21.1 C
عمّان
السبت, 23 نوفمبر 2024, 22:18
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش وعيد الجلوس الملكي

يحتفل أبناء الوطن في كل عام بذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش، وعيد جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، وهي المناسبات الأبهى والأغلى، ويأتي الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية تأكيداً على تعزيز المنجزات ومواصلة بناء الدولة، حيث يستذكر الأردنيون وأحرار الأمة البطولات والتضحيات الجسام التي قدَّمها الجيش العربي المصطفوي، عندما قاد الهاشميون أبناء الأمة في أعظم ثورة شهدها العصر الحديث، فكانت الثورة الخطوة الأولى على طريق تحرر الأمة ونمائها ونهضتها.

إن الاحتفال بذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش يحمل دلالات كثيرة مهمة، فهي حالة تجديد للوقوف مع شرعية النظام ببعدها القومي، واعتراف من المواطن الأردني بامتلاك القيادة السياسية لهذه الشرعية، كما أنها التأكيد على التزام الدولة الأردنية قيادة وحكومة وشعباً بما تفرضه هذه الشرعية من أدوار والتزامات تحكم بمجملها حركة النظام السياسي الأردني، وعلاقاته بالفاعلين السياسيين على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء.

ولعل حرص جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني على رعاية هاتين المناسبتين، هو تأكيد ملكي على ثوابت السياسة الأردنية تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية العادلة، كما أنها رسالة ملكية واضحة لدول العالم بشكل عام، ودول الإقليم بشكل خاص.

إن تزامن الاحتفال بهاتين المناسبتين يشير إلى حالة خاصة من الترابط المنبثق من واقع أن الجيش هو المؤسسة الأولى، التي تشكل ركناً أساسياً من أركان الدولة الأردنية منذ نشأتها، والتي أعلنت تمسكها بحمل رسالة الثورة العربية الساعية إلى تحقيق رفعة المواطن العربي أينما كان، وإعادة الاعتبار إلى الثقافة العربية الإسلامية، بكل ما يحمله ذلك من سعي حثيث لتحقيق أفضل حياة ممكنة، وسبل الدفاع عنها وحمايتها، وهو أمر يبين بشكل أو بآخر ما يحمله الاحتفال بيوم الجيش من دلالات أكدها منتسبو هذا الجيش على الدوام بأنه اليد الطولى والقادرة على تنفيذ ما آمنت به، وهو ما صدقه ويصدقه، تاريخ هذا الجيش في كل المحن والظروف التي مرَّ ويمرُّ بها هذا الحمى العربي الهاشمي.

فكان للجيش العربي مساهمات كبيرة في تطور الدولة وتحديثها على كافة المستويات المدنية والعسكرية، إلى أن وصلت إلى أعلى المستويات العسكرية إقليمياً وعالمياً؛ بفضل الرعاية الهاشمية المتواصلة منذ عهد الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين، وصولاً إلى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، الذي أكمل المسيرة ووصل بالأردن وجيشه المغوار إلى مراتب التميز وهو يكمل مسيرة خير مباركة مكللَّةً بالعطاء والإنجاز والصبر والتحدي، وكان الإنسان الأردني محورها والعمود الفقري لكيان هذا الوطن العزيز بأهله وقيادته ومؤسساته.

وكان للجيش العربي مشاركاته المشرفة في الحروب العربية الإسرائيلية، والتي سطَّر فيها صفحات البطولة، وقدَّم قوافل الشهداء التي لا زالت أرض فلسطين تنعم بنجيعها على بوابات القدس واللطرون وباب الواد وجنين وغيرها.

وجاء الأول من آذار عام 1956 يحمل معه الخير الكثير عندما اتخذ جلالة الملك الحسين قراره القومي والتاريخي بتعريب قيادة الجيش العربي، وإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957، حيث مثل هذا القرار نقطة الانطلاق الحقيقية في مسيرة التطور والتحديث، واستمر الاهتمام بإعادة بناء الجيش، فمنذ اللحظة الأولى لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش في التاسع من حزيران عام 1999 أولى القوات المسلحة جلّ اهتمامه ورعايته لتواكب العصر تسليحاً وتأهيلاً، فسعى جلالته لتطويرها وتحديثها لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته، والقيام بمهامها على أكمل وجه، مثلما سعى إلى تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين، حتى أصبحت مثالاً وأنموذجاً في الأداء والتدريب والتسليح، تتميز بقدرتها وكفاءتها القتالية العالية بفضل ما أولاها جلالة القائد الأعلى من اهتمام كبير، عندما هيأ لها كل المتطلبات التي تمكنها من تنفيذ مهامها وواجباتها داخل الوطن وخارجه وذلك بما يتوافق مع تعدد أدوارها ومهامها وبما ينسجم مع التهديدات والتحدّيات الجديدة في العالم والإقليم على حد سواء.

ولأهمية الروح المعنوية ورفعها لدى منتسبي القوات المسلحة، سلّم جلالة الملك عبدالله الثاني علم جلالة القائد الأعلى، كأعلى درجة تكريم عسكري في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي لعدد من تشكيلات ووحدات ومديريات الجيش العربي تكريماً لما يبديه منتسبو هذه الوحدات من شجاعة، وما يبذلونه من تضحيات وخدمات للوطن والمواطن، بالإضافة إلى تسليم وتداول راية الثورة العربية الكبرى برمزيتها بين وحدات الجيش العربي.

وللجيش العربي المصطفوي دلالة قوية على ما يحمله من قيم لا يمكن المساومة حولها، كما لا يمكن التخلي عنها مهما كان الثمن، فهو الأمين على هذا الحمى وعلى حمل رسالة الثورة العربية الكبرى قولاً وفعلاً؛ عندما صدَّقت أقواله أفعاله، ولعل آخرها دوره في مكافحة جائحة كورونا؛ فكان أحد أهم المفاصل التي أدارت المشهد بكل كفاءة واقتدار، بقيادة هاشمية حكيمة؛ فحظوا باهتمام المواطنين واحترامهم لما قدموه من أعمال جليلة تعكس صفاتهم الحميدة.

ومن جانب آخر فقد ترسخ تواجد القوات المسلحة الأردنية في ميدان حفظ السلام العالمي كقوة فاعلة، حيث استطاعت هذه القوات أن تنقل للعالم صورة الجندي الأردني وقدرته على التعامل بشكل حضاري مع ثقافات وشعوب العالم المختلفة، وأصبح الجيش العربي الأردني يرفد الدول الصديقة والشقيقة بالمدربين والمختصين المحترفين في مجال عمليات حفظ السلم والأمن الدوليين، وتم إنشاء معهد تدريب عمليات السلام كمركز إقليمي وعالمي للتدريب، ولمَّا كانت القوات المسلحة تحمل اسم “الجيش العربي”، فهي جيشٌ لكل العرب والمسلمين انطلاقاً من رسالتها الهاشمية الأصيلة، فكانت وقفة الجار مع الجار في محنته وعسرته، واستقبلت قوات حرس الحدود في السنوات الماضية وعبر حدود المملكة اللاجئين الذين عبروا حدودها الشرقية والشمالية من الأطفال والشيوخ والنساء والشباب، فمنهم المرضى ومنهم الجرحى بحثاً عن الملاذ الآمن، ولم يتوان الجندي الأردني بأخلاقه النبيلة وصفاته الجليلة أن يمسح بيديه دموع طفل، وإنقاذ عاجز، ومساعدة شيخ طاعن في السن، ونساء أعياهن المسير والتعب والمرض والجراح.


ولعل إحياء ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش يقودنا إلى الاحتفال بذكرى الجلوس الملكي، تعبيراً عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالقيادة الهاشمية الحكيمة، والتي كانت فاتحة خير للوطن الذي امتلأت أرجاؤه بالخيرات، فكان خير خلف لخير سلف، وتوالت الإنجازات التي طالت أرجاء الوطن الطيب بأهله وشعبه الذي نهل من طيب أخلاق الهاشميين أصحاب الصنائع البيض، فأضحى الوطن بعزم الهاشميين وهمَّة المخلصين من أبناء الوطن عنوان الأمن وصمام الأمان، وسيبقى الجيش العربي برسالته الخالدة، حامي الحمى وصانع الإنجازات أينما حلّ وارتحل، والملاذ الآمن وعنوان السكينة والاستقرار، نرفع به هاماتنا بشموخ وإكبار، يد تبني ويد تحمل السلاح، سواعد قوية ونفوس أبية على قدر أهل العزم، حمى الله الوطن وقواته المسلحة الباسلة في ظل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.(مديرية التوجيه المعنوي)

Share and Enjoy !

Shares