قبل يومين تسربت معلومات حول لجنة للإصلاح تضم بين سبعين وثمانين شخصية، سوف يتم الإعلان عنها برئاسة طاهر المصري رئيس الوزراء الأسبق، الذي كان بالمناسبة رئيسا للجنة حوار وطني تم اطلاقها العام 2011 في عز عاصفة الربيع العربي التي هبت علينا.
سألت المصري عن دقة هذه المعلومات، فقال انه يفترض ان يكون اول من يتم إبلاغه برئاسة مثل هذه اللجنة، التي ستدرس سيناريوهات الإصلاح السياسي في الأردن، على مستويات مختلفة، وليس آخر من يعلم، وزاد انه لم يتم إبلاغه برئاسته للجنة، على الأقل حتى ساعة كتابة هذه السطور، بما يعني ان المصري قد يكون رئيسا وقد لا يكون.
في الوقت ذاته خاض فيصل الفايز رئيس مجلس الاعيان، حوارات مفتوحة مع كل القطاعات السياسية والإعلامية والاجتماعية في الأردن، على مدى أسابيع ومن المفترض ان يُصدر تقريرا يرفعه الى الملك حول نتائج هذه الحوارات، وهي حوارات ربما اثارت تحسس الحكومة، التي تتفرج على حوارات بمعزل عنها، قد تؤدي الى نتائج مختلفة على مستوى التشريعات والقوانين والإصلاح السياسي، وهو امر لافت حقا للانتباه، حين تكون الحكومة خارج هذه القصة، وتسمع عنها، مثل غيرها، من الاعلام، ومن الذين شاركوا بهذه اللقاءات، التي لا يمكن ان تكون دون ضوء اخضر من الديوان الملكي، حتى لو ظن البعض انها اجتهاد شخصي وفردي من جانب رئيس مجلس الاعيان.
في المعلومات ان الملك التقى أربعة رؤساء حكومات يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر أيار (مايو) الماضي، واستمر اللقاء لمدة ساعة وربع ساعة، وحضره طاهر المصري، سمير الرفاعي، عبدالرؤوف الروابدة، وهاني الملقي، في المكاتب الملكية في الحسينية، واللقاء أيضا تناول ملفات عدة، من بينها ملف الإصلاح السياسي، وقضايا داخلية مختلفة، كلها تركز على ملف الإصلاحات المفترضة، واستمع الحضور للملك، وأنصت لوجهات نظرهم.
وسط هذه التقاطعات يتم فض الدورة البرلمانية الحالية، اعتبارا من يوم الخميس المقبل، والتحليلات تتحدث عن تحركات متعددة سوف نسمع عنها داخل الأردن، وربما يذهب البعض للكلام عن وضع الحكومة، بقائها او تعديلها، إضافة الى قصة لجنة الإصلاح، وغير ذلك، خصوصا، ان الأشهر الستة الماضية، كانت قاسية وصعبة على الأردن، على كل المستويات، بما يثبت حاجة الأردن الى إعادة هندسة لخريطته الداخلية، كون كلفة السكوت امام ما يجري، سيعبر عن سوء تقدير للحظة، وتهاون بشأن الكلفة بشأن ملفات كثيرة.
اذا تم الإعلان عن اللجنة، وفقا لما يتسرب، وتم تكليف أي شخص برئاستها، فإن الأهم الإجابة على التساؤلات حول السبب الذي يدفعنا أساسا لتشكيل لجنة، وفي حقائب ظهورنا، نتائج قديمة للميثاق الوطني، الاجندة الوطنية، لجنة الحوار الوطني، إضافة الى مئات جولات الحوار الحكومي، والبرلماني، والحزبي، وكأننا نريد استبصار غيب ما نعرفه أساسا.
الإصلاح بحاجة الى قرار، وليس الى لجنة، وهذا ما يجب ان يقال اليوم، بشكل صريح وواضح ومباشر، حتى لا ندخل الآن في معركة التشريف بشأن من يدخل عضوا في اللجنة او لا يدخل عضوا، وحتى لا ندخل في معركة شراء الوقت من جديد، لإرسال رسائل للداخل الأردني، والخارج، أيضا، وقد كان ممكنا اختصار كل هذا، عند توفر النية، بالإصلاح السياسي، وامتلاك الجرأة على الإصلاح، وتجاوز المخاوف والمحاذير من كلفته.
لا بد ان يقال أيضا ان ردود الفعل الشعبية على تشكيل لجنة، غير مشجعة، بعد ان خبر الأردنيون لجانا شبيهة، دون نتائج على ارض الواقع، هذا فوق الكلام عن أعضاء اللجنة، وما يمثلونه حقا، وهل سيلعبون دورا في التغيير الإيجابي، ام انهم سوف يشاركون فقط في مشهد متكرر دون نتيجة فعلية، بما يقودنا الى أهمية إعادة التذكير ان الوضع حساس في الأردن، وهو بحاجة الى معالجة من نوع مختلف، بدلا من الطريقة التقليدية التي تفترض أساسا ان لدينا وقتا كافيا، نمارس فيه التنظير على بعضنا البعض، ونتراشق بوصفات الحلول، والأدوية، ونتورط كلنا، بذات لعبة شراء الوقت، وجدولة الازمات.
ليس مهما من هو رئيس اللجنة، اذا ثبتت قصتها، وما هو اهم، طبيعة أعضاء اللجنة، وهل سيؤخذ بتوصياتهم، ام انها سوف تلتحق بمدفن كل اللجان السابقة، والشبيهة.