لماذا تصدر فريق الوحدات مرحلة الذهاب من دوري المحترفين لكرة القدم بفارق 6 نقاط عن أقرب مطارديه الجزيرة؟، ولماذا تراجع الفيصلي “حامل اللقب” إلى المركز الثالث بفارق 10 نقاط عن المتصدر؟، وهل أصبح الوحدات قاب قوسين أو أدنى من نيل اللقب للمرة الـ17 في تاريخه؟، وهل تمتلك الفرق الأخرى لاسيما الجزيرة والفيصلي وربما الرمثا والحسين أيضا فرصا حقيقية لتعطيل اندفاع الوحدات نحو منصة التتويج؟، ولماذا تفوق الوحدات على الفيصلي في لقاء “الديربي” مع أنه خسر مباراتيه أمام الجزيرة والرمثا، فيما كان الفيصلي قد حقق التعادل معهما؟
كثيرة هي الأسئلة التي تدور في أذهان عشاق كرة القدم الأردنية، بعد أن انتهت يوم السبت الماضي منافسات مرحلة الذهاب، في رحلة طويلة وقياسية احتاجت إلى 241 يوما لإنجاز 66 مباراة.
إجابات من شريط الذكريات
للإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها من التي تحتاج إلى إجابات مقنعة، لا بد من العودة إلى “شريط الذكريات”، وقراءة ما جرى في المباريات خلال الفترة الممتدة من يوم الخميس 5 آذار (مارس)، وحتى يوم السبت 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لمعرفة أسباب تفوق الوحدات وتمسكه بالصدارة منذ الجولة الأولى وحتى نهاية مرحلة الذهاب، بل وفي مقدوره الاستمرار في ذلك حتى أول جولتين من مرحلة الإياب على أقل تقدير، وكذلك معرفة أسباب تذبذب نتائج مباريات الفرق الأخرى، وعلى رأسها الفيصلي، الذي يشكل مع الوحدات في معظم المواسم الطرف الثابت في معادلة المنافسة على اللقب.
بين الوحدات والفيصلي
في قراءة رقمية تخلو من العاطفة، فإن ما قدمه الوحدات والفيصلي في 11 مباراة خلت، جاء مختلفا كليا وغير متشابه، وأفرز صدارة وحداتية وتراجعا فيصلاويا، فسرته النتائج التي تقول إن الوحدات حقق الفوز في 9 مباريات مقابل 4 انتصارات للفيصلي، كما لم يحقق الوحدات أي تعادل مقابل 5 حالات تعادل للفيصلي، وتشابه الفريقان بالخسارة مرتين، فجمع الوحدات بذلك 27 نقطة وخسر 6 أخرى، في حين جمع الفيصلي 17 نقطة وخسر 16 نقطة أخرى، ويضاف إلى ذلك أن المواجهة الخامسة والثمانين بين الفريقين على صعيد الدوري، أنهت حالة التعادل التي كانت قائمة بينهما قبل لقاء السبت الماضي، ومكنت الوحدات من ترجيح كفته من حيث عدد الانتصارات في المواجهات المباشرة “30 مقابل 29” بعد أن تعادلا في 26 مباراة.
وبالنظر إلى نتائج الفريقين في مرحلة الذهاب، فإن الوحدات استهلها بتحقيق 4 انتصارات مدوية على فرق الأهلي 5-0 والسلط 3-0 ومعان 4-0 وشباب العقبة 3-0، ما يعني أن الوحدات جمع 12 نقطة كاملة، وسجل 15 هدفا ولم يدخل مرماه أي هدف، فيما استهل الفيصلي مشواره بتعادل سلبي مع الرمثا، وفوز على شباب الأردن 3-1، وتعادل مع الحسين 1-1 وفوز على سحاب 3-2، وعليه جمع الفريق 8 نقاط وفقد 4 أخرى، وسجل 7 أهداف ودخل مرماه 4.
ومع توقف الدوري لمدة شهر تقريبا بسبب إصابة عدد من لاعبي الفيصلي بفيروس كورونا آنذاك، تم تأجيل مباراتين للفيصلي أمام فريقي الجزيرة والصريح، فيما دفع الوحدات ثمنا لفترة التوقف وتعرض لأول خسارة وكانت أمام الرمثا 0-1، وهو الأمر الذي منح الفرق الأخرى بصيصا من الأمل لوقف الانطلاقة القوية للوحدات ومزاحمته بشكل جدي على اللقب.
لكن الفيصلي “بعكس الجزيرة” خيب آمال أنصاره، حين فقد 5 نقاط مهمة في مباراتين، بعد تعادل سلبي مع شباب العقبة وخسارة غير متوقعة أمام الأهلي 0-1، لأن ذلك كان الفوز الوحيد للأهلي في مجمل مرحلة الذهاب، في الوقت الذي حقق فيه الوحدات ثلاثة انتصارات جديدة وإن لم تكن بالقوة ذاتها التي كانت عليها في الجولات الأربع الأولى، ففاز الوحدات على شباب الأردن 3-1 وعلى الحسين 2-1 وعلى سحاب 1-0، لكن الوحدات تعرض لثاني خسارة له وبالنتيجة ذاتها 0-1، وهذه المرة كانت أمام الجزيرة، فيما كان الفيصلي يحقق بعد غياب فوزا على السلط 2-0، وما لبث أن تعادل مع معان 0-0 ومع الجزيرة 1-1، وقبل لقاء القمة بين الطرفين كان الصريح ضحية القطبين في مباراتين مؤجلتين بسبب الكم الكبير من الإصابات بفيروس كورونا من مختلف الأندية، فتفوق الوحدات على الصريح 2-1 والفيصلي على الصريح 1-0.
قمة الفيصلي والوحدات مكنت “الأخضر” من توسيع فارق النقاط مع “الأزرق” إلى 10 نقاط، وشكل ذلك الفوز نصرا مزدوجا للوحدات، الذي نال “نظريا” 6 نقاط، بعد أن وضع 3 منها في رصيده وحرم الفيصلي من 3 نقاط كان بأمس الحاجة لها، لأن الوحدات قرأ المباراة جيدا ووفر مقومات الفوز، بعكس الفيصلي الذي ظهر بطيئا ومتأخرا ومستسلما للخسارة.
واستمرارا مع الأرقام، فإن الوحدات سجل 25 هدفا في 9 مباريات وغاب عن التسجيل في مباراتين، بينما سجل الفيصلي 11 هدفا في 6 مباريات وغاب عن التسجيل في 5 مباريات، ما يفسر القوة الهجومية التي مكنت الوحدات من تسجيل معدل 2.50 هدف في المباراة، بينما سجل الفيصلي ما معدله هدف واحد في كل مباراة.
المحترفون من الخارج
الغريب أن 10 لاعبين تناوبوا على تسجيل 25 هدفا للوحدات، ومنهم ثلاثة لاعبين سجلوا 16 هدفا وهم: السنغالي عبدالعزيز إنداي 8 والسوري فهد اليوسف 4 والتونسي هشام السيفي 4 أهداف؛ أي أن اللاعبين الثلاثة سجلوا ما نسبته 64 %، فيما سجل إنداي وحده 32 % من مجمل أهداف الوحدات بالدوري، بينما جاءت بقية أهداف الوحدات بواسطة صالح راتب 2 وأحمد سمير 2، وهدف لكل من يزن ثلجي وفراس شلباية وإبراهيم الجوابرة وطارق خطاب، إضافة إلى لاعب العقبة زكي أبوليلى بالخطأ، وهذا يعني أن الوحدات استفاد من أوراق المحترفين من الخارج، وامتلك أكثر من لاعب يمكنه تسجيل الأهداف، ومخزونا وافرا من اللاعبين الأساسيين والبدلاء.
وفي المقابل، فإن الفيصلي افتقد، لأسباب مختلفة، أوراقا هجومية رابحة عدة مثل أحمد عرسان “عقوبة ثم إصابة”، وخليل بني عطية ويوسف الرواشدة “احتراف خارجي” ولوكاس “خلاف”، ولم يتمكن البقية من التعويض بشكل مثالي مع استمرار حركة تغيير المدربين بعكس الوحدات الذي استقر على المدرب عبدالله أبوزمع، كما لم يوفق الفيصلي بالمحترفين من الخارج، فسجل السنغالي ميندي هدفين والبولندي لوكاس هدفين، فيما لم يظهر الأرجنتيني كلاوديو بشكل مقنع حتى الآن، وهو الأمر الذي حصل أيضا مع المهاجم القادم من الصريح محمد العكش الذي لم يسجل أي هدف منذ قدومه للفيصلي، فيما سجل هدفا واحدا للفيصلي كل من يوسف الرواشدة وعدي القرا وعدي زهران وأحمد عرسان وعبدالله خالد عوض ويوسف أبوجلبوش، ولاعب سحاب حسام أبوسعدة بالخطأ، ليكون 9 لاعبين من سجلوا 11 هدفا للفيصلي ذهابا.
الجزيرة يفاجئ الجميع
وبعيدا عن الوحدات والفيصلي، فإن الجزيرة تجاوز مشاكله الإدارية والمالية وهجرة نجومه إلى الأندية الأخرى، وراهن على من تبقى منهم، ونجح في نهاية المطاف في احتلال المركز الثاني متأخرا بست نقاط عن الوحدات ومتقدما على الفيصلي بأربع نقاط، جامعا 21 نقطة من 6 انتصارات و3 حالات تعادل وخسارتين، وتمتع بثاني أقوى خط هجوم بعد أن سجل 21 هدفا ودخل مرماه 11 هدفا.
ترى، هل تكشف الجولة المقبلة التي تحمل الرقم 12 عن جزء مهم من أسرار المنافسة أم تزيد الأمر غموضا، لاسيما وأن الجزيرة سيلتقي الحسين إربد، كما يلتقي الرمثا مع الفيصلي، وهذه الفرق الأربعة هي من تلي الوحدات على سلم الترتيب، فمن يخدم نفسه ويستفيد من خدمات الآخرين؟
الموضوع السابق