أردنيان عبرا الحدود الى فلسطين المحتلة، وقام جيش الاحتلال باعتقالهما والتحقيق معهما، ومن تحقيق الى آخر، ومن جلسة محكمة الى أخرى، بما يأخذنا الى احتمالات شتى.
حين عبر مستوطن إسرائيلي الى الأردن قبل أشهر، قيل إنه مريض نفسيا، وإنه مدمن مخدرات، وتم سجنه شهرين، وخرج بكل هدوء وعاد الى إسرائيل، رغم أن التسلل إذا تم منحه طابعا سياسيا، أو تلوينه بنوايا إرهابية لدى المستوطن، لما كان سيخرج، على ما هو مفترض، إلا إذا كانت الاتصالات لعبت دورا في التخفيف عنه، وإعادته الى إسرائيل.
اليوم إسرائيل ترى في ملف الأردنيين الاثنين، فرصة كبيرة لابتزاز الأردن، وهي فرصة قد لاحت، لن توفرها إسرائيل من أجل الانتقام من الأردن، وإيصال رسالة للرأي العام الأردني، مضمونها أن من يحاول الاقتراب من الحدود حتى لو كان تائها، فسيكون مصيرا خطيرا، هذا فوق أن إسرائيل ترى في استدعاء السفير وتسليمه رسالة احتجاج على منع السفارة الأردنية مقابلة الأردنيين الاثنين، ثم التحشيد الشعبي الذي وصل حد اقتراب مئات الآلاف من الحدود، وقرب سفارة الاحتلال في عمان، مناخا معاديا لها، سترد عليه عبر محاكمة سياسية للأردنيين الاثنين، وحكمها لفترات طويلة، ثأرا من كل ما مضى، إضافة الى ملف الأقصى، الذي تواجه فيه إسرائيل موقفا أردنيا رسميا، وشعبيا، يجعل الاثنين ضحية فواتير سياسية كبرى.
ماذا سيفعل الأردن، إذا لم يتم إطلاق سراح الأردنيين الاثنين، مصعب الدعجة وخليفة العنوز، خصوصا أن إسرائيل تدعي أن بحوزتهما سكاكين، وهذا يعني أنهما قيد الاتهام المسبق، بكونهما قدما من أجل تنفيذ عملية ضد الاحتلال، وهذا أمر غير مؤكد، ولا حتى قصة السكاكين مؤكدة، ونحن نعرف أن إسرائيل كانت تقتل أبرياء فلسطينيين وترمي الى جانبهم سكاكين من أجل الإيحاء أن من تم قتله، كان ينوي تنفيذ عملية ضد الاحتلال، وأن القتل كان دفاعا عن النفس، في هذه الحالة، وقدرة إسرائيل على تكييف الاتهامات، عالية جدا، في كل الأحوال.
هذا الملف سوف يخضع للابتزاز السياسي من جانب إسرائيل، إذ إن هناك حنقا إسرائيليا كبيرا على قضايا كثيرة داخل الأردن، سواء الشعبية أو الرسمية، وهنا فإن إسرائيل التي تدعي أن لديها قضاء، ستحاول منح القضية جانبا سياسيا، وتلونها بنوايا إرهابية وفقا لتعبيرهم، من أجل الثأر من الأردن على الخلفيات السابقة، أو حتى إخضاع الأردن، من أجل التوسل لإطلاق سراح الشابين، في هذه الحالة، وهو أمر غير معروف، حتى الآن، خصوصا أن الأردن أيضا، ورغم كل المطالبات بقطع العلاقات أو طرد السفير لم يتخذ هذه الخطوات، بذريعة التأني، والحسابات الدولية والإقليمية، وهي حسابات قد لا نرى جدواها في ملف الشابين المعتقلين، حين ينضمان الى عشرات الأردنيين المعتقلين على خلفيات متعددة لدى الاحتلال.
حكومة الخصاونة، وعلى لسان الوزير محمود الخرابشة، قال في تصريحات لإذاعة “حياة اف ام”: “إن الحكومة ستتخذ الإجراءات القانونية المتاحة كافة، للإفراج عن الأردنيين المعتقلين لدى سلطات الاحتلال، وهناك وسائل كثيرة ستلجأ لها الحكومة في حال استمرار اعتقالهما، والحكومة تبذل كل الجهود لتأمين عودة المعتقلين إلى ذويهما، وسلطات الاحتلال خرقت القانون الدولي، والأردنيان لم يقوما بأي عمل يضعهما في دائرة الاتهام”.
ماذا تنتظر الحكومة في هذه الحالة من أجل إطلاق سراح هؤلاء، هل ننتظر أن يتم حكمهما لسنوات، أم تقديمهما على أساس أنهما كانا ينويان تنفيذ عمل إرهابي وفقا للمفهوم الإسرائيلي، ولماذا لا تتحرك الحكومة من أجل تحريرهما، وهي التي رغم كل الذي جرى لم تتخذ أي إجراء بحق السفير الإسرائيلي في عمان، فيما كانت حكومة الاحتلال تعتدي يوميا على الأردن في ملف المسجد الأقصى، بما يمس الوصاية الأردنية على المقدسات.
هذا الملف، يجب أن لا يغيب، ولا يجوز جدولة الصبر فيه، وهو أولوية ننتظر تصرف الحكومة فيه، بطريقة صحيحة تعيد الشابين الأردنيين الى وطنهما وأهلهما.