الإثنين, 3 مارس 2025, 9:22
صحيفة الأمم اليومية الشاملة
حكمة القيادة في مواجهة التحديات: مقاربة سياسية بين صلح الحديبية وقرار التهجير

كتاب واراء

أسئلة ” ماذا لو ” !

الدكتور يعقوب ناصر الدين

في خطابه أمام البرلمان الأوروبي طرح جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أسئلة “ماذا لو” التي تعتبر أحد أهم سمات الأسئلة الإبداعية في التفكير الإستراتيجي ، والتي تولد الفرضية والاختيار معا، وتجمع حولها أصاحب المصالح لكي يدركوا المخاطر التي تمسهم جميعا والمسؤوليات المترتبة عليهم، لكي يأخذوا حذرهم، ويتخذوا القرارات التي تجنبهم تلك المخاطر، وتقودهم نحو الاتجاه الصحيح الذي يحقق مصالحهم، ويفتح أمامهم آفاقا رحبة من الآمان والنجاح والإنجاز.

لم تكن تلك الأسئلة وحدها دليل على خطاب إستراتيجي بامتياز ، فقد تم عرض واقع منطقة الشرق الأوسط من حيث أن أسوأ الافتراضات ليست ترفا من الناحية النظرية، بل هي – كما قال جلالة الملك – أقرب ما تكون إلى ملامسة ذلك الواقع الذي يترك أثره على كل مكان حول العالم، وفي هذا السياق وضع جلالته القضية الفلسطينية، وجوهرها القدس، بؤرة للصراعات والانقسامات المتفاقمة بين الشعوب والأديان، حيث يستمر العنف، ويستمر بناء المستوطنات، ويستمر عدم احترام القانون الدولي.

من الأهمية بمكان أن يشير جلالة الملك إلى عنصر أساسي في تلك المعادلة حين طرح سؤال القدس محورا قائم الذات، وضمن تراتبية ذات مغزى عميق من منطلق القيمة التاريخية والدينية للقدس في قلبه، وأهميتها التاريخية الكبيرة للعائلة الهاشمية، ثم يلحقه بسؤال مركزي “هل يمكننا تحمل عواقب سلب المسلمين والمسيحيين على حد سواء من الروحانية والسلام والعيش المشترك التي ترمز إليها المدينة، والسماح لها بدلا من ذلك بالانحدار إلى صراع سياسي ؟ ” في الحقيقة أن السؤالين معا يضع أوروبا والعالم كله أمام المسؤولية بجميع أبعادها الدينية والتاريخية والقانونية، والأخلاقية أيضا.

يأتي بعد ذلك التسلسل منطقيا للأسئلة حول مصير ومستقبل شعوب العراق وسوريا، وليبيا الأكثر قربا من أوروبا، ليضع عدة جوانب أساسية في تأثير ما يجري في منطقة الشرق الأوسط على القارة الأوروبية أكثر من غيرها مثل “النفط، الإرهاب، مآسي اللجوء، مستقبل الشباب” ليصل بعد ذلك إلى رسم ملامح الطريق نحو السلام ولو كان الطريق الأكثر صعوبة، واضعا نظرية سياسية ليست مستخدمة حتى الآن للتعامل مع واقع لم يسبق له مثيل تقوم على أن السياسة ليست لعبة يفوز بها الأسرع،” ففي بعض الأحيان كلما سارعنا، كلما زاد بعدنا عن خط النهاية” !

ولا ينهي جلالة الملك خطابه من دون أن يفهم أعضاء البرلمان الأوروبي أن موقفه مستند إلى الايمان بالله والتوكل عليه، وإلى القرآن الكريم يتعلم منه درس الصبر، ومعنى القيادة ومسؤولياتها في حماية مصالح شعوبها ورفاهيتهم، واعتماد الصبر والتأني في اتخاذ القرار بحذر وروية، لا بتهور وعجالة، وكأنه يوحي بأن مصير المنطقة والعالم مرتبط اليوم وأكثر مما مضى بأولئك الذي يمكن أن يخطئوا في حساباتهم، وأن الحياد في ذلك يعني غياب الردع أو التصويب قبل فوات الأوان.

خطاب جلالة الملك، وفي مناسبة على هذا المستوى من الأهمية، وبالتزامن مع لقاءات هامة مع الأمانة العام لحلف شمال الأطلسي، ومع مباحثات مع ملك بلجيكا، ورئيس فرنسا، يلامس اللحظة التاريخية على يد زعيم عربي، وقائد لبلد تكمن أهميته في موقعه ودوره في الحفاظ على التوازن الإقليمي، ومعالجة الأزمات بأعلى درجات التفكير الإستراتيجي، فضلا عن الحكمة والخبرة، وما يتمتع به من إحترام وتقدير على مستوى العالم كله، فتلك لمن يريد أن يعرف قيمة الأردن الحقيقية، التي ينبغي أن نفهمها ونؤمن بها، ونحافظ عليها!

Share and Enjoy !

Shares

النواب يخسرون المعركة الأخيرة!

ماجد توبة

“الحكومة أمام الله وأمام الشعب في تحمل مسؤوليتها تجاه هذا المقترح”.. بهذه الكلمات المقتضبة توّج رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة أمس إسدال الستارة نيابيا على المطالبة الشعبية بإسقاط وإلغاء اتفاقية الغاز مع كيان الاحتلال، على إثر تصويت النواب بالإجماع على إحالة مقترح قانون حظر استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي إلى الحكومة.
لكن هذه الكلمات والاكتفاء بإقرار مقترح القانون من قبل النواب لن يعفيهم من غضبة الحملة الشعبية الواسعة لرفض اتفاقية الغاز خاصة وأن التوقعات الآن تذهب باتجاه لجوء الحكومة إلى التهرب من الالتزام بالمقترح النيابي وترحيله والمماطلة بإقراره، يساعدها في ذلك اقتراب حل الدورة العادية والأخيرة لمجلس النواب ومرورها سالمة من نفق إقرار قانون الموازنة العامة، وبالتالي فإنها تراهن على شراء الوقت والمماطلة لعدم الالتزام بوضع مشروع القانون فيما هي تعرف أن النواب لم يعودوا يمتلكون أي أداة للضغط الحقيقي عليها بعد أن أسقطوا مبكرا سلاح طرح الثقة بها والاكتفاء بإقرار مقترح القانون “أمام الله والشعب”!!
قد يختلف الأردنيون في قضايا السياسة الخارجية على كل شيء وتتباين الآراء والاستقطابات بينهم حولها سواء تجاه القضية السورية أو إيران او ليبيا أو حتى الموقف من الأزمة الخليجية الداخلية وغيرها، لكنهم تجاه العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي ورفض التطبيع معه واعتباره الخطر الاستراتيجي الأول والأكبر تجدهم مجمعين ومتفقين وغير مهادنين في ذلك، لذلك قلما تجد قضية توحد الأردنيين على رفضها والتحذير منها كما هي قضية استيراد الغاز الفلسطيني المسروق من قبل الاحتلال الإسرائيلي واتفاقيتها، وهي اتفاقية تكاد لا تجد من يدافع عنها علنا حتى من قبل الرسميين رغم سريان تنفيذها!
لذلك لا يتوقع أن يجدي موقف النواب وطلقته الأخيرة بإقرار مقترح القانون في كسب رضا الرأي العام الأردني الذي كان ممثلون عنه يحتجون خارج أسوار البرلمان خلال مناقشة جلسة النواب للمقترح أمس على سريان الاتفاقية وبدء تدفق الغاز الفلسطيني المسروق وفرض التطبيع على الأردنيين مع هذا العدو. ويبدو واضحا أن الرأي الغالب شعبيا يذهب باتجاه أن موقف مجلس النواب من هذه الاتفاقية لم يكن على قدر المسؤولية وأنه أسهم بتراخيه مع الحكومة وعدم حشرها بالزاوية في تمرير الاتفاقية ولأن يصبح استيراد الغاز من الاحتلال أمرا واقعا ومفروضا.
من سوء حظ النواب في المجلس الحالي، الذين يستعد كثير منهم لخوض الانتخابات المقبلة المتوقعة قبل نهاية العام الحالي، أن يختتم مجلسهم ولايته الدستورية بهذا الموقف القاصر تجاه إحدى أبرز القضايا الوطنية التي شغلت وما تزال تشغل الرأي العام الأردني وعدم قدرة هذا المجلس، رغم رفضه شبه التام للاتفاقية، على اسقاطها ومنع تمريرها. لن يتذكر الناس مقترح القانون بمنع استيراد الغاز من كيان الاحتلال لأنه سيبقى -كما هو متوقع- مجرد مقترح على رفوف الحكومة! بل سيتذكرون غدا أن النواب عجزوا عن التصدي الحقيقي لفرض هذه الاتفاقية الخطيرة على الشعب الأردني بكل ما تحمله من أبعاد مبدئية واستراتيجية سلبية، ورغم كل ما شابها من التباسات واختلالات دستورية وقانونية وسياسية!
لا يتوقع أن يخفت الصوت الشعبي الرافض لاتفاقية “العار” مع إسرائيل بعد سريانها وفرضها أمرا واقعا على الجميع، لكن إسدال الستار عليها نيابيا، على الأقل حتى قدوم المجلس المقبل بعد أكثر من عام من الآن، يسقط من اليد الشعبية أداة مهمة كان يراهن عليها كثيرا لإسقاط وإلغاء هذه الاتفاقية، لذلك لن تصب خلاصة الموقف النيابي في صالح تقييم دور هؤلاء النواب وستسجل على أنها فشل آخر ومهم في حصاد الأربع سنوات الماضية من عمر مجلسهم الذي شارف على الرحيل!

Share and Enjoy !

Shares

ماذا بعد قرار النواب؟

فهد الخيطان

لم يتطلب الأمر من مجلس النواب سوى بضع دقائق لتبني توصية لجنته القانونية الخاصة بمقترح قانون منع استيراد الغاز من إسرائيل، وإحالتها إلى الحكومة بصفة الاستعجال لإعداد مشروع قانون وتقديمه لمجلس النواب لمناقشته وإقراره.
ينبغي الإشارة أولا إلى أن صفة الاستعجال غير ملزمة للحكومة، فالدستور يمنحها حق تقديم مشروع القانون في الدورة الحالية”الأخيرة” للمجلس أو في الدورة المقبلة.
مجلس النواب بهذا القرار رفع عن نفسه عبء الضغط الشعبي، وسجل موقفا للتاريخ، يتوقع كثيرون أن يظل في ذمة التاريخ ليس أكثر.
مشاعر الحكومة مشتتة حيال الموقفين الشعبي والنيابي من اتفاقية الغاز، لكنها أمام استحقاق قانوني وسياسي، وقد اختارت موقف المراقب الصامت في جلسة النواب أمس، محتفظة لنفسها بحق دراسة المقترح النيابي من جوانبه القانونية والدستورية، وهو ما ستعكف على فعله في الأيام المقبلة.
المعطيات الأولى تفيد بأن المشروع المقترح يرتب تبعات مالية وقانونية على الحكومة، وثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها على طاولة المشرع الأردني، لعل أهمها سؤال الشرط الجزائي في اتفاقية الغاز حال وقف استيراد الغاز من إسرائيل على فرض إقرار القانون المقترح من النواب، خاصة وأن موازنة العام الحالي لم تتضمن مخصصا بهذا الحجم الكبير لتغطية قيمة الغرامة.
وهناك أسئلة أخرى تتعلق بمدى قانونية إصدار تشريع يتعارض مع تشريعات أخرى نافذة أبرزها قانون معاهدة السلام مع إسرائيل الذي صادق عليه مجلس الأمة وأودع في الأمم المتحدة كاتفاقية دولية. ثم هناك من يدفع بعدم دستورية إصدار القانون بدعوى وجود فتوى من المحكمة الدستورية لا تجيز لمجلس النواب حق مناقشة وإقرار الاتفاقية لأنها موقعة بين شركتين وليس حكومتين.
المؤكد أن الحكومة لن تقدم مشروع قانون في الوقت الحالي، وستعمد إلى قنوات دستورية وقانونية عديدة لتأجيل الاستحقاق، رغم مانتوقعه من ضغوط نيابية قد تصل حد التلويح بطرح الثقة في الحكومة.
والطرفان، المجلس والحكومة سيكونان في سباق مع الزمن، المجلس يسعى لإلزام الحكومة بتقديم مشروع القانون قبل نهاية الدورة الحالية، والحكومة تدفع بالمماطلة لشراء الوقت. ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بالنتيجة، إلا إذا باغت قرار حل مجلس النواب الطرفين في موعد أبكر من موعد نهاية الدورة البرلمانية.
لكن ينبغي التفكير بالمستقبل، وعدم الاكتفاء بإزاحة العبء عن الحكومة الحالية ورميه على أكتاف الحكومة القادمة ومجلس النواب الجديد. بمعنى آخر، حسم الجدل الدستوري حول قانونية إصدار التشريع من عدمه، وإغلاق الملف نهائيا سواء بإقرار قانون كهذا أو تجاهل المقترح نهائيا حتى لا يظل سيفا مسلطا على رقاب المجالس والحكومات المقبلة.
والحكمة بأثر رجعي لا تفيد في مثل هذه الحالات، لكن ألم يكن مجديا التفكير بالقانون المقترح من طرف النواب قبل توقيع اتفاقية استيراد الغاز؟ مجلس النواب كان يعلم بالاتفاقية قبل توقيعها، وقد مضت مشاورات التوقيع أشهرا طويلة،ولم يقترح أحد خطوة قانونية كهذه كانت لتجنب السلطتين الإحراج، وتحول دون تكبد غرامات مالية باهظة، نصت عليها الاتفاقية.

Share and Enjoy !

Shares

نقابة الصحفيين.. (3) نقد الذات النقابية

عدنان برية

بقلم: عدنان برية

بَدَت نقابة الصحفيين، على مدى عقد أو أكثر، مؤسسة عقيمة، عاجزة عن استيعاب المتغيرات، وفاقدة لروح المبادرة والتجديد، فيما غلب على أدائها التقليد والاتباع، واجترار فقه السلف في تسكين تعقيدات الحاضر وتحدياته، ووقفت دون تقديم ما يجيب عن أسئلة وسيناريوهات المستقبل المهني.

النهج والممارسة أفقدا النقابة مكانتها، ليس فقط بين منتسبيها، بل على نطاق أوسع، وبدلاً من قيادتها للمشهد الصحفي والإعلامي، باتت في ذيله، ورغم ذلك لم تَنشَأ بيننا – في الهيئة العامة – علاقة نقدية، تعيد النظر في الذات النقابية، وتؤسس لطرائق جديدة في الرؤية والتقييم والتفكير والتقدير والتدبير.

لبناء العلاقة النقدية مع الذات النقابية، متطلبان أساسيان، الأول: دراسة البنية المعرفية للفاعل النقابي (الضوابط والمرتكزات)، ويمكن استخلاصها من سلوك المجالس المتعاقبة، باعتبارها محاكمة للفعل وليست للنوايا، وهي مجال عناية هذا المقال، والثاني: مناقشة المعالجات العملية عبر أمثلة منتقاة، وسيخصص لها مقال أو أكثر لاحقاً.

عموماً، اتسمت البنية المعرفية للفاعل النقابي بـ:

أولاً: فقر منظومة القيم الضابطة، أو حضورها مجتزأة، وبروز التكتيكات المتغيرة والمتعارضة، المستندة إلى مقاربات مصلحية خاصة، لا تُعبّر عن مصالح الهيئة العامة مجتمعة، ولا تخضع لمعايير محددة ومُعلنة، وتتجلى في ازدواجية فجّة.

ثانياً: غياب البيانات الدقيقة لمنتسبي النقابة، والمقصود هنا ليس أرقام الهواتف والعناوين، بل البيانات المتعلقة بماهيتهم وأدق تفاصيلهم، التي يجب الإحاطة بها قبل وضع الخطط واتخاذ القرارات، وهو ما من شأنه أن يشكل فارقاً نوعياً في دور النقابة حيال الصحافيين والصحافيات.

ثالثاً: محدودية أثر المعالجات النقابية للتحديات المهنية، والتعامل معها بالفهم العام لظاهر العَرَض، دون الغوص في أسبابه الجوهرية والحقيقية، وبالتالي اجتراح حلول قاصرة وعاجزة وغير ذات أثر، ما يسهم في مفاقمتها وتعريض منتسبي النقابة لمزيد من الضغوط.

رابعاً: تراجع روح القيادة والمسؤولية والمبادرة والاستقلالية، بما يتضمنه من انحسار للسلطة الأخلاقية، وغياب لأدوار الفعل (توقع التحدي والتحسب له وتبني مقاربات وقائية) في مقابل نمو أدوار رد الفعل (الشعبوي والانتهازي)، ودون مراعاة الأثر السلبي على الهيئة العامة مجتمعة، مضافاً إلى ذلك تعقيدات علاقة المؤسسة النقابية بالسلطات الرسمية.

خامساً: جمود الفاعل النقابي عند الأفكار التقليدية، المستمدة من نهج السلف، الذين نُجلّ ونُقدّر، وارتهانه إليها لدى مجابهة التحديات، مُجتراً مضمونها وجوهرها، ومُعتقداً بنجاعتها في معالجة مشكلات الحاضر المهني، فضلاً عن الخشية من مجرد محاولة التفكير خارج الصندوق.

سادساً: تهميش الهيئة العامة خلال سنوات انعقاد المجلس الثلاثة، نتيجة الاطمئنان لعدم قدرتها على سحب الثقة وتهديد استمراره، وانتهاج مقاربات كيدية، عقاباً على انتقاداتها لقراراته، وفي أحيان كثيرة التمادي والتطاول على الصحافيين والصحافيات ممن يسجلون ملاحظاتهم على الأداء النقابي.

ما سبق، ليس جلداً للذات النقابية، ففيها خِيرة الخيرة، ولا إنكاراً لحجم التحديات، فهي مركبة ومعقدة إلى حد بعيد، وأيضاً ليس انتقاصاً مما تحقق، لكن المؤكد أن بالإمكان أكثر بكثير مما كان، وهنا بيت القصيد ووجه القُصور.

في العمل النقابي مبادئ أساسية، أولها مراكمة الإنجاز، وتتأتى بتثبيت المُتحقق على أرض الواقع وتعزيز ما يصلح منه للحاضر والمستقبل، وثانيها تجاوز الأخطاء، باعتراف العقل النقابي بها ونقده إياها، وتفكيكه نواظمها وأثرها. أما آخرها فانتهاج خطوات وقرارات وتبني مشاريع، قابلة للحياة، تعالج تحديات الحاضر، وتأخذ في اعتبارها المستقبل.

دون مواربة، المطلوب اليوم تحرير العقل النقابي من يقينياته المطلقة، وأفكاره المسبقة، والانتقال به إلى بُعد مختلف، قِوامه أن المستقبل يولد في اللحظة الراهنة، وهذا يتطلب إرادةً وصدقاً وانفتاحاً على الأفكار والمشاريع المبتكرة، ذات الأثر الممتد.

Share and Enjoy !

Shares

عالم افتراضي

حازم الخالدي

حازم الخالدي

أخذت العزلة فترة طويلة من حياتها، لكنها لم تكن تفضل أن تعيشها، في بعض الاحيان تجد في داخلها مكابرة هي تقول “أن تعيش بمفردك يعني أن لا  أحد يحكم عليك،يمكنك أن تفعل ما تريد وتأكل ما تريد …وتنام بقدر ما تريد ..وترقى بفكرك إلى المستوى الذي يحدد معايير خاصة لك… بعيدا عن أي شخص آخر.

أن تكون متأثرا بالعزلة يعني انك انسان بعيد عن الواقع بعيد عن الحقيقة ،تظن أنك سعيد ولا أحد يجلب لك السعادة …تشعر أنك جائع ولا أحد يقل لك هل تحتاج إلى أن تأكل..تتأثر بسعادة الاخرين وانت تتفاعل مع عالم بلا احساس ..ولكن لا تكون سعيدا معهم .. لانك تحتاج الى الابتسامة

أحيانا تتساءل أين يذهب الانسان عندما لا يريد أن يكون في أي مكان .وفي احيان كثيرة تحتاج الى المزيد من الناس الذين لا يخشون التحدث بصراحة.

هي استطاعت ان تجلب العالم الى غرفتها الى المكان الذي تتواجد بداخله  ،أحيانا تحركه بيدها وتقلبه كيفما تريد، ولكنه المكان الذي يزيدها عزلة ..يفتقد الى الاحساس والبساطة والابتسامة والتفاعل وحركة الناس..

كانت تحب ان يبقى معها في أي مكان تتواجد به ،يشاركها الحياة في المكان الذي تصبح فيه الأشياء مثيرة للاهتمام ، مكان مفتوح وليس مغلقا وراء الأبواب التي تسد طريًقنا، مكان يجعلها تطلق العًنان نحو العمل والتفاعل والاغاني والرقص لا أحد يستطيع ان يقيدها ولا يفصلها عن حركة الناس…

كان الانسان يعيش بالطريقة التي يريدها ولكنه اليوم يعيش في العالم الافتراضي يتفاعل مع عالم من الوهم ،عالم ليس له حقيقة ،عالم يفتقد للاحساس عالم لا يجعلك سعيدا …

صحيح اننا فتحنا نوافذ عديدة على العالم ،ولكن الحقيقة اننا أغلقنا نافذة على عالم حقيقي.

Share and Enjoy !

Shares

“قمة الدول العشرين… المكاسب الحقيقية”

عبدالسلام بن عبدالله المشيطي

بقلم / عبدالسلام بن عبدالله المشيطي

استضافة المملكة العربية السعودية ، لقمة مجموعة العشرين خلال هذا العام تحمل مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة وهامة جداً ، والتي من شأنها تعزيز دور ومكانة المملكة عالمياً، و تفعيل الشراكة الحقيقة مع دول مهمة ودول كان البعض منها يشكك في قدارتنا إلى وقت قريب، وتحمل دعوة لدول أخرى للحاق بركب المملكة كدولة متينه وقوية لها أسس ثابتة وراسخه سياسياً واقتصادياً.

السياسية والاقتصاد أصبحا شريكين في هذه المرحلة من دوران عجلة العالم للسباق نحو القمة، فَيد الاقتصادي القوي لا تستغني قولاً وعملاً عن حنكة السياسي الفاعل والذي هو من يقرب لك الأصدقاء ويبعد عنك الأعداء.

ففي تغريدة لمعالي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بعد دعوته لرؤساء البعثات السعودية في الخارج من الدول العشرين لحضور اجتماع تنسيقي للاستعداد لهذه القمة قال ” سعدت بلقاء زملائي… والذين لمست فيهم رغبة الإنجاز للخروج بقمة تتناسب مع المكانة العظيمة لبلادنا ..”.

هذه المكانه العظيمة والتي أشار لها معالي الوزير من شأنها تحقيق هذه المكتسبات السياسية والاقتصادية والتي ستكون لعدة قطاعات مهمة سواء كانت سياحية أو تجارية وكذلك القطاع الخاص ، والتي تعمل على تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية والترويج لها من خلال برامج ومبادرات رؤية المملكة ٢٠٣٠ ، والتي تعد أبرز المكاسب المتوقعة لاستضافة المملكة للقمة، كيف والعالم أجمع يشهد بأهمية اقتصاد المملكة ودورها في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في العالم.

المملكة ستقود أعمال وبرنامج عمل مجموعة الدول العشرين لهذا العام وترأس اجتماعاتها ، هذه الدول والتي تُشكل ثلثي سكان العالم و٧٠٪ من الناتج الإجمالي له، وثلاث أرباع التجارة العالمية، كل ذلك ستقوده المملكة هذا العام .

دخول المملكة عضواً فاعلاً ومؤثراً في هذه المجموعة ماهو الا اعترافا منهم جميعاً بأهمية ومكانة المملكة الاقتصادية والسياسية، ليس في هذه الفترة فقط وإنما لأعوام قادمه.

فالمشاريع التنموية والاستثمارية التي أطلقتها المملكة وفق رؤيتها العملاقة ٢٠٣٠كمشروع “نيوم” ومشروع “البحر الأحمر” سوف تجد الفرصة الكبيرة للتسويق الأمثل لها، للدخول في شراكات اقتصادية عميقة لجذب استثمارات متنوعة قادرة على تحقيق أهداف الرؤية، وغيرها من المشاريع السياحية التي تمثل نقطة جذب تسعى كبريات الشركات العالمية المشاركة فيها.

وعلى الجانب الاخر حيث تتجاوز قمة العشرين محيطها الاقتصادي، الى مناقشة جوانب سياسية، حيث تعتبر قمة الدول العشرين اجتماعاً مصغراً لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يضم في عضويته الدول الاقوى والأكثر تأثيراً على الاقتصاد العالمي ومعدلات النمو.

فإن استضافة المملكة لهذه القمة الدولية المهمة يحمل معاني سياسية كبيرة وقوية على المستويين الإقليمي والدولي، لما تتمتع به المملكة من مكانة مرموقة واعترافا دوليا بأهمية دورها على شتى الأصعدة ومختلف الملفات السياسية في المنطقة، كمكافحة الإرهاب والتطرف وتحمل مسؤولياتها الإنسانية في دعم الشعوب الفقيرة، والخروج بالمنطقة من أزماتها السياسية والاقتصادية وفرض الأمن والسلم الدوليين.

تمتلك المملكة بحكم موقعها ونفوذها وشراكتها أوراق تأثير قوية في معظم هذه الملفات الساخنة، وتستطيع أن تسهم بدور فعّال ومؤثر في تقديم حلول حاسمه وفاعلة ، فانعقاد القمة في المملكة يعني اعترافاً جديدا من قبل القوي العظمي بدور المملكة في تعزيز منظومة الأمن في المنطقة والعالم أجمع .

وأخيراً فإن أهم ما اطلقته المملكة في برنامجها التفصيلي لهذه القمة والتي تعد الأهم عالمياً في بداية رئاستها لمجموعة العشرين ، حيث دعت لدعم ونمو الابتكار في العالم، وتحقيق الرفاهية وتمكين شعوب العالم والحفاظ على الأرض، مما يتوافق مع برامج ومبادرات رؤية المملكة 2030 ، فالمملكة تسيرا قدماً لتصبح من أهم دول العالم سياسياً واقتصادياً بدعم القيادة الرشيدة وبسواعد أبنائها المخلصين.

Share and Enjoy !

Shares

نصف الشعب يرغبون بالهجرة..!!

خالد خازر الخريشا

أكدت دراسة استقصائية أعدتها شبكة “الباروميتر العربي” البحثية حول الاقتصاد الأردني عن تعرض العقد الاجتماعي الحالي في الأردن لضغوط شديدة، أسفرت عن نتائج من بينها ان الأردنيين يرغبون في الهجرة بمقدار ضعف ما كانوا عليه في 2016 والآن، قال 45 % إنهم يريدون مغادرة وطنهم ، وهو ما يمثل زيادة قدرها 23 نقطة منذ استطلاع العام 2016
وبحسب الدراسة، تظهر المؤشرات طويلة الأجل أن الوضع الحالي يصعب تحمّله، خصوصا مع ازدياد شعور الناس بالإحباط واليأس والتراجع الحاد في الثقة في المؤسسات السياسية في جميع المجالات بما في ذلك الحكومة والبرلمان .
وأكدت الدراسة التي بنت نتائجها على استطلاع نفذته على عينة من المواطنين تقدر بـ2400 مواطن أنّ الأردنيين فقدوا الإحساس بالقدرات والامكانيات السياسية، وليسوا متفائلين بشأن مستقبلهم
وقالت الدراسة التي تم تنفيذها أواخر العام الماضي على الرغم من أن الثقة في المؤسسات الأمنية لا تزال مرتفعة، إلا أن المؤسسات
ووفقا للدراسة، فإنّ غالبية الأردنيين يرون أنّ الاقتصاد هو التحدي الأكبر الذي يواجه بلدهم، فيما يمثل “الفساد” ثاني أكثر التحديات شيوعا من وجهة نظرهم إذ يقول جميعهم تقريباً إن الفساد متفش في الأجهزة الحكومية ، وقالت الدراسة لا يعتقد الكثيرون ان الحكومة تتصدى لهذه التحديات بشكل كاف، والرضا عن الأداء الحكومي أقل من أي وقت خلال العقد الماضي .

وأشارت الدراسة إلى أنّ المواطنين محبطون بشكل خاص من جهود الحكومة لتوفير فرص عمل والحد من التضخم ونتيجة لذلك، تشير الدراسة إلى أن ما يقرب من نصف الأردنيين يفكرون في الهجرة، مع الاشارة الى تضاعف هذا الرقم خلال العامين الماضيين وقالت الدراسة الظروف الاقتصادية السيئة والعملية السياسية المحبطة اجتمعت لإنتاج هذا الارتفاع الواضح في التشاؤم والرغبة في مغادرة البلاد، وخاصة بين الشباب المتعلم إذ يرغب معظم المهاجرين المحتملين في الذهاب إلى أميركا وأوروبا ودول الخليج .

اعتقد ان هنالك اسباب كثيرة لهجرة الشباب الاردني مثل اسباب البطالة والفقر وغياب العدالة في التوظيف وتكافؤ الفرص ، وحلم العالم الجديد الناتج عن تطورات مبالغ فيها من سهولة الحياة في الدول الاكثر تطورا
ولكن هنالك اسباب خاصة عند الشباب الاردني على راسها ضيق الحياة ورداءة العيش والبحث عن وظيفة غير موجودة في ( كومة قش) نعم يا سادة الشاب الاردني بحاجة الى مارد سندباد وفانوس علاء الدين ليحظى بوظيفة راتبها رديء .
لهم الحق في الهجرة وكيف لا وهم يعانون ويدفعون ثمن اخطاء حكومتهم ولا يجدون سواء التقليل من شانهم والاهانة والاستفزاز كيف لا والخريجين يعانون اشد المعاناة لا يجدون عملا ولا أملا في هذا البلد ويفتقرون لابسط ضروريات الحياة .
في الوقت الذي نعتقل فيه شباب متعطلين عن العمل من مناطق مأدبا لانهم يطالبون بالتوظيف والعيش الكريم في نفس الوقت يتم تعيين إبن وزير حديث التخرج في سفارة المملكة بواشنطن هذه هي العدالة وهذه هي المواطنة وهذا هو الوطن الذي نتغنى به .

لقد تجولت في عرض وطول هذا البلد ورايت بأم عيني مشاهد ومناظر تُفطر القلب من الحزن لحال البلد البائس وحال شبابه والله لقد وجدت في مدن المملكة وقراها وبواديها المختلفة صوراً من المعاناة لشباب أردنيين حار بهم الدليل وتقطعت بهم الأسباب ونظروا لحال وطنهم فأصابهم اليأس والحزن والغم شباب غض متعلم مثقف ولكن ظروف الحياة في البلد جعلتهم أكبر من سنهم مثل الشيوخ والكهول شبابا اصابهم الهم والحزن واشتعلت رؤوسهم شيباً ويبقي السؤال الي متى المعاناة ؟ هل كتب للشاب الاردني بان يعيش طول عمره مهموما ؟ لماذا صمت الشباب وهم يعانون ولا يجدون سوى ورش العمل والندوات والوعود والعهود الكاذبة وشعارات كلامية غير مقنعة ؟
ظاهرة الهجرة هي ظاهرة خطيرة عندما تصل الى هذا المستوي من الاتساع حيث تتحول الي عملية طرد مركزي للشباب الاكثر طموحا حينها يجب ان نقلق كثيرا ، يجب ان نقلق عندما نجد الشباب الاردني يفقدون الامل ويصبحوا بائسين ويجب ان نقلق عندما نجد شابا يحمل حقيبة سفر وهو في بوابة حدود ومطار الوطن .

Share and Enjoy !

Shares

لم نكن نعرف!

يعقوب ناصر الدين

كان العام 1967 منذ بدايته ملبدا بأجواء حرب عربية إسرائيلية، ولم نكن نعرف متى وكيف ستبدأ، إلى أن وقعت يوم السادس من حزيران من ذلك العام المشؤوم، تكررت تلك الحالة العام 1973، وبصورة مختلفة العام 2003، عام الغزو الأميركي للعراق الذي وقع تحت حصار خانق لثلاثة عشر عاما، وما نزال لا نعرف النتائج الحقيقية لتلك الحروب، رغم كل ما شهدنا عليه من أحداث وتطورات!
يكفي أن نتفق على أن آثار حرب 67 ما تزال قائمة إلى يومنا هذا، بما في ذلك عملية السلام التي لم ولن تكتمل، ما دام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية أصبح الآن مستحيلا، فضلا عن العلاقات العربية التي نراها اليوم في أسوأ حالاتها، ونشوء قوى إقليمية جديدة تمارس قوتها على بلاد عربية وفقا لمصالحها، وصراعاتها مع القوى الدولية العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
رغم السيناريو الذي تم اعتماده في التعامل مع مقتل الجنرال قاسم سليماني، والرد الإيراني في الحدود التي رأيناها قبل أيام، إلا أن أجواء المنطقة، ما تزال تنذر بحرب لا نعرف كذلك متى وكيف ستندلع، وليس من الممكن الآن اعتماد منهج منطقي مناسب لقراءة الأحداث الراهنة، ولا استشراف قادم الأيام، وسط هذا القدر الهائل من الضجيج السياسي والإعلامي والاتصالي، حتى لا نكاد نسمع بوضوح جملة مفيدة واحدة!
إذا كان لا بد من استخلاص نتيجة من أحداث الأيام الأخيرة يمكنني القول إن اتفاق ايران وأميركا على كيفية وحدود الرد على مقتل سليماني، يعني احتمالين، أولهما واضح بجلاء من حيث إن ايران قوة إقليمية يحسب حسابها، وتأثيرها على المصالح الأميركية في المنطقة، وثانيهما أن أوان ضرب ايران لم يحن بعد!
هذه مرحلة من زمن منطقة الشرق الأوسط مليئة بالتوقعات، وحتى الخيالات، والصورة التي تأملتها طويلا للرئيس الروسي بوتن، وهو يلامس بيده قبر صلاح الدين الأيوبي خلال زيارته لدمشق، والمسجد الأموي، لا تفارق مخيلتي أبدا، لدرجة أنني بدأت أقرأ ما يجري في سياق تاريخي يتجاوز السياسي الراهن بكثير، وقد أصبحت على يقين أن حربا جديدة إذا وقعت في هذه المنطقة فلن تكون محدودة أبدا هذه المرة!

Share and Enjoy !

Shares

المصور ..صحفي

حازم الخالدي

مؤسسات تتجاهل دور المصور الصحفي وتحاول القفز عن حقوقه

الصورة تفوق قلم المحرر

كتب : حازم الخالدي

المصور الصحفي هو صحفي ، لا يقل مكانة ومهنية وكفاءة عن الصحفي الذي يمتهن الكتابة أو التحريرالصحفي .

هذه الحقيقة يجهلها الكثيرون وخاصة ممن يضع القوانين والتشريعات أو يرتب  المهن أو بالاحرى ينقل بنودها حرفيا عن أنظمة غربية، دون أن يعرف طبيعة المهنة وخطورتها والتهديدات التي تواجهها.

حتى أن بعض المسؤولين في المؤسسات الاعلامية يتغافلون عن دور المصور الصحفي ،ويحاولون القفز عن حقوقه وتجاهلها على حساب المحرر أو المندوب الصحفي أو الكاتب، ويتناسون ان المصور الصحفي، كالصحفي يدافع عن الكلمة بالصورة، التي تظهر بكافة تفاصيلها ومضامينها ، فمهما حاول الصحفي ان ينقل الاحداث بالكلمة ، فالمصور الصحفي يلتقط صورته ،ويسرد قصته بموضوعية ،ويقدم الصورة بجمالياتها كما هي، دون أن يتدخل اي طرف بها ..والصورة الجيدة في احيان كثيرة تحكي قصة أفضل من النص الذي يأتي معها، ويمكن أن تفوق قلم المحرر في الاهمية ..

هؤلاء المسؤولون والكثيرون الذين يأتون الى مناصبهم بالواسطة والمحسوبية،ويسقطون أمام المناصب ،ولا يعرفون أبجديات الوظيفة ولا الظروف التي يعمل بها الموظف او الصحفي أو المصور،هؤلاء يجهلون ما يعانيه الصحفي والمصور بالذات من تعب وجهد ومشقة ومعاناة في الميدان حيث تتعدد القصص والتجارب المهنية التي لا يتم دراستها والاخذ بها. 

أمامي الكثير من القصص والتجارب التي عشتها في الميدان،وعاشها زملاء المهنة، إذ لا انسى تلك الرحلة إلى العراق عبر الطريق البري، وبعد سقوط بغداد واحتلال العراق 2003 ، بأسبوع ، رافقني بها زميلي المصور الصحفي خليل الجرمي من وكالة  الانباء الاردنية …كان العراق يعيش حالة من الفوضى بغياب النظام وانعدام الامن والأمان ،فلم يكن في الشوارع الا الجنود الاميركان ،ولم تكن المقاومة قد اشتعلت بعد.. وكان العراقيون ما يزالون يعيشون أوضاعا صعبة ولم يستوعبوا الصدمة التي جعلت بلدهم محتلا فانقسموا فيما بينهم …في محافظة الانبار حيث افتتح المستشفى الميداني الاردني .كنت وزميلي المصور الجرمي نتجول في الشوارع لالتقاط خبر أو صورة ،فالكثير من المشاهد التي سجلناها وبالذات الاصابات التي لحقت بالاطفال جراء مخلفات الحروب ،فصورة الطفل الذي كان يعبث بقنبلة أو (الرمانة ) بحسب ما كانوا يسمونها العراقيون ما زالت ماثلة امامي،وغيرها من الصور المرعبة عن الحرب.

كانت قد حدثت أمامنا مشاجرة بين مجموعة من العراقيين استخدموا فيها اسلحة متنوعة ، بدأ زميلي المصور يلتقط الصورالتي توثق هذه الحادثة،لم يكن صحفيون في الشارع سوانا فكانت الاعين تتجه الينا… نحو الكاميرا التي تصور.

على الجانب الاخر ذهب شخص الينا محتجا على التصوير فلحق به مجموعة من رفاقة وسحبوا أسلحة كلاشنكوف تجاهنا،حاول زميلي المصور ان يختفي من أمامهم ،فلم يجد الى جواره سوى  مركز صحي ليدخل به ،ولحق به المسلحون وهم في حالة غليان ،محتجين على التقاط الصورة، حاولنا انا ومجموعة ان نشكل حاجزا لكي لا يدخلوا الى المركز الصحي ولكن كان لديهم اصرار على سحب الفيلم ،فلم تكن صور(الديجتال ) قد انتشرت..

كنت امامهم وأفاوضهم ولكن كان اتجاههم نحو الكاميرا.. الى الصورة التي توثق الحادثة، كانوا يريدون الصورة معترضين على المشهد الذي يصور العراقيين ،فكان صوتهم يعلو كي تذهب الصحافة وتصور الاميركان لا أن تصورهم مهما بلغت الحوادث لديهم ،قلت لهم ان المصور لم يصور شيئا ،ولكن أرادوا أن يتأكدوا ،ليخرج زميلنا المصور من داخل المركز وفتح كاميرته واخرج الفيلم وفتحه امامهم ليتاكدوا انه لم يلتقط أي صورة لهم ..

انتهت مشكلتهم مع الصورة ولم ينته العنف في شوارعهم،ولكن زميلي المصور عندما دخل الى المركز استبدل الفيلم المصور بفيلم اخر فارغ .فبقيت الصور التي سجلت حالات العنف في الشوارع ماثلة وبقيت في الذاكرة لتسجل بداية العنف في العراق وبعدها بداية المقاومة ضد المحتل .

مع المظاهرات التي تجددت في بغداد ضد عملاء الاحتلال والحكومات الفاسدة قبل يومين، قتل صحفيان منهم مصور،لينضما الى سجل الصحفيين الذين قتلوا دفاعا عن الكلمة والصورة..

هل يدرك هؤلاء أن ما يتعرض له المصور اثناء تغطية الاحداث وبالذات في مناطق النزاع أشد قساوة من أي مناسبة صحفية،فالمصورون إما تجدهم يتعرضون للقتل أو الاصابات أو للاختطاف ،ومنهم من يبقي مصيره مجهولا، إنهم يضعون حياتهم لاظهار حقيقة الحياة…

Share and Enjoy !

Shares

الإدارة الامريكية بالمشهد العراقي

علي فواز العدوان / وكالة الانباء الاردنية

ا
الصحفي علي فواز العدوان


تسعى امريكا عقب الضربة القاسمة لايران في العراق بالقضاء على سليماني الى تحقيق توازن قوى من خلال تمثيل اكبر للقوى السنية والديمقراطية بما يحقق استقرارا امنيا ،يفتح المجال للشركات الاستثمارية الامريكية البالغ عددها اكثر من خمسين شركة للتمدد والاستثمار، والاستئثار بالسوق العراقي لتحريك الاقتصاد الراكد في أمريكا والغرب معتمدة على اعادة تشكيل النخب السياسية من خلال ضمانات امنية امريكية ، عقب توجيه الضربة القاسمة للميلشيات والحشد الشعبي بتصفية سليماني .
لم تكتفِ واشنطن بالهيمنة السياسية والأمنية على العراق، وإنما تسعى للسيطرة الاقتصادية على مقدراته عبر ادخال العديد من الشركات الاستثمارية للعمل داخل العراق .
وتم فسح المجال بعد نهاية الحرب ضد عصابات( داعش)، واعادة السيطرة على العراق أمام الشركات الأمريكية الساعية الى تمكين الهيمنة على الاقتصاد العراقي كجزء من حرب الصراع التي تخوضها واشنطن .
الدور الرقابي الممانع للبرلمان العراق لدخول الشركات الاستثمارية الامريكية لمصلحته غيرها ساهم في تسريع الضربة الامريكية الاخيرة.
ويضمن مشروع اعادة اعمار العراق حقوق الشركات الامريكية من خلال تحويل أموال النفط الى ارصدتها ،و تشغيل الالاف من الامريكيين من خبراء ومدراء ومهندسين. ومن أهم الفقرات التي نص عليها المشروع والتي من الممكن ان تسهم بتعزيز موازنة الجيش الامريكي ، ان تقوم القوات المتواجدة على الاراضي العراقية بعد تفعيل اتفاقية بين بغداد وواشنطن التي وقعت عام 2011 ، و الاتفاقية الجديدة، بحماية المشاريع الكبيرة، دون التدخل بعمل الشركات ويسمح لشركات الاعمار التعاقد مع شركات امنية لحمايتها ،وان تكون تلك الشركات امريكية وسيمنح المشروع الاولوية بإعادة الاعمار الى المناطق التي تم تطهيرها من قبضة “داعش” بالإضافة الى المناطق الصحراوية “الانبار “لاستغلالها بالشكل الصحيح “نفطياً، والتركيز في عملية الاعمار على قطاعات الاسكان والمستشفيات وقطاع الفندقة .
يقدر مختصون ان مشروع اعمار العراق يحتاج الى أكثر من (400) مليار دولار ،وان العراق يمتلك الاموال الكافية والموارد لتأمين كلفة أعادة الاعمار.

Share and Enjoy !

Shares