كما يبدو لم تذعن الاونروا لدعوات تل ابيب وواشنطن بتفكيكها، فقد صدر قرار اممي تاريخي عن الامم المتحدة بالتجديد لها لثلاث سنوات قادمة.. خطوة طيبة حقا تؤكد استقلالية هذه المؤسسة الإنسانية الدولية، ونتمنى لها دوام هذه الشجاعة والجرأة والاستقلالية. في السنوات الأخيرة وحتى الآن لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لحظة مطالبته بتفكيك وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي أسست العام 1949 بعد عام واحد من النكبة الفلسطينية…
ولطالما استغاث نتانياهو بواشنطن لمساعدته في تفكيك «الأونروا» خلال لقائه سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أثناء زيارتها لتل أبيب مؤخرا.. وذكر نتانياهو في لقاء مع وزرائه أنه شكر السفيرة نيكي باسمهم جميعا على تصريحاتها الحازمة المؤيدة لإسرائيل.. قائلا لها: لقد آن الأوان للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل الأونروا التي تُخلد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من حلها، وقد حان الوقت لتفكيك الأونروا وأشعر أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يطول أمدها وتمارس مؤسساتها التحريض ضد إسرائيل ودعم الإرهاب..! وانضم الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب إلى جوقة نتانياهو في مطالبته بحل «الاونروا» مخالفا جميع الرؤساء الاميركيين السابقين الذين اعتبروا طرح مثل هذه القضية من المحرمات في السياسة الأميركية والعالمية.. وللتذكير..
الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده رفض وبكل قوته حل واضعاف الاونروا بشكل خاص وقضية اللاجئين بشكل عام كما مارس ويمارس كافة أشكال النضال حتى تحقيق العودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.. كمتابع للشأن الفلسطيني ارى ان الصراع بين تل أبيب ومعها واشنطن ضد الفلسطينيين و«الاونروا» ومن ورائها الامم المتحدة سيتواصل والهدف تمويت قضية اللاجئين الفلسطينيين والتي ما تزال ومنذ أكثر من 70 عاما قائمة وحية..!(الرأي)
كتاب واراء
قرار تاريخي ..
هل سينتقم الإيرانيون لسليماني؟!
تقتل الولايات المتحدة الأميركية، قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، ومسؤول العمليات الإيرانية السرية الخارجية، في عملية مباغتة، لم يتوقعها احد.
كل التحليلات تتحدث الآن عن احتمال انفجار المواجهة بين ايران والولايات المتحدة، خصوصا، ان واشنطن نفذت عمليات سابقة أيضا، ضد اهداف على صلة بإيران، وفي الوقت ذاته انهمرت التصريحات الإيرانية والعراقية التي تهدد بانتقام كبير من الولايات المتحدة، وهذا يعني مبدئيا ان ساحة ردود الفعل ستنحصر في العراق أولا، ثم ساحات أخرى، فكل الساحات محتملة، إلا أن العراق يأتي في طليعتها.
بعيدا عن هذا الضجيج، قد لا تقوم ايران برد فعل واسع، خصوصا في ظل العقوبات وتعقيدات الملف النووي، والحسابات في العراق وسورية ولبنان واليمن، وقد تعمد عبر جماعات تابعة لها الى تنفيذ عملية نوعية محدودة مثل اغتيال سفير أميركي في أي ساحة ضعيفة، او تنفيذ عملية هجوم على موقع عسكري أميركي، او سفينة عسكرية أميركية، لكنها لن تلجأ الى رد فعل مفتوح واسع، قد يؤدي الى انفجار المواجهة بشكل مفتوح.
واشنطن وبالتنسيق مع الإسرائيليين نفذت عشرات العمليات سابقا في سورية والعراق، وفي ايران ذاتها، وهذه العمليات تم تنفيذها ضد قواعد عسكرية إيرانية او لجماعات تابعة لها، وشحنات سلاح، ومخازن ذخيرة، وضد قياديين على صلة بإيران، ولم تقم إيران بالمقابل برد فعل مفتوح، بل قامت باستيعاب الضربات، ومواصلة برنامجها التقليدي.
وجود شخصية معروفة ومؤثرة هذه المرة مثل قاسم سليماني، يضغط على عصب طهران للرد، وهو ضغط سيتم كبحه ووضع حدود له من داخل طهران لأن هناك حسابات إيرانية معقدة لا تريد في هذا التوقيت الدخول في معركة كبرى، قد تتمدد إقليميا دون سقوف.
عملية اغتيال سليماني، أخطر بكثير من عملية اغتيال أسامة بن لادن، وابي بكر البغدادي، والسبب بسيط، اذ ان سليماني يتبع دولة لها مشروعها، ويتحرك في دول تابعة لهذه الدولة، فيما ابن لادن والبغدادي كانا يتزعمان تنظيمات، والسبب الثاني أن اغتيال سليماني فيه اختبار لقدرة دولته الحاضنة على الانتقام، على عكس اتباع بن لادن والبغدادي، فوق أن رسالة الاغتيال كانت ضد مشروع إقليمي، وليس ضد شخص او جماعة.
على عكس ما يتوقع كثيرون، اعتقد ان قدرة طهران على توفير بديل لسليماني، قدرة قائمة، لأن كثرة الكلام عن قدرات سليماني، لا يلغي قدرة الإيرانيين على توفير بديل يعمل بذات الطريقة، خصوصا، ان هناك مؤسسة كاملة تعمل على ذات خطة سليماني، وربما يكون بديل سليماني، اكثر خطورة منه، وفقا لحسابات الولايات المتحدة.
التحول الأخطر يرتبط هنا بالوضع الداخلي العراقي، ويمكن القول ان العراق ينزلق اليوم الى منحنى أسوأ، على صعيد مشاكله الداخلية، وانشطار بنيته الاجتماعية والمذهبية في ظل مظاهرات ضد النظام الرسمي، ونحن امام مرحلة سيشهد فيها العراق تدهورا امنيا كبيرا، على صعيد العمليات العسكرية ضد المصالح الأميركية، ورد الفعل الأميركي، وفقا لتهديد الجماعات الشيعية في العراق خصوصا بعد العمليات ضد الحشد الشعبي وبقية الجماعات، وفي الوقت ذاته ستتعمد ايران ان يأتي ردها المحدود عبر اكثر من ساحة ضد الولايات المتحدة، دون ان ينفلت رد الفعل بشكل يؤدي الى معركة كبرى .
في كل الحالات يبدو واضحا ان الولايات المتحدة اختارت العراق من اجل التصعيد ضد الإيرانيين، فيما الجانب الإيراني لديه ازماته الداخلية، وقد لا تقبل كل القوى العراقية ان يتحول العراق الى ساحة قتال بين الاميركيين والإيرانيين، وهذا عنصر يتوجب التنبه له، خصوصا، ان هناك قوى سياسية وشعبية عراقية ضد الوجود الإيراني، ولن تقبل أيضا ان يدفع العراق كلفة المشروع الإيراني، فوق ما في العراق من أزمات.
المبالغة بنتائج اغتيال قاسم سليماني، مبالغة متوقعة، لكن على الاغلب سوف تثبت الأيام، ان لا احد يريد ان تنفلت المواجهة وتصبح بلا قواعد او حدود، خصوصا ان سياسة كل الأطراف ما تزال تسعى الى صفقة بينها بعد كل هذه الضربات.
آخر القلاع
قال فريق بحثي مكون من باحثين من غوغل هيلث وإمبيريال كوليج أنهم تمكنوا من تصميم نموذج حاسوبي وتدريبه على قراءة صور الماموغرام التي تستخدم في الكشف عن أورام الثدي، وأن بإمكان هذا النموذج تشخيص أورام الثدي بدقة تفوق دقة المختصين في هذا المجال من خلال ما يعرف بالذكاء الاصطناعي.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها باحثون عن إمكانية تدريب الحاسوب واستخدامه في تشخيص بعض الأمراض لكن هذه الدراسة تمتاز بالعدد الضخم للمشاركين في البحث من خلال 29 ألف سيدة وكونها نشرت في مجلة نيتشر الشهيرة.
لقد أصبحت القدرات الواعدة التي يوفرها علم الذكاء الاصطناعي وتطويرها في الرعاية الصحية من المسلمات التي لا يشكك فيها أحد، فهي تتيح فرصا نادرة يمكن استغلالها بدءًا من التشخيص وتفسير النتائج المخبرية وتحديد المواعيد وصولاً الى إيجاد علاجات موجهة لبعض الأمراض المستعصية.
يتمحور هذا العلم والذي يعتبر أحد فروع علم البيانات حول تزويد الآلة بالجوانب الإدراكية المحاكية لطبيعة البشر، ما يعني قدرته على التفكير والتوصية باتخاذ قرارات استنادا الى ذلك التفكير، بالإضافة لإمكانية التنبؤ بالنتائج وقدرته على التطور والتعلم المستمر.
ما زال مجال هذا العلم حتى الآن ينحصر في مساعدة البشر وتعزيز قدراتهم على اتخاذ القرارات الا أن هناك أدلة متزايدة على أنه يتطور بتسارع مذهل قد يؤهله للحلول مكان البشر في القريب العاجل.
كثيرا ما يغفل البشر خلال سعيهم الدؤوب نحو التطور والابتكار أنه قد يكون في بعض ما يسعون إليه تحجيم لدورهم على هذا الكوكب من خلال فقدانهم للعديد من فرص العمل لصالح الآلة، لكن في نفس الوقت فهم مدعوون للتعامل مع هذه الابتكارات بذكاء وحكمة وبالتالي تطويعها من أجل راحتهم ورفاهيتهم, ولن يكون تحقيق ذلك ممكنا دون اعادة الاعتبار لأنسنة الطب وتحسين التواصل البشري الذي بدأنا نفقده فهذه وحدها التي لا يمكن للآلة ان تنافسنا فيها.
كنا نعتقد أن الطب هو آخر القلاع التي سيحافظ البشر على تفوقهم فيها وعلى تطويع الآلة لخدمتهم دون أن تتجاوز حدودها بالانقلاب عليهم وازاحتهم، لكن كم كنا مخطئين.
مقتل سليماني وساحات الرد
لطمة قاسية تلقتها إيران أمس تمثلت في نجاح الولايات المتحدة باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الرجل القوي في نظام الملالي. لطمة قاسية أدخلت الإيرانيين في حالة صدمة وحزن شديدين.
سليماني لم يكن مجرد عسكري برتبة كبيرة، فالهالة الإعلامية التي رافقت مسيرته خلال العقدين الأخيرين، والعبقرية التي صيغت بها أخباره، صنعت منه شخصية أسطورية، أو جنديا ينفذ أوامر الرب بلا تردد، ما جعل منه نموذجا ملهما، ليس للإيرانيين فحسب، بل لكثيرين من شباب دول المنطقة.
في حالة كهذه، يبدو النظام الإيراني واقعا في حرج كبير بسبب هذه الخسارة الجسيمة التي تعرض، خصوصا أن المواجهة الممتدة مع الولايات المتحدة لم تمنح واشنطن مثل هذا النجاح من قبل.
إيران اليوم، وأكثر من أي مناسبة أخرى، تشعر أنها مطالبة بالرد على هذه اللطمة، وبالتأكيد هي تعي أن المطلوب ليس ردا سياسيا أو دبلوماسيا، بل رد عسكري تستطيع من خلاله أن تستعيد هيبتها.
تمتلك طهران طريقين للرد، الأول من خلالها مباشرة، وذلك من باستهداف قوات أو مصالح أميركية، تستطيع من خلاله إيلام الولايات المتحدة، خصوصا استهداف الجيوش الأميركية المنتشرة في دول المنطقة. غير أن ذلك يمثل مجازفة كبيرة بوضعها نفسها هدفا مباشرا للانتقام الأميركي، ولرد قد لا يكون في حسبانها، خصوصا إذا كانت الضربات مؤثرة فعلا، ما قد لا يترك للإدارة الأميركية أي فرصة للتغاضي عنها أو تجاوزها.
لعل الطريقة الأكثر سلامة، هو الرد من خلال الوكلاء المنتشرين في لبنان وسورية واليمن، والعراق خصوصا الذي يبدو أنه الساحة المفضلة للعمل الإيراني. في هذه الحالة، سيبدو الرد استمرارا لأسلوب الاستنزاف الذي انتهجته ضد الولايات المتحدة منذ احتلالها للعراق، واستيلاء طهران تدريجيا على القرار فيه.
الإدارة الأميركية، بدورها، تمتلك فهما لطبيعة التمدد الإيراني في دول المنطقة، كما أنها تعلم أن ساحات الرد مفتوحة لدى طهران، ولكنها بالتأكيد تركن إلى تفوق عسكري هائل على إيران، وتدرك أن طهران لن تدخل في مغامرة مصيرية من خلال مواجهة مفتوحة معها، ما يهدد نظامها السياسي برمته.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يعلم أنه حقق نجاحا كبيرا بتصفيته قاسم سليماني، وهو نجاح كان في أشد الحاجة إليه في الوقت الراهن الذي تبدو فيه إدارته في أكثر أوقاتها ضعفا. لذلك فهو لا يلتفت كثيرا إلى الضجة التي يثيرها الديمقراطيون باتهامه بأنه لم يأخذ تفويضا من الكونغرس على الهجوم، فهو يعلم أن شن الحرب هو ما يتطلب تفويضا، وأن ما قامت به قواته هو توجيه ضربة محددة بمكان وهدف، لذلك يعلم أن الديمقراطيين يشنون حربا إعلامية لا يمكن أن يفوزوا بها، ما يمنحه مزيدا من القوة في مواجهة أي خطوة إيرانية مقبلة.
يبدو من شبه المؤكد أن الإيرانيين سيردون، ونتوقع أن تكون المنطقة مقبلة على صراع جديد، ومواجهات متجددة، سواء مباشرة أو بالوكالة، وهي جميعها ترشح المنطقة لشتاء ساخن يدخل فيه كل شيء على خط المواجهة، بدءا بالنفط الذي بدأت أسعاره بالارتفاع، وليس انتهاء بمزيد من التعقيدات الاقتصادية.. أو بالإنسان الذي سيكون وقودا رئيسيا لهذه المواجهات.
حرّاس الأنظمة والمال
الدكتور عديل الشرمان
لقد تسلل حرّاس الأنظمة والمال وأعوانهم في بلاد العرب إلى مواقع السلطة عبر منافذ وثغرات قانونية وتعليمات صيغت بنودها، وفصلت موادها على مقاساتهم ليلبسونها أو يلبسونها لغيرهم ممن اتبعوا أمرهم وأهواءهم ومصالحهم، وممن يحرسون أموالهم، فأصبحت السنتهم حداد، وتنمروا على غيرهم، وباتوا يتحكمون بمفاصل الدولة بأسلوب خفي حييّ أحيانا، وعلني وقح أحيانا اخرى، يرفعون المجرور والمطروح، وينصّبون الفاعل الجاني، وراح أخوة الجهالة في الشقاوة بتنعمون، وعلى اوجاع غيرهم يتلذذون، وهم لجهالتهم جاهلون، وبدلا من أن يكونوا وأمثالهم ممن شربوا حتى الثمالة من الماء الآسن، وارتووا بالهمالة، وتمادوا في سرقة الاوطان، فبدلا من أن يكونوا خلف القضبان قابعين، صار لهم شأن في المجالس، وتقدموا الصفوف في حقبة غابرة من هذا الزمان .
حرّاس الأنظمة والمال مأسسوا الفساد، واشتروا ذمم حفنة من المتملقين وولاءاتهم ووقعوا معهم عقود الاذعان والخذلان، والذل والمهانة، تلك الحفنة التي هانت عليهم أنفسهم، وابتلعوا كبرياءهم، فساهموا في صعود من يحرسون أيما صعود، ومع هذه الحال صار حراس الأنظمة والمال واصحاب النفوذ والسلطة على استعداد تام، ومتأهبين للقتال بشراسة من اجل الاستمرار في الصعود، ولا يهمهم كيف يصعدون وأية رقاب يدوسون، يصعدون وعن افعالهم غير نادمين، ويرفضون النزول، ولا يؤمنون بقانون الجاذبية السياسية إلا أن يجذبهم الموت، فيصبح هؤلاء المارقون في مزبلة التاريخ غارقين لأنهم أسقطوا أوطانهم ومصالح المواطنين من حساباتهم فأسقطتهم الاوطان، وأصبحوا في عيون وأذهان الشعوب وسجلات التاريخ من الغابرين.
حرّاس الانظمة والمال والمتنفذين لاعبون مراوغون تسللوا من خلف الصفوف إلى مواقع السلطة بغير حق، تغاضى عنهم الحكام والمراقبون، والاجهزة المعنية بمكافحة الفساد ومراقبو الخطوط، فاستحق الكثيرون غيرهم ضربات حرة إلا أنهم حرموا منها زورا وظلما وبهتانا حتى باتت الهزيمة تلاحق خصومهم في كل ساحات العمل، وأنزلوهم تحت وطأة الظلم والجور إلى مواطنين من الدرجة الثانية، ثم تم تغييبهم عن ساحات العمل قسرا وبشكل نهائي.
حرّاس الأنظمة والمال والمتنفذون هم نتاج لأنظمة حاكمة مستبدة مشلولة الإرادة، وسياسات ظالمة أنتجت عجزا عربيا، واضعفت من قيم المواطنة والانتماء لدى الشعوب، وتسببت في ظهور أنظمة اقطاعية وعائلية بلغت من الطغيان والفساد علوا كبيرا، وسيطرت على المال ووسعت من دائرة الفقر والتهميش، حتى اذا ما طلب المستضعفون والفقراء منهم ونادوهم أن أفيضوا علينا من المال، ومما رزقكم الله، قالوا إنها محرمة عليكم، إلا قليلا مما منّت به أنفسهم رياء وأذى وتساخيا.
حراس الأنظمة والمال أنتجوا أوضاعا أكثر بؤسا، وفاقموا من حالة الكبت والاحتقان لدى شريحة كبيرة من المواطنين ممن باتوا يدعون الله أن يحبط أعمالهم، وأن يحيط بأموالهم، وأن تصبح ممتلكاتهم خاوية على عروشها، وأن يصبح ماؤهم غورا لا يستطيعون له طلبا.
دفع حراس الأنظمة والمال والفساد بالعلماء والمفكرين إلى الصفوف الخلفية المنسية، ولأجلهم وجدنا عظماء يبيتون في السجون، والجبناء الفاسدون تائهون في المجون، وعلماء أضحت اقامتهم جبرية في البيوت، وجهلة في القصور يلعبون ويرتعون، وفي متاع الدنيا الملعون يتيهون ويسبحون، وأعداء الأمة على الاسوار يرقبون ويتربصون، يدسون لنا السم ويؤججون الانقسامات، ويغذون الفساد، ويدفعون بحراس المال والأنظمة الفاسدة إلى مواقع السلطة.
أعتقد وأرجو الله أن لا يكون اعتقادي خاطئا أن ثمة بوادر توحي بالأمل والتفاؤل، وأظن وكلي أمل بأن ظني ليس آثما أن القادم يحمل تباشير الخير ولو بعد حين، وهناك زوال يلوح في الافق البعيد، وأرجو أن لا تخونني عيناي، ما يؤشر إلى بزوغ فجر جديد، فكل شيء سيء إلى زوال، فالأمة العربية في هذا الوقت تئن عطشى اكثر من أي وقت مضى لبدائل للحالة الراهنة حيث الممارسات السيئة السلبية والانظمة الغافلة الغارقة، أمة العرب تمرض ولا تموت، تغفو حينا وتصحو حينا آخر، ولا بد ليلها أن ينجلي، وتلك ليست بأحلام أو تمنيات فتاريخ الأمة وخلاصة تجارب الشعوب التي مرت بمثل ظروفها خير شاهد.
بين حمر الطرابيش وسود العمائم حنا عرب
الدكتور علي فواز العدوان
غياب القوة العربية واسقاط العرب من دول الفعل والتأثير بمحض ارادتهم وانكفائهم على مشاكلهم الداخلية والعربية واقتصار دول الفعل بالمنطقة على ايران وتركيا واسرائيل ، واسقاط حتى ملف الاسلام السياسي منذ عام 2013 من ايدي قطر وتحويله الى تركيا التي ننظر الى خبرتها على الاقل في حلول عملية لتصريف مياه الامطار من الشوارع العربية ،
تتطلع تركيا لتصبح مركزًا لتوزيع الغاز إلى أوروبا في السنوات المقبلة يجعل لها مكانة استراتيجية وامنية مهمة لدى الشركات الكبرى العابرة للحدود ، ويقوي من مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية هذا الامر سيوقع المنطقة تحت سندان العصملي الذي ذهب بخيرة مهندسي واطباء وفناني ومقاتلي العربان قبل ما يربو على خمس قرون.
“وصحونا على ذات الرصاصة “مكتشفين ان من يتقن القراءة والكتابة في البلدة او القرية لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة حتى ان بعض الرسائل كانت تدفع الى مدن اخرى ليتمكن المرسل الية من قراءتها اننا متسامحون وذاكرتنا اصابها العطب .
الشركات الأمريكية وعلى رأسها “ناشيونال ستاندر فايننس” تستثمر 20 مليار دولار في تركيا وستزيد قيمة الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة بناء على النجاحات التي ستتحقق تركيا ، لا تتصارع مع مصر على الدور الاستراتيجي المركزي في نقل الغاز او حجز لبييا كمنطقة نفوذ بمباركة امريكية كالعادة فحسب، بل ستطال كافة المشاريع ومراكز المال بالخليج وربما تكون الناقل للحجاج وتأمين النفط معا ،وكذلك فإن نشاط تركيا شرقي البحر المتوسّط يخلق من المنطقة ساحة مفتوحةٍ على معارك بالتصعيد الميداني والتهديدات العسكرية الوضع الميداني الحالي لشرق البحر الابيض المتوسط وقد برزت أهميته المُتزايدة عقب اكتشاف الكميات الضخمة من الغاز مؤخرا.
وبلغت كميات الغاز حسب تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية عام 2010 ( 340 )تريليون قدم مكعب، و دخلت هذه المنطقة منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي في سلسله من الاكتشافات المتتالية لعدد من حقول الغاز، جعلتها تصل إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز، وتحتل مكانة تصديرية وتصنيعية مهمة على عالميا .
ليس لدينا أمنيات
بفلم : حازم الخالدي
لم يعد لدينا أمنيات ولم يعد لدينا أحلام ولم يعد لدينا تطلعات .
مع بداية كل عام جديد تزدحم الكلمات بالأمنيات التي غالبا ما تتكرر في عالمنا العربي،وهي قبل أن تكون أمنيات هي حاجات نفتقدها في حياتنا،هي ذات الكلمات والعبارات التي تتردد،..أمنياتنا ورغباتنا التي نعيدها في كل عام ..أكثر كلمة تتردد السلام دون ان نعرفه أو نلمسه ، السلام الذي هو بعيد المنال عنا،سلام لم نعرفه منذ أكثر من قرن .
تأتي السنة لتذكرنا بمعاناتنا ومآسينا ومشاكلنا ، أي رغبات وأي امنيات ومجتمعاتنا تعيش الفقر الذي يتزايد مع كل عام،والبطالة التي تتسع بشكل ينذر بأخطار وأبعاد اجتماعية،..والفساد الذي تعددت مجالاته وأنواعه ومنافذه الخطيرة التي تصيب المجتمع بآفات لن نستطيع حصرها.
مع هذا الوضع الذي نعيشه لن تتوقف الكلمات والمعاني التي ترتبط بمعاناتنا ، فلم يعد لدينا أمنيات لا على الصعيد الفردي أو على المستوى المحلي أو العربي ،حتى القضية الفلسطينية أساس الصراع في المنطقة غابت عن الأمنيات ، بعد أن طوتها مشاريع الاستسلام والتردي والتصفية ولم تعد تذكر في المنابر الدولية.
في عالمنا العربي المتخم بالمشاكل تصبح الأمنيات ضربًا من المستحيل ،لانها لن تتحقق على أرض الواقع،فيما المجتمعات الغربية التي وصلت الى مرحلة متقدمة في توفير كل المتطلبات والاحتياجات تتمنى أن تحصل على المزيد من الرغبات والمكتسبات التي تزيد من نسبة الرفاهية ، فالامتياز التي يحملها الشعب الألماني في العام الجديد تعكس المستوى العالي من الرفاهية ، فرغبة الشعب في ٢٠٢٠ أن يقضي وقتًا أقل على الإنترنت ، ويرغب بالمزيد من الاسترخاء ويتمتع بصحة جيدة،وهي أمنيات تظهر مدى اتساع الفجوة بيننا وبينهم حتى في الأمنيات
ليس لنا الا أن نتمنى مهما اختلطت الأمنيات ومهما تباعدت وضاعت وتبخرت بينها المفاهيم والكلمات ،ليس لنا الا أن نعيد تطلعاتنا في العام الجديد الذي يذكرنا بالسلام والمحبة والصفاء لانها قيم ومفاهيم نحتاجها من شدة البؤس في حياتنا
ميلاد سعيد وسنة جديدة سعيدة ، وأمنيات بالسعادة لكم جميعاً
قَدَرَنا قَدْرُنا
إستنادا الى ما ورد في الكتب المقدسة، فإن النبي نوح قد بنى سفينة نجاة، نقل فيها المؤمنين بعقيدته من قَدَرِ الرفض، الى قَدَرِ الطاعة. لم تكن سفينة نوح هي الاولى في التاريخ. فقد سبقتها سفينة آدم التي نقلته وزوجه من قدر الطاعة الى قدر المعصية، وسفن اخرى ورد ذكرها في اساطير ما بين النهرين والاغريق.
اولئك كانت لهم اقدارهم، ونحن أيضا لنا أقدارنا. قَدَرَنا أن قلّ قَدْرُنا (حجمنا وقوتنا)، إذ ضعفنا جدا مما مكن السلطان العثماني أن يقدر علينا، فيحتلنا ويلحقنا بذيل امبراطوريته. قَدَرَنا ان تمرض الامبراطورية وتسقط مغشيا عليها فنكون غنيمة للدول الاوروبية الاستعمارية. قَدَرَنا أننا خرجنا وباقي الشرق العربي من تحت عباءة سلطنة بني عثمان قبل مائة عام لا نملك شكل الدولة ولا مكوناتها، بل مجرد ذكريات اليمة سجلت مأساة الاحتلال والاختلال. تركنا السلاطين خمسمائة عام قبائل تتوزع وتتنازع على مدى الصحراء القاحلة. فكان من الطبيعي أن يتجذر التخلف والقحط في عقولنا وفي ثقافتنا، وفي قُدرتنا على الابداع والانتاج.
كان للمستعمرين الغربيين فضيلة لا تنكر، أن أعادوا الينا بصرنا وبصيرتنا، فتفاجئنا بِعُرينا، وبهوان حالتنا مقارنة مع حال الشعوب الغربية المتقدمة. وعندما بدأت مسيرة الاستقلال بعد رحيل المحتلين الاوروبيين، كان قَدَرَنا أن نُوَرثُ كما تُورثُ القطعان والاطيان لمحتلين جدد. أركبنا المحتلون الجدد، من أبناء اوطاننا، سفن نجاة هم ربابنتها. صاغوا لنا طموحات عالية، وحملونا في بالونات ملونة في أعالي السماء، حتى اصبحنا نرى الدول التي سبقتنا بثلاث قرون ولا زالت تسير بسرعة الضوء أنها تحتنا، وانها تنظر الينا ونحن بجوار الشمس بانبهار. حينها كان وضعنا كوضع عنترة بن شداد في معركته للفوز بعبله، حيث ظن أن أناشيد السيف ستخفي لونه وتحول قَدَرَهُ وقَدْرُه.
عندما اقول أن قَدَرَنا قَدْرُنا، فانني أعني أن قَدرَنا ( القضاء والقدر) مرتبط بقدرِنا أي حجمنا وامكاناتنا. وعلى الرغم من كل ما قرأناه في المدرسة عن الثروات التي تختزنها الارض العربية، اصبح مطلوبا منا الان ان نمحيها من دفاتر ذاكرتنا، وأن نقتنع بما يقوله المحتلون (أبناء جلدتنا) بعد ان خسروا كافة المعارك العسكرية والسياسية والاقتصادية، أن جوف الارض صحراوي مقفر كظاهرها. وان التردي الاقتصادي واستمرار التخلف، بل وتعمقه، وسوء الخدمات وضعف الاداء وتراجع التعليم وانعدام مساهمتنا في الحضارة الانسانية والخيبة في كافة المجالات، وتزايد إعتماديتنا على الغير، وفقدان الامل يعود الى هذا التصحر القدري الذي أفشل كل ما تفتقت عنه عبقريتهم منذ قادوا سفينة النجاة. لهذا فان علينا ان ننتظر في دور طويل مطأطأين رؤوسنا بالشكر للحصول على بعض الحليب من ناقة جف ضرعها بعد أن جف جوفها. سفن النجاة التي بناها المحتلون الوطنيون لاوطانهم العربية نقلت الشعوب العربية من قَدَرِ السباق الى قَدَرِ الجثو ثم النكوص. الحل: أن نغير قَدْرَنا حتى يتغير قَدَرُنا.
كل عام والأردن بخير
مازالت منصات العالم الافتراضي تطلق امطارها السوداء على سماء الاردن الصافية وارضها الخضراء ومازالت تقوم باشاعة اجواء التشكيك والاتهامية على دور الاردن ونهجه وحتى رسالته، من خلال اسقاطات مطرية تحوي القليل من الحقائق والكثير الغالب من الكذب والافتراء لتزييف حقيقة موقف تاريخي يسطره الاردن بموقفه الصلب تجاه القدس والمقدسات والقضية المركزية من وحي ايمانه المطلق بان التاريخ لا يسطره الا العظماء والاردنيون قرروا ان يكونوا من اهل التاريخ ويسجلوا باحرف عربية كلمات نرددها في كل صباح خلف قيادتنا نقول فيها (لن تمروا من هنا القدس لن تكون الا عربية وبوصاية هاشمية).
وحتى نضع الامور في نصابها علينا وضعها في ميزان التقييم الموضوعي، فلا يختلف اثنان ان الاردن يعيش تحت وطأة ضغط نتيجة موقفه الرافض لاية تسوية على حساب الثوابت المركزية التي اقرتها قرارات الشرعية الدولية ازاء الحل للمنطقة في ظل حالة التموضع الجيوسياسي واختلال معادلة الاتزان الناشئة عن تبدل المصالح بين البيت الابيض والعمق الدولي هذا اضافة الى دخول المراكز الاقليمية المحورية الى مراكز نفوذها في داخل المجتمعات العربية مما ادى الى خلخلة في مستقرات مجتمعات المنطقة واثر سالبا على حالة السلم والامن الاقليمي.
ولقد استطاع الاردن ان يبرهن كما يبرهن في كل مرة من واسع قدرته على تحويل كل منعطف يمر به الى منطلق قويم يعظم به ومن خلاله مسيرة انجازه على الصعيد التنموي وعلى المستوى النمائي، وان كان لم يحقق مستويات نمو كبيرة لكن يسجل للاردن حفاظه على منجزاته والوطنية وثوابته القومية ودوره القويم وبناء حالة تميزه وميزت نهجه ودوره وعظمت من مصداقية رسالته.
مما جعل من رسالة الاردن، تكون محط احترام في الاوساط العربية وتشكل محط تقدير لدى المحافل الاقليمية والدولية، لما تحويه رسالته من محتوى انساني نير ولما تقف عليه من منطلقات قيمية حملت كفة الترجيح على لغة المصالح في ميزان تقديره لمواقفه السياسية واصطفافه الدائم مع القانون الدولي في حراكه الدبلوماسي وفي تشكيل مواقفه، وهذا ما كان له الاثر الكبير في دعم المجتمع الدولي للاردن على المستوى السياسي والامني وحتى الاقتصادي، وغدا الاردن بفضل هذه السياسة يشكل واحة الامن للمنطقة والمكان الآمن لشعوبها، وهو العامل الذى يعول للاستثمار به ومن خلاله من اجل دعم مسارات التنمية وتحقيق حالة من الرفعة التي تستهدفها الاستراتيحية التنموية للدولة.
فمن حق الاردنيين ان يتطلعوا الى مزيد من الانجاز على صعيد الخدمات المقدمة في ميادين الصحة والتعليم والنقل لكن هذا لا يعني عدم موجود مؤسسات وخطط لتنفيذ ذلك، ومن حق الاردنيين المطالبة بتحسين مستوياتهم المعيشية وتوفير فرص عمل لابنائهم وهذا حق مشروع و الحكومة لديها برامج انتاجية ومشاريع انمائية لتنفيذ ذلك، لكن هي الاولويات التي جاءت نتيجة الظرف الموضوعي عندما فرض الواقع الاقليمي اولوياته الامنية على سلم الأولويات التنموية وبتنا نعمل وفق استراتيجية احترازية ركزت على حفظ الموجودات على حساب رفع معدلات التنمية والنماء وهذا ما جعلنا ندخل في مرحلة الركود الاقتصادي وبات ميزان العوائد تكون نتائجه متواضعة، وهو من سياق موضوعي وليس تبريري للحالة السائدة، وفي ذات السياق الموضوعي فان العام القادم ينتظر أن يشهد انفراجات كبيرة على كافة الصعد والمستويات، حمى الله الاردن من كل مكروه ونصر قيادته الماجدة واعز شعبنا الاردني المعطاء، وكل عام والاردن بخير.
جرد حساب
المالية العامة للدولة موضع اهتمام الناس والمراقبين على حد سواء. بالرغم من اننا نعيش اجواء الموازنة العامة حيث يغص الفضاء الاردني بالارقام حول الكلف والتخصيصات والعجز المحتمل الا ان الكثير من الارقام المقدرة للايرادات والنفقات الفعلية والمقدرة ما تزال غير مفهومة. الحديث عن الدمج والإلغاء والتقنين الذي ظهر في لغة الرئيس ووزرائه وهم يستعرضون حزمهم التحفيزية لا يعكس نفسه على الموازنة وارقامها بشكل واضح.
التغيير والسرعة والانتقائية في القطاعات التي تشملها الحوافز الضريبية اضافة الى الجرأة على الاقتراض بالتزامن مع تدفق الاعانات يثير الكثير من الاسئلة والاستفسارات.
الارقام المتداولة حول المديونية والمساعدات والانفاق الرأسمالي والفروق بين ما يخصص للمشروعات الرأسمالية وما ينفق عليها امور تحتاج الى توضيح من قبل الحكومة واللجنة المالية للنواب.
ففي الوقت الذي يعمل المجلس على دراسة الموازنة للعام القادم يسأل الناس عن طريقة احتساب المساعدات التي اعلن عنها مؤخرا وموقعها في الموازنة وفيما اذا كانت ستحسب في موازنة هذا العام ام الذي يليه. في اقل من شهرين تحدث الاعلام عن منح اوروبية والمانية وإماراتية وسعودية وأميركية تصل الى ما يقارب 2 مليار دولار.
الكثير من الناس يتساءلون عن واقعية التقديرات التي تتضمنها الموازنة وعن مصير الاموال التي خصصت لتنمية المحافظات ولم يجر انفاقها. بالنظر لهذا الواقع وكي تحافظ الحكومة والنواب على ما تبقى من ثقة فقد يكون من المفيد ان تقدم الحكومة للنواب تقييما لخطتها المالية ” الموازنة” عند نهاية العام وقبيل تقديم موازنتها للعام اللاحق.
في قراءة لموازنة 2019 ما يزال هناك الكثير من الاسئلة التي تحتاج الى اجابات فهناك سؤال حول مبررات الاقتراض الذي تجاوز 2 مليار واوجه انفاق هذا الاقتراض.
المستغرب لدى الكثير من المراقبين ان يأتي هذا الاقتراض في نفس العام الذي استقبلت فيه البلاد اكثر من 2 مليار دولار على هيئة مساعدات ومنح . في الارياف والمحافظات يعبر البعض عن انزعاجهم من ظاهرة تدني الانفاق من الاموال التي خصصت للمشروعات التنموية ويتساءلون عن اسباب عدم تدويرها لحساب هذه المناطق حيث لم يتجاوز الانفاق على المشاريع في بعض المحافظات 20 % مما خصص لها.
الاسئلة التي يطرحها الناس ومطالبهم بإظهار كشوف الايرادات للخزينة واوجه الإنفاق التفصيلي لها حقوق طبيعية للناس وضرورة حتمية لبناء الثقة . في بلادنا وقبل ظهور علم الادارة الحديث وعلم المحاسبة وشركات التدقيق المرخصة والصديقة كان البدو والحضر والفلاحون والرعاة يقومون بعمليات حسابية دورية للتعرف على موجوداتهم من الحيوانات والحبوب ويحصرون أعداد المواليد من الاغنام والابقار والابل ليقرروا حجم القطيع ويسترشدوا في البيانات التي يجمعونها لتحديد كم من المواليد سيبيعون او يبقون ويقدرون حاجاتهم الاستهلاكية وحجم الفائض الذي سيتخلصون منه.
مصطلح “الجرد” معروف في معظم الاوساط. يستخدمه التجار واصحاب المحال التجارية والقرى. وهو عملية تقييم يقوم بها اصحاب المؤسسات التجارية لمعرفة معدوداتهم من السلع والوقوف على نشاطات البيع ومستوى التكديس في البضائع ومدى مطابقة الموجودات الفعلية مع سجلات الشراء والبيع. في عمليات الجرد السنوية يغلق التجار الأبواب ويوقفون عمليات البيع والشراء ويواظبون على إعداد القوائم ووصف اصناف البضاعة وأعداد ما دخل منها لمتاجرهم وعدد الوحدات التي تم بيعها والمتبقي منها.
في قرانا وقبل دخول الخصخصة كان التجار يجرون عمليات الجرد لمتاجرهم مرتين في العام احداها في شهر رمضان من اجل اخراج زكاة اموالهم والثانية في نهاية العام لتحديد الارباح والخسائر. مفاهيم الشفافية والوضوح لا معنى لها اذا لم يحصل الافراد على المعلومات المتعلقة بشؤونهم العامة. الاصل ان يحصل النواب على كافة التفصيلات ويقدمونها لقواعدهم بدلا من ترك الموضوع لتخمينات وتأويلات العامة.