مع إعلان الحكومة قبل أيام عن خططها، على مراحل، لفتح القطاعات بشكل كامل، تجددت الآمال الرسمية والشعبية بعودة الحياة إلى طبيعتها لما كانت قبل اندلاع المعركة الشرسة مع العدو المتحور باستمرار، كورونا، لكن النجاح في ذلك يتطلب الالتزام بجدية بتطبيق إجراءات الوقاية والسلامة العامة، وإلا فإن النتائج قد تكون عكسية، لا سمح الله، خصوصا مع بعض التوقعات العالمية بموجات جديدة من الوباء، وما يتبعه من ويلات على العباد والبلاد.
وهذا يتطلب في مجمله عدم التراخي، فكرا وممارسة من الجميع، سواء من قبل أجهزة الدولة في تطبيق الأنظمة والقانون، أو من قبل المواطنين والمقيمين من ناحية الالتزام بلبس الكمامة وإجراءات التباعد الاجتماعي، والأهم الإقبال أكثر وأكثر على التسجيل لتلقي المطعوم، ما سيسهم حقيقة في تعزيز المناعة المجتمعية، التي هي حجر الزاوية في معركتنا ضد وباء كورونا العنيد.
ومع كل ما تقدم، فإن الخطوة الأهم هي في جاهزيتنا جميعا لما تعنيه عودة الحياة إلى طبيعتها، لما كانت عليه قبل نحو عام ونصف.
وهذا يعني، مثالا وليس حصرا، أن على الحكومة وضع خطط لكل قطاع، لضمان عودة عجلة الحياة إليه كما كانت. لنأخذ مثلا قطاع السياحة، فلا بد أن تكون هناك استراتيجية متكاملة، والأهم واقعية تأخذ مختلف الاحتمالات في الحسبان، لضمان عودة السياحة لما كانت سابقا مع حلول الصيف في ذروته.
وهذا يتطلب جهدا حقيقيا من قبل الحكومة ممثلة بوزارة السياحة والآثار والقطاع الخاص من مطارات وشركات طيران وفنادق ومطاعم ومكاتب سياحية وتأجير سيارات وغيره، ليكون العمل على أساس الشراكة الحقيقية. ولعل مفهوم الخدمة المتكاملة هو أساس النجاح في ذلك.
أما من جانب المواطن، فلا بد، على سبيل المثال، وفعلا لا قولا، التخلي عن أو الاختصار في بعض العادات الاجتماعية التي قد تعيدنا إلى المربع الأول، خصوصا تلك المتعلقة بالتجمعات الكبيرة في المناسبات الاجتماعية، والاستعاضة عن ذلك بأعداد أقل من المشاركين وبكلفة أقل بعيدا عن البذخ والصرف غير المبرر، والأهم بالاعتماد أكثر على وسائل التواصل عن بعد. وكل هذا سيصب، بعيدا عن كورونا وشرورها، في ضبط الإنفاق على مستوى الأفراد، وما يتبعه من تعميم لسلوك اجتماعي حميد.
لعل من أهم الدروس التي نتعلمها من حربنا مع كورونا أن العدو قد يتسلل خفية، والأهم أنه قد يكون لديه القدرة على التحور، والضرب من جديد. وهذا يعلمنا أن الحذر واجب، والأكثر أهمية الاستعداد للتعامل مع مختلف السيناريوهات لما فيه مصلحة أنفسنا ووطننا وأجيالنا المقبلة.
عودة الحياة إلى طبيعتها في أيدينا، لكن علينا العمل فريقا واحدا لتحقيق ذلك. فخسائر حربنا البشرية ضد كورونا، كانت وما تزال وخيمة وفوق التوقعات، من ملايين في الأرواح وتريليونات في الأموال. وعليه، فلا يجب أن تمر هذه الفترة من تاريخنا دون تعديل حقيقي في سلوكنا نحو الأفضل، عبر التعلم من أخطائنا.
ولنتذكر أن النجاح، كما يقول الأديب والمسرحي الإيرلندي الشهير جورج برناردشو، “ليس في عدم ارتكاب الخطأ، بل في عدم تكراره مرة أخرى”. ليكن هذا نهجنا.