ملايين الأردنيين عرضة للخطر، والاقتصاد يتآكل كلما تأخرت عودة الحياة والإنتاج إلى طبيعتهما. هي معادلة صعبة، ومع ذلك فهي واقع يجب أن نتعامل معه بجدية بالغة، فالوقت يستنزفنا، والمستقبل إن لم نصل إليه نحن، فهو لن يأتي إلينا بمفرده.
المشكلة الكبرى، أنه كلما تحقق منجز في هذا الاتجاه، وبدأ الأمل يتسرب إلى قلوب الأردنيين بقرب انتهاء أزمة انتشار فيروس كورونا، وأنها في طريقها إلى الزوال، يعود الزمن إلى الوراء نحو نقطة الصفر من جديد، وذلك جراء أخطاء مجانية يرتكبها بعض ممن يعيشون بيننا، وممن لا يجدون ضيرا في سلوكيات سلبية تهددنا جميعنا بالخطر.
تنبيهات حكومية كثيرة وتحذيرات مستمرة، وتأكيد رسمي بأن الدولة تراهن على وعي الناس وإدراكهم لخطورة الوضع، وأن الوعي سلاح رئيسي في الحرب على هذا الوباء، ومع ذلك ما تزال فئة كبيرة تسمع إلى ما يقال من دون أن تعيه أو تستوعب أهميته، فزرعوا بذلك الألم وبثوا بتهورهم الفيروس، متنقلين بين الناس ومخالطين لهم من دون أي شعور بالإثم أو بتأنيب الضمير.
سلوك هؤلاء واستهتارهم يجب أن لا يمر من دون حساب، فبلد بأكمله؛ شعب واقتصاد، عرضة للتدهور بسبب عدم التزام هذه العينة من البشر بتعليمات الحجر المنزلي، ضاربين بعرض الحائط بحياة أقرب الأشخاص إليهم، وحياة المواطنين بشكل عام.
كيف يفكر هؤلاء؟ العقل لا يمكن له أن يصوغ مبررا واحدا يسمح لمن خالط مصابا بكورونا، أو مشتبها بإصابته به، أن يتجول بين الناس مصافحا هذا وذاك، أو يحط ركابه في الأسواق يبتاع من هنا وهناك، من دون أن يتوجه إلى المستشفى للإبلاغ عن حالته المرضية. هؤلاء ينفثون سمومهم في الأرجاء، ليبقى الوطن حبيس هذا الوباء، ويبقى الصمت يخيم على المصانع والمحلات التجارية، وتبقى الشوارع خالية من روادها، يقتلها الهدوء.
الدولة بجميع أذرعها التنفيذية والأمنية مطالبة اليوم بأن تضع حدا لمثل هذه السلوكيات عبر تطبيق أشد العقوبات بحق هذه الفئة، فأغلب حالات الإصابة بالفيروس المسجلة مؤخرا كانت بسبب عدم الالتزام بالحجر المنزلي، وأمثلة هؤلاء كثيرة؛ كبائع سوق العارضة، وطبيب الرمثا، وموظف مستودعات فارمسي ون، وموظف الفندق، وغيرهم.
في الفترة الأخيرة لم تسجل حالات من الخارج لأن الحدود مغلقة، والإجراءات التي اتبعت في هذا الإطار كانت شديدة وحاسمة بلا اعتبارات أو تهاون، وقد حوصر الفيروس خارج خريطة الأردن، ومن أجل أن تنتهي القصة بأكملها يجب أن يوازي ذلك إجراءات مشددة داخليا، وقاسية إن لزم الأمر.
شخص مثل موظف المستودعات، الذي أعلن عن علمه بإصابته بالفيروس ومع ذلك ذهب إلى مكان عمله وصافح من حوله من زملاء العمل، بلغ تأثير سلوكه الدرجة القصوى، حيث أتى على 103 فروع لفارمسي ون، وقضى على حركتها التجارية بالغة الأهمية في هذه الفترة، وهدد حياة الصيادلة، وموظفي الأمن، وموظفي الخدمات في الفروع كافة، وسائقي مركبات النقل والموزعين، وأثر أيضا على تلبية احتياجات الناس في السوق.
لماذا يجب تجريم هؤلاء؟، فبالإضافة إلى ضرورة محاسبتهم على عدم مسؤوليتهم، فإن الواقع وعدم المبالغة يقولان إن الأردن لا يحتمل أي أزمة اقتصادية أو اجتماعية، والحديث عن الصمود طويلا في هذه المعركة ضرب من الخيال، فالتكلفة ستكون باهظة الثمن، والنتيجة كارثية ستأتي على الأخضر واليابس.
الفقراء سيزدادون فقرا، والعمالة التي تعتاش على رزق كل يوم بيومه باتت تئن من سوء الحال المادي، والقطاع الخاص لن يقوى على دفع رواتب الموظفين وأبوابه مغلقة، وعندها سيكون هؤلاء بلا عمل ولا دخل شهري يعتاشون من ورائه، ومن أجل هؤلاء يجب أن تنحي الحكومة جانبا لغة اللين التي تنتهجها في بعض الأحيان، وأن تلجأ إلى التصعيد معهم، حتى لا يكون الأردنيون في خطر.
كتاب واراء
مكرم الطراونة يكتب: الأردنيون في خطر
شركات التأمين بين المسؤليه والمساءلة.
بحمد الله انخفضت حوادث السير والمراجعات الطبية للمؤمنين في القطاع الخاص أو نكاد نقول انعدمت بسبب الحظر وعدم خروج الناس من بيوتهم الا تحت الحالات القصوى .
ومابين عقود الاذعان والمسؤولية الاجتماعية، نتساءل، أين حكومة الأزمة، أو أزمة الحكومة فيما يتعلق بشركات التأمين سواء تأمين المركبات أو التأمين الصحي، بعد توقف النشاط السكاني ؟
وأين حقوق الاشخاص الأمنين أو على الاقل أين مسؤلية هذه الشركات في أزمه حجز المركبات مثلا أو فحوصات المختبرات الناتجة عن كورونا والمستلزمات الطبية؟
لذلك على الحكومة أن تبادر مثلما فعلت مع كل القطاعات لتشيكل خلية لمحاسبة أصحاب الحظوة والفخامة ممن اسأثروا بالحريات الاقتصادية ما قبل كورونا ، وطالتهم شبه فساد من خلال تملك الشركات الكبرى ويمارسون ادوارا اقتصادية عديدة.
والان حتى في ظل الازمات مع ما تقوم به شركات او مؤسسات ذات علاقة ،بالتحكم بسوق الكمامات وبعض المستلزمات الطبية التي وصلت الى اسعار باهضة تجاوزت عشرة أضعاف سعرها الحقيقي، فالكمامات اسعارها تختلف من صيدلية الى اخرى، وكذلك وصل سعر فحص الكورونا ٥٥دينارا،وهو فحص بالغ الضرورية وبمكن أن يفرز الاصابات ويحمي المجتمع لو كانت أسعار الفحص معقولة ،ولتمكن الكثير من اجراءه على حسابهم وبالذات الذين يتعاملون مع مجموعات من الناس ،مثل عمال المخابز والسوبر ماركت وقطاع الأغذية ضمن آلية معينة ويمنحوا شهادات خلو أمراض تسمح لهم ممارسة نشاطهم.
.حضر التجول وتحقيق الأهداف
بقلم
د . صخر محمد المور الهقيش
منع أو حظر التجوال هو حظر حركة الناس في كافة المحافظات في منطقة ما أو بلد لظروف استثنائية والتي تكون عادةً ضمن مدى زمني معين؛ كأن يفرض على سبيل المثال حظر التجوال من بعد المغرب إلى ما بعد الفجر. وفي العادة يفرض حظر التجوال من قبل الحكومة.
وبما أن المملكة الأردنية الهاشمية الحبيبة تمر بظرف استثنائي في هذه المرحلة الحرجةوالحساسة والتي اقتضت متطلبات المصلحة والسلامة العامة فرض الحظر على المواطنين.
وتأسيسا لما تقدم وبما ان الهدف من حضر التجوال هو المحافظة على السلامة والصحة العامة بما يتلائم مع مقتضيات المصلحة العامة للمحافظة على اقتصاد الوطن وعلى كافة المواطنين على تراب هذا الوطن الحبيب.
أن الجهود الكبيرة التي تبذل من قبل الحكومة والأجهزة الأمنية والجيش العربي المصطفوى بتوجيهات ومتابعة من لدن سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وبما أنه سيتم تشغيل بعض المرافق العامة والمهمة ومنح تصاريح لبعض القطاعات الإنتاجية والخدمية والاقتصادية الهامة والتي تشكل رافدا للاقتصاد الوطني واتمنى ان تكون على اقل نطاق بما يفي بقيام تلك القطاعات بعملها ولا يتم التوسع فيها وهذا من شأنه التقليل من انتقال وتفشي الوباء وهذه الغاية المرجوة من الحظر .
كذلك اقترح على أصحاب القرار وهم اكفاء في تولي المسؤولية اتخاذ الإجراءات والقرارات التي تصب لمصلحة الوطن والمواطن بأن يتم فصل المحافظات والالوية بعضها عن بعض بشكل فعلي ورسمي ووضع طريقة لايصال المواد الغذائية واحتياجات المواطنين في كل محافظة شريطة تعقيمها قبل دخولها من محافظة لمحافظة ومن لواء الى لواء حفاظا على سلامة المواطنين ومنع الاصابة ونقل العدوى سيما وأن هنالك محافظات والوية لا يوجد بها اصابات والحمد لله رب العالمين.
وعلى الجانب الآخر على كل محافظة ولواء لايوجد به اصابات رفع حظر التجوال عنه والسماح له بممارسة الحياة الطبيعية داخل المحافظة واللواء فقط وذلك لتخفيف على المواطنين والمساعدة في دعم الاقتصاد الوطني الذي واجه الكثير من المشاكل في الأيام الماضية،
حفظ الله الوطن الحبيب وشعبة وحفظ الله قيادتنا الهاشمية الحكيمة.
دولة الرئيس : الصحفيون لم يتخلوا عن مهامهم
مع أن الصحفيين تحكموا في المعلومة وتصدوا للمهمة الصعبة في مواجهة الكورنا، وتقديم النصح والارشاد الى المواطنين لحمايتهم من الوباء الذي تفشى في معظم دول العالم ،لكن في حسابات الحكومة لم يكن لهم القوة في التحكم بالقرار،مثلما فعل الاقتصاديون والتجار الذين استغلوا سلطة المال، حتى انحرفت المخططات عن مسارها، ليتحكموا بمجريات الامور وفقا لمصالحهم ،فبدت القرارات تتبدل بين الحين والاخر وفقا ل”قوة المال ” ،فعندما فتحت المحال التجارية أبوابها كان الناس يتزاحمون على الشراء،وصارت الفرصة سانحة لفرض ما يريدون .
الاجتماعات توالت مع رئيس الوزراء،فالتاجر الذي يجمع 12 الف دينار يوميا لا يمكن ان يذهب بها الى المنزل ،لذلك كان قرار افتتاح البنوك لايداع هذه المبالغ،بعدها رغم الحظر كان لقاء التجار عن بعد، مع رئيس الوزراء لتشغيل المصانع والمنشآت المتوسطة والصغيرة ،والخروج باتفاق لتحديد المتضررين من العمال الذين يعملون في الاماكن المتضررة والحكومة تعد قائمة بالمتضررين.
كل هذه الاحداث التي كان ينتظرها الناس ، كان الصحفيون يعملون ولم يتخلوا عن مهماتهم، ظلوا على تواصل مع الناس، ينقلون الاخبار ويتابعون تفاصيلها لتصل الى الناس باسرع وقت ،وتفاعلوا مع أصوات المظلومين،ومع مختلف الفئات التي تضررت لايصال مطالبها الى الحكومة، وقبل أن تتحرك “سلطة المال ” لتحديد المتضررين منهم.
بحكم تطورات المهنة والتكنولوجيا ظل الصحفي يعمل من بيته ،والتزم بالحظر ،ولم يخرقه ،فهو منذ سنوات يعمل في مكان تواجده أينما يكن ، قد يعمل من السيارة أو المكتب او واقفا في الشارع ،وفي بيته ، وسيلته التي يبث منها اخباره في يده من “الاب توب” او جهاز “الموبايل” ، الصحفيون الحقيقون يواصلون عملهم بكل شفافية، ينقلون هموم الناس ومطالب التجار والاقتصاديين،وينقلون رسالة الدولة الى الناس في هذا الظرف الصعب والى العالم ،حتى أصبح العالم يقارن بين الاجراءات التي قامت بها الحكومة الاردنية،وما قامت به دول العالم في حصر الفيروس الذي لم تُعرف حقيقته لغاية الان،ولا الوسائل الناجحة لمواجهته، سوى الاساليب التقليدية المعروفة من نظافة وغسل يدين والبقاء في المنزل والابتعاد عن التجمعات .
رغم التفوق الاردني في الاجراءات الوقائية في مواجهة كورونا،لكن العالم تفوق علينا في النظر الى الصحافة،فمعظم الدول وضعت حلولا حتى لا تغفو الصحافة الورقية أو تندثر- لا سمح الله – وخاصة ان الصحافة الورقية خسرت كثيرا نتيجة توقف الاعلانات،وتوقف محركات الصحافة ذاتها في بعض الدول، وحتى الصحافة الورقية التي تصدر لم يكن المعلن مشجعا لها ، ويرفض ان يضع اعلانه بجوار القصص التي تتحدث عن الوباء، معتبرا ان المحتوى غير لائق، فالصحف البريطانية ،بحسب (الابزيرفر) خسائرها وصلت الى 57 مليون يورو، مع توقعات ان تكون الخسائر أكبر لو استمر تفشي المرض لمدة ثلاثة أشهر أخرى.
في ظل هذا الواقع نظرت الحكومات الغربية الى الصحافة وقدمت الدعم لها ،فمثلا حكومة الدانمارك خصصت حوالي 24 مليون يورو لإنقاذ وسائل الإعلام المحلية،وفي اميركا كانت ادارات الصحف تتحرك كي تتدخل الحكومة وتعوضها عن خسائرها، وطلب بعض الناشرين الأمريكيين من الحكومة التدخل ،لان عائدات الإعلانات على مواقع الأخبار الأمريكية انخفضت بنسبة تصل إلى 50 بالمائة، كما ان بعض الصحف العربية حصلت على دعم حكومي.
منظمة مراسلون بلا حدود اطلقت موقعًا إلكترونيًا لرصد آثار الوباء على الصحافة في كل دول العالم،ونحن في الاردن من اكثر المتضررين كون صحافتنا الورقية توقفت ،واستعانت بالنشر الالكتروني، الذي ظل يعمل لكن دون عائد اعلاني وبالتالي كان الضرر كبيرا،مما يستدعي من الصحفيين وادارات الصحف والمواقع الالكترونية وحتى الاعلام المرئي والمسموع ، بفتح خط ساخن مع الحكومة لتعويض الصحافة بكل مكوناتها لان قطاع الصحافة ظل يعمل في مواجهة كورونا ولم يتخل عن مهامه في ظرف صعب تعيشه البشرية جمعاء .
لأنني اشتقت لعمان سأبقى في البيت
في زمن كورونا تتغير الأولويات، وتدخل على حياتنا عادات جديدة لم تكن حاضرة في أوقات سابقة، فكورونا التي قيّدتنا في البيت، جعلتنا نتعرف على أنفسنا من جديد، نتعرف على المكان الذي كنا نسكن إليه، نتعرف على أولادنا وعوائلنا وميولهم وأفكارهم، نعرف كيف يفكرون وكيف يتعاملون مع الأشياء، نعرف زوجاتنا وأمهاتنا وأخواتنا بشكل مختلف، ونعرف أن البيت لم يكن بالنسبة لهنّ مكان راحة فقط، وإنما مكان عمل متواصل، جعلتنا نعرف كم تمكث سيدة البيت في المطبخ لتلبية طلبات الأولاد ونظافة المكان، والتعامل مع حاجيات أخرى كنا نجهلها أو نغض النظر عنها.
نتمنى أن تنتهي الأزمة التي تجتاح العالم قريبا، وأن نخرج للشارع ونرى السيارات، والناس تعمل، ونشاهد العمال في مصانعهم والمطاعم تفتح، والأماكن عاد لها وهج الناس وحضورهم، وصحيح أننا نريد أن نرى عمان وباقي محافظاتنا، وأن نمشي في شوارعها نحتضن أهلها نخبرهم بشوقنا، ولكننا في الوقت عينه نريد أن نخرج للشارع ولعمان وباقي محافظاتنا لكي نحضنها بعد أن نكون قد التزمنا بيوتنا ومارسنا حماية ذاتية على أنفسنا وعلى محيطنا ومنعنا انتشار الوباء، وخلصنا وطننا منه واحتفلنا.
وقت ذاك يمكننا أن نخرج لنتحدث عن الشوق للمكان، فأنا العماني شوقي لوسط البلد كبير، فهذا المكان أعشقه وأشعر انه يعشقني، وأتمتع وأنا أتمشى فيه وكأنني أتحسس أقدام عوالم مرت سابقا، وأخط بقدمي خطوة جديدة لعوالم ستأتي بعد مئات السنين لكي تعبر من المكان ذاته، وتشعر بذات العشق الذي يشدني.
الحق يقال، فالحب لا يمكن أن يخفيه عاشق، اشتقت لعمان كما اشتاق غيري لذات المكان، ولأماكن أخرى، اشتقت لإربد، وأن اصطحب أولادي وزوجتي إليها لنتناول الغداء في أحد مطاعمها، ومنها نمر لأم قيس نسلم على المكان، نلقي التحية على الجولان المحتل وطبريا السليبة، نستذكر معا أنشودتنا الخالدة ونحن نطالع البحيرة فننشد (وجوه غريبة بأرضي السليبة)، اشتقت للكرك وقلعتها، والسلط وشوارعها، ومادبا وأزقتها، وعجلون وهواءها وربضها، وجرش وأعمدتها، والمفرق ومن مر بها، والزرقاء ومن سكنها، والطفيلة وروعتها ومعان وبيوتها والعقبة وبحرها.
اشتقنا والمحب لا يخفي شوقه، اشتقنا لكل محافظاتنا وألويتنا ولكننا في الوقت عينه نشتاق أكثر للأردن الذي نحب، والذي وجب علينا حمايته حتى يبقى هذا الحمى وشعبه بخير، وحتى نخرج معا من تلك الأزمة ونحن أكثر قوة وقناعة أننا يجب أن نكون معا، نؤسس للأردن الذي نريد، ونصنع الحلم الذي كنا نفكر فيه، حلم كنا نتحدث عنه طويلا في المؤتمرات وأوراق العمل، وأن ننتقل بالأردن أنموذجا وطنيا ديمقراطيا يتسع للجميع، أردن يسوده القانون وتعمده الحرية، بحريات وأحزاب ونقابات وبرلمان، أردن قوي لدولة حضارية منتعشة بهمة مواطنيها، أردن نرفض فيه جميعا أن يكون أحد فوق القانون، أردن بلا واسطة أو محسوبية أردن تتعزز فيه قيم المواطنة، وتسوده العدالة، ونجتث فيه الفساد والإفساد.
فدعونا نستفد من العبر الذي يتوجب استخلاصها من أزمة كورونا، ونقتنع أن هذا الوطن يتوجب حمايته، وأنه يمكن أن نخرج من أزمتنا أكثر قوة وقناعة بأننا يتوجب أن نؤسس لدولتنا المدنية التي نريد، دولة تذوب فيها العصبية القبلية ويحضر فيها حب الوطن وفكر الوطن وأن الوطن للجميع، دون استثناء.
وأخيرا يحق لي أن أقول إنني اشتقت لشوارع بلدي لأزمة السيارات فيها، اشتقت للعبدلي والحسين والنظيف واللويبدة والنزهة والتاج والأشرفية والمصدار والشميساني والرابية ووادي السير ومرج الحمام وصويلح وضاحية الرشيد، ولكني سأبقى أسير شوقي حتى نتعافى جميعا ونخرج لنحتفل معا.
سؤال المليون في الأردن اليوم
سؤال المليون اليوم هو؛ متى سينتهي كابوس الحظر وتوقف الأشغال والأعمال في المملكة؟ وهو سؤال ستجد مثله يتكرر بكل الدول بعد أن وحّد “كورونا” البشرية من حيث لا تحتسب.
قد يبدو الحديث عن خلاص فردي لدولة أو مجتمع ما من أخطار وتداعيات هذا الوباء الكوني أمرا صعبا، فالمعركة كما الوباء عالمية وعابرة للحدود ولا مناص من التعاون والتكاتف دوليا لوقف هذه الجائحة بالرغم مما يعتري هذا التعاون حاليا من خلل في ظل إنكفاء كل دولة على نفسها بمعركتها الخاصة، لكننا نعتقد أنه انكفاء جاء من هول الصدمة الأولى وبدافع من حسابات السياسيين قصيرة النظر، ولا بد من تجاوز ذلك باتجاه عمل جماعي وتعاوني أكبر لتنتصر البشرية بهذه المعركة.
ومع ذلك؛ فإنّ لكل دولة خصوصيتها وظروف معركتها بالاشتباك مع هذا الوباء، لذلك يبدو تخصيص السؤال عن وضعنا في الأردن ممكنا ويفترض به أن يكون قابلا للإجابة ضمن عدة افتراضات واحتمالات يجب أن تنبني على معطيات موضوعية وقابلة للقياس والتحليل.
فمتى يمكن أن ينتهي كابوس الحظر وتوقف الأعمال وأن تعود المدارس والجامعات للحياة في الأردن؟ الثابت أولا أنّ على الجميع أن يوطّن نفسه لمعركة طويلة حتى الانتصار النهائي على هذا الوباء والوصول إلى أدوية ومطاعيم لمكافحة العدوى والمرض أو ضعف وتراجع قوة هذا الفيروس مع الأيام كما يأمل بعض العلماء، لذلك فإنّ المعركة حتى الوصول لتلك المرحلة تستوجب اليقظة وتعزيز إجراءات الوقاية والحد من مصادر العدوى قدر الإمكان.
أردنيا؛ ثمة معطيات عديدة على الأرض تبدو مبشرة في القدرة على محاصرة انتشار الوباء والحد من توسعه، تتجلى في تراجع وانخفاض أعداد الحالات المكتشفة من الإصابات حتى مع التوسع بعمليات الفحص والتقصي الوبائي، وهي نتيجة واضحة للسياسة والإجراءات الحكومية المشددة مبكرا من فرض الحظر الشامل بداية ثم الجزئي على حركة المواطنين والتجمعات وتعطيل المؤسسات والشركات وأيضا بوقف حركة الطيران والسفر وفرض العزل الطبي للقادمين من الخارج.
الاستراتيجية الصحية الأردنية بمكافحة انتشار الوباء ركزت كما في العديد من الدول على محاصرة أهم مصدرين لانتشار العدوى، وهما القادمون من الخارج، خاصة من الدول الموبوءة بالفيروس إضافة للمخالطين للحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها وذلك بالتزامن مع تشديد الإجراءات لمنع الاختلاط الاجتماعي والتجمعات ما أثمر- بحمد الله- انخفاض أعداد الإصابات المحلية وانعزالها في بؤر صغيرة على مستوى العائلة، إذا ما استثنينا طبعا قصة العرس الشهير.
هذا التراجع المطرد بأعداد الإصابات وانحصار تسجيلها في المخالطين الأقربين على مستوى العائلة يبشر بأنّ انتشار العدوى في انحسار، وإذا ما انقضت فترات العزل وقابلية العدوى للحالات المصابة في ظل التزام الناس بالتباعد وأخذ الاحتياطات الوقائية فسنكون- بإذن الله- قريبا أمام مرحلة تجفيف هذا الفيروس محليا إلى حد كبير.
أما حركة الطيران والقادمين إلى المملكة فيفترض بها أن تبقى متوقفة إلى أبعد حد (ربما لما بعد شهر رمضان كما توقع وزير الصحة) حيث أن مصدر العدوى المتبقي والرئيسي هو عبر القادمين من الخارج. وبخصوص الأردنيين في الخارج ممن تقطعت بهم السبل ويرغبون بالعودة فيمكن تنظيم العودة لهم لاحقا ضمن اشتراطات وظروف حجر مشددة تحميهم وأهليهم والمجتمع كله من خطر نشر العدوى مجددا.
ضمن هذه الظروف والمعطيات المتفائلة يمكن أن نتوقع اقتراب رفع الحظر عن الحركة وعودة عجلة العمل والإنتاج والحياة تدريجيا قبل حلول رمضان المبارك نهاية هذا الشهر، وقد تكون هذه العودة للحياة الطبيعية جزئية تطال مناطق ومحافظات قبل غيرها ارتباطا بمدى خلو كل منطقة ومحافظة من العدوى مع امتداد تقليص الحركة بين المحافظات إلى حين اكتمال حلقة السيطرة على انتشار المرض.
كل هذا السيناريو المتفائل يعتمد أساسا على نجاحنا حكومة ومواطنين في الأسبوعين المقبلين في استكمال إجراءات العزل والتقصي والالتزام بعدم الاختلاط الاجتماعي إلى أقصى حد.
تصاريح الحظر
التجربة الأردنية في إدارة وتطويق الأزمة أراحت الأردنيين وعززت الانتماء وأظهرت البلاد بصورة أجمل في عيون أبنائها والعالم. كما كان مذيع محطة الـ CBS الأميركية وولتر كرونكايت يطل على الأميركين في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ليطمئنهم على سير المعارك مع فيتنام أصبح الأردنيون على موعد مع إطلالة الوزيرين أمجد العضايلة وسعد جابر كل مساء.
إلى جانب الإنجازات العظيمة للدولة وأجهزتها؛ أطلت قضية التصاريح وسوء إدارتها وحصول بعض من لا يستحق على أعداد منها لتربك المشهد وتثير القلق خصوصا بعدما تناقلت الأنباء احتجاز بعض هؤلاء على خلفية ضبط أعداد من التصاريح التي سربت لأشخاص لا علاقة لها بالخدمة العامة ومصالح المواطنين في الظروف التي أوجبت ذلك.
قصة التصاريح تموجت يمينا وشمالا لتطال ناشرين وتجارا ونوابا ووزراء، وتضخمت الأرقام لتتحدث عن آلاف التصاريح التي منحت لتلك الشركة أو ذاك القطاع دون أن تظهر بيانات تفصيلية تبدد الشكوك وتحدد المسؤوليات وتضع حدا للقيل والقال الذي تنامى بمتوالية يصعب فهمها أو رسم حدودها.
المدهش فيما حدث التوقف المفاجئ لسلسلة الأحاديث والاتهامات التي طالت من تحملوا مسؤوليات توزيع أكثر من 150 ألف تصريح، وحصر الحديث عما جرى في وزارة الزراعة بل نشر بيانات تفصيلية عن أرقام قيل إن الوزارة وزعتها على شركات وجهات بعينها دون ظهور الصورة الكلية لما حصل.
التصريحات التي أوردها معالي وزير الزراعة وتطابقت مع ما قاله عدد من النواب ممن وردت أسماؤهم في القصص والروايات المتداولة تنفي صحة الأرقام التي تقول بأن شركة ألبان حمودة حصلت على 4700 تصريح، وأن النائب الفلاني حصل على كذا وكذا. حقيقة الأمر أن مجموع ما حصلت عليه الوزارة من تصريحات للقطاع الزراعي لم يتجاوز 10700 تصريح من أصل 150000- 200000 تصريح جرى توزيعها على مختلف القطاعات الحيوية الضرورية لإدامة الحياة في البلاد. ويعتبر هذا الرقم خمس ما حصل عليه النقل، وقريبا مما حصلت عليه المخابز.
في الأردن والعالم يتفق الجميع على أن المدن لا تنتج غذاءها لذا فهي تعتمد في الحصول عليه على الأرياف والسهول والمناطق الزراعية، الأمر الذي يجعل من مهنة الزراعة عملية ذات سلاسل مترابطة ومتداخلة ومعقدة، وحيث يعتمد الإنتاج على عدد من الأنشطة والعمليات السابقة والملازمة واللاحقة التي تتطلب وجود ما لا يقل عن ربع مليون عامل في المزارع والحقول والمراعي للقيام بأعمال الري والتسميد والقطاف وتغذية الدواجن وجمع البيض والعناية بالأبقار وجمع وتصنيع الألبان والنقل والرعي والتصنيع والتشغيل. خلال الأزمات ومع تنامي القلق الوجودي يتزايد إقبال الناس على المواد الغذائية كرد فعل غريزي لإحساسه بالخوف والقلق الأمر الذي يجعل من توفيرها هدفا أمنيا وصحيا وتعبويا.
إيا كانت الحقيقة والملابسات فإن اللافت خلو المؤتمرات والبيانات الصحفية من المعلومات التي تضع المواطن في صورة ما حدث وتطمئن الناس إلى صحة وسلامة الإجراءات المتخذة حيال قضية التصاريح وما أثير حولها من روايات. فلا أحد يعتقد أن القصة تنتهي عند ما حدث في وزارة الزراعة ودفع بالوزير للاستقالة. حتى اللحظة لا تكفي إشارة رئيس الوزراء العابرة في حديثه على “ستون دقيقة” بأن القطاع الزراعي هو الأوسع انتشارا وتنوعا وتمددا وشكره للوزير المستقيل والإشادة بجهوده.
في الأردن هناك من يعتقد بوجود أخطاء في أماكن ومواقع أخرى شارك فيها أشخاص في مواقع رسمية وإعلامية، ينبغي عدم السكوت عنها احتراما لما قام به الوزير الشحاحدة وتكريسا لأخلاقيات العمل الوطني الجاد الذي يتحمل فيه كل مسؤول مسؤولياته بشجاعة وفروسية دون الاختباء وراء أي حجج وتبريرات ومراوغات لا يحتملها الموقف ولا العلاقة الصحية الآخذة بالتطور بين الدولة والمواطن.
لا بد من التضحيات
في الوقت الذي تتضاعف فيه تضحيات لاعبي البطولات الألمانية والإسبانية والإيطالية برواتبهم، بهدف تقليل التأثيرات المالية التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد على أنديتهم، الا أن لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز ما يزالون مترددين في السير بذات الطريق، في موقف أثار إستياء شعبيا وأصبح يتخذ منعطفا سياسيا، ما حدا برئيس لجنة العموم للثقافة والإعلام والرياضة جوليان نايت، وصف سلوك اللاعبين بأنه “غير مقبول أخلاقيا”، مطالبا بفرض ضريبة محددة على الاندية التي تضع “موظفيها من غير اللاعبين على البطالة الجزئية مع الاستمرار في دفع أجور لاعبيها” بشكل طبيعي.
ويبدو العالم اليوم وحتى يشاء الله غير ذلك، تحت تأثيرات “فيروس كورونا”، الذي أطبق على حياة البشرية وجعل الناس بمثابة “رهائن” في منازلهم خوفا من التعرض للاصابة او الموت، بعد أن واصل عداد الاصابات والوفيات دورانه بشكل متسارع جعل العالم يعيش كابوسا لم يخطر على بال أحد.
وإذا كان لاعبو الأندية الانجليزية يقاومون اليوم فكرة “التنازل والتضحية” لصالح الأخرين، فإن رابطة الدوري الاسباني لكرة القدم نصحت انديتها، باتخاذ اجراءات تتعلق باعتماد البطالة الجزئية، من اجل تقليص الخسائر الاقتصادية، حيث تسمح قوانين تنظيم العمل في اسبانيا بتقليص ساعات عمل الموظفين، وبالتالي تخفيض اجورهم بالاضافة الى تجميد العمل بالعقود مؤقتا.
وتتوقع رابطة الدوري خسائر قد تصل الى 956 مليون يورو في حال الغاء الدوري المحلي وبطولات اخرى مثل دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ).
اما اذا استكمل الدوري من دون جمهور، فان الربح الضائع سيكون قرابة 303 مليون يورو، في حين يتقلص مع الجمهور الى 156 مليون يورو.
ولا شك أن ثمة جوانب مضيئة في عالم نجوم الرياضة، وتدل على شعور النجوم الاثرياء بحاجة غيرهم من الناس للدعم، حيث تبرّع النجم البرازيلي نيمار بنحو مليون دولار أميركي لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد في بلاده، وسيُسدّد المبلغ جزئيا إلى “يونيسيف” وصندوق تضامن انشأه صديقه المقدم التلفزيوني الشهير لوسيانو هوك.
كما تبرع لاعب برشلونة السابق والمدرب الحالي للسد القطري، تشافي هيرنانديز وزوجته نوريا كونيليرا بمليون يورو لمستشفى (كلينيك دي برشلونة) مثلما فعل نجم البرسا، الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى الحملة التي أطلقها المركز الطبي لجمع الأموال، لمواجهة الأزمة الحالية في ظل نقص المعدات والمستلزمات الطبية .
باختصار.. لا يمكن أن يمضي العالم قدما ويخرج من خسائره البشرية والاقتصادية المأهولة ما لم يكن هناك من تضحية يقدمها الاثرياء لصالح الفقراء.
الأردن بعد كورونا ليس كما قبله
يسأل كثيرون عما سيكون عليه الأردن بعد الخلاص من وباء كورونا، والسؤال إذ يخصص الأردن، بشكل طبيعي، إلا أن الإجابة ترتبط بالوضع في كل العالم؟
بين الناس من لا يريد أن يصدق أن وباء كورونا سيترك ضررا كبيرا على الاقتصاد، من خسارة الملايين لوظائفهم، مرورا بتراجعات أسعار النفط وأثر ذلك على دول العالم، وصولا إلى التغيرات على مستويات حياة الناس والعائلات في كل العالم.
الأردن يتأثر من زاويتين، الأولى وضعه الاقتصادي الداخلي الصعب، ومعاناة كل القطاعات أساسا قبل كورونا، ووجود ديون كبيرة على الدولة والمؤسسات والشركات والأفراد، وتأثر تعطل ماكينة العمل لشهر كامل، يليه شهر آخر هو شهر رمضان، ووجود إشكالات تتعلق بوجود مليون فقير، وتعطل مئات الآلاف من الناس عن العمل والأزمات في سداد الالتزامات والأقساط والقروض والإيجارات وغير ذلك، مما يعني أننا بعد كورونا أمام مرحلة جديدة تماما.
عالميا الكل يتابع ويرى كيفية انهيار البورصات، وأسعار النفط، وتأثر دول عظمى واحتمال انهيار بعضها، واضطرارها لإنفاق المليارات للتعامل مع الوباء، وأثر ذلك على كل القطاعات من السفر والسياحة والزراعة، وغير ذلك.
هذا يعني أن الاقتصاد العالمي في قرية صغيرة هي الكرة الأرضية، يترك أثرا على كل حلقاته، بما فيها الدول الصغيرة، أو التي لها اقتصادات صغيرة، أو مدينة للمؤسسات الدولية، والحكومات والمصارف المحلية.
دون إثارة للسلبيات نحن أمام وضع جديد في كل العالم، والأردن ليس الاستثناء، لكن حجم التأثر قد يكون أقل جزئيا كون الاقتصاد الأردني صغيرا، بكل مشاكله، لكن هناك آثار سنراها على أصعدة مختلفة، في كل القطاعات من البناء إلى التعليم، مرورا بالسياحة والزراعة، وصولا إلى التصدير والاستيراد، وعلى مستوى الأفراد والوظائف في القطاع الخاص، وحتى عودة أردنيين من مغترباتهم، بسبب إلغاء الوظائف، إضافة إلى كل ما يخطر بالبال، من قسط المدرسة، وصولا إلى دفع إيجار الشقة، أو حتى دفع ضمان سيارة الأجرة، أو سداد قسطها.
الحلول المتاحة قليلة، لكن التخلص من الوباء سيؤدي في الحد الأدنى إلى إعادة تحريك الاقتصاد الداخلي، مع الإشارة هنا الى أن الفترة الأولى بعد إعلان خلو الأردن من كورونا سوف تشهد مشاكل عديدة، بسبب تداخل الالتزامات، وتأخيرها، وربما قلة السيولة بيد الناس، لكن الحل الوحيد يبقى تحريك الاقتصاد داخليا، إذا استطاعت الحكومة إيجاد حل لدفعات القروض التي على الخزينة، وتأمين المال لدفع التزامات الخزينة من رواتب وغير ذلك، وسط مطالبات مالية لقطاعات كثيرة.
هذا يعني أن ضرر كورونا أصاب كل العالم، سواء كانت الحالات مرتفعة في بعض الدول، أو منخفضة، او حتى تم الإعلان عن خلو بعض الدول، وهذا يقول للناس جميعا، ان العالم بعد كورونا يختلف تماما عن الفترة التي قبله، والأردن مثله مثل غيره في هذا العالم الذي حلت عليه لعنة العولمة وسرعة التأثر السلبي بغيرنا.
الأمر الأهم هنا أن العائلات في الأردن أمام واقع مختلف، وستكون مضطرة أن تغير أنماط عيشها، وخصوصا تلك العائلات التي تنفق بطريقة معينة، فحتى تمر فترة الضرر الاقتصادي، ستجد كثيرا من العائلات نفسها مجبورة أن تخفض نفقاتها، وأن تجد حلا أمام انخفاض الدخل أو توقفه، خصوصا، في ظل تفشي الاستهلاك والإنفاق والانجذاب لإغراءات الأسواق وكل ما هو جديد، إضافة إلى أننا سنلمس تراجعا في سياسة التورط بمزيد من النفقات من جانب الأفراد على حساب كونها استعراضا اجتماعيا ومن باب المفاخرة، أو حتى كونها مجرد ديون من هنا وهناك.
العائلات الأقل إنفاقا ستواجه ظرفا أصعب، وبحاجة إلى حماية اجتماعية من نوع مختلف، وهي حماية قد يكون مشكوكا في القدرة على توفيرها أمام الوضع العام، إلا بشكل جزئي، وهذا يؤشر على أن ملف الفقر سيخضع لتغيرات، لاعتبارات كثيرة، وقد يزيد من حدته احتمالات غلاء السلع داخل الأردن أو في العالم، بسبب تأثر الزراعة والصناعة بكل أنواعها، وهذا أمر محسوم خصوصا الشهور المقبلة.
العالم أمام وضع اقتصادي جديد، والأردن جزء من هذا العالم، ولا نملك إلا أن نتضرع إلى الله القدير، أن تكون التأثيرات الاقتصادية علينا وعلى غيرنا، محتملة.
الجيش العربي عنوان المرحلة
الجيش العربي، عبارة تحوي مدلولا ومضمونا مغزى ومعنى، تمزج بين أصالة الماضي، وهوية التاريخ، وعمق الجذور، وأصالة المعنى، يحمل برنامجا فكريا ظاهرا من عنوانه، ونهجا موضوعيا يرسم حدوده، ومنطلقا قويما تعبر عنه رسالته، وانطلاقة معلومة المنشأ، ومحددة الأبعاد، عقيدته مقرونة بنسب لوائه، ومساره يعرف من بيرق ناصيته، هو محط رجاء الأمة وعنوان مجدها.
الجيش العربي، يعنى لدى الاردنيين الطمأنينة، ويحظى بقدسية نابعة من محتوى عقيدته، يشكل قاسما مشتركا لدى الجميع كالسبع المثاني التي يزهوا بها علمه، يحظى باحترام الكل الأردني ومودة المجموع الوطني،فإن قال سبق فعله صدق قوله، وإن وعد صدق، وإن اؤتمن أوفى بما اؤتمن عليه، وإن استلم الدفة كان للملك العزة وكان للأردنيين نعم العزوة، فلقد شكل على الدوام عنوان الرجاء وعقدة الأمل وعقيدة المجد.
الجيش العربي، يعرفه العالم بجيش الإنسانية من مقدار شراسته في حماية قيمها وقوة شكيمته في المحافظة على مبادئها، وتعرفه المجتمعات الدولية بالجيش الذي يحقق السلام بالسلم، لذا كان في الوجدان الإنساني حامل رسالة مميزة، ونهج فريد امتاز به دون غيره، فكان ان شكل عند المجتمعات الانسانية مركز الحماية، وصاحب العناية، فشكل حظوة وطنية ومنارة إقليمية ومكانة دولية، فان عهد إليه في الظروف الاستثنائية مكانه شكل بالإنجاز استثنائية منجز.
وها نحن نعيش ظروفا تاريخية، وقد تكون عميقة في طول أمدها، وعمق تأثيرها، فإن العمل الذي قام به الجيش العربي منذ إعلان الحرب ضد كورونا الوباء وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى بنجاح يعد خطوة مهمة على طريق الانتصار، وكما يهيئ الظروف للمرحلة القادمة، حيث تحتاج هذه المرحلة إلى دقة في التعاطي، كونها تستوجب ظروفا معايشة خاصة ومناخات تؤدى إلى إعاشة المجتمع بنمطية خاصة لم يعتد عليها في السابق، وضمن إستراتيجية عمل قد تحمل سمة الردعية هذه المرة، ومسارات ذات احداثيات منضبطة تقوم على تشكيل خطوط الحركة الاحترازية للمجتمع، لكن ضمن وسائل احترازية عصرية ووقائية حداثية، وهذا ما يعول عليه الجميع في تحقيق انتصار ذاتي على وباء بيولوجي بات يفتك بأعتى المجتمعات، لكن ثقتنا بالله راسخة وآمالنا بالجيش العربي معقودة بقيادة المحارب الأول جلالة الملك حفظه الله.
حمى الله الأردن من كل مكروه.