الأربعاء, 23 أبريل 2025, 1:34
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

النواب في دورتهم الأخيرة!

زيد نوايسة

يستعد النواب الأحد المقبل للبدء في مناقشة الموازنة العامة للعام 2020، وهي آخر موازنة سيناقشها في الدورة الأخيرة من عمره، والمؤكد أننا على موعد مع ماراثون من النقاشات الغاضبة على الحكومة عنوانها الظروف الاقتصادية والمعيشية المتردية والمطالب الخدمية، ولكنها تعبير عن الغضب على الأداء الحكومي بشكل عام وعن اتفاقية الغاز وهي العنوان الإشكالي الكبير الذي يواجه أعضاء المجلس أمام ناخبيهم والمجتمع الأردني الرافض لها، ولكن المرجح وكما هو معروف أن النواب سيشبعون الحكومة نقداً حاداً لكن الموازنة ستمر في النهاية وهم يعلمون أنها بُنيت على أسعار الغاز في الاتفاقية المرفوضة منهم، يضاف لذلك أن الحكومة استبقت المناقشة بمجموعة حزم اقتصادية وخدمية وأهمها تحسين رواتب العاملين والمتقاعدين والتوافقات مع النقابات المهنية على العلاوة الفنية لمنسوبيها.

توفر الدورة البرلمانية الأخيرة لمجلس النواب التاسع عشر فرصة مواتية لإرسال رسائل نيابية؛ انتخابية لقواعدهم التي فقدت الثقة والتي وصل مستواها في آخر استطلاع للرأي أعلنه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية قبل يومين إلى 15 %، وأيضاً الضغط على الحكومة واستغلال ملفات إشكالية أهمها ملف الطاقة واتفاقية الغاز لتحقيق مكاسب رغم علمهم بأن الحكومة لن تتمكن من تقديم شيء لهم؛ فالطرفان يعلمان مصيرهما الذي لن يتجاوز شهر أيار إذا ما لم تحدث تطورات إقليمية كبرى يقرأها عقل الدولة السياسي وتستدعي التمديد للمجلس والحكومة معاً ولكن هذا الأمر لا ينال أي حظوظ من القبول شعبياً فالانتخابات جرت سابقاً في ظروف أصعب.

في هذا السياق يمكن فهم التحرك الذي بدأ النواب بالتحضير له وهو حجب الثقة من خلال مذكرة وقعها 29 نائباً في إطار السجال الجاري حول بدء ضخ الغاز الإسرائيلي بداية العام، ولكن النواب يدركون أن الأمر فيه مخاطرة كبيرة، ففرصة نجاح حجب الثقة محدودة جداً. وقد تتحول لتجديد الثقة بحكومة الرزاز التي ألقيت في حضنها اتفاقية الغاز الموقعة بين شركة الكهرباء الوطنية والشركات الإسرائيلية من قبل حكومتين سابقتين وهي تعيش مأزق التعاطي مع تداعيات تلك الاتفاقية التي يجمع الأردنيون على رفضها وتهديد النواب بحجب الثقة عنها، وتتحضر لجلسة مناقشة عامة يوم الأحد بعد القادم في 19/1 ستسمع فيها كلاماً قاسياً ربما لم تسمعه من قبل.

من المستبعد نجاح النواب في تنفيذ تهديدهم بحجب الثقة. فهذا يعني سابقة خطيرة قد تطيح بالحكومة والمجلس معاً، وهو خيار وارد ولا يمكن استبعاده، الفرصة الوحيدة أمام النواب هي الاستمرار في اقتراح رئيس المجلس بإعداد مشروع قانون لإلغاء الاتفاقية وإقراره من المجلس وإرساله للحكومة لتقديمه بالطرق الدستورية للمجلس، وهو ما يعطي الحكومة مساحة مريحة لتخرج من دائرة الضغط النيابي المرهق وتتجنب خيار الحل والرحيل حتى لا تسجل سابقة في تاريخها. والأرجح أنها ستلقي مشروع القانون في حضن الحكومة القادمة والمجلس القادم وتكون بذلك مررت الاتفاقية التي دخلت عملياً حيز التنفيذ وقدمت للنواب ما يقدمونه لناخبيهم بأنهم ذهبوا لأقصى ما يمكن عمله.

لن تعدم الحكومة ومؤسسات الدولة وسائل التعامل مع الموجة النيابية الغاضبة وهي تفهم مبرراتها وتستوعبها وخبرتها سابقاً، وبنفس الوقت يعلم النواب أنهم أخفقوا خلال ثلاث سنوات من عمر مجلسهم في تشكيل قوة ضغط حقيقية قادرة على التأثير في المشهد الحكومي ولعل غيابهم عن التأثير في احداث مفصلية مثل أزمة إضراب المعلمين وملفات سياسية واقتصادية خير دليل على ذلك.

ليس من المؤكد أن يساهم منسوب غضب النواب المتصاعد في تغيير الصورة الانطباعية عنهم في الربع ساعة الأخيرة من مدة المجلس وكما قيل في الأمثال “العليق عند الغارة ما بنفع”.

Share and Enjoy !

Shares

هو ذا، ما يقوله الملك عند صمته

د. حازم قشوع

دخلت المنطقة او ربما أُدخلت في الانفاق الميدانية والدهاليز السياسية مشكلة بذلك مضمونا معلوما وشكلا مجهولا، فالمضمون بات معرفا عند اهل الدراية بتلك الاحداثيات التي يصعب على طرف اختراقها او رسم محدداتها من دون اتفاقات ضمنية يتفق على عليها الجميع من اجل اخراج الحدث ضمن محددات مضبوطة بينما تترك عملية التمثيل وتقديم الصورة للامكانات المتوفرة والظروف الميدانية على ان يتقيد المشتبك والمشارك وحتى المتداخل بالنص من دون حتى اجتهاد حياله، فان صناع القرار العالمي لا يتدخل غالبا في الكيفية لكنه حكما يرسم محددات المشهد العام، باعتباره يندرج في اطار عقدة الامن والسلم الاقليمي والدولي.
فان كل طرف يحمل رتبة دولة مركزية في ميزان التصنيفات العالمية، تطلعاته الخاصة ومسعاه المبين في بسط نفوذه وحرية العمل على توسيع دائرة حضوره السياسي او الاقتصادي او حتى الايدولوجي في معادلة النظام الدولي القائم على ان لا يكون ذلك على حساب مقتضيات الامن والسلم الدولي، فان النظام الدولي الراهن يتدخل بطريقة مباشرة او غير مباشرة اذا لم يتم مراعاة العقدة المركزية للمجتمع الدولي، لاسيما وان النظام العالمي مازال مؤطر بنظام سياسي وامني متفق عليه وذات اركان محددة وهو لا يشكل الضمانة بذلك للدول النامية فحسب بل يشكل حجر الزاوية في المحافظة على درجة الامان العالمي والتى بدورها تضمن علاقة المجتمعات بعضها ببعض وحركة التجارة الدولية هذا اضافة الى القيم الانسانية التى تحفظ محتوى الحضارة البشرية وتصون الارث الانساني.
ومن على هذا المنظور تحسب تقديرات المشهد العام، الذى يقوم بين ايران الاقليمية التى تسعى لامتلاك حماية ذاتية باستملاك قنبلة الامان النووية، وتطالب بشرعنة بسط نفوذها على الاراضي العربية التى تقف عليها وبين المجتمع الدولي الذي مازال يرفض اعطاء احقية استملاك القوة الاستراتيجية لايران و كما يرفض شرعنة نفوذها التوسعي على الاراضي العربية التى تقف عليها، وهذا مرده لانها تجاوزت حدود الاحداثيات المرسومة وقفزت بتطلعاتها فوق حدود الممكن المتاح، هذا اضافة الى نيتها التي باتت معلومة وباطنها الذي اصبح ظاهرا باتت تشكل مصدر قلق للامن الاقليمي والسلم الدولي.
ومن وحي تقدير الموقف المنضبط باصوله والمشتت بفروعه ينظر الاردن للموقف العام بتقدير قيمي ويأمل من الجميع التقيد بالاطر الناظمة للنظام الدولي لاسيما وان الدول التى تحمل رتبة المركزية الاقليمية باتت مطالبة اكثر من اي وقت مضى بضرورة التقيد بالحدود المرسوم في شرعية القانون الدولي، وكما ينظر الاردن للنظام العربي وكله امل ان يعمل من اجل وحدة نظامه ومركزية مكانته ليقوم بواجب حماية ثرواته ومقدراته نصرة قضاياه والمحافظة على دوره ورسالته وهو ذا من وحي علمي، ما يقوله الملك عند صمته.

Share and Enjoy !

Shares

سفير يجاهر بما لم يقله الوزير

ماهر أبو طير

انصح بكل وضوح ومباشرة، وزير الخارجية، الا يسمح للسفراء من وزارته بالتصريح لوسائل الإعلام حيث يمثلون الأردن، فالكلام محسوب، ولكل كلمة ألف تأويل وتفسير.
إذا كان لابد فليعمم الوزير على السفراء في سفاراتهم بالصمت، أو ينسقون مسبقا مع وزارة الخارجية حول تصريحاتهم، فتتم مراجعتها، هذا إذا افترضنا أن مبدأ تصريح السفير أو اجراء المقابلات يعد واردا، مع علمنا المسبق، ان التحفظ أساسي في وظيفة كل سفير.
سفير الأردن في إسرائيل يصرح لهيئة الإذاعة الإسرائيلية قائلا إن العلاقات بين الأردن وإسرائيل أساسية واستراتيجية، وان هناك تعاونا في عدة مجالات مثل التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب، وهذا كلام لم يقله حتى أكبر مسؤول في الدولة الأردنية، ولا وزير الخارجية ذاته، ويأتي في سياق متوتر أساسا على المستوى السياسي والشعبي في الأردن.
السفير الإسرائيلي في عمّان لا يصرح لوسائل إعلام أردنية، ربما هو لا يريد، وربما يدرك ان لا وسيلة إعلام ستمنحه هذه الفرصة أساسا، لاعتبارات كثيرة على صلة بكلفة التطبيع.
كيف يمكن أن يخرج سفير في سياقات متوترة على خلفية ملف المسجد الأقصى، وملف الغاز، وقضايا كثيرة، ليقول ان علاقة الأردن مع إسرائيل أساسية واستراتيجية ويحدد التنسيق الأمني معيارا في هذه القصة، ومن فوضه أساسا بهذه التصريحات وكأنه يقول إن كل الموقف السياسي والشعبي مجرد فيلم سينمائي، فيما التنسيق الأمني متواصل ومستمر، وهو الأهم والأكثر حساسية بطبيعة الحال، تاركا لنا الخيال لفهم تعبير التنسيق الأمني بطرق ووسائل مختلفة، وهو خيال خصب يتفرد به كل أردني.
العلاقة الأردنية الإسرائيلية تخضع لمستويات مختلفة، وتحفل بالتناقضات، فالتصريحات الرسمية على السن مسؤولين كبار تنتقد السياسات الإسرائيلية، وحتى وزير الخارجية ذاته لا يوفر إسرائيل من نقده في محافل دولية مختلفة، وفي الوقت ذاته يتوتر الجو شعبيا بسبب قضايا الغاز وسجن أردنيين وغير ذلك، وتطل في الوقت ذاته إشارات متناقضة تثبت اننا بوجهين في العلاقة مع إسرائيل، من استقبال الرئيس الإسرائيلي في دارة السفارة الأردنية في لندن وصولا الى قضايا متعددة، ابرزها ما أكده السفير من تنسيق امني مع إسرائيل، إضافة الى التعاون في ملف الإرهاب، وهذا التعاون يحمل تأويلات كثيرة.
القصة هنا ليست قصة شخصية مع السفير، فلا يعرفني ولا اعرفه، لكنني اتحدث عن المبدأ الواجب ضبطه من جانب وزارة الخارجية في عمان، خصوصا، ان الوزير الحالي صاحب خبرة إعلامية ويدرك أساسا قيمة الكلام، وتأويل التصريحات، وكلفة كل كلمة خصوصا في التواقيت التي تبدو ثقيلة وحساسة لاعتبارات مختلفة.
ذهب سفراء قبل ذلك الى إسرائيل، ولم نسمع عنهم خبرا واحدا في وسائل الاعلام الإسرائيلية، واذا كان موقع السفير في تل ابيب لا يستحق المنافسة ولا الحسد، فهو موقع حساس أيضا، بسبب الملفات المعقدة القائمة بين الأردن وإسرائيل، وبسبب وجود السفارة في فلسطين حيث ملايين الفلسطينيين في فلسطين المحتلة العام 1948 والضفة الغربية والقدس، وبسبب الحساسيات التي يمثلها الموقع في وجدان الأردنيين، وكل هذا يفرض حسبة خاصة اكثر تشددا إزاء نشاط وحركة أي سفير ابتلي بالعمل في تل ابيب.
ربما في تصريحات السفير ما هو جيد من حيث حديثه عن دور الأردن في الحرم القدسي، وغير ذلك، إلا أن إقرار مسؤول بشكل علني بوجود تنسيق أمني، في توقيت حساس، لا يكشف جديدا لمن يعرف الخفايا، لكنه يجاهر بما تتحاشى أوساط رسمية في عمان إعلانه صراحة، حيث أن كل التوتر بين الأردن وإسرائيل مرتبط فقط بالعلاقة مع الحكومة الإسرائيلية، لكنه غير قائم على مستوى العلاقات الأمنية واللوجستية الثابتة والمستمرة.
القصة نهاية المطاف، ليست قصة تصيد أخطاء، ولا استهداف أشخاص، هي قصة المنظومة الرسمية التي يفترض ان تعمل بلغة واحدة، فلا يخرج أحد فيها ليقول شيئا، لم يقله الأعلى رتبة منه، ولا الأدنى أيضا، هذا فوق تشبعنا بكل هذه التناقضات ما بين من ينتقد ويهدد إسرائيل بالويل وعظائم الأمور، وآخر يخرج ليتحدث بلغة ناعمة عز نظيرها.

Share and Enjoy !

Shares

الرد الإيراني المزلزل!

د.محمد المومني

تقف إيران بكل صلف وبعيون مفتوحة تريدنا أن نصدق أن انتقامها كان مزلزلاً! لغاية كتابة هذه السطور حصيلة الخسائر البشرية الأولية كانت صفرا، وحصيلة الدمار المادي تقترب من ذلك. عزلة كاملة وإرتباك واضح وتقوقع استراتيجي مضحك ذلك الذي يعيشه ساسة الثورة في إيران. وبالرغم من لا زلزالية الرد الإيراني وفقدانه أي مستوى من التهديد الاستراتيجي، فقد خرج علينا منهم من يؤكد انهم لا يسعون لحرب في إشارة لخوف من الانتقام. آخرون أيقنوا سذاجة الموقف خاطبوا الداخل ان هذه الصفعة لا علاقة لها بالانتقام لمقتل سليماني فذاك شأن زلزالي آخر قادم. المعلومات ذات المصداقية تشير أيضا ان الإيرانيين حذروا من صواريخهم بزمن يكفي لتجنب أي خسائر بشرية واعطاء فسحة للعدو للاختباء! مسرحية هزلية بائسة تظهر ارتهان إيران وساستها لشكلهم وماء وجههم أكثر من اهتمامهم بمصالح بلادهم. كيف يمكن لاي سياسي إيراني محترم ان ينظر بعين شعبه ويبرر ان الصواريخ الزلزالية التي اطلقت كان حصيلة دمارها صفراً مكعباً؟ ولماذا اطلقت على قواعد بالعراق وليس أهدافا أخرى تطفو في الخليج أسهل واقرب؟!
بالرغم من الهزلية والسريالية التي يعاني منها الخطاب الإيراني، وبالرغم انه لا يقنع إلا ساسة إيران وغلاة ثورتها، إلا اننا ومع كل أسف نجد أصواتا عربية وأردنية تطبل لهذا الخطاب، ما اراه امتهانا معيبا لكرامتهم الوطنية، وانسياقا هابطا خلف خطاب الثورة الإسلامية الإيرانية، التي كانت وما تزال سببا رئيسا للتطرف الديني الاقليمي، وعنصر تهديد أساسي للاستقرار الاقليمي الذي عانت منه كافة الدول. من يطبل لإيران لا يعي خطرها ولا يفهم سياستها، ويسمح لعقله ان يكون مطية لخطابها الكاذب المعادي للشيطان الأكبر. ما يجب أن يعلمه هؤلاء أن الثورة الإسلامية لا تضمر الخير لأحد في الاقليم إلا الذين قبلوا أن يكونوا تحت ابطها، وانها في سبيل تصدير الثورة مستعدة ان تستبيح كل الدول والشعوب وامنها وازدهارها.
الشرق الأوسط سيكون أفضل حالا وأكثر استقرارا إذا ما اعتدلت إيران وأصبحت دولة كباقي الخلق من الدول. كان العراق صادا ورادعا قويا لمشروع التمدد الإيراني، وقد كانت الحرب عليه خطيئة وجريمة استراتيجية أحد أهم نتائجها تسليم العراق على طبق من ذهب ليصبح ساحة أمامية لإيران. قاوم العالم قبول تلك الحقيقة في ان العراق اصبح رهينة بيد إيران، ولكن سلسلة حقائق وقرارات تبين ان هذا هو الواقع، واصبح جل الجهد الدولي الآن مكرس للتعامل مع هذا الواقع الاستراتيجي الخطير. من المفاهيم الاستراتيجية الخاطئة المستمرة ايضا والتي يجب تصحيحها والانتباه لها، عدم القبول الدولي ان القضاء على السعي الإيراني المستمر للهيمنة لن يكون الا من خلال طهران وليس أذرع طهران، فما لم نقض على رأس التهديد فالتهديد لن ينتهي أبداً.

Share and Enjoy !

Shares

مقترحات لتطوير العمل الإعلامي

الدكتور عديل الشرمان

الدكتور عديل الشرمان

إن من يظن أنه يمكن تطوير وإصلاح وتقويم الرسالة الإعلامية وتنظيفها قبل أن يتم تنظيف المجتمع وإصلاح الخلل والاعوجاج فيه فإن معظم ظنه خاطئ، وإلا كيف يمكن للإعلام أن ينقل الحقيقة وأن يكون صادقا، وهل من المهنية في ممارسة العمل الإعلامي تحويل الأسود إلى أبيض، وقلب الباطل إلى حق، وأن يجامل الفاسد ويصفه بالمصلح، وهل مطلوب من الإعلام أن يتحول إلى محامي للدفاع عن أخطاء وفساد المؤسسات وأجهزة الدولة.

 كيف للإعلام أن يكون سلطة، وأن يكون رقيبا إذا ذهب برسالته إلى المدح والاطراء والزيف والكذب، وهل مطلوب من الإعلام أن يجعل المليون الفا، وأن يحول عملية البيع إلى شراء، وأن يطهّر الخبث ويلوث الطاهر، وأن يكون ضالا مضللا، وساكتا عن الحق شيطانا أخرس، وأن يسهم في تلميع أشخاص واجهزة، والتغني بإنجازات زائفة خاطئة كاذبة، وهل هذا هو الإعلام الصادق الذي نريده أو نبحث عنه، فالمجتمع إناء والإعلام أداة تنضح مما فيه.

 عند الحديث عن إصلاح وتطوير الإعلام نجد أنفسنا أمام اتجاهين، الاتجاه الأول يتمثل بالإجابة على التساؤلات التالية : هل المطلوب دفع وسائل الإعلام بالإكراه إلى ممارسة دور الكذب والتضليل والدجل والمجاملة من خلال تضييق الخناق عليها، وشراء أقلام وذمم العاملين فيها على نحو خفي، أو من خلال تشديد الإجراءات والقوانين والانظمة الناظمة لعمل الإعلام، وفرض مزيد من الرقابة عليه، وتكميم أفواه العاملين في هذه المهنة، وهل المطلوب دعم وسائل على حساب أخرى لاستمالتها ولكسب ودها وولائها.

أما الاتجاه الثاني فيتمثل بالإجابة على التساؤلات التالية: ما الذي نريد أن نصلحه في الإعلام، وكيف يمكن أن نعمل من أجل الارتقاء بأداء الرسالة الإعلامية أمام هذا الواقع الذي نعيشه دون المساس بحرية الإعلام وثوابته، وهل المطلوب إعلام وطني تعبوي يستنهض الهمم، ويرفع المعنويات، ويقوي العزائم، وهل المطلوب إعلام يهدف إلى البحث عن  الحلول للمشاكل والقضايا ولا يبحث عن المشاكل والقضايا كهدف وغاية، وهل المطلوب إعلام يرتقي بأدائه لملامسة مصالح الوطن ويعزز أمنه، ويزيد من تماسك الجبهة الداخلية للوطن، وهل نريده إعلاما يسمو ويترفع عن السبّ والشتم والذم والتحقير، ويمارس النقد الهادف بقصد التصحيح وليس التجريح، والنقد بقصد البناء وليس الهدم، وهل المطلوب إعلام يطلق سهامه على الأشخاص بقصد تقويمهم وتصويب أخطائهم وليس بقصد قتلهم والتشهير بهم، وهل المطلوب إعلام يعظم الإيجابيات دون اغفال السلبيات، وأن يصبح احدى الحلقات في منظومة أمن المجتمع واستقراره، وإحدى الأدوات في مسيرته التنموية، وأن يكون داعما لتوجهات الدولة السياسية والاقتصادية، وهل المطلوب أن يصبح الإعلام أداة فعّالة يسهم في تنظيف المجتمع بدلا من تنظيفه اعلاميا.

من المؤكد أننا نبحث عن تصحيح مسيرة الإعلام من خلال الوسائل والسبل التي تحقق لنا الاتجاه الثاني وتجيب على اسئلته، والوصول لهذه الغاية يتطلب علماء ومفكرين لديهم نوعين من المعرفة، أولا أن يكونوا على قدر كبير من العلم والدراية بالإعلام كعلم وآليات عمله ونظرياته، وثانيا لديهم من الخبرات العملية ما يمكنهم من ترجمة ذلك إلى سلوك إعلامي عملي قابل للتطبيق، ويمارس على أرض الواقع ضمن خطط وبرامج واضحة الاهداف، ومحددة المراحل، ووسائل التنفيذ، ومخطئ من يظن أنه يمكن الاكتفاء بأحد النوعين دون الآخر.

إن أية خطة لتطوير الإعلام وإصلاح وتقويم مسيرته يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن مخرجاته يجب أن تحاكي الواقع وهموم ومشاكل المجتمع، والتحديات التي يواجهها، وأن نكون قادرين على انتاج مضامين قادرة على إثراء العقول، وإذكاء روح المنافسة والإبداع، وبناء جيل من الشباب الواعي والمثقف، والمدرك لفنون الإعلام وتطبيقاته وألاعيبه وفك رموزه، والقادر على تمييز الغث من السمين، غير المستسلم والمصدق لكل الأخبار والأفكار المدمرة للمعنويات التي تضعف الأخلاق، وتهدد القيم الحميدة في المجتمع، وذلك بهدف إكسابهم مناعة ضد المضامين الإعلامية الهدامة، وبحيث نجعلهم قادرين على فهمها والتعاطي معها بفكر نيّر ومتبصر وبوعي وادراك. وحتى نصل الى هذا النوع من المضامين الإعلامية التي تحقق أهدافنا، وتحصن أبناءنا، وتدفع بمسيرتنا، لابد لنا من القيام بما يلي:

أولا – تحصين معدي ومقدمي البرامج والأخيار المسموعة والمقروءة والمرئية فكريا وثقافيا وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، ورفع مستوى الحس الأمني لديهم وخاصة من ينتجون المحتويات الإعلامية الرقمية، والعاملين في المنصات والمواقع الاجتماعية والإخبارية، وأن يكونوا على علم بمفهوم وحدود الحرية الإعلامية وضوابط الإعلام والتشريعات الناظمة له، وأن يكون لديهم الالمام الكافي بالأساليب المشوقة والمقنعة في العرض، والابتعاد بالرسالة الإعلامية عن الإثارة والتحريض والكراهية والتضليل الإعلامي كوسيلة لجذب الانتباه والوصول إلى الشهرة والذيوع والانتشار.

ثانيا- تبدو الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في كيفية إدارة المؤسسات الإعلامية وخاصة الرسمية منها، وهنا لا نتحدث عن قدرات فنية بقدر ما نتحدث عن ضرورة أن تمتلك هذه الإدارات الرؤيا السياسية لأن الإعلام هو ممارسة لفكر سياسي، وان تكون هذه الإدارات قادرة على السير بالمحتويات الإعلامية بما يتوافق مع المسؤولية الاجتماعية للإعلام، والانتقال به إلى إعلام وطني بعيدا عن أية أجندات.

 ثالثا – ضرورة قيام الأجهزة الحكومية باعتبارها مصادر موثوقة للأخبار باستحداث تطبيقات حديثة بهدف دحض الشائعات ومكافحة الأخبار المزيفة، وتزويد المواطنين بالمعلومات المؤكدة عن ما يجري تداوله دون مماطلة وتسويف ومن غير انتقائية، وبأعلى درجات السرعة، لأن السكوت عن ذلك يؤكد حقيقة ما يجري تداوله، ويثير الشبهات، ويبني صورة ذهنية سلبية عن الحكومة ومؤسساتها، فكم قيل وشاع عن قيام الحكومة ببيع للممتلكات، وتلاعب وفساد هنا وآخر هناك، ولم نسمع ردا شافيا لغاية الآن من أحد بموقع المسؤولية يوضح ما يجري تداوله وتناقله.

رابعا – تفعيل أجهزة الرصد والتحليل الإعلامي لدى المؤسسات الحكومية والخاصة للوقوف على حقيقة ما يتم تداوله، والوصول إلى استنتاجات توضح لنا ما الذي يجب عمله.

خامسا – تفعيل دور حارس البوابة في وسائل الإعلام ليكون قادرا على التدخل بمهنية عالية في الشطب والحذف والتعديل وبما لا يخل بمبدأ الشفافية والمصداقية، وبما لا يتعارض مع الحرية الإعلامية بمفهومها الصحيح.      

سادسا – انتاج برامج ومحتويات ومسابقات ثقافية تنمي المواهب، وتعزز الانتماء والوطنية، وتخلق التنوع الثقافي، وتشيع اساليب الحوار والتفكير المنطقي، وتوجه الشباب إلى استغلال أوقات الفراغ، وتصحّح مفاهيم الرجولة والبطولة والشجاعة وغيرها مما يفهمه ويترجمه الشباب على نحو خاطئ على أن يشرف على إعدادها خبراء ومختصون لتكون قادرة على مخاطبة العواطف والعقول لإحداث التأثير المطلوب.      

وفي المحصلة نحن أشبه ما يكون في معركة ميدانها الإعلام، وأسلحتها ذكية وفعّالة، ولا بد من فهم قواعد الاشتباك فيها حتى نجعل من الإعلام سلاحا للنصر وليس الهزيمة، وحائط الصد القوي، والسد المنيع ضد الشائعات والأخبار الكاذبة والمفبركة التي تبث الفتنة وتشيع الخوف بين الناس، وتهدد الهوية الثقافية للناشئة والشباب.         

Share and Enjoy !

Shares

أخطأت نقابة الصحفيين !!!

حازم الصياحين

الصمت عن قضايا هامة ومصيرية تمس الصحفيين كانت سمة المجلس الحالي

يواصل مجلس نقابة الصحفيين الحالي قيادة النقابة بطريقة متهورة بعد فقدانه السيطرة على ادارة ملفات الجسم الصحفي فدخل في صراع مباشر وحاد مع اعلام الديوان الملكي على خلفية الاعلان عن تشكيل لجنة لتطوير الاعلام عقب استثناء المجلس من اللجنة .

لا أحد يختلف على ضرورة وحتمية تمثيل النقابة باللجنة او اي شأن له صلة بالاعلام لكن اتهام النقابة لاعلام الديوان بممارسة نهج اضعاف المؤسسات الوطنية هو امر ليس مقبول ومرفوض في نفس الوقت اذ توجد عدة طرق نقابية للتعامل مع ما حصل لكن زج النقابة نفسها بمنزلق تجاه الديوان الملكي والاساءة له يؤشر لخلل كبير في الية ادارة نقابة الصحفيين التي تستوجب التعامل مع الاحداث والقضايا بصورة مرنة وسلسة و ديناميكية تستند للفكر والثقافة وبعد النظر .
ما حصل ببيان النقابة تجاه اعلام الديوان الملكي لا يمكن وضعه الا بخانة “التسرع” فالمجلس ونقيبه لديهم الطرق والامكانات والادوات الكافية في التعامل مع الحدث فادارة الازمات عند وقوعها تتطلب تروي وحكمة قبل القفز عن ادبيات المهنة في التعامل مع اي خلافية.
بالعودة للخلف قليلا والتعمق بمسيرة المجلس الحالي فقد غابت النقابة عن اصدار اي بيانات طيلة عمر المجلس الحالي رغم الحاح زملاء بضرورة ان تنهض النقابة بدورها والتعبير عن موقفها ازاء قضايا مهمة تهم الوسط الصحفي بدءا من ملف الحريان وقوانين وتشريعات الاعلام والجرائم الالكترونية وملف المواقع واعتقال الزملاء ودخلاء المهنة والاستثمار لكن ثمة علامات استفهام كبيرة واسئلة عديدة على توقيت اصدار المجلس للبيان الموجه ضد اعلام الديوان الملكي والتعامل معه كخصم فهل جاء ذلك لكسب شعبويات مع قرب انتخابات الصحفيين لا سيما ان الصمت عن قضايا هامة ومصيرية تمس الصحفيين كانت سمة المجلس الحالي .

التوصيف الذي ذهبت اليه نقابة الصحفيين بالقول في بيانها ” ان اعلام الديوان يمارس نهج اضعاف المؤسسات الوطنية لايجاد كيانات بديلة لها ” فيه تعدي صارخ على الديوان الملكي واعلامه وتجاوز للغة الحوار والخطاب من مؤسسة نقابية تتميز بنهج مختلف عن بقية النقابات فترسانتها وقوتها مبينة على الحوار و فكر تنويري منفتح يتسع للجميع ويتقبل الاخر والاختلاف لكن تصرف النقابة قطع كل الطرق المتبعة في الازمات.

اللجوء للبيانات في التعامل مع ديوان الملك واعلامه وايضا بالتعامل مع الملفات الاخر هو اخر اسلحة النقابة وياتي بعد فقدان لغة الحوار وتعذر مناقشة الامور مع اصحاب القرار فكل ذلك غاب عن النقابة فاستبعاد النقابة من اللجنة لا تتم معالجته بهذا النهج الترقيعي خصوصا في ظل حديث عن انقسام داخل مجلس النقابة على خلفية بيان النقابة.

Share and Enjoy !

Shares

الاعلام بين فروقات الاجور وسبل العيش

علي فواز العدوان / وكالة الانباء الاردنية


الصحفي علي فواز العدوان

لجنة ملكية للتعامل مع الإعلام منذ عشرة أيام لبيان الخلل بالتعامل مع هذا القطاع المهم، فالخلل لا يحتاج الى لجنة او توصيف ويكمن في حجب المعلومات ورفض الاصغاء او حتى الرد على الاستفسارات العلمية والاكاديمية من الجهات القائمة بالاتصال. الخلل بالنظرة الخاصة لاعلام الديوان على انها حالة منفعية و”بريستيج” تطغى على المهنية ام هياكل الاعلام الرسمي، فرغم معاصرتها ومواكبتها الى الحديث والاصالة بالرسالة الاتصالية، الا انها تعاني الكثير من الخلل المهني والتقني وفروقات الاجور .

ان الحد الفاصل بين الممايزة والوطنية ونعت الاقل اجرا بعدم الوطنية، أو انه يقع تحت علامة سؤال ،قد يثني من عزمة على المتابعة لانشغاله بتدبير قوت يومه أو كيف يستطيع الدوام في اليوم الباكر او عجزة عن دفع ثمن وقود مركبته ..حقيقة هذه وليست خيال، فعندما رويت عن صاحب عطوفة بان زميلك لا يستطيع الدوام لهذا اليوم انتهت هذه القصة المؤلمة في احدى مؤسسات الاعلام العريقة، وحدث عن آخر انه يعمد الى استخدام الزيوت المستخدمة بالطهي ليجمعها ثم يستخدمها بدل البنزين ،وناهيك عن عمليات خلط الكاز بالبنزين للتوفير ليتمكن الصحفي من اكمال مهامه اليومية هذه القصص والحكايات واقع كنا نمزجه بروح الفكاهة والجلد بعدما نعود من مهمة اعداد خبر في احد منتجعات او فنادق عمان الفارهة لكن لنكمل قصة زميلنا صاحب زيت القلي للعبرة والتحذير من مغبة ما صنع بزيت القلي المعاد تدويره فقد احترقت سيارته بالقرب من الدوار الرابع ،والحادثة مسجلة لدى عمليات الدفاع المدني ناهيك عن صاحب السعادة فيما كان بعد وقصته المؤلمة مع كرتونة المعلبات والخوف المقرون بالخبز .

اما ابو قنوة هذا قصة منفردة مليئة بالاحداث ،كان يرى ان الراتب عيب ورشوة بسذاجة ممزوجة بدلع وتهور وانفلات من الواقع غير انه يعتبر الوظيفة العامة خدمة للوطن ويجب مراعاة الله فيما نقول ونكتب او ننقل عن غيرنا من رسائل اتصالية.

اما الزميل الذي يقع تحت الرمز 17 فهو حالة خاصة تقترن بالمصلحة والوصولية التي لا تعرف المستحيل وللرقم 17 دلالة خاصة على التحدي وعدم معرفة المستحيل أن تصل الى تطلعاتك وطموحك واخر يمارس العلاقات العامة
ويمثل دور التاجر الجشع المرفه ،وانه كلة تحت البنديرة يحتفظ دائما بخطة عملة اليومية الدوام ساعة واحدة فقط ؛ للاطلاع على اخر المستجدات، ثم يكمل باقي أجنداته الخاصة .

واخر لا يتوقف عن سماع الاغاني التراثية وتوصيف حالة المؤامرة التي نعيش دون مطالب يسعى اليها غير الاطمئنان على رصيده بالبنك او متابعة تجارته الخاصة .

Share and Enjoy !

Shares

الشباب على أجندة الدولة

د. صبري الربيحات

في بلادنا يكثر الحديث عن الشباب ورعايتهم، ومع ذلك لم يستقر الرأي على الصيغة المناسبة للاستجابة لطموحاتهم او الشكل الامثل لتقديم الرعاية لهم وتنمية قدراتهم وطموحاتهم. ما بين اللجان والمبادرات والهيئات والمجالس والاندية والجمعيات يحاول الشباب ان يجدوا انفسهم ويلاحقوا احلامهم التي ما تلبث ان تصطدم بعقبات وعوائق يصعب حصرها.
الفئات الاكثر قوة والاقدر على العمل والابداع لا يجدون المنافذ المناسبة لطاقاتهم ولا المؤسسات القادرة على تنمية وتطوير ابداعاتهم . وفي كل عام ينضم اكثر من نصف الخريجين الى صفوف البطالة والمتعطلين عن العمل. ايا كانت الخلفيات الثقافية والاجتماعية يتوقع من الشباب العربي الانصياع الى رغبات واحكام الوالدين عند اختيار الشريك فيتورط الشباب في خيارات لا تتوافق وميولهم واحلامهم في الرفاه والسعادة.
على صعيد الادارة والعمل العام يتوجه الخطاب المؤسسي للشباب باعتبارهم قوة التغيير وصناع المستقبل ومع ذلك ما تزال التشريعات تمنع وصول الشباب الى مجلس النواب كما يتردد الرؤساء في ترشيحهم للمواقع الادارية والقيادية حتى في المؤسسات التي تعنى بخدمتهم ورعايتهم .
منذ ان نشأت الدولة والأردن يقلب ملف الشباب دون ان يستقر على رأي حول كيفية التعاطي معه. على صعيد التنظيمات التي تعنى بهم انتقلنا من مؤسسة رعاية الشباب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي الى وزارة للشباب ثم عملنا على فصل الرياضة عن الشباب قبل ان نوكل الامر الى المجلس الاعلى للشباب. وفي السنوات الاخيرة زادت حيرتنا فعدنا الى صيغة الوزارة التي ما لبث ان دمجت بالثقافة ثم انفصلت عنها لنعود الى صيغة الوزارة مرة اخرى.
حالة الارتباك وفقدان البوصلة ونحن نتعامل مع الشباب ومتطلبات حياتهم تؤثر دون شك على واقع هذه الشريحة المهمة وعلى مستقبل الجيل والأمة . اساليب التعاطي مع الشباب الأردني لا تشبه بأي شكل من الاشكال الاساليب التقليدية التي اعدت الاجيال الاكثر صلابة وثقة ولا تنسجم مع ما تقوم به شعوب وامم العالم التي تعد نفسها لمستقبل تحكمه المنافسة.
في تاريخ مجتمعاتنا الزراعية والرعوية حل الشباب في ادوارهم ومراكزهم بعد ان تولت اسرهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم مسؤولية اعدادهم للحياة. اليوم تتقاسم عشرات المؤسسات هذه الادوار دون وجود برامج واضحة ومدروسة لإعدادهم او الاتفاق على ما يكفي من التنسيق والترابط بين عمل هذه المؤسسات بالرغم من كل الاحاديث المعسولة عن الاستراتيجيات والخطط والبرامج.
في عشرات المدن والبلدات الأردنية لا يوجد مؤسسات كافية لرعاية الشباب واستثمار اوقاتهم وطاقاتهم وفي حالات كثيرة ينقسم الشباب الى فئتين إحداهما تتعاون مع المؤسسات والادارات والاخرى تتخذ مواقف ناقدة ورافضة لكل ما يجري حولهم. خلال السنوات القليلة الماضية تحرك الشباب في المدن والقرى والبادية للمطالبة بفرص عمل مناسبة توفر للشباب حياة كريمة. في ضوء الاوضاع الاقتصادية وانخفاض معدلات النمو عجز الاقتصاد المحلي عن تلبية طموحات الشباب ووضع حد للمشكلة.
الحلول المؤقتة المبنية على إنشاء هياكل ادارية وتغيير الوجوه القيادية التي تتعاطى مع الملفات الشبابية لا ولن تغير في الواقع الشبابي الاردني. في الأردن يوجد حاجة ملحة الى ادراك وتعريف حاجات الشباب ومطالبهم ووضع خطط ومشروعات وبرامج متنوعة لاستيعاب طاقاتهم واوقاتهم ورفع كافة العقبات والعوائق التي تحول دون تقدمهم. من غير المفيد النظر الى الشباب على انهم غير قادرين على الادارة والتفكير والتمثيل في المجالس وانهم اصحاب طاقة ينبغي استمالتها بخطاب اعلامي عوضا عن الاجراءات المبنية على افتراضات ترى في الشباب اهم طاقات وموارد ورأس مال المجتمع وقوة التغيير فيه.
حتى اليوم ما تزال النوادي الشبابية بائسة في تجهيزها وبرامجها يديرها اشخاص يحتاجون الى الكثير من المعارف والخبرات. والرياضة منفصلة عن الوزارة كما ان نسبة من يشاركون في الانشطة التي تديرها المؤسسات الشبابية لا يزيد على 15 % ومعظم المشاركات عابرة ولا يوجد ما يكفي من النوادي الشبابية الخاصة بالمرأة.

Share and Enjoy !

Shares

الملك يعمل من أجل احتواء الأزمة

د. حازم قشوع

دخلت المنطقة كما هو متوقع مرحلة شرعنة النفوذ الاقليمي بعد ما انتهت مرحلة رسم خطوط المسار وخانة بسط حدود النفوذ، وهذا ما يمكن مشاهدته بعد الانتقال في المشهد الاقليمي من طور الرؤية الاستراتيجية الى مرحلة ترسيم المنظور الخططي، حيث تم استخدام وسائل متباينة وسياسات متنوعة لتنفيذ المخطط الشمولي السياسي الذى يراد تكوينه ضمن روافد مركزية التوجه و منابت واحدة وان تعددت روافدها وهذا ما يمكن مشاهدته في كل من سوريا وليبيا واليمن وبوضوح اكثر في العراق.

حيث يصف بعض السياسيين ان الانسحاب الامريكي من العراق ان حدث، سيعتبر اخلاء طرف لصالح بسط النفوذ الايراني مع انه ياتي استجابة لطلب مجلس النواب العراقي وهذا ما سيجعل من ايران لا تبسط نفوذها فحسب على العراق بل تهمين على صناعة القرار فيه، حيث ستشكل عندها العقدة الامنية الاقليمية للعراق، وهذا ما سيحمل تداعيات خطيرة على واقع العمق العربي والسلم الاقليمي.

في ظل حالة الشد والضغط التى تتعرض لها مركبات مجتمعات المنطقة وهي معادلة وبحاجة الى حلحلة عقدتها عند اعادة احتساب اثر شرعنة النفوذ الايراني على واقع المنطقة بعد حالة التغلغل المذهبي في سوريا ولبنان واليمن هذا اضافة الى العراق مشكلا بذلك صورة الهلال الفارسي في الجسم العربي، هو الامر الذى بات بحاجة الى استدراك قبل ان تتم عملية شرعنة دولية لهذا النفوذ في ظل مناخات الاستكانة الشعبية لهذا الواقع الجديد والذى تمدد بشكل كبير وبات يسيطر على اجزاء كبيرة من المشرق العربي.

من جهة اخرى يعتبر بعض المحللين ان التدخل التركي في ليبيا سيقود الى شرعنة عمليات التقسيم من واقع التضاد بين طرابلس وبنغازي على الرغم من دخول الاتراك من باب حماية طرابلس وتدخل مصر والامارات من اجل نصرة بنغازي لكن النتائج لا تحسب بالاسباب الموجبة بل بالافعال المقترفة، وهذا يتوقع ان يؤدي ايضا الى تقسيم الجغرافيا الليبية حسب مناطق النفوذ المشكلة، وهو ذات المشهد الذى يمكن مشاهدته في سوريا كما في اليمن، وبهذا تكون المنطقة قد ادخلت في مرحلة التقسيم المناطقي من على ارضية عمل توسعية اقليمية حيث تم استخدام طوق الهويات المناطقية للانصاف في ظل ضمور قيم المواطنة، ليقوم المد الاقليمي في تعبئة فراغ خانة الهوية الوطنية التى بانت هشة واضعفت من متانة العقد المجتمعى فيها، مع تنامي مكانة الهويات الفرعية المناطقية والهويات المذهبية، وهذا ما سيحمل رواسبه عميقة على واقع الهويات الوطنية وامن المجتمعات العربية وحالة السلم الاقليمي بشكل عام.

وعلى الرغم من سخونة المناخات الاقليمية وتلبد الاجواء في المنطقة بعد حادثة اغتيال قاسم سليماني الا ان جلالة الملك و الدبلوماسية الاردنية بدات في التحرك الايجابي من اجل احتواء الازمة والحركة الفاعلة من اجل الحفاظ على حماية وتماسك العمق العربي، ياتى ذلك في ظل درجة التهديد المبطن للعمق العربي والتي تهدد مناخات الامن في المنطقة، ووصول درجة السلم الاقليمي لادنى مستوياتها، من هنا جاءت توجيهات جلالة الملك لتتحرك الدبلوماسية الاردنية للعمق العربي في الكويت والرياض، ليؤكد الاردن كما يؤكد على الدوام مقدار تمسكه بثوابته تجاه عمقه العربي وقضاياه المركزية وهويته الفكرية التي انطلقت منها رسالته.

Share and Enjoy !

Shares

طرح الثقة مناورة سياسية

فهد الخيطان

تقدم ثلاثون نائبا بمذكرة لطرح الثقة بالحكومة. حدث هذا التطور على إثر نقاش ساخن تحت قبة البرلمان حول اتفاقية الغاز دفع بعدد غير قليل من النواب إلى الانسحاب من الجلسة.

المذكرة جاءت في أجواء انفعالية بعدما كشف رئيس المجلس أن ما يقال عن وجود مذكرة سابقة بهذا الخصوص ليس دقيقا ولم تتسلمها رئاسة المجلس.

بهذا المعنى، المذكرة مناورة سياسية هدفها الضغط على الحكومة، وكسب الدعم الشعبي قبيل الانتخابات النيابية. وفي خزائن المجلس عدد وفير من مذكرات مشابهة لم يعد يسأل عنها احد حتى الموقعين عليها.

من الناحية التشريعية تعطي أنظمة المجلس لرئيسه هامشا واسعا للتعامل مع مذكرة طرح الثقة، وثمة آليات متعددة لمعالجتها سواء عند تحويلها للجنة القانونية لدراستها ومن ثم إعادتها للرئاسة من جديد، وصولا إلى تجاهلها بشكل كامل كما حصل من قبل.

رئيس المجلس عاطف الطراونة، حرص خلال السجال مع نواب المعارضة على تذكيرهم بأن مجلسهم يمر في ربع الساعة الأخير من عمره، ولا مبرر للدخول في مواجهة مصيرية على أبواب انتخابات نيابية مقبلة.

في عرف المعارضات البرلمانية، تعد خطوة النواب الموقعين على المذكرة، سلوكا مفهوما، لتسجيل موقف عند القواعد الانتخابية، دون أي أوهام حيال قدرتها كمعارضة على إسقاط الحكومة. لا بل إن رأيا نيابيا وازنا ذهب إلى القول إن طرح الثقة بالحكومة في هذا التوقيت، سيمنحها دعما برلمانيا يجدد الثقة بها مرة ثانية. وقد سبق للمجلس الحالي أن خاض امتحانا مشابها، وخرجت الحكومة السابقة منه رابحة.

العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب لم تصل إلى مرحلة انسداد الأفق، فالتعاون على مستويات كثيرة ما يزال فعالا، وآليات الرقابة البرلمانية تشتغل بشكل معقول مقارنة مع مراحل سابقة. وكان لتعاون المجلس والحكومة في معالجة مخالفات تقارير ديوان المحاسبة أثر إيجابي ملموس، وكذلك في التعامل مع ملفات تدور حولها شبهات فساد، ناهيك عن تنامي تأثير دور النواب في التشريعات المعروضة على طاولته، وفعالية لجانه في مراقبة أداء الوزراء.

نواب المعارضة، وعلى وجه التحديد كتلة الاصلاح يلعبون دورا مهما في مجال التشريع، وهم أكثر النواب مشاركة في المداخلات تحت القبة، وعادة ما ينجحون في كسب الدعم لتعديل بعض التشريعات وفق مقترحاتهم.

الذهاب أبعد من ذلك في الموقف من الحكومة، ينطوي على تصعيد محفوف بمخاطر شتى. إسقاط الحكومة في هذا التوقيت، قد يعني رحيل المجلس مبكرا، واللجوء لخيار الانتخابات المبكرة، بينما لا يفصلنا عن الموعد الدستوري سوى بضعة أشهر قليلة.

وفي الدول الديمقراطية، عندما تصل العلاقة بين السلطتين لمرحلة الأزمة المستحكمة كما حدث في بريطانيا مؤخرا، تتجه الدولة نحو الانتخابات المبكرة، فيرحل المجلس النيابي قبل الحكومة.

المرجح أن مذكرة طرح الثقة بحكومة الرزاز لن يكتب لها أن تبلغ مرحلة التصويت الحاسم تحت القبة، وستجد مكانا لها في دهاليز المجلس وخزائنه كما هو حال مذكرات سابقة.

ثم من قال ان إسقاط الحكومة، سيسقط اتفاقية الغاز الاسرئيلي؟!

Share and Enjoy !

Shares