8.1 C
عمّان
الإثنين, 25 نوفمبر 2024, 14:36
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الأطـبـــاءُ الشـُـهـــــداء

جرّعتنا كورونا الأسى وشربنا من كأس علقمها المُر وما زال شبحها المرعب غير محمود العواقب يباغتنا صبح مساء فلا أحد يدري إذا ما قلّب صفحات الفيسبوك أو النعي في الصحف اليومية سيتفاجأ بموت منْ والرجال يتهاوون واحدا تلو الآخر ما بين أطباء ومهندسين ورجال أعمال وشباب في عمر الورد وسيدات فاضلات و” الحبل على الجرار” إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا فتصبح كورونا وسيرتها المشؤومة من الذكريات المؤلمة التي ارتبطت بالحزن على خسارات قضت مضاجع الناس وأثقلت كاهل الوطن.
 
الأطباء الشهداء الذين بلغ عددهم لغاية كتابة المقال ولربما يزيدون بعده نحو عشرين طبيبًا من عائلات أردنية مرموقة من مختلف مناطق المملكة إنما آثرتُ تخصيص الحديث عنهم والمتساوون مع غيرهم في الوقت ذاته من الفئات التي انتقلت إلى رحمة الله بيد أن لرسالة هؤلاء إيقاع وطابع مختلف باختلاف طبيعة المهمة التي ينهضون بها في معالجة الناس ومدواة أسقامهم والتخفيف من آلامهم وأوجاعهم والذين أنكروا ذاتهم في سبيل أن تظلّ عيونهم يقظة وعقولهم متعطشة لكل ما هو جديد في ميادين اختصاصاتهم لتقديم أفضل انواع الرعاية الصحية للإنسان الأردني، وكلّ ذلك يجعل الخسارة بفقدانهم موجعة تقطر القلب دما وتفيض العيون دموعًا ولا حول لنا ولا قوة.
 
ولئن تعددت الاسباب وكان الموت واحدا لكنه مع إخواننا الأطباء الذين طواهم الموت بفيروس كورونا فإن صدى الفاجعة أكبر وهم الذين انبروا للتصدي له وما منهم من طبيب إلا وحُرم لذة النظر إلى أبنائه ومجالستهم وغاب عنهم أياما وليالي طوال ليحرس الوطن ويحافظ على صحة الإنسان فيه فكان له الداء بالمرصاد وتمكن منه دون أن يتمكن الطبيب من الإفلات من قيوده.
  
حزن الناس في بلدنا اليوم كبير جدا بحجم محبتهم لكل أخ وقريب وصديق قضى نحبه على حين غرة وبدون مقدمات اللهم سوى أيام معدودات لعلها من الله لتلقي بعضا من الصبر في قلوبنا على رحيل قامات طبية مشهود لها بالتضحية والتفاني في خدمة الوطن والعطاء المجرد الخالص المدعم بقسم أمام الله وأمام الضمير أن ينهض كل منهم بواجبه وفعل.
 
للأطباء ولرحيلهم وجع وإن كانت ذكراهم ستبقى خالدة في قلوبنا ما حيينا وإن كانت الحقيقة تقول بأنهم غادروا وباتوا تحت الثرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فيدخلهم جنات الرضوان التي وعد بها عباده المتقون وإني لأجزم أن هؤلاء الشهداء من خيرة من سيتنسمون عبق جنات الخلد فأي رحيل واي مصيبة تجرعناها والوطن في هذا العام الحزين.
 
استذكرتُ الاطباء الكرام البررة وعادت بي الذاكرة إلى زمن لنذكر أن الأطباء والممرضين من الصحة والخدمات الطبية كانت لهم مواعيد ضربوها مع البطولة والشهادة، فرحل منهم الكثير أمثال الدكتور صليبا خليل ترزي والدكتور محمد شاكر احمد، والدكتور مهند عبد الكريم الخص، والدكتور نورس اليعقوب، والدكتور عبد السلام رشيد، والدكتور مصطفى سعيد زكريا، ومريم عوض شاهين، وآخرون، رحمهم الله وصبرا يا وطني الحبيب.

Share and Enjoy !

Shares