ندرك جميعا أن المؤسسات المستقلة تشكل عبئا حقيقيا على الموازنة العامة للدولة خاصة في ضوء الأوضاع الإقتصادية المتردية التي تشهد تراجعا كبيرا: ركود اقتصادي وبطالة متزايدة وعجز في الموازنة ومديونية متفاقمة، وعليه فإنني أعتقد أنه آن الأوان لتتخذ الحكومة قرارا جريئا بإعادة النظر بعشرات الهيئات والمؤسسات العامة التي تم تفصيل بعضها على مقاس أشخاص معينين للترضية أو كمكافأة لهم لا أكثر ولا أقل.
وللعلم فإنه يوجد في الاردن نحو 60 هيئة ومؤسسة عامة وكل واحدة منها تضم جيشا من الموظفين بدءا بالرئيس أو المدير العام مرورا بالمساعدين ورؤساء الاقسام والكادر الوظيفي ومن الممكن جدا تحويل الاعمال والمهام التي تقوم بها هذه الدوائر الى الوزارات المعنية واستحداث مديرية مخصصة في تلك الوزارة.
هذا الإجراء مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لترشيد الانفاق العام وخفض عجز الموازنة العامة وأيضا لطمأنة دافعي الضرائب على مصير الاموال التي تقتطعها الدولة من قوت أبنائهم وعائلاتهم.
ومن الامثلة على هذه الهيئات: هيئة تنظيم قطاع الاتصالات (وزارة البريد والاتصالات) وهيئة الاعلام المرئي والمسموع (وزارة الاعلام) وهيئة الاوراق المالية (وزارة المالية) وهيئة الاستثمار (وزارة المالية) وهيئة اعتماد التعليم العالي (وزارة التعليم العالي) بالاضافة الى هيئة الطاقة الذرية (وزارة الطاقة) والمجلس الوطني لتطوير المناهج (وزارة التربية والتعليم). كما تضم القائمة هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن (وزارة الطاقة) ومجمع اللغة العربية (وزارة الثقافة) ودائرة الموازنة العامة (وزارة المالية) ودائرة مراقب عام الشركات (وزارة الصناعة) ودائرة العطاءات الحكومية (وزارة الاشغال العامة والاسكان) ومؤسسة الإقراض الزراعي (وزارة الزراعة).
وتضم القائمة كذلك المجلس الطبي الاردني والمجلس الصحي العالي (وزارة الصحة) والمجلس الاعلى للمعوقين (وزارة التنمية الاجتماعية) والمجلس الاعلى للتعليم العالي (وزارة التعليم العالي) والهيئة العامة لسكة الحديد وهيئة الخط الحجازي (وزارة النقل) وهيئة اعتماد الجامعات (وزارة التعليم العالي) ومركز تكنولوجيا المعلومات الوطني (وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) وهيئة تطوير قطاع السياحة (وزارة السياحة والاثار العامة) سلطة المياه وسلطة وادي الأردن (وزارة المياه والري..ألخ. وكل هذه الهيئات لها مخصصات مالية في الموازنة أغلبها على شكل رواتب ومكافآت وعلاوات وبدل سفرات وضيافة وهي تضغط على الموازنة العامة للدولة بشكل كبير.
صحيح أن وجود بعض هذه الهيئات والمؤسسات ضروري لكن البعض الآخر ممكن حله أو دمجه كمديرية في الوزارة المعنية.
خلال السنوات الماضية التقى رئيس الوزراء في حينه برؤساء تلك المؤسسات لتقليص عدد تلك المؤسسات لضبط الإنفاق العام، وما لفت الأنظار أن بوابة القاعة التي جمعت الرئيس بتلك القيادات، غصت بأحدث أنواع السيارات الفارهة يقف أمامها مرافقون وسائقون، وكل ما يشير الى أنك لست في بلد تفوق مديونيته 30 مليار دينار وعجز سنوي متفاقم في الموازنة العامة!
أنا على يقين تام بأن مثل هذه الخطوة ستحقق وفرا سنويا بمئات الملايين من الدنانير بالامكان استغلالها لتنفيذ مشاريع تنموية وخدماتية تحرك الاقتصاد أولا وتسهم في توفير فرص وظيفية للشباب المؤهل والمدرب ثانيا، فهل من مستجيب وهل إلى من يأخذ بزمام المبادرة؟
الموضوع التالي