8.8 C
عمّان
السبت, 1 فبراير 2025, 1:09
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

الشباب على أجندة الدولة

د. صبري الربيحات

في بلادنا يكثر الحديث عن الشباب ورعايتهم، ومع ذلك لم يستقر الرأي على الصيغة المناسبة للاستجابة لطموحاتهم او الشكل الامثل لتقديم الرعاية لهم وتنمية قدراتهم وطموحاتهم. ما بين اللجان والمبادرات والهيئات والمجالس والاندية والجمعيات يحاول الشباب ان يجدوا انفسهم ويلاحقوا احلامهم التي ما تلبث ان تصطدم بعقبات وعوائق يصعب حصرها.
الفئات الاكثر قوة والاقدر على العمل والابداع لا يجدون المنافذ المناسبة لطاقاتهم ولا المؤسسات القادرة على تنمية وتطوير ابداعاتهم . وفي كل عام ينضم اكثر من نصف الخريجين الى صفوف البطالة والمتعطلين عن العمل. ايا كانت الخلفيات الثقافية والاجتماعية يتوقع من الشباب العربي الانصياع الى رغبات واحكام الوالدين عند اختيار الشريك فيتورط الشباب في خيارات لا تتوافق وميولهم واحلامهم في الرفاه والسعادة.
على صعيد الادارة والعمل العام يتوجه الخطاب المؤسسي للشباب باعتبارهم قوة التغيير وصناع المستقبل ومع ذلك ما تزال التشريعات تمنع وصول الشباب الى مجلس النواب كما يتردد الرؤساء في ترشيحهم للمواقع الادارية والقيادية حتى في المؤسسات التي تعنى بخدمتهم ورعايتهم .
منذ ان نشأت الدولة والأردن يقلب ملف الشباب دون ان يستقر على رأي حول كيفية التعاطي معه. على صعيد التنظيمات التي تعنى بهم انتقلنا من مؤسسة رعاية الشباب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي الى وزارة للشباب ثم عملنا على فصل الرياضة عن الشباب قبل ان نوكل الامر الى المجلس الاعلى للشباب. وفي السنوات الاخيرة زادت حيرتنا فعدنا الى صيغة الوزارة التي ما لبث ان دمجت بالثقافة ثم انفصلت عنها لنعود الى صيغة الوزارة مرة اخرى.
حالة الارتباك وفقدان البوصلة ونحن نتعامل مع الشباب ومتطلبات حياتهم تؤثر دون شك على واقع هذه الشريحة المهمة وعلى مستقبل الجيل والأمة . اساليب التعاطي مع الشباب الأردني لا تشبه بأي شكل من الاشكال الاساليب التقليدية التي اعدت الاجيال الاكثر صلابة وثقة ولا تنسجم مع ما تقوم به شعوب وامم العالم التي تعد نفسها لمستقبل تحكمه المنافسة.
في تاريخ مجتمعاتنا الزراعية والرعوية حل الشباب في ادوارهم ومراكزهم بعد ان تولت اسرهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم مسؤولية اعدادهم للحياة. اليوم تتقاسم عشرات المؤسسات هذه الادوار دون وجود برامج واضحة ومدروسة لإعدادهم او الاتفاق على ما يكفي من التنسيق والترابط بين عمل هذه المؤسسات بالرغم من كل الاحاديث المعسولة عن الاستراتيجيات والخطط والبرامج.
في عشرات المدن والبلدات الأردنية لا يوجد مؤسسات كافية لرعاية الشباب واستثمار اوقاتهم وطاقاتهم وفي حالات كثيرة ينقسم الشباب الى فئتين إحداهما تتعاون مع المؤسسات والادارات والاخرى تتخذ مواقف ناقدة ورافضة لكل ما يجري حولهم. خلال السنوات القليلة الماضية تحرك الشباب في المدن والقرى والبادية للمطالبة بفرص عمل مناسبة توفر للشباب حياة كريمة. في ضوء الاوضاع الاقتصادية وانخفاض معدلات النمو عجز الاقتصاد المحلي عن تلبية طموحات الشباب ووضع حد للمشكلة.
الحلول المؤقتة المبنية على إنشاء هياكل ادارية وتغيير الوجوه القيادية التي تتعاطى مع الملفات الشبابية لا ولن تغير في الواقع الشبابي الاردني. في الأردن يوجد حاجة ملحة الى ادراك وتعريف حاجات الشباب ومطالبهم ووضع خطط ومشروعات وبرامج متنوعة لاستيعاب طاقاتهم واوقاتهم ورفع كافة العقبات والعوائق التي تحول دون تقدمهم. من غير المفيد النظر الى الشباب على انهم غير قادرين على الادارة والتفكير والتمثيل في المجالس وانهم اصحاب طاقة ينبغي استمالتها بخطاب اعلامي عوضا عن الاجراءات المبنية على افتراضات ترى في الشباب اهم طاقات وموارد ورأس مال المجتمع وقوة التغيير فيه.
حتى اليوم ما تزال النوادي الشبابية بائسة في تجهيزها وبرامجها يديرها اشخاص يحتاجون الى الكثير من المعارف والخبرات. والرياضة منفصلة عن الوزارة كما ان نسبة من يشاركون في الانشطة التي تديرها المؤسسات الشبابية لا يزيد على 15 % ومعظم المشاركات عابرة ولا يوجد ما يكفي من النوادي الشبابية الخاصة بالمرأة.

Share and Enjoy !

Shares

الملك يعمل من أجل احتواء الأزمة

د. حازم قشوع

دخلت المنطقة كما هو متوقع مرحلة شرعنة النفوذ الاقليمي بعد ما انتهت مرحلة رسم خطوط المسار وخانة بسط حدود النفوذ، وهذا ما يمكن مشاهدته بعد الانتقال في المشهد الاقليمي من طور الرؤية الاستراتيجية الى مرحلة ترسيم المنظور الخططي، حيث تم استخدام وسائل متباينة وسياسات متنوعة لتنفيذ المخطط الشمولي السياسي الذى يراد تكوينه ضمن روافد مركزية التوجه و منابت واحدة وان تعددت روافدها وهذا ما يمكن مشاهدته في كل من سوريا وليبيا واليمن وبوضوح اكثر في العراق.

حيث يصف بعض السياسيين ان الانسحاب الامريكي من العراق ان حدث، سيعتبر اخلاء طرف لصالح بسط النفوذ الايراني مع انه ياتي استجابة لطلب مجلس النواب العراقي وهذا ما سيجعل من ايران لا تبسط نفوذها فحسب على العراق بل تهمين على صناعة القرار فيه، حيث ستشكل عندها العقدة الامنية الاقليمية للعراق، وهذا ما سيحمل تداعيات خطيرة على واقع العمق العربي والسلم الاقليمي.

في ظل حالة الشد والضغط التى تتعرض لها مركبات مجتمعات المنطقة وهي معادلة وبحاجة الى حلحلة عقدتها عند اعادة احتساب اثر شرعنة النفوذ الايراني على واقع المنطقة بعد حالة التغلغل المذهبي في سوريا ولبنان واليمن هذا اضافة الى العراق مشكلا بذلك صورة الهلال الفارسي في الجسم العربي، هو الامر الذى بات بحاجة الى استدراك قبل ان تتم عملية شرعنة دولية لهذا النفوذ في ظل مناخات الاستكانة الشعبية لهذا الواقع الجديد والذى تمدد بشكل كبير وبات يسيطر على اجزاء كبيرة من المشرق العربي.

من جهة اخرى يعتبر بعض المحللين ان التدخل التركي في ليبيا سيقود الى شرعنة عمليات التقسيم من واقع التضاد بين طرابلس وبنغازي على الرغم من دخول الاتراك من باب حماية طرابلس وتدخل مصر والامارات من اجل نصرة بنغازي لكن النتائج لا تحسب بالاسباب الموجبة بل بالافعال المقترفة، وهذا يتوقع ان يؤدي ايضا الى تقسيم الجغرافيا الليبية حسب مناطق النفوذ المشكلة، وهو ذات المشهد الذى يمكن مشاهدته في سوريا كما في اليمن، وبهذا تكون المنطقة قد ادخلت في مرحلة التقسيم المناطقي من على ارضية عمل توسعية اقليمية حيث تم استخدام طوق الهويات المناطقية للانصاف في ظل ضمور قيم المواطنة، ليقوم المد الاقليمي في تعبئة فراغ خانة الهوية الوطنية التى بانت هشة واضعفت من متانة العقد المجتمعى فيها، مع تنامي مكانة الهويات الفرعية المناطقية والهويات المذهبية، وهذا ما سيحمل رواسبه عميقة على واقع الهويات الوطنية وامن المجتمعات العربية وحالة السلم الاقليمي بشكل عام.

وعلى الرغم من سخونة المناخات الاقليمية وتلبد الاجواء في المنطقة بعد حادثة اغتيال قاسم سليماني الا ان جلالة الملك و الدبلوماسية الاردنية بدات في التحرك الايجابي من اجل احتواء الازمة والحركة الفاعلة من اجل الحفاظ على حماية وتماسك العمق العربي، ياتى ذلك في ظل درجة التهديد المبطن للعمق العربي والتي تهدد مناخات الامن في المنطقة، ووصول درجة السلم الاقليمي لادنى مستوياتها، من هنا جاءت توجيهات جلالة الملك لتتحرك الدبلوماسية الاردنية للعمق العربي في الكويت والرياض، ليؤكد الاردن كما يؤكد على الدوام مقدار تمسكه بثوابته تجاه عمقه العربي وقضاياه المركزية وهويته الفكرية التي انطلقت منها رسالته.

Share and Enjoy !

Shares

طرح الثقة مناورة سياسية

فهد الخيطان

تقدم ثلاثون نائبا بمذكرة لطرح الثقة بالحكومة. حدث هذا التطور على إثر نقاش ساخن تحت قبة البرلمان حول اتفاقية الغاز دفع بعدد غير قليل من النواب إلى الانسحاب من الجلسة.

المذكرة جاءت في أجواء انفعالية بعدما كشف رئيس المجلس أن ما يقال عن وجود مذكرة سابقة بهذا الخصوص ليس دقيقا ولم تتسلمها رئاسة المجلس.

بهذا المعنى، المذكرة مناورة سياسية هدفها الضغط على الحكومة، وكسب الدعم الشعبي قبيل الانتخابات النيابية. وفي خزائن المجلس عدد وفير من مذكرات مشابهة لم يعد يسأل عنها احد حتى الموقعين عليها.

من الناحية التشريعية تعطي أنظمة المجلس لرئيسه هامشا واسعا للتعامل مع مذكرة طرح الثقة، وثمة آليات متعددة لمعالجتها سواء عند تحويلها للجنة القانونية لدراستها ومن ثم إعادتها للرئاسة من جديد، وصولا إلى تجاهلها بشكل كامل كما حصل من قبل.

رئيس المجلس عاطف الطراونة، حرص خلال السجال مع نواب المعارضة على تذكيرهم بأن مجلسهم يمر في ربع الساعة الأخير من عمره، ولا مبرر للدخول في مواجهة مصيرية على أبواب انتخابات نيابية مقبلة.

في عرف المعارضات البرلمانية، تعد خطوة النواب الموقعين على المذكرة، سلوكا مفهوما، لتسجيل موقف عند القواعد الانتخابية، دون أي أوهام حيال قدرتها كمعارضة على إسقاط الحكومة. لا بل إن رأيا نيابيا وازنا ذهب إلى القول إن طرح الثقة بالحكومة في هذا التوقيت، سيمنحها دعما برلمانيا يجدد الثقة بها مرة ثانية. وقد سبق للمجلس الحالي أن خاض امتحانا مشابها، وخرجت الحكومة السابقة منه رابحة.

العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب لم تصل إلى مرحلة انسداد الأفق، فالتعاون على مستويات كثيرة ما يزال فعالا، وآليات الرقابة البرلمانية تشتغل بشكل معقول مقارنة مع مراحل سابقة. وكان لتعاون المجلس والحكومة في معالجة مخالفات تقارير ديوان المحاسبة أثر إيجابي ملموس، وكذلك في التعامل مع ملفات تدور حولها شبهات فساد، ناهيك عن تنامي تأثير دور النواب في التشريعات المعروضة على طاولته، وفعالية لجانه في مراقبة أداء الوزراء.

نواب المعارضة، وعلى وجه التحديد كتلة الاصلاح يلعبون دورا مهما في مجال التشريع، وهم أكثر النواب مشاركة في المداخلات تحت القبة، وعادة ما ينجحون في كسب الدعم لتعديل بعض التشريعات وفق مقترحاتهم.

الذهاب أبعد من ذلك في الموقف من الحكومة، ينطوي على تصعيد محفوف بمخاطر شتى. إسقاط الحكومة في هذا التوقيت، قد يعني رحيل المجلس مبكرا، واللجوء لخيار الانتخابات المبكرة، بينما لا يفصلنا عن الموعد الدستوري سوى بضعة أشهر قليلة.

وفي الدول الديمقراطية، عندما تصل العلاقة بين السلطتين لمرحلة الأزمة المستحكمة كما حدث في بريطانيا مؤخرا، تتجه الدولة نحو الانتخابات المبكرة، فيرحل المجلس النيابي قبل الحكومة.

المرجح أن مذكرة طرح الثقة بحكومة الرزاز لن يكتب لها أن تبلغ مرحلة التصويت الحاسم تحت القبة، وستجد مكانا لها في دهاليز المجلس وخزائنه كما هو حال مذكرات سابقة.

ثم من قال ان إسقاط الحكومة، سيسقط اتفاقية الغاز الاسرئيلي؟!

Share and Enjoy !

Shares

بني آدم فُل أوبشن

كامل النصيرات

كامل النصيرات

لماذا لا يتمّ تركيب بعض الاضافات الموجودة في السيارة على الانسان ..! يعني ما الذي يمنع أن يكون للبني آدم منّا أربعة غمازات (اثنان أمامي وإثنان خلفي) وهو ماشي على قدميه يعطي غمازاً يميناً أو شمالاً ليعرف الناظر إليه عن قرب أن هذا البني آدم مش ماشي في الشارع هيك ..بل هو يعرف أين يذهب..؟! وإذا وقف في الشارع ينتظر أحداً يشعل الغمازات الأربعة لكي لا ينظر إليه الناس بريبة و شكّ..!.
ويتم اضافة زامور يشبه الموجود على البسكليت ..ويتم استخدامه في الحارات والأزقة وأزمات الزحام في الأماكن العامة ..! البني آدم منا بحاجة إلى التزمير..تزمير ذاتي عالي الجودة..وبحاجة إلى كبسة مكيّف صغير الحجم يعيد إليك اتزانك أينما ذهبت ..حرارة في البرد وهواء بارد في الشوب..!
أخ لو أن هناك زجاجاً على الاذنين ترفعهما وتنزلهما وقتما تشاء ..وقتما تريد أن تسمع أو لا تريد ..! أخ لو أن هناك فرامل(مش عارف لازم تكون بتنوين والاّ لأ) في القدمين..ويقدر البني آدم (يخمّس/ يعمل خمسات) قدّام بيته خمسة وراء خمسة..! أخ وأخ وأخ ..!
تستغربون لماذا أتمنى ذلك ..؟ لماذا أريد أن أصل إلى مرحلة البني آدم الـ(فُل أوبشن)..! لأننا تغيّرنا وأصبحنا عبيداً للآلات..هي من تتحكم بنا..لا تظنّوا أن استعمالنا لها يعني بأننا أسيادها ..بل نحن مدمنون على الاستلاب..ولم نعد نشغّل حواسنا بشكل سليم..! أصبحنا غرباء بيننا وبين بعضنا ..ولا نشعر بالدفء والحميميّة إلاّ إذا تسابقنا مع الآلة كي نغلبها ولن نغلبها إلا بالانصهار في ماهيّتها وكنهها ..وهذا هو خراب الانسان الذي فقدناه ونسعى وراءه في لحظة الوحدة ولا نجده..!

Share and Enjoy !

Shares

صحفي أم متسوق خفي..؟!

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

ابراهيم عبدالمجيد القيسي

اربعة مواقف حرجة؛ ويمكن لكاتب سيناريو هوليودي محترف أن يبني عليها قصة (فيلم آكشن)، وأضمن له نجاحا ولو على صعيد تنويري بالنسبة للمسؤولين الأردنيين، لكنهم أغلبهم مثلي، لا يتابعون افلاما عربية، وحين يداهمهم الليل الصامت، يلجأون الى فضائيات بعينها، يتابعون افلاما أجنبية، لا أعرف من يختارها ليعرضها على عرب الله العاربة، فكلها أفلام تتحدث عن جنّ وأشباح وشياطين وخزعبلات من فئة “خياليات الشعوذة”، تعطل الالهام والعقل وتغلق آفاق التفكير وتضمر معها القيم لدى متواضعي التفكير… اشي مش معقول!.

المواقف الأربعة؛ كلها في مؤسسات حكومية، وأبطالها السلبيون هم مسؤولون حكوميون مع كل أسف، وسأحدثكم هنا عن موقف واحد منها:
حيث التقيت صدفة بالنائب عبدالمنعم العودات رئيس اللجنة القانونية النيابية، التقينا على باب مكتب مسؤول محترم، يدير مؤسسة تعاني من بيروقراطية، كانت قبل قدوم هذا المسؤول ثاوية وموقوفة في إجراءاتها، ورغم ديناميكية وتقدمية تفكير مديرها العام الجديد، إلا أن قوى شد عكسي تسيطر على المؤسسة استدعت النموذج البيروقراطي الثاوي، وأصبح المواطن يعاني أكثر من الأمرّين بل قل ثلاثة وعشرة والتفنن في هدر وقته وماله وتعطيل مصالحه، يحصل على مواعيد ويشار عليه بمراجعة مديريات أخرى تابعة للمؤسسة، ومع كل جولة مراجعات، يلوذ المواطن ثالثة وسابعة بمكاتب الإدارة العامة، يحاول مقابلة المدير العام وينجح غالبا، لكنه في كل مرة يتحدث معه المسؤولون يقنعونه بأن موضوعه تم حله، ثم يكتشف المراجع المسكين بأنه يعود للمربع الأول من جديد!.

في الموقف الذي تدخل النائب العودات فيه من باب (خليك محضر خير)، كنت منزعجا غاضبا ومستعدا لفرط كل المعاملة، والله كنت مستعدا أن أباطح و(خليها وين ما تصفي تصفي)، وحين جلست مع المدير العام والنائب العودات دار الحديث عاصفا من طرفي وطرف المدير ومساعده، وكان النائب يتدخل للتهدئة، وفي خضم الحديث تطرق المدير لتبرير هذه المراوحات من قبل كوادر المؤسسة، تبريرا معتدلا لا يعترف فيه ببيروقراطية مؤسسته، ولم أقبله منه بالطبع وبادرته على الفور:
سيدي المحترم:
هذا أداء سيطر على المؤسسة حين أصبحت في عهدتك، فأنت شخصيا المقصود من هذا الأداء البيروقراطي من قبل موظفيك وليس أحد غيرك، كلمة فهمها النائب بسرعة بأنها من باب مناكفة المدير من قبل شلل المؤسسة، فالمناكفة فن نيابي وحزبي أصلا، لكن المدير العام استقبل إجابتي كنوع من العصف الذهني (أو ربما الكهنوت الصحفي).

سألت النائب العودات وهو رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب: إذا متى نلتقي إذاعيا نتحدث عن حزمة القوانين التي يتعامل معها النواب في دورته العادية الأخيرة؟!، قال : أتشرف بك في أي وقت شريطة أن لا تكون معصب كما أنت الآن، فأجبته بأنني لم أمر بمثل هذا الموقف منذ ٢٠ عاما (آخر هوشة محرزة)، لكن الغضب والأداء المصنف بأنه فن نيابي(من الآخر) ويحبه النواب ويبرعون فيه.

طبعا هو كذلك، لكنه يكون بالنسبة للنواب متلفزا أو أمام وسائل اعلام، أما بالنسبة لي فهو نشاط سري نادر محظور، لا يخرج الا للحبايب وللمتسوق الخفي.

Share and Enjoy !

Shares

هذه هي مهمة وزارة العمل

ـ حازم الصياحين

وزارة العمل في الأردن تستحق الشفقة، فهي حملت عبء البطالة والتوظيف وهي أكبر من طاقتها وهي ليست مهمتها بل هي مهمة الحكومة بكل وزاراتها ومؤسساتها.

أملت أن لا يضطر وزير العمل أو الناطق بإسم الوزارة الى توضيح تصريحاته حول المهام الرئيسية للوزارة فما قاله صحيح، لأن مهمة وزارته هي تنظيم سوق العمل وليس توفير وظائف ولا الحد من البطالة، وما دفع بها الى الواجهة هم الوزراء المتعاقبون قرروا التصدي لهذه المهمة ولكل غايته فابتكروا برامج وعناوين لم تحقق سوى نجاحات شكلية.

وجدت الوزارة نفسها بالمرتبة الثالثة بعد وزارتي الصحة والتربية، المطلوب منها توفير فرص العمل في القطاع العام وهذه ليست مهمتها، لكن العبء الذي وجدت نفسها تحمله نيابة عن الحكومة ومؤسساتها جعلها تتصدى لهذه المهمة, فأصبحت مقارعة البطالة هاجسها مع أنه هاجس كل الوزارات والمؤسسات. حل هذه الإشكالية يحتاج إلى قلب قواعد قياس البطالة ومن ذلك وضع الحلول.

مهمة وزارة العمل هي تنظيم سوق العمل، لكننا وجدناها مبكرا تدخل بقوة إلى ميدان التشغيل ببرامج بعضها نجح وبعضها أخفق, بسبب التشتت وتعدد المرجعيات كعائق أفشل حتى الآن معظم البرامج التي تبدأ صحيحة في البناء قبل أن تنهار أمام معضلة غياب التنسيق والمواءمة، ابرز عناوينها مخرجات التعليم.

على الوزير أن يتمسك بمقولة أن القطاع الخاص والإستثمار هو فقط المولد لفرص العمل بعد أن طفح إناء القطاع العام بمن فيه, وقد قلنا ولم نزل أن لا مصلحة لأحد، حكومة ومواطنين في التضييق على القطاع الخاص وفي طرد الإستثمار وحجبه وفي تنفيره تحت عناوين الفساد وغير ذلك من الشعارات المهترئة التي يطلقها بين فينة وأخرى مسؤولون وشخصيات عامة ونواب عاملون وسابقون يتباكون على ما زعم بالثروات المنهوبة ويقيمون لها احتفاليات للذكرى على مواقع التواصل الإجتماعي يقرأها كل الناس وكل المستثمرين الموجودين والذين تراودهم فكرة الإقبال ع?ى الأردن.

وزارة العمل تحولت الى التشغيل كليا ويراد لها أن تتحول إلى الإستثمار وأن تبني المصانع وتؤسس المشاريع يجري هذا بينما معدل البطالة أخذ اتجاهاً صعودياً، ما يعني الفرص التي يخلقها الاقتصاد الأردني لا تكفي لتلبية طلبات الباحثين الجدد عن عمل.

مما يستحق الذكر أن القطاع العام ما زال محركاً رئيسياً في توفير الوظائف رغم تدني إنتاجيتها، وحصته تصل إلى 44% في حين لا يولد القطاع الخاص سوى 56% بينما يستوعب القطاع الخاص كل العمالة الوافدة.

دور الوزارة هو تنظيم سوق العمل أما التشبيك مع الفرص المتاحة في القطاعين العام والخاص، فهي مهمة كل الوزارات والمؤسسات وما على الحكومة سوى الاستمرار بالتحفيز الاقتصادي وجلب الاستثمارات لخلق فرص العمل.

Share and Enjoy !

Shares

أمريكا تقتل قاسم سليماني.. فماذا بعد!!

عوض الصقر

عوض الصقر

مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني فجر يوم الجمعة الماضي بصواريخ أمريكية أطلقتها مروحية أمريكية بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحسب بيان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون)، يشكل بكل تأكيد نقطة تحول خطير في الصراع الامريكي الايراني الممتد منذ اندلاع ثورة الخميني في ايران في العام 1979.
وهنا يجب التأكيد على مقتل سليماني الذي جاء بعد أيام قلائل من هجوم قوات الحشد الشعبي العراقي بإشراف مباشر من سليماني، على السفارة الأمريكية في بغداد.
والسؤال المنطقي المطروح الآن هو كيف سترد ايران على مقتل سليماني الذي يجسد تزايد النفوذ الايراني في العراق ويمثل الذراع العسكري القوي لنظام الملالي في الخارج وهو الذي قال ذات مرة متباهيا أن ايران تفتخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
أعتقد أن لدى الايرانيين خطط مسبقة للتعامل مع مثل هكذا مواقف  فهم يدركون جيدا تزايد حدة التوتر مع إدارة ترمب في ضوء تزايد  المواجهات الساخنة بين الجانبين خلال الفترة الماضية بما في ذلك قصف الصواريخ الايرانية للمنشآت النفطية السعودية وتنامي القدرات العسكرية للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان بدعم ايراني واضح.
وايران تعلم جيدا أن للولايات المتحدة مئات المراكز والقواعد والمرافق العسكرية في مختلف أنحاء العالم حيث يتبع لها أكثر من 60 ألف جندي منتشرين في المنطقة في أفغانستان والعراق ودول الخليج العربي وغيرها.
المؤكد أن الإعلام الايراني سيعمل على توظيف عملية الإغتيال لكسب المزيد من التأييد الشعبي لنظام الملالي في ايران، واستغلال الحادثة لتعزيز الصورة النمطية لدى المواطن الايراني بأن الغرب يتآمر عليهم ولن يتركوهم وشأنهم مهما حاولوا.
وفي ذات الوقت، يدرك الايرانيون عواقب التصعيد مع الإدارة الأمريكية في وقت تعاني فيه بلادهم من التداعيات الاقتصادية المختلفة بسبب الحصار الأمريكي، الأمر الذي يفتح المجال أمام طهران للسعي لدعم حلفائها الذين اشتركت معهم في المناورات البحرية الأخيرة وخاصة روسيا والصين.
وفي المقابل فإن ترمب الذي يعاني من ضغوط متزايدة من مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الديمقراطيون بعد بدء المجلس بإجرات محاكمته بتهمة إقامة علاقات مخالفة للدرستور مع اوكرانيا الأمر الذي قد تؤدي الى عزله، فإنه سيعمل على استغلال عملية الإغتيال، لكسب المزيد من أصوات اللوبي اليهودي والمسيحيين الانجيليين في الانتخابات الرئاسية القادمة بالاضافة الى سعيه لاحراج الحزب الديمقراطي وصرف أنظار الشعب الأمريكي عن إجرات المحاكمة والعزل  باتجاه المواجهة مع ايران.
وإسرائيل تدرك جيدا أنها ستكون مستهدفة من أية ردود فعل ايرانية على مقتل قاسم سليماني ولذلك قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته لليونان وعاد الى تل أبيت بعد حادثة الإغتيال مباشرة وأطلق العنان لوسائل إعلامه الصهيوني للتحذير من تداعيات عملية الإغتيال ورفضها والتأكيد على أن سليماني وقع في الفخّ الذي نصبه له الأمريكيون، بمساعدة عملاء المخابرات من عدة دول.
المنطقة ستعيش على صفيح ساخن بانتظار الرد الايراني الذي أعتقد أنه لن يطول كثيرا، فهل ستكون بلاد الرافدين ساحة للمواجهات بين ايران وأمريكا أم أنها ستمتد الى دول أخرى، وإن غدا لناظره قريب.

Share and Enjoy !

Shares

سليماني بين الضربة الاستباقية وكبسولة اختبار

الصحفي علي فواز العدوان / وكالة الأنباء الاردنية


الصحفي علي فواز العدوان
وكالة الانباء الاردنية (بترا)
يعرف أهل السياسة الضربة الاستباقية أو الوقائية بأنها التحول من الرد على هجوم واقع إلى المبادرة بالهجوم لمنع هجوم محتمل، خاصة إذا تمكنت أجهزة الدولة الاستخبارية من اكتشاف نوايا مبكرة بالهجوم لدى العدو.

إن الاعتماد في الضربات الاستباقية يعتمد على نوايا الطرف الآخر كونه عدواً محتملاً من خلال تحرك عسكري أو تصعيد سياسي سري.
و يتفق دارسو العلوم العسكرية والمختصون في التخطيط الاستراتيجي للعمليات الحربية مع المفهوم السابق على أنه يخص الضربات الوقائية، إلا أنهم يميزون بين هذا المفهوم السياسي والعسكري وبين الضربات الاستباقية،إذ يعتبرون الضربات الاستباقية مفهوماً عسكرياً استراتيجياً وليس سياسياً ويخضع لقيادة الجيش وآليات إدارتها للحرب بعد نشوبها أو قبل نشوبها بفترة قصيرة،

وتوجه الضربات الوقائية مبكراً عند اكتشاف نوايا بالهجوم لدى الخصم بغض النظر عن نشر وسائل هجومه أم لا، أما الضربات الاستباقية فإنها توجه ضد قوات الخصم التي تم نشرها فعلاً في أوضاع هجومية مختلفة استعداداً لهجوم حقيقي .
من المعروف ان روسيا امريكا يتفقا فيما يشبه إعادة تقسيم للنفوذ وترتيب جديد لخريطة المصالح في المنطقة، في إطار من التعاون والتكامل والتنافس المشروع بدل الصراع والتصادم منذ اخفاق الديمقراطيين بسياسية الربيع العربي واغضاب شعوب المنطقة بالانحياز الى جانب اسرائيل .
وتنتهج السياسية الامريكية في الشرق الأوسط دورا تفاوضيا مع ايران بشأن برنامجها النووي والعمل على وقف الصراع في سوريا وضمان إمدادات النفط وخطوط التجارة البحرية و صيانة اتفاق السلام بين اسرائيل والفلسطينين.
ولقد عمدت الى وضع هذه المقدمة للوصول الى فهم اكاديمي حول اسباب الضربة الامريكية التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لموقعين مرتبطين بإيران في بغداد استهدفت قاسم سليماني رجل ايران القوي وقائد العمليات العسكرية الإيرانية في الشرق الأوسط و سوريا والعراق و أقوى شخصية عسكرية في إيران ،والعقل الاستراتيجي وراء طموحاتها في الشرق الأوسط ووزير خارجيتها الحقيقي في ما يتعلق بالحرب والسلام بالمنطقة .

امريكا وجهت هذة الضربة مجبرة لمنع الانفلات من الهيمنة الأمريكية والتوجه نحو روسيا او الصين خصوصا ان سليماني يديرعمليات سرية غاية في التعقيد والسرية شملت شبكة من الميليشيات ويدير الكثير من العلاقات العسكرية الروسية الايرانية في بغداد ودمشق.
كان سليماني الى وقت غير بعيد حليفا لأمريكا ضد تنظيم الدولة حتى اعلان القضاء على تنظيم الدولة رسميا لقد توافرت كامل شروط سياسة الضربة الاستباقية خصوصا عقب التصعيد باقتحام السفارة الامريكية غير اني ارى ان سليماني استخدم ككبسولة اختبار اما لغيات حسن التنفيذ والتأكد من سلامة اتفاق روسيا امريكا على اقتسام النفوذ اولاختبار جاهزية القوات الامريكية للدفاع عن ارامكو التي تعهدت امريكا بحمايتها عقب توجيه الاتهام الي ايران رسميا من قبل وزارة الدفاع الامريكية بضربها وتوقيف الانتاج لمدة اسبوعين..

Share and Enjoy !

Shares

أفيقوا أيها العرب .. ماذا بعد اغتيال سليماني

الدكتور عديل الشرمان

            

      

الدكتور عديل الشرمان

عندما تبدو الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها تغازل إيران غزلا مبطنا، وتستعطفها على حد قول نائب قائد الحرس الثوري الإيراني بأن لا يسرفوا في الرد على اغتيال سليماني، وأن لا يتجاوز حجم الرد الايراني سقف الانتقام، وعندما تصرح طهران على أن الرد لن يكون متسرعا، فضلا عن رسائل التهدئة التي يتناقل أخبارها المحللون ووسائل الإعلام والتي ترسل عبر الوسطاء، فإن الطرفين بهذا الغزل يكشفان عمق المساحات المشتركة بينهما، والتي يمكن لهما البناء عليها، تلك المساحات التي تفوق حجم الخلافات، وتكشف ما وراء التصريحات الإعلامية المتبادلة، والتي لا تعدو سوى كلام معد للاستهلاك الإعلامي في جانب كبير منه.

المتابع لسياسات إيران والولايات المتحدة في المنطقة لا يجد صعوبة في الخروج باستنتاجات مفادها أن مصالح كل طرف هي فوق كل الاعتبارات السياسية والانسانية للمنطقة، فايران لا تخفي أن مصالحها ومشاريعها توسعية وطائفية في المنطقة، والولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن الهيمنة والسيطرة الاقتصادية في ذات المنطقة ولا تخفي اهدافها، وكل من الطرفين يقول للآخر وان كنت اياك اعني لكن أريد للجيران أن يسمعوا كي يبقوا خائفين ويدفعون الثمن.

 ربما قواعد اللعبة تغيرت، وأصبح الباب مفتوحا على كل الاحتمالات، وربما قد يكون الرئيس الامريكي قد اخطأ التقدير والحسابات، ودخل في مغامرة مارقة، فخسر العلاقة بين حليفين غير متكافئين ومختلفين في المصالح والاهداف، مما يجعل ايران بكل تأكيد مستفيدة من الضربة الأمريكية العسكرية، حيث تجعل منها شماعة للوصول طموحاتها، وتتماشى تماما مع أهدافها وسعيها لتحقيق مصالحها، والسير في مشروعها، حيث الذرائع والمبررات التي لطالما بحثت عنها لإطلاق يدها في المنطقة، ونشر الرعب والخوف بين شعوبها، والحد من الوجود الأمريكي فيها، كما وحّدت الضربة الشارع في إيران ولو مؤقتا، الا أنها وضعت العراق في مشكلة حيث فقد السيادة والقرار فضلا عن ضبابية المستقبل وغموضه كما يرى ذلك اياد علاوي الرئيس الاسبق لوزراء العراق، والولايات المتحدة لعبت على أوتار داخلية انتخابية، وخلقت لنفسها المبررات للعودة إلى المنطقة وتعزيز وجودها، وجني المزيد من المال والثمار.

في أحسن الاحتمالات وأضعفها والتي قد تترتب على الضربة العسكرية الأمريكية أن يكون الرد الإيراني محدودا وذر للرماد في العيون، لكنه حتمي ومؤكد باعتبار أن سليماني هو رجل دولة وسياسة علاوة على كونه عسكريا، ولكونه فلذة كبد أولاد الفقيه، ولأن ايران تملك الكثير من اوراق الرد، فلديها اوراق النفط، والوجود والقواعد الامريكية في المنطقة، والاتفاق النووي، وحلفاء واشنطن في المنطقة، واسرائيل، وكلها ساحات لتصفية الحسابات خارج ملاعب الطرفين.

 إلا أن الرد الايراني قد ينتهي إلى التهدئة، وقد يقود إلى فتح باب الحوار بين الطرفين والجلوس على طاولة المفاوضات كما يعتقد الرئيس الامريكي الذي يراهن على براعة ايران في المفاوضات، مما يقود إلى إملاءات ونتائج تصب في مصلحة كل منهما على حساب المنطقة العربية الخاسر الوحيد مما يجري، والتي باتت ساحاتها ملاعب للصراعات بين القوى العالمية، وأصبح بعض شعوبها أسلحة ووكلاء لهذه القوى، والبعض الآخر يجلسون متفرجين على مدرجات الملاعب، وقادتها يغرقون في الاحلام والاوهام والتمنيات، ولا صوت يسمع لهم سوى صوت الحكمة الذي يحركه الخوف والترقب للنتائج، ومهما كانت نتائج الضربة والرد عليها فإن الخسائر البشرية الناجمة عنهما لن يكون أكبر مما تخسره الأمة العربية يوميا بسبب التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية .

Share and Enjoy !

Shares

شعب الحضارات ينزف

د.محمد المومني

يستمر نزيف الشعب العراقي الشقيق على وقع الاحتجاجات المستمرة رفضاً للفساد وللتوغل الايراني في بلادهم. بدأ مشوار النزيف منذ سنوات، يصعد تارة ويهدأ تارة أخرى، وقد أخفقت آليات العمل السياسي للآن بتأطير عمل القوى السياسية أو تمثيلها على نحو يحقق الحد الأدنى من العدالة. بات شعب الحضارات العريقة غارقا بالأزمات المتتالية وقصة حزينة عناوينها فساد وبطالة وطائفية وتمزق. الفشل باحتواء الطائفية أولا، ودور إيران في العراق ثانياً، أسباب أساسية لحالة الفوضى والنزيف المستمر الذي يعاني منه العراق.
الطائفية البغيضة وصلت أقبح مستوياتها في العراق وبرعاية رسمية. مؤسسات الدولة باتت انعكاسا للطائفية تؤطرها وتأتمر بأمرها، بما في ذلك دستور بريمر وما بعده الذي أسس لطائفية ومحاصصة قريبة من النموذج اللبناني، تظهر شكلاً أنها ديمقراطية لكنها في الجوهر ليست الا مأسسة للتقسيم الطائفي الذي يتعارض حكماً وجوهراً مع الديمقراطية وفحواها الدولة المدنية التي تعامل المواطن وترده لمواطنته لا لطائفته. في كل مرة، وفي أية دولة، تجد فئة من المجتمع أنها مهمشة يتم إقصاؤها، تبدأ الانقسامات ويحل العنف. الاقصائية عنصر رئيس محفز للعنف والارهاب ولدينا في الشرق الاوسط أمثلة عديدة تثبت ذلك. ما لم يشعر المواطنون، بصرف النظر عن طوائفهم وجغرافيتهم وأصولهم، ما لم يشعروا أنهم متساوون فذاك هو المدماك الاول على طريق العنف والتطرف والصدام. هذا ما حدث ويحدث بالعراق، فالشحن الطائفي وبرعاية رسمية ودعم إيراني مشهد عراقي يومي حاضر. يكفي جولة على محطات التلفزة العراقية ليصاب المرء بالفزع من جراء الشحن السياسي والاثني التقسيمي الكارثي. تلك من اللحظات التي يسجد فيها المرء حمداً وشكراً لله أنه يعيش في دولة كالأردن لا تسمح وتعارض بشدة هذه الظواهر الى أن غدت غير متخيلة في مجتمعنا الاردني. لا يمكن ان نرى بالاردن إعلاما يحرض طائفيا او عرقيا او جغرافيا، ولا نجد حزبا اقوى من الدولة، في حين أنها ظواهر مألوفة في العراق ولبنان تنفذ رؤية وأجندة ايران في تلك الدول.
إيران لاعب سياسي إقليمي خطير. بالنسبة لايران، العراق ولبنان وسوريا واليمن مناطق نفوذ وهيمنة يجب حمايتها، والتأكد أنها تستمر لتكون ادوات بأيدي إيران وطموحاتها الاقليمية، ودون ذلك فليذهب استقرار العراقيين واللبنانيين وازدهارهم للجحيم. مؤسسات العراق وكثير من السياسيين هناك أصبحوا رهينة وأدوات تأتمر بما تريده طهران وضباطها العاملون بالعراق، ومن يرفض او يقاوم يحكم على نفسه بعقوبات تتراوح بين القتل والعزل وما بينهما من أنواع عقوبات.
ما لم تشعر كافة مكونات الشعب العراقي أنها جزء من نظام الحكم السائد، تشارك بالقرار بطريقة أو بأخرى، سيستمر العنف يخبو في حين ويظهر في أحيان. الاقصائية والانتقامية التي مارسها المحسوبون على ايران ضد فئات من العراقيين جعلتهم قنابل موقوتة تنتظر لحظة الانفجار

Share and Enjoy !

Shares