رئيس التحرير : خالد خازر الخريشا
ربما يلغي الجراد زيارته للاردن لان الحيتان والقطط السمان بالبلد أكلوا الاخضر واليابس وحتى الطري والناشف ، ويبدو ان اسراب الجراد الصحراوي ( تاهت الطريق) وكان الله في عونها وستموت جوعا من دون مقاومة او مكافحة وهذا يرجعني الى قصيدة الشاعر الوطني ماجد المجالي عندما قال :
قــــد جــــاء قبــلك يا جــرادُ جــــــرادُ ** ما ظل في هـــذي المرابـع زادُ
عـــــذراً فقلي إنني مــستــغــــــربٌ ** هل كان بينك والعـــدا ميعــــادُ
تزهــــــــوا بلادي يا جــــراد بضيفهــا ** لكنها جـفت بهــــا الاعــــــــوادُ
تتساءل الحشرات مـــــن يصطادني ** أرض النشامى ما بها صـيــــادُ
يعتبر الحوت الازرق اكبر واضخم مخلوق يعيش على الكرة الارضية ويقال إن وزنه يصل (180) طن لكن هذه المعلومه غير دقيقة لان بعض الحيتان في الاردن ربما هي أضخم من الحوت الازرق ، بينما وزن الجرادة الصحرواية من الوزن الثقيل لا تتجاوز 150 غرام ، يا سادة يا كرام كما قال أحد المحللين : (الاردن أقل دولة فيها مياه وأكثر دولة فيها حيتان ) ، وبعد قليل ربما يتم تأسيس جمعية للمحافظة على هذه الحيتان التي ما زالت ترقد مطمئنة وخارج المصيدة ، لاننا لم نرى أو نشاهد حوت فاسد تم ( تعليقه من كراعيبه) لان غالبية قضايا الفساد الكبيرة والدسمه تقيد ضد مجهول ، يا سامعين الصوت حجم الاموال المنهوبة من الدولة اخر عشر سنوات وصلت (10) مليار دينار .
في كل مطب وطني يتم الحديث عن غول الفساد تماما مثل الغولة التي كانت تخوفنا بها امهاتنا ايام ما كنا صغاراٌ حتى ننام من شدة الخوف لكن لا اعتقد اننا رأينا هذه الغولة أو تصورنا معها ( سلفي) وفي كل مرة يتم تقديم خاروف صغير كبش فداء للسكوت عن القضايا الكبيرة وبالنسبة للحيتان الباقية التي ما زالت تسبح مطمئنة في بحر الفساد كيف ممكن ان نصل اليهم ، أو نصطادهم لا نعرف .
عندنا في البلد ديناصورات لا تنقرض وحيتان لا تشبع كانوا متفرغين لمهمتهم الأساسية وهى نهب أراضى الدولة والاستيلاء على المال العام، واستغلال «الخصخصة» للاستحواذ على أموال القطاع العام بصفقات فاسدة ، ولأننا لم نحاسب أحداً على جرائمه ، فإنه لغاية الان لا نعرف ما فعلناه من مكافحة الفساد حتى هذه اللحظة ، وكم أعادت المكافحة الى خزينة الدولة من الاموال المنهوبة ؟ نسمع الكثير عن الخطوط الحمراء والخطوط الثانية التي بدون ألوان لكن هذه الخطوط الحمراء والثوابت المفترى عليها والتي يصدعون بها آذاننا صباح مساء لا تتعدى الحديث في السياسة للاستهلاك الاعلامي ، لو طُبِّق مبدأ الخطوط الحمراء والثوابت بحذافيره لما بيعت الشركات الوطنية الرئيسية والحيوية تحت بند الخصخصة ، نعم غربان البين باعوا وتاجروا بمقدرات الوطن بتراب المصاري ولم يعد على خزينة الدولة منها مبلغ محترم ولا على المواطن في شكل خدمة قد يستفيد منها آنياً أو مستقبلاً .
لماذا لا يكون عندنا قانون التصالح الذى يتيح للصوص المال العام ان يتحولوا إلى شرفاء محترمين إذا أعادوا بعض ما يمكننا إثباته من سرقاتهم التى يعرف الجميع أن معظمها كان يتم تحت مظلة زواج السلطة بالثروة التى تعطى شرعية زائفة لأسوأ الجرائم فى حق الوطن! والنتيجة أن الحيتان تعود اليوم وهى أكثر شراسة، تتصور أنها قادرة على تحقيق كل أطماعها فى ظل الظروف التى يمر بها الوطن الذى يقاتل على كل الجبهات.. يواجه ميراث سنوات الفساد، وأزمة مالية طارئة بسبب عجز الموارد والمديونيه وبلوة الكارونا , واقتصاد حائر وسياسات حكومية هاجسها رفع الاسعار وزيادة الضرائب .
لا تخيفنا أسراب الجراد الصحراوي المسكين الذي لن يجد شيئا ليأكله.. بل تخيفنا الحيتان السمان التي ما زالت تسرح وتمرح وتسبح في محيط الفساد ..!!