خالد خازر الخريشا*
يحرص الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني على تحقيق العدالة والمساواة من خلال حماية حقوق المواطنين وتطبيق القانون على الجميع بمنتهى الحزم والشفافية وبدون أي تهاون أو محاباة فلقد أكد جلالته أن سيادة القانون هي المظلة التي تحمي مسيرة الديمقراطية والإصلاح في الأردن وعنصر أساسي لإحداث التنمية والتطوير ومن هذا المنطلق، أولى جلالته محاربة الواسطة والمحسوبية والفساد بأشكالها كافة أولوية خاصة، داعياً جميع مؤسسات الدولة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة للقضاء على هذه الظواهر .
وتناول جلالته في الورقة النقاشية السادسة موضوع سيادة القانون كأساس للدولة المدنية، وقال “إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية .
يعرف الفقهاء سيادة القانون على انه اصل من الأصول الدستورية ويترتب عليه انه لا يمكن للسلطات العامة القائمة في بلد ما أن تمارس سلطتها إلا وفق قوانين مكتوبة صادرة وفق الإجراءات الدستورية المتفقة مع الدستور أو القانون الأساسي في بلد معين والهدف تحقيق الحماية ضد الأحكام التعسفية في الحالات الفردية .
وهناك فريق آخر من الفقهاء يعرف سيادة القانون على أنها وسيلة ممارسة السلطة أو السيادة طبقا لممارسات مجتمع معين على أن يكون هناك هيئة معينة تلزم تنفيذ القوانين التي يتعارف عليها المجتمع وبصورة اشمل سيادة القانون هو إطار للحكم يعتمد على التطبيق المنسق والمتجانس للقواعد القانونية باختصار سيادة القانون تعني تنظيم السلوك البشري وتدعيم الحقوق وحل المنازعات ومعالجة المشاكل الاجتماعية .
وتستند سيادة القانون إلى ثلاثة مبادئ ديمقراطية رئيسية هي: قوة القانون والمعاملة المتساوية أمام القانون , والامتناع عن التنفيذ الجزئي للقانون , وهذه الخصائص هي التي أدت إلى أن يكون سيادة القانون جزا لا يتجزأ من النظام الديمقراطي .
وكما قال احد الشخصيات الوطنية أن سيادة القانون هي الأساس الذي يجب أن يطبق للحفاظ على النظام العام واحترام هيبة الدولة وإن حل الخلافات التي تصدر من المؤسسات يجب أن تكون ضمن إطار العمل المؤسسي، فعندما نسعى إلى تطبيق توجيهات جلالة الملك بالإصلاح السياسي، فإنه لابد من احترام مبدأ سيادة القانون والرأي الآخر.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حدث في مجلس النواب مؤخرا كان يجب ان يحل داخل المؤسسة التشريعية وهو مجلس الشعب ولا يأخذ منحنى أبعد من ذلك وتحترم القرارات التي اتخذها المجلس دون تدخلات من هنا وهناك ولكن عبر نفس المؤسسه فقرار اتخذه مجلس النواب، معالجته يجب تكون ضمن إطار المؤسسة التشريعية، لكن أن يتم تصعيد الأمر بهذه الطريقة فهذا أمر مستهجن ، لان هيبة الدولة لابد أن تكون في مقدمة الاعتبارات الأخرى، كما لابد من العمل على رأب الصدع فهو الأساس في الوقت الحالي .
إن الأردن يعاني من ملفات صعبة وهامة على المستويين الدولي الخارجي ، والشأن الداخلي فهذا العدو الصهيوني يتربص بنا وهذا الملف الاقتصادي ومؤشرات الفقر والبطالة بالعلالي وهناك ملف تداعيات كورونا واثارها الاقتصادية القاتلة على جميع القطاعات دون استثناء عداك على ان الاردن يتعرض دائماً لمؤامرات دولية واقليمية، لكنه كان يتجاوزها دائماً من خلال وحدة الصف الأردني والالتفاف خلف جلالة الملك، وعليه من الواجب أن نتجاوز هذه المسائل ومفهوم سيادة القانون يجب أن يُطبق ، وهيبة الدولة يجب أن تُحترم، وأن منظومة القانون يجب أن تكون سائدة في هذا الإتجاه وضرورة حل الخلافات جميعها، وإن كانت حول العمل المؤسسي فلا بد من حلها من خلال المؤسسات الدستورية.
وحل المسائل المتعلقة في هذا الإطار وفق منظومة الأمن الوطني، لكن نؤكد أن إنفاذ القانون هو الذي يجب أن يكون في النهاية، مشير، أن الأردن استطاع تجاوز المشاكل الأكبر من هذه بسهولة، فلابد من التركيز على تقريب وجهات النظر وليس توسيع هوة الخلاف، ففي النهاية لا يوجد مسالة لا يمكن حلها وعلى الجميع أن يعي أننا بحاجة إلى توحيد الصف الوطني خاصة في مثل هذه الظروف، التي نتعرض من خلالها لضغوط وبائية واقتصادية وتآمر على منظومة الأمن والاستقرار الوطني.
وكما قال احد الكتاب لا يمكن أن ينسلخ مفهوم هيبة الدولة عن سيادة القانون وتطبيقه على كافّة فئات المجتمع، ونحن إذ نتعرّض للحديث عن هيبة الدولة؛ فإننا نعنى وجودها الدال على قدرة مؤسساتها في ترسيخ الإيمان بها والامتثال لقوانينها والرّضوخ لما تمليه وطاعة تلك الهيبة بشقيّها الظاهري والجوهري، فالظاهري ينعكس في ردود أفعال المواطنين على مختلف القضايا أياً كان نوعها سيما أننا بتنا نلحظ في الآونة الأخيرة السخرية والتهكم التي تضج بها منصات التواصل الاجتماعي بعد كل قرار تتخذه الحكومة، وهنا وجب أن لا نخلط بين الدولة الأرض والكيان وبين الحكومة، وإنما نشير إلى الحكومة كونها أداة الدولة لرسم الخطط وتنفيذ القانون، أما عن الشق الجوهري، فهو مفهوم عميق يتلخّص في عمق العلاقة بين المواطن والدولة وتحقّق مفهوميّ الولاء والانتماء للدولة، حيث لا يمكن تحقيق الانتماء والولاء إلاّ حين يشعر المواطن بقيمة العدالة وتكافؤ الفرص وتوفّر المساواة، وحينما تتجسّد هذه المبادئ في الدولة نكون قد أرسينا ساعتها قواعد سيادة القانون، ومنه يترسّخ جوهر مفهوم هيبة الدولة .