التحكيم الجيد هو الضمانة الرئيسة لنجاح وتقدم أي لعبة من الألعاب خاصة اللعبة الشعبية الأولى “كرة القدم”.
خلال زيارتي في الأيام القليلة الماضية للمغرب، وجدت أن 8 من 16 ناديا تشتكي من التحكيم وتتهمه بأنه غير ملتزم بالقانون أو روح القانون، وأن فرقا عدة خسرت مباريات مهمة ومفصلية بسبب سوء التحكيم الذي رافق كل فئات التنافس، رغم وجود تقنية الفيديو “الفار”، لأن استعماله لم يقض على سوء التحكيم أو لنقل ثغراته مع أنه ساعد نوعا ما.
لا تمر جولة واحدة في البطولة الاحترافية إلا وتصاحبها إتهامات واحتجاجات وأيضا بلاغات استنكار، تهاجم التحكيم بضراوة وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد تابعنا مؤخرا أكثر من بطولة إقليمية كدورة الخليج العربي 24 التي أقيمت بقطر وفازت بها مملكة البحرين، وبطولة أبطال الدوري في آسيا وفاز بها فريق الهلال السعودي، وبطولة الكونفدرالية الإفريقية التي فاز بها الزمالك المصري.
كل البطولات المشار إليها أعلاه لامسنا الأخطاء التحكيمية فيها، لكنها لم تؤثر على نتائج مباريات البطولات كثيرا.
إن هناك أخطاء في التحكيم، وهذه الأخطاء طبيعية، لأن الذين يقودون تحكيم المباريات بشر يخطئون ليس فقط بالتحكيم بل في نشاطات أخرى شتى.
المطلوب من الاتحادات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة وعادلة وقانونية لتخفيف هذه الأخطاء، من خلال التوجيه والتوعية وعقد دورات صقل وورش عمل مختلفة وندوات، تعزز من قدرات الحكم وتثقيفه تحكيميا، خاصة بوجود الوسائل الحديثة لتكنولوجيا الاتصال وتعدد القنوات الرياضية التلفزيونية المختصة والتواصل الاجتماعي والاهتمام بالتخصص الذي تحتاجه اللعبة.
كتاب واراء
التحكيم الجيد ميزان النجاح
الصين والإيغور..!
تثير قضية الإيغور، السكان المسلمين لمقاطعة شينجيانغ (سنجان) الصينية، جدلاً بين المتحاورين ومواطني وسائل التواصل الاجتماعي. البعض يهاجمون الصين بشدّة على ما يصفونه بأن القمع المتطرف لسكان تلك المنطقة. والبعض الآخر يدافعون عن الصين، إما على أساس أن ما يقال عن قمعها لمسلمي شينجيانع دعاية أميركية وغربية، أو على أساس أن سكان المنطقة انفصاليون، وتحت خطر التطرف الإسلاموي بدليل مشاركة بعضهم في القتال مع “داعش” والقاعدة في سورية.
ينطلق المدافعون عن الصين أساساً من إعجاب بما تنجزه تلك الأمة اقتصادياً وعسكرياً، وقدومها القوي لمنافسة أميركا على الهيمنة العالمية. ويكفي أن يقف أحد في وجه الهيمنة الأميركية التي نحن من أبرز ضحاياها حتى يصبح مفضلاً. كما أن الصين لا تتدخل في بلداننا بشكل مباشر ولا تستهدفنا بالقصف والاحتلالات والازدراء. وبالإضافة إلى ذلك، سيفضل ذوو النزعات اليسارية نسخة الصين الشيوعية على الغرب الرأسمالي الإمبريالي.
من المعقول أولاً أن للإعلام الغربي تأثيرا على تكوين الرأي العام لدينا أكثر من الصين. ومن أسباب ذلك عامل اللغة، حيث وصولنا إلى الإنجليزية والفرنسية وبعض اللغات الأوروبية أوثق بما لا يقاس من الصينية. وبذلك تسهل علينا قراءة الإعلام الغربي أو ترجمته، بعكس الصيني. كما أن استهداف الغرب المباشر لمنطقتا يجعلنا هدفاً متعمداً لإعلامه، ويجعل إعلامه مهماً عندنا لنعرف ما يفكرون به لنا.
سوف يعني ذلك سماع رواية أحادية عما يجري حقاً في إقليم الإيغور، في جملة ما نسمع عن الصين في ما يتعلق بالحريات و”دولة المراقبة” وما شابه. وسيكون الناس معذورين في تكوين تصوراتهم عن الصين من الصورة التي يعرضها لنا الإعلام الغربي الذي يصل إلى هناك، بينما يغيب الإعلام الصيني عن تزويدنا برواية مقابلة تتيح توازناً في عملية بناء التصورات.
أياً يكُن، ثمة المئات على الأقل من التحقيقات الاستقصائية والشهادات الفردية التي قدمها صحفيون غربيون ذهبوا إلى شينجيانغ وكتبوا عما شاهدوه. وفي الحقيقة، لم أصادف مادة واحدة كتبها صحفي ذهب إلى تلك المنطقة ونقض فيها الادعاءات السائدة – إما لأن ما يُحكى عن تلك المنطقة حقيقي، أو لأن الإعلام الغربي لا يميل إلى نشر مدائح للصين- ولو أنه احتمال مستبعد في ضوء الحرية النسبية للإعلام هناك. وهناك “يوتيوبات” فردية لأشخاص ذهبوا إلى الإقليم ونقلوا صورة مساجد مغلقة، وأناسا خائفين من التلفظ بكلمات تتعلق بالدين، وأكد بعضهم وجود “مراكز الإصلاح والتأهيل” التي يقال إنها مراكز اعتقال لغسل الأدمغة.
بطبيعة الحال، سوف يعاتبك الصينيون والمتعاطفون إذا تحدثت عن التصورات التي تصلك عن ذلك الإقليم. لكنهم في المقابل لا يفعلون ما يجب ولا يوظفون قدراتهم الإبداعية لترويج رواية مقابلة مقنعة. إنهم لا يقومون، مثلاً، بإطلاق حملة تدعو الزوار والصحفيين من كل أنحاء العالم للقدوم إلى الإقليم والتحدث بحرية مع سكانه، ولا هُم يعملون يهتمون بإعلام الناس في منطقتنا بطريقة تتيح لهم اختيار تصديق إحدى روايتين.
مع قناعة الكثير منا بتفضيل الصين كقوة عالمية تقف في وجه انفراد الولايات المتحدة بالضعفاء – ونحن منهم- فإن أحداً لا يمتلك أطروحة متماسكة لتوضيح موقف الصين في شينجيانغ. ولا تكفي قصة المتطوعين في سورية لوصف الإقليم كله بالتطرف وتبرير استحقاقه للإخضاع بالعنف. وإذا كانت لدى سكان ذلك الإقليم قضية انفصالية مسوّغة، فإننا لا نعرف عن ذلك حقاً. لكنّ كثافة القصف الإعلامي الغربي للصين تخلق انطباعاً بأنه “لا دخان بدون نار”.
عموماً، إذا كان ما يقال لنا عن الدولة البوليسية في الصين وعن الإيغور صحيحة، كما ينقلها لنا الإعلام الغربي – مع عدم إهمال غاياته المعروفة- فإن ذلك لا يجعل الغربيين أنبياء العالم الصالحين. إن الولايات المتحدة نفسها دولة مراقبة تدس أنفها في خصوصية مواطنيها قبل الآخرين. وهي لا تكتفي باضطهاد المسلمين في إقليم تدعي ملكيته، وإنما تستهدفهم بالتدخلات والمؤامرات وتخريب البيوت في كل ركن في العالم. بل إنها تسن القوانين العنصرية لمنع دخولهم أراضيها على رؤوس الأشهاد. ويظهر الاهتمام العام بقصة الصين والإيغور أن الناس لدينا ربما نسوا قصة أميركا المؤسفة والمستمرة مع المسلمين –ربما بسبب اعتياد الألم حد النسيان.
حزم جديدة.. وأسئلة عديدة
بل اعوام أفاق الأردنيون على ارتفاع ارقام الدين العام دون ان يفهموا الاسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع. الرؤساءالمتعاقبون قدموا كشوفا لنسب الارتفاع في عهد حكوماتهم في محاولة لبيان رشاد قراراتهم ومسوغات اقتراضهم. ايا كانت المبررات فقد أشار آخر ثلاثة رؤساء للحكومات الأردنية إلى خدمة الدين العام وخسائر المصفاة وتعويض شركة الكهرباء كأسباب رئيسة لاستمرار ارتفاع الدين.
للخروج من هذا الوضع نادى الجميع بضرورة التحول إلى سياسة الاعتماد على الذات وتبني برنامج الاصلاحات لمالية الدولة فأقر النواب والاعيان قانون الضريبة الجديد واعلنت الحكومة عن سياسات طموحة لترشيد وضبط النفقات ووعد الرئيس ببرنامج للتكافل الاجتماعي يضمن حصول المواطن على خدمات نوعية مقابل الضرائب والرسوم التي يدفعها.
اليوم وبعد مرور عام على إقرار قانون الضريبة واعلان الدولة عن تبنيها لسياسة الاعتماد على الذات ومع تدفق المنح والمساعدات السعودية والالمانية والاوروبية والاميركية والاماراتية يأتي التصريح بارتفاع الدين العام ليصل بمجمله إلى اكثر من 30 مليارا بعد ان كان 28 مليارا في العام الماضي.
ارتفاع حجم الدين العام واستمرار الاقتراض بالرغم من الاصلاحات التي ارهقت جيب المواطن وادخلت اقتصاده في حالة من الركود امور لا يمكن ان تغطي عليها اخبار الاصلاحات ولا جاذبية الحزم والاجراءات التي تقول الحكومة بأنها ستنجزها. معظم ما ورد في الحزم الحكومية بنسخها الاربع اجراءات وممارسات حكومية ادخلت عليها تعديلات طفيفة فالنقل مشكلة تاريخية والتعليم يعاني من مشكلات لا تزينها اوصاف الاحتياجات واعداد المدارس الجديدة والحديث عن الدمج الذي لم يتحقق، كذلك الصحة والاسكان وكل قطاعات الانتاج واجراءات الادارة. على اهمية ما تقوم به الحكومة فإن الاصلاح لا ولن يتحقق ما لم يستند إلى رؤية شاملة وادراك واضح للتداخل والتشابك بين القطاعات.
من يستمع للتصريحات التي يدلي بها الوزراء هذه الايام يشعر بالحيرة والارتباك. وزير التربية والتعليم يتحدث عن كلف التعليم ويعقد المقارنة بين طلاب المدارس الصغيرة حيث ترتفع كلف الطالب لتصل إلى 1380 دينارا مقابل ثلث هذا المبلغ لطلبة المدارس الكبرى. لا افهم دواعي ومسوغات استخراج واعلان هذا الرقم واذا ما كان مقدمة لإغلاق بعض المدارس التي طالما تفاخرنا بأننا أسسناها لتوفير التعليم للأردني اينما كان. في الوقت الذي يعقد فيه معاليه المقارنة بين مدارس المدن والتجمعات السكنية الصغيرة يبدي استعداد الأردن ووزارته لتقديم خدمات التدريب للمعلمين العراقيين.
ومثلما فعل وزير التربية صرحت وزيرة الطاقة بوجود شرط جزائي على الخزينة في حال تم الغاء اتفاقية الغاز من قبل الجانب الأردني. الناس يتساءلون ببراءة حول مدى الحاجة إلى مثل هذا الغاز في بلد تقول وزيرة الطاقه انه يملك فائضا من الكهرباء ومستعد لتزويد الجوار فأي سياسات تلك واي ارتباك يدفع ببلد إلى استيراد ما لا تحتاج فيصبح عبئا لا تعرف كيف تقوم بتصريفه.
في باب تقديم الخدمات الاساسية للمواطن يستغرب الناس حديث الوزراء عن الكلف فالجميع يعرف ان لكل نشاط وجهد كلفة كما يعرف المواطن انه يدفع ومع اشراقة كل شمس صباح اموالا طائلة على هيئة رسوم وجمارك وضرائب وفروق اسعار وغيرها وبمستويات تفوق ما يدفعه اي مواطن في بلد آخر.
سيل الارقام والحزم واخبار المديونية والتضارب بين الاقوال والاجراءات امور تحير المتابع وتستدعي المراجعة لوضعها في سياق يفهمه الناس فمن غير المعقول ان ترتفع المديونية بعد كل هذا الاصلاح ونأتي بالغاز الاسرائيلي في الوقت الذي نبدي استعدادنا لتصدير الطاقة لجيراننا…في المشهد العام قضايا تحتاج إلى تفسير واسئلة تحتاج إلى اجابات.
الملك .. جيل الشباب جيل الأحزاب
بطريقة سياسية قريبة من اسلوب الشباب في التحدث وتنم عن مدى قرب جلالة الملك من اسرته الاردنية الواحدة، جاء لقاء جلالة الملك مع طلبة جامعة اليرموك، حيث حث جلالته ابناءه الطلبة على الانخراط في اطار التشكيلات المدنية الديموقراطية بحث تمكن الحياة السياسية الحزبية وتعزز مناخات المشاركة في صناديق الاقتراع باعتبارها الوسيلة الامثل بالتغيير السلمي لاسيما وان المجتمع الاردني على ابواب الدخول الى مشهد انتخابي من مهم المشاركة فية وعبره من اجل الاردن ومن اجل الارتقاء بالنهج الديموقراطي التعددي الحزبي.
فالمجتمع الاردني بات بحاجة الى تجذير النهج الديموقراطي التعددي الذي به يستطيع ان يجسد ما ذهب اليه جلالة الملك في رؤاه في الاوراق الملكية عندما اوضح الأهداف التي تنشدها الرؤية الملكية من اجل تشكيل حكومات برلمانية حزبية، وبما يجعل المجتمع الاردني قادرا على اعادة تشكيل (بيت العبدلي) الى المكانة القادرة على ترجمة ذلك، على اعتباره يشكل دستوريا بيت القرار.
الامر الذي يتطلب ايجاد كتل نيابية حزبية قادرة على الارتقاء في العمل الجماعي الكتلوي في مجلس النواب من جهة وعاملة على دعم العمل المؤسسي الحزبي وبعث حركة النهوض الديموقراطي من جهة اخرى مما يفضي الى تأطير الحراك الشعبي والتطلعات العامة ضمن اطار ذلك العمل البرلماني السياسي القادر على تجسيد التطلعات الشعبية وتشكيل حكومات برلمانية حزبية.
وهي الجملة السياسية التي تلخص تطلعات حركة الاصلاح السياسي المنشودة رسميا وشعبيا، والتي من المفيد ان تكون حاضرة على طاولة صناع القرار عند تعديل الادوات القانونية او تغيير الوسائل الرافعة، كونها تشكل ذلك المنطلق القويم الذى لابد من الانطلاق منه للوصول عليه من خلال ضبط مسارات الاطر وتحديد تجاهات البوصلة في كل مرحلة من مراحل تراكم الانجاز التي عليها تتكئ استراتيجية عمل الدولة الاردنية وذلك بهدف الوصول بها الى مبتغاه المنشود.
فان عملية الفك والتركيب على قاعدة مقتضيات المشهد العام لن تحقق انجازا يمكن البناء عليه حتى لو حققت فائدة آنية، لكونها تتعامل مع المشهد ضمن قواعده البسيطة وليس ضمن محتواه العميق الذي قد يوصلنا الى تطلعاتنا، فلا بد من تعميق المسار بأناة، عبر استثمار عامل الوقت حتى يقودنا ذلك الى مبتغانا بسلاسة، والا فقد لا يكون امامنا ترف الوقت ويكون لا خيار لنا سوى الغوص للنجاة من التداعيات الاقليمية التي كان يمكن إنجازها باعتبارها تعد احد التطلعات الشعبية ومرتكز الرؤية الملكية للاصلاح، هذا لان في حينها لن تفيدنا فنون السباحة حتى لو كنا نتقن فن العوم، فان الوقت ليس دائما حليفنا مع متغيرات الزمن المتسارعة في ارض كروية ثابتها جاء نتيجة السرعة التي لا تدركها الابصار لكن تعلمها علم اليقين البصيرة، وهي القراءة التي يمكن استنباطها من وحي حديث جلالة الملك الاستدراكي مع ابنائه الطلبة.
مستقبل العالم الجديد.. كتاب جديد لغورباتشوف..
عوض الصقر
عادة يلجأ المسؤولون في مختلف دول العالم بعد تنحيهم عن السلطة أو إحالتهم على المعاش إلى كتابة مذكراتهم بأسلوب لا يخلو من التضخيم والمبالغات والحديث عن أمجاد ومواقف بطولية ربما لم يكونوا مارسونها أثناء فترة وجودهم في السلطة ومواقع صنع القرار.
ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو ما قرأته في وسائل الإعلام العالمية أن آخر رئيس للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف أصدر كتابا جديدا مؤخرا بعنوان «مستقبل العالم الشامل» أشار فيه إلى أن السياسة العالمية تتجه نحو منحى غاية في الخطورة وأن النشاطات العسكرية العالمية في الوقت الحاضر تحمل سمات حرب كونية بالفعل.. كما أكد أن تحقيق السلام هو الشرط الأساسي لضبط ايقاع المشاكل العالمية، مثل أزمة البيئة والارهاب الدولي والهجرات القسرية واللجوء وكل التحديات الاخرى التي يتركز عليها اهتمام مختلف الدول والمنظمات الدولية.
وربما يعلم الجميع أن الاتحاد السوفيتي تفكك في عهد غورباتشوف وتحول الى ست عشرة جمهورية مستقلة، وهو صاحب نظرية الغلاسنوست والبيريسترويكا وتعني الاولى الانفتاح والشفافية في المؤسسات العامة وحرية الحصول على المعلومات فيما تعني البيريسترويكا إعادة الهيكلة الاقتصادية ضمن برنامج الإصلاحات الاقتصادية الشاملة المنشودة.
وتشير المعلومات إلى أنه تم إشهار الكتاب بمناسبة الذكرى الثلاثين لانهيار جدار برلين في أواخر العام 1989 وانفتاح اوروبا الشرقية على اوروبا الغربية، وهو ما اعتبره المحللون الاوروبيون تهديدا لأسواق العمل وللنسيج الاجتماعي في اوروبا الغربية.
ويشار أن الاتحاد السوفيتي تأسّس في العام 1922م، في أعقاب الثورة البلشفية التي اندلعت في العام 1917 وهو وليد اتحاد عدة دول، هي: (روسيا، وأوكرانيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأوزباكستان، وتركمانستان، وفيرغيزستان، وطاجيكستان، ولاتفيا، وليتوانيا، واستونيا، وملدوفا، وروسيا البيضاء، وأرمينيا).
كان تفكك الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991، وهو إشارة لانتهاء الوجود القانوني لدولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية، وعقب ذلك التاريخ أصدر مجلس السوفييت الأعلى إعلان الاعتراف باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة، وإنشاء رابطة الدول المستقلة لتحل محل الاتحاد السوفيتي.
وقبيل ذلك التاريخ وجه غورباتشوف خطابا الى شعوب الاتحاد السوفيتي أعلن فيه أنه تم الغاء مكتب رئيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية وتسليم كافة سلطاته الدستورية بما فيها السلطة على الأسلحة النووية الروسية وشيفرة استخدامها، إلى الرئيس الروسي بوريس يلتسن، وكما هو معلوم فإن روسيا كانت الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي.
على الصعيد الدولي شكل تفكك الاتحاد السوفيتي نهاية الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو ونهاية حالة التوتر والجاهزية العسكرية والتأهب للحرب بين حلف شمال الأطلسي الناتو الذي يمثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبين وحلف وارسو الذي كان يمثل دول الكتلة الشرقية وبالتالي انتهاء حالة العداء المستحكم منذ عقود بين الكتلتين.
وبعد التفكك شكلت الدول الوليدة الناشئة تحالفات من نوع معين بينها مثل المجموعة الاقتصادية الأوروآسيوية والدولة الاتحادية بين روسيا وبيلاروسيا والاتحاد الجمركي الأوراسي والمجموعة الاقتصادية الأوروآسيوية لتعزيز التعاون الإقتصادي والأمني. في الوقت الذي تحاول فيه بعض دول الاتحاد السوفيتي السابقة الإنضمام إلى حلف شمال الاطلسي لتعزيز استقلالها العسكري والإقتصادي عن روسيا.
وأخيرا أقول، إن شخصية غورباتشوف تمثل الكثير من الشخصيات على مستوى العالم ممن كان لهم صولات وجولات خلال فترة وجودهم في السلطة وبعد أن غادروا مواقعهم، قسرا أو طواعية، بدأوا بكتابة مذكراتهم بشيء من المبالغة وتهويل المواقف والحديث عن المثاليات والأخلاقيات التي لم يكونوا يمارسونها أثناء فترة وجودهم في الحكم، فهل من معتبر؟؟؟.
المشهد يتكرر .. شوارعنا ترسب في أول اختبارات فصل الشتاء
في الشتاء .. الكوارث تتكرر والمسؤولين .. لا يتعلمون من الدروس
رئيس التحرر
خالد خازر الخريشا
تجود السماء بالمطر فيسعد الناس مستبشرين بما قد يحمله معه من مواسم الخير لكنهم يصطدمون بالسيول التي تشكلها هذه الأمطار دون أن تجد طريقها إلى مصارف مطرية تستوعبها وعندما تجد بعضها على قيد الحياة نكتشف أن الأوساخ والردميات قد خنقتها لتصبح عاطلة عن العمل .
ما أن تسقط نعمة السماء على الأرض حتى تتبدى عيوب الواقع الخدمي في كافة مناطق المملكة دون استثناء ، وكأن الشوارع في الاردن صممت لفصل الصيف فقط حيث تتكرر المشاهد التي لا تسر الخاطر بدءاً من تحوّل الشوارع في معظم المدن إلى برك وبحيرات ومستنقعات تربك حركة المشاة والآليات معاً مع انسداد المناهل المطرية ومناهل شبكات الصرف الصحي وإن وجدت في بعض المواقع فهي لا تعمل … حفر ومطبات كثيرة تشكل مصيدة للمركبات التي لايمكن أن تكشف نتيجة غمرها بمياه الأمطار ، هذا الى جانب تشكل الاختناقات المرورية خاصة عندما تتعطل الاشارات المرورية بفعل الرياح او الامطار في حينها تضيع الطاسة حتى يأتي احد المخلصين المتأخرين من رجال المرور، أما بالنسبة للأرصفة فحدث ولا حرج فهي تمثل وبالاً بالنسبة للمواطنين في فصل الشتاء فهم إن هربوا من المياه وسط الشوارع فإنهم يجدونها تحت أقدامهم تخرج من أطراف البلاط .
في كل شتوية تكشفت الأمطار عيوب الطرق و شبكات تصريف المياه، وتغرق بعض الشوارع سواء في العاصمة عمان او في المحافظات الاخرى كل هذا الإرباك يأتي في ظل إعلان الجهات ذات العلاقة ” وضع الخطط الأزمة لاستقبال فصل الشتاء بجاهزيه عالية”، والاعلان من خطة شاملة لاستقبال فصل الشتاء تضمنت تنظيف مناهل وخطوط تصريف مياه الأمطار، ومداخل ومخارج عبارات التصريف، والقنوات المكشوفة بالتنسيق مع مديريات المناطق ،علاوة على فتح مجاري السيول والأودية الطبيعية، الا ان الأمطار التي تهطل في كل مرة علينا تجعل الامانة وعدد من البلديات تعيد الحسابات لخططها حيث تُحمل أمانة عمان والبلديات المواطن وشركات الإنشاءات مسؤولية التجمعات المائية التي قد تحصل في الشوارع مع كل فصل شتاء ، اما شركة مياهنا فتحمل ايضا المواطن سبب الفيضانات بأنه يربط مزاريب العمارات على شبكات التصريف الصحي ، فالجهات الفنية بالدولة مجتمعه غير مسؤولة وليست مقصرة والتهمة جاهزة للمواطن .
أظهرت فيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي غرق شوارع بمنطقة الدوار السابع في العاصمة عمان، وذلك بعد هطول الأمطار لساعات معدودة
كما انهار جدار استنادي ليل الخميس الجمعة على احد المنازل، في منطقة الحنو التابعة لأم الدنانير والواقعة في عين الباشا، وذلك جراء تجمع مياه الأمطار في الشارع ضعيف البنية ، أصحاب المنازل القريبة من الجدار قالوا ، أنهم خاطبوا بلدية عين الباشا عدة مرات وعلى مدى أشهر لإعادة تأهيل الشارع، مشيرين الى أن مياه الأمطار تتجمع داخل جسم الشارع وتتسرب داخله وتستقر بمحاذاة الجدران الإستنادية التي أقامها أصحاب المنازل قبل تنفيذ الشارع السكان أشاروا الى أن الجدران الإستنادية باتت تشكل خطرا على المنازل ومستخدمي الشارع بسبب انهيار بنية الشارع، متهمين البلدية بعدم الإهتمام بالموضوع الى أن انهار أحد الجدران الإستنادية ليل الخميس الجمعة .
في المقابل تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد تظهر غرق بعض الطرق في مناطق بالرصيفة وشهدت بعض شوارع الرصيفة ارتفاعاً
في اكثر من منطقة خاصة بركة التوحيد التي تحتاج الى قوارب لمرورها والقريبة من احياء العامرية وحي الحسين مما يثبت الاهمال وعدم المبالاه من قبل المسؤولين .
وتحمل الاخبار العاجلة انهيار لشارع بالسلط واضرار تصيب السيارات ، كذلك محافظ اربد بقرر اغلاق طريق وادي الغفر في اربد بسبب ارتفاع منسوب المياه علماً بان هذا الشارع جرى صيانته قبل شهرين من خلال رصد 70 ألف دينار وفشل في الامتحان مع اول شتوة .
كشف الدفاع المدني انه تم التعامل مع (179) حالة مداهمة مياه لمنازل في محافظات الشمال والوسط وتأمين 23 شخصاً ونقلهم إلى مناطق آمنة؛ نتيجة ارتفاع منسوب المياه أو عدم القدرة على الاستمرار في المسير ، ونتيجة الرياح الشديدة تم التعامل مع بعض حالات تطاير للأجسام المتحركة مثل ألواح الزينكو واللوحات الاعلانية كما تم التعامل مع انهيار لبعض الجدران الاستنادية نتيجة تجمع مياه الأمطار حيث بلغ عددها (11) جدار استنادي في محافظة العاصمة وعجلون واربد والزرقاء ، والسؤال من يرخص الجدران الاستنادية اين الامانة واين البلديات واين نقابة المهندسين لان المأساة تتكرر.
المنخفضات الجوية بالاردن وإن ما تحدثه من أضرار وإرباكات يمكن تحملها واستيعابها باعتبارها لا تدوم أكثر من ساعة أو ساعتين، تنتهي بعدها المسؤوليات، إلى أن تتكرر بذات الحجم مع كل زخة مطر طوال فصل الشتاء ، أمين أسبق لعمان قال في مناسبة، إن عمان مدينة صيفية، وليست معدة من أجل الشتاء، وإنه لا فائدة من إعدادها له، طالما أن الشعب يستطيع تحمل هطول زخات المطر كلما فاضت الشوارع أو غرقت مناطق لساعة أو ساعتين ، يا سامعين الصوت التاريخ يعيد نفسه .. شوارعنا ترسب في أول اختبارات فصل الشتاء ..!!!
هموم صغيرة
تجربة فريدة تلك التي يمنحنا إياها مركز الحسين للسرطان، بالاستماع إلى بعض المصابين والمتعافين من مرض السرطان وهم يروون قصصهم من خلال مختلف القنوات الإعلامية والاجتماعية، والتي اختار أصحابها طوعاً وبشجاعة يحسدون عليها مشاركتنا تفاصيل رحلتهم مع مرض ما يزال البعض يخاف من مجرد ذكر اسمه.
هذه التجربة أتاحت لنا فرصة نادرة لرصد النفس البشرية في مختلف حالاتها، في ضعفها وقوتها، يأسها وأملها، استسلامها وتشبثها بالحياة، لكنها في نهاية المطاف النفس المطمئنة لقضاء الله، الراضية بحكمه، وفي الوقت نفسه الآخذة بالأسباب المادية.
هذه العناصر المعقدة والمتناقضة في تكوين النفس البشرية، تؤدي الى انتصار الإنسان في معركته مع الشدائد، ذلك النصر الذي وصفه توماس مان بهذه الكلمات “إن الصمود للقدر وملاقاة الشدائد بالابتسام، شيء يعلو على معنى الصبر”.
لا يمكن للمرء إلا أن يقف مشدوها عند الاستماع لأناس من أعمار مختلفة، وخلفيات متباينة، يروون معاناتهم خلال رحلتهم مع مرض صعب المراس كثيراً ما ننسبه للمجهول “ذاك المرض” مخافة ذكر اسمه.
أطفال في عمر الزهور، وآخرون في ريعان الشباب، ورجال ونساء من أعمار مختلفة، خاضوا المعركة حتى حافة الانهيار، لكن إيمانهم وعزيمتهم، والدعم الذي يتلقونه ممن حولهم، كل ذلك أمدهم بالوقود اللازم للاستمرار في هذه المعركة الشرسة، والإصرار على المضي قدما في رحلة غير مضمونة العواقب.
لا يملك المرء، عند الاطلاع على هذه التجارب، إلا أن يراجع نفسه وأن يشعر بالخجل من بعض الهموم التي تنغص عليه حياته وتسبب له الكآبة، هذه الهموم التي تقتات على أرواحنا وتستنزف أعصابنا وتسد علينا الأفق حتى أصبحنا نرى الدنيا من خلالها لتسرق منا لحظات السعادة التي نحن في أمس الحاجة إليها في زمن تقلصت فيه مساحات الفرح. لكن هل تستحق هذه الهموم الصغيرة الحيز الذي تستحوذ عليه في حياتنا؟ وما قيمة هذه المنغصات أمام ما يعانيه المرضى من آلام جسدية ونفسية وروحية؟
ما قيمة هذه الهموم أمام طفل حرم من اللعب مع أقرانه أو من مرافقتهم الى المدرسة لسبب لا يمكن لعقله الطفولي أن يستوعبه أو أمام فتاة في مقتبل العمر، وقفت ذات صباح أمام المرآة فلم تجد شعرا تمشطه، ما قيمتها أمام امرأة فقدت عضوا من جسمها طالما ارتبط في وجدانها بأنوثتها، أو أمام مريض يكابد الحمى ينتظر فجراً يخشى ألا ينبلج؟
هذه القصص ومثيلاتها تشكل فرصة حقيقية لنا جميعا لمراجعة النفس وتصحيح الكثير من الأمور التي نتعامل معها كمسلمات، فهي بمثابة جلسات للعلاج النفسي، ترينا تفاهة همومنا الصغيرة التي تستنزف طاقاتنا وأوقاتنا فتأخذ من حياتنا أكثر مما تستحق.
مخالفات السير الغيابية
بعد إيعاز مدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة بوقف مخالفات السير الغيابية والتحقيق بشكاوى مواطنين بمخالفات سير غيابية سجلت بحقهم من دون وجه حق، توالت ردود الفعل الإيجابية على هذا القرار، فالترحيب كان كبيرا وواسعا حتى غطى على الحزمة الرابعة الحكومية التي أطلقها رئيس الوزراء والمتعلقة برفع خدمات الصحة والنقل والتعليم.
ويؤشر هذا الترحيب الشعبي الكبير، على حاجة الناس إلى قرارات فعلية تنعكس بشكل مباشر على حياتهم، وتزيل معاناتهم من “ظلم” يعتقدون أنه يقع عليهم جراء مخالفات السير الغيابية.
يعتقد الكثير من المواطنين، أن مخالفات السير هدفها الجباية، وليس منع السائقين من ارتكاب المخالفات التي تؤدي إلى حوادث جسيمة خطيرة على حياتهم وممتلكاتهم وممتلكات الدولة.
واشتكى مواطنون من عدم عدالة ووجاهة وقانونية مخالفات السير التي سجلت بحقهم غيابيا، ولكن صوتهم الشاكي لم يسمع سابقا، وبقي مثل هذا النوع من المخالفات يؤرقهم، لأنه يعرضهم لخسائر ولا يسهم أبدا بتحقيق الغاية من مخالفات السير بشكل عام.
عشرات من المواطنين، كتبوا واشتكوا وحتى تندروا، بمخالفات سير غيابية، سجلت بحق سياراتهم في مكان، لم يرتادوه آنذاك، وكانوا في مكان آخر بعيد، أو في محافظة أخرى، كما حدث مع الزميل الصحفي أحمد التميمي، حينما سجلت بحقه مخالفة في العاصمة عمان، وكان آنذاك في مدينة إربد.
ويبدو أن الاحتجاجات المتواصلة من مخالفات السير، وخصوصا في الآونة الأخيرة، دفعت مدير الأمن العام لاتخاذ قراره، بوقف المخالفات الغيابية واعتماد المخالفات الوجاهية درءا للخطأ وتحقيقا للهدف من المخالفات.
ويفتح قرار مدير الأمن العام بوقف المخالفات الغيابية، الباب، أمام ضرورة النظر إلى الكثير من الملاحظات المتعلقة بمخالفات السير، وهل الهدف منها منع المخالفات، والحوادث، أم الجباية؟
دائما، كانت دائرة السير ترفض وتفند هذه الملاحظات بالتأكيد عن هدف المخالفات، ليس جباية الأموال، وإنما منع المخالفات ومحاسبة مرتكبيها، مؤكدة أن كل إجراءاتها المتعلقة بالمخالفات، ومنها وضع الرادارت الثابتة والمتحركة سليمة ولها هذا الهدف.
ولكن قرار مدير الأمن العام، في جوهره، اعتراف بأن الغاية من المخالفات الغيابية لا تتحقق، وأن مضارها أكثر من إيجابياتها، ما يستدعي فتح الباب أمام مراجعة الإجراءات كافة ووضعها في مسارها الطبيعي باتجاه تجنب المخالفات قبل ارتكابها، ومنع ارتكابها ومحاسبة مرتكبيها، من دون أي شائبة من أي نوع.
إن الترحيب الكبير بالقرار، يجب أن يدفع جميع الجهات الحكومية لإعادة النظر بإجراءاتها باتجاه تعزيز الجيد منها وتصحيح الخاطئ، فالرأي الشعبي الجماعي هو مقياس فيما اذا كان الإجراء أو القرار حقق الفائدة منه.
سؤال حساس إلى وزير الداخلية
قبل فترة، أعلن وزير الداخلية أن الأردني المطلوب على خلفية قضايا مالية، ويعيش خارج الأردن، هاربا، يتم منحه وثيقة سفر للعودة الى الأردن، من أجل تسوية قضاياه، وهذا يعني فعليا، أن الأردن لا يجدد جواز سفر المطلوب على خلفية قضايا مالية.
أريد أن أسأل عن عدد الأردنيين الذين يعيشون خارج الأردن، وفروا بسبب قضايا مالية، أو لأنهم مطلوبون بقضايا مالية، مثل الشيكات وغيرها، سواء حالات التعثر، أو حالات النصب والاحتيال، وإذا ما كان هناك رقم محدد لعدد هؤلاء، خصوصا أن التقديرات تتحدث عن آلاف الأردنيين الفارين من بلدهم، وهكذا قصة لا يجوز أن تخضع للتقديرات الشعبية، ونحن بحاجة إلى مكاشفة وإلى رقم محدد.
الجانب الأهم في هذه القضية الذي تتغافل عنه الحكومات المتتالية، يتعلق بمدى مخالفة الدستور والقوانين من جانب مؤسسات الدولة؛ إذ هل يحق للحكومة وأجهزتها، حجز جواز سفر أردني، أو عدم تجديد جواز سفره، سواء كان داخل الأردن أو خارجه، ونريد هنا السند القانوني والدستوري الذي يسمح للحكومة، عدم تجديد جواز سفر المطلوب على خلفية قضايا مالية، والذي يعيش خارج الأردن، وأين هو النص الذي يسمح للحكومة باتخاذ مثل هذا القرار الذي يصدر عن دولة تتباهى بمعايير حقوق الإنسان لديها، وتفعل العكس؟!
الأزمة التي لا يريد أحد أن يقف عندها، تتعلق بما يلي؛ فالأردني الذي فر بسبب قضية مالية، وأنا هنا لا أتحدث عن قضايا النصب والاحتيال، بل عن التعثر المالي، يخرج بجواز سفره، ويعيش في دولة ما، وربما يحصل على إقامة، وعقد عمل، على أساس جواز سفره الذي يحمله، وقد تلتحق به أسرته لتعيش معه، خصوصا حين تكون قضيته صعبة وغير قادر على السداد بسرعة، وبعد فترة تنتهي صلاحية جوازه، والتعميم عليه يمنع تجديد جواز سفره، بل يتم منحه، كما أشرت، وثيقة للعودة الى الأردن، ولأنه غير قادر على العودة خوفا من السجن، يبقى في البلد الذي يعيش فيه، الذي سيطلب منه لاحقا جواز سفر أردنيا جديدا، غير منتهي الصلاحية، من أجل تجديد إقامته، وربما إقامة عائلته في البلد الذي يعيش فيه، ولأنه غير قادر على تجديد جوازه، يتحول إلى مخالف للقانون، وإلى مطلوب ربما لسلطات البلد الذي يعيش به، وهكذا تتنزل عليه العقوبات ثلاثة أضعاف؛ أولا مطلوب للأردن، ثانيا غير قادر على تجديد جواز سفره من أجل إقامته، وثالثا مطلوب ومخالف لاحقا في البلد الذي فر إليه، وحيدا، أو مع أفراد عائلته التي باتت لاجئة.
من منح السلطات الرسمية الحق بتدمير عائلة بأكملها، من أجل دين مالي؟ خصوصا أن استقراره في بلد آخر، مؤقتا، ووجود جواز أردني ساري الصلاحية، يمنحانه فرصة لترتيب أوراقه، أو الحصول على دخل، من أجل تسوية قضيته المالية.
كل منظمات حقوق الإنسان في الأردن، بما فيها المركز الوطني لحقوق الإنسان، نائمة أمام هذه القصة، التي تعد في الأساس مخالفة للدستور، لأن الجواز ليس وثيقة للتهديد أو الابتزاز أو المقايضة، حتى لو كان حاملها متورطا في قضايا مالية، لكن من حالات كثيرة، ثبت أن العقاب يصير جماعيا، لأن عدم تجديد جواز سفر الهارب، قد يلغي إقامته خارج الأردن، ويجعله أيضا بلا عمل، فيجوع وتجوع عائلته، فوق عدم قدرته على سداد قرش واحد من دينه، وكأننا نغلق الأفق تماما في وجه المدين، وننتقم منه شر انتقام.
هذه المطالعة ليس دفاعا عن المدين في وجه الدائن، لأن الدائن له حقوق، لكنها دعوة لوقف مخالفة الدستور، ووقف العبث بجوازات السفر، ووقف التجاوز في الصلاحيات، من حيث رهن تجديد الجواز بقضية مالية، وعلينا أن نتذكر أننا بتنا أمام طائفة أردنية مشردة تتناثر في أرجاء الدنيا، من دون أن نسمح لها بالعودة إلا للسجن أو التشرد بلا وثيقة رسمية في دول العالم، وجر عائلاتها الى هذه العقوبة الجماعية بسبب الأضرار التي تقع على أرباب الأسر في هذه الحالات، وهذا معيب حقا، وعلامة على وجه دولة تقترب من المئوية الأولى، وتقول نحن أحسن من غيرنا في هذا المشرق المبتلى!
نقابة الصحفيين.. (2) اعتلال الوعي بالدور الوظيفي
تُظهر المجالس المتعاقبة لنقابة الصحفيين وعياً مُعتلاً بدورها الوظيفي، يتجلى في مغادرتها لفلك منتسبيها والمهنة، مقابل الانخراط بأدوار مرتبطة بمصالح ومُشكلات المؤسسات الصحافية ومُلّاكها.
يعود الوعي المعتل إلى إشكال مفاهيمي، قِوامه الخلط بين كون النقابة إطاراً خالصاً للمهنة ومنتسبيها، وبالتالي هما هدفها وغايتها ومركز نشاطها، وبين كونها إطاراً حليفاً للمؤسسات الإعلامية، باعتبارها مُشغّلة لمنتسبي النقابة، وهذا يعني بالضرورة الانخراط في الدفاع عن مصالحها ومُشكلاتها وإخفاقاتها.
قانون نقابة الصحفيين لعام 2014، وبعيداً عما يتضمنه من اختلالات وعجز، يرسم حدوداً واضحة لأهداف وغايات النقابة وعضويتها والأعمال التي تُعد عملاً صحافياً، وهي حدود لا متسع فيها للمؤسسات الصحافية، وتحصر دور النقابة الوظيفي في المهنة ومنتسبيها دون سواهم.
لكن، من أين تخلّق الإشكال؟ تطورات قانون النقابة تُظهر بوضوح أنه بدأ مع مرحلة التأسيس، وتحديداً من قانون 1953، الذي سمح – حتى تعديله عام 1998- بعضوية وتمثيل مُلّاك المؤسسات الصحافية في مجلس النقابة بثلث عدد الأعضاء، ما أخضع قرار النقابة أولاً، واختطف دورها الوظيفي ثانياً، والأخطر أنه أنتج وجذّر وعياً مُعتلاً لدى الفاعل النقابي، ممثلاً بمجلس النقابة التأسيسي ووصولاً إلى الحالي.
ورغم تعديل القانون، إلا أن الوعي المعتل أو الزائف استمر، وبات مُحركاً للسلوك، دون أدنى جهد لدراسة انتاجيته اعتماداً على شواهد من التجارب العملية، وهي عديدة في هذا المجال، وتجلّت في انتكاسات وإخفاقات متتابعة، وتضمنت نكوصاً على حقوق الصحافيين والصحافيات، وتبديداً لحقوق النقابة نفسها.
عملياً، ثمة أسباب مُفسّرة لاستقرار الوعي المعتل في عقل الفاعل النقابي، وأدت لفراره من سياق دوره الأصيل إلى الاختباء خلف سياقات زائفة، لعل واحداً منها الفقر الإدراكي لأعراض المشكلات والتحديات التي تجابه الصحافيين والصحافيات ومهنتهم، وتالياً تقديمه تشخيصاً قاصراً وعاجزاً لأسبابها وجوهرها، ما يؤدي حتماً إلى اجتراح حلول لا تقوى على العلاج، لتعود التحديات مُجدداً وقد تعاظمت واستعصت.
وأياً كانت الأسباب والتحديات، لا بد من إدراك حقيقة أن اعتلال الوعي أدى إلى:
أولاً: تحويل نقابة الصحفيين إلى أداة لتحقيق غايات المؤسسات الصحافية ومُلّاكها.
ثانيا: تهشيم سلطة النقابة، وإحالتها إلى مؤسسة رخوة، لا تسمن ولا تُغني.
ثالثاً: خلخلة إرادة الصحافيين والصحافيات ونديتهم في العلاقة مع المُشغلين، وتهميش مصالحهم وحقوقهم.
لا يوجد في القانون الوطني ما يمنع مُلّاك المؤسسات الصحافية من تنظيم أنفسهم، سواء في مجموعة ضغط أو إطار نقابي، ولديهم من الإمكانات والقوة ما يُمكّنهم من ذلك، وبطبيعة الحال هم أدرى بالتحديات التي تعترضهم وسبل مواجهتها، ولكن بعيداً عن نقابة الصحفيين.
تشدّقنا طويلاً نحن الصحافيين والصحافيات بعبارات استعادة نقابتنا ودورها الوظيفي، لكن دون أن نحرك ساكناً فينا، وكان الصمت على الوعي الزائف ديدننا، حتى أصبح بيتنا مرتعاً مُزدحماً، ولم يعد لنا مكان فيه، فبتنا خارجه في العراء، وآن الأوان لاستعادته.
الفصل البائن، وعياً وممارسة، بين نقابة الصحفيين والمؤسسات الصحافية، هو أولى الخطى على درب استعادة دور النقابة حيال المهنة ومنتسبيها، ودون ذلك سنظل في علاقة ذيلية، وسنجد أنفسنا ضحايا لأجندة زواج آثم صمتنا عنه.