامة اما امر زيارة صلة الارحام يبدو انها ستكون من خلال الواتساب والاتصالات والرسائل النصية خاصة لمن ارحامه تقطن في المحافظات البعيدة وهي مرهونة لاوامر الدفاع التي تصدرها الحكومة بين الحين والاخر .
فجأة تغيّر كل شيء، كل دول العالم أصبحت كما يصفها البعض بمدن أشباح، الحدائق والشوارع فارغة، الحياة شبه منعدمة، وكل ما كان في وقت سابق روتينا يوميا للحياة اختفى .
فايروس كورونا خطف كل شيء وتحولت المنازل الى سجون ذاتية الناس فقط تأكل وتشرب وتنام وتصحو على زوامير الخطر وصوت صافرات الانذار وسيارات الدفاع المدني ، واوامر الدفاع التي تبشر بالحظر الشامل يوم الجمعة ، لا طعم للحياة مع نشرات الاخبار المملة والتي ترد عن هذا الفايروس القاتل الذي وضع العقل بالكف .
في شهر الصيام شهر الرحمة والمغفرة والغفران المساجد بدت حزينة وتبكي خلوها من المصلين والمتعبدين والعاكفين والركع السجود ، لم يكن أحد ليتصور أن شهر الصيام لهذا العام سيكون خاليا من أهم مميزاته وخصوصياته الدينية والروحية وحتى الاجتماعية: العزائم والولائم العائلية لوجبة الإفطار وصلوات التراويح وموائد الرحمن وحتى فريضة العمرة التي تعادل حجة في رمضان …
شاهدنا كيف دخل عدد من المؤذنين فى مساجد السعودية، فى حالة من البكاء الشديد عند رفع الآذان وترديد نداء “صلوا فى بيوتكم”، بعد قرار المملكة بالاكتفاء برفع آذان الصلوات الخمس فى المساجد، ووقف صلاة الجمعة والجماعة فى المساجد، فى إطار التدابير اللازمة للوقاية من فيروس كورونا اللعين .
نعم رمضان حزين في العالم الإسلامي، بعدما تطلبت محاربة الفيروس غلق المساجد لمنع التجمعات الكبيرة، حيث روحانيات شهر رمضان لدى المسلمين باتت حزينة بسبب الإجراءات الاحترازية في المساجد ومنع صلاة الجماعة والتراويح لكن في المقابل عربات التسوق لم تهدأ في المولات والمؤسسات الاستهلاكية المدنية والعسكرية .
شهر رمضان هذا العام هو الأشد قسوة على الأسرة الاردنية، قسوة من حيث الوضع الاقتصادي والمعيشي المحزن والقاسي للاسر وقفزات أسعار السلع، خاصة الغذائية، التي باتت لا ترحم أحدا بمن فيهم الطبقة الوسطى… والجمعيات الأهلية والخيرية التي كانت تلعب دورا مهما في التخفيف عن ملايين الأسر الفقيرة تراجعت تبرعاتها بشدة في زمن كورونا والحكومة للاسف اوقفت دعم الخبز عن مئات الالاف من المحتاجين .
حتى رجال الأعمال الذين كانوا يتبرعون لصالح العائلات الفقيرة والمعدمة في شهر رمضان من كل عام، باتت تبرعاتهم توجَّه لغرض آخر في زمن كورونا مثل تمويل صناديق تؤسسها الحكومات مثل صندوق همة وطن، ومساندة القطاع الصحي ومستشفيات العزل الصحي وتطوير المستشفيات الحكومية، وتمويل شراء مستلزمات طبية وأجهزة تنفس صناعي وأجهزة فحص فيروس كورونا .
عيد بأي حال عدت ياعيد … في ظل هذا الفايروس الخطير وفي المقابل حال السوريين واليمنيين والعراقيين والليبيين والفلسطينيين تصعب على العدو قبل الصديق ، دماء وجراح ومآسي ، وألم يعتصر قلوب الجميع فهاهو العيد يأتي من جديد على المنطقة العربية وهي تزف أبناءها يوماً بعد يوم فمتى تضمد هذه الجراح العميقة ومتى يأتي العيد ليكون قد عم الخير والسلام والأمان على العروبة والاسلام ليقولوا لبعضهم كل عام وانت بخير .
العيد ماعاد حلويات معمول بالجوز والتمر .. ماعاد مراجيح للأطفال .. صار العيد خبر مفرح لنهاية فايروس كورونا اللعين ..خبر عن منطقة صارت بأمان ..عن مسافر وصل بالسلامة…عن حياة كريمة بدون منغصات وارهاصات وهرطقات من الحكومات وتجار الازمات ، لان الكثير استغل هذا الفايروس على مبدأ ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) .
نعم يا سادة الحكومات الضرائبية والجبائية الفاشلة لم تترك مجالا للفرح الاتي ، ولم تترك الا مساحات واسعة للحزن والبأس والشقاء والتعب والوجع .. نعم انها دمعة حزن في ليلة العيد ، والعيد لم يعد سعيداً .