لأيام الماضية أتت بحقيقتين، سحب الشارع ثقته عن الحكومة، وفشل الحكومة في إدارة الازمات المتتالية التي عصفت بنا، فأداء الحكومة في أزمة المعلمين أضر بالدولة وصورتها، وهدد لحمة المجتمع وسلمه الاهلي (فكلنا شاهدنا ما حصل أمام بعض مدارس الاناث من احراق للإطارات ومشادات بين المعلمات وأهالي الطلبة) وضرب للأردنيين بعضهم ببعض عبر أدوات الحكومة المختلفة وبعض وسائل الاعلام، ناهيك عن زجها للقضاء الأردني (الذي نؤمن بنزاهته واستقلاله) في الأزمة وما حصل بعده من جدل قانوني وتلويح بإجراءات تأديبية أزمت الموقف أكثر.أضف لهذا، اخفاق الحكومة في إيجاد انفراجة للملف الاقتصادي، فالعجز تعدى حاجز المليار دينار قبل نهاية العام، والمديونة مستمرة في الارتفاع، وانخفضت نسب النمو (١،٨٪) لتكون الأقل منذ سنوات وارتفعت نسب البطالة بشكل قياسي مرعب، والادهى ربط الإخفاق الاقتصادي بانخفاض الارادات الضريبية على الدخان والسيارات وغيرها، وكأن الحكومة عدمت ألف ناصح لها أخبرها، أن التوسع في فرض الضرائب يورث انخفاض ارادها وانكماش السوق و تراجع النمو، وأن النهضة لا تأتي على ظهر قوانين الضريبة وتقليل الدعم ورفع الأسعار، بل بالاستثمار وتشجيعه وبناء البنية التحتية اللازمة للنهوض بالصناعة والزارعة ودعم التجارة للمنافسة بالسوق المحلي والإقليمي وقبل كل هذا تكون النهضة عمومًا في النهوض بالإنسان الأردني، لا بتحميله عبء اخفاق سياسيات اقتصادية لم يشاوره أحد فيها ولومه على واقع لم يكن له فيها يد.حكومة الرزاز أتت إثر احتجاجات شعبية كبيرة، وروج لها كثيرًا تحت عناوين عريضة مثل “العقد الاجتماعي الجديد” و “تغير النهج” انسحبت منها الحكومة بعد أسابيع قليلة، وخيبت ظن الأردنيين في مواقف عدة، أولها التشكيل الوزاري وما تلاه من تعديلات، فالإبقاء على أسماء كثيرة من حكومة هاني الملقي (الفريق الاقتصادي عمومًا) لم يستحسنه الشارع أما أداء الفريق الوزاري الذي ينقصه روح الفريق وتعم على طريقة عمله صفة الجزر المتباعدة فقد عمّق أية أزمة مرت فيها البلاد، وأفقد الحكومة أي ثقل أو تأثير لها على الرأي العام، وما جرى في الأيام الماضية من دعم شعبي لنقابة المعلمين هو استفتاء حقيقي أجراه الأردنيين على رضاهم عن الرئيس وطاقمه الوزاري، وزد على ذلك انعدام أي مبادرة سياسية للحكومة وتعاملها مع كل الملفات من وجهة نظر فنية وكأننا أمام مجلس إدارة لشركة أو بنك وليس لدولة يناهز عمرها مئة عام بناها الأردنيين بالعرق والسهر والدماء.نهاية، جردة حساب الحكومة في كل الملفات الاقتصادية منها والسياسية وحتى الإدارية تطالبها بالرحيل قبل أن تجر الأردن والاردنيين الى أزمة أعمق في ظل ظروف إقليمية وعالمية تتطلب منا حكمة حكومية لمواجهتها، واذكر أن دولة الرئيس لما وصل الرابع غرد أنه كان وزيرًا للتربية والتعليم يمتحن أبناء الأردنيين واليوم نحن نمتحنه، وبعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من عمر الحكومة، ما سبق ذكره كان ملخص نتيجة الامتحان الحكومي وليس بعد هذه “العلامات” الا الرحيل وافساح المجال لمن قد يملك الحلول.
كتاب واراء
بين رجال الدولة والموظفين
أمتع ما في كتب التاريخ تلك المعروفة بكتب السيرة الذاتية، حين يدون الزعماء والساسة والفاعلون في مراحل تاريخية مذكراتهم، وسيرتهم في المواقع العامة.
عالميا يعد هذا الصنف من الكتب الأكثر مبيعا في المكتبات، وفي ثقافة الدول المتقدمة عادة ما تأتي السيرة مليئة بالمعلومات الجديدة والأسرار التي لم يكشف عنها من قبل. في بلداننا العربية يبقى الإفصاح التام محفوفا بمخاطر سياسية واجتماعية، ولذلك تأتي أقل زخما من مثيلاتها الغربية، ومع ذلك تحتفظ بقدر غير قليل من المتعة والتشويق والفائدة. وبقدر قليل دخل إلى عالم السيرة الذاتية أسلوب جديد يوثق اليوميات، لكن ذلك يشترط مسبقا أن يكون الشخص قد واظب خلال عمله على تدوين منتظم لمجريات عمله اليومية.
وتبقى هناك عشرات السير الذاتية غير المكتوبة، تسمعها شفاهة من أصحابها ممن لا يفضلون تدوينها لاعتبارات مختلفة، لكن يمكن الركون إليها كمصدر يضيء على جوانب مخفية من تفاصيل أحداث تاريخية ومفصلية.
قد تبدو روايات من عاشوا ذات المرحلة متباينة أو متناقضة أحيانا، وذلك يعود لاختلاف الزوايا التي نظر إليها الأشخاص لتلك الأحداث واختلاف مواقعهم الرسمية، وربما مواقفهم أيضا. لكن المهم في المحصلة أن هناك مواقف ووجهات نظر تنطلق من اعتبارات المصلحة العامة كما يعتقدها أصحابها.
أهم ما في المذكرات والسير الذاتية، أنها تعطيك الفرصة لتميز بين صنفين من المسؤولين؛ رجال الدولة والموظفين، ويتجلى ذلك في أوقات الأزمات والشدائد، عندما يكون لقول كلمة الحق بشجاعة تبعات ومسؤوليات، دون تملق أو نفاق.
تاريخ السياسة في بلادنا عرف كل الأصناف كما تروي لنا المذكرات؛ رجال دولة أخلصوا للوطن والعرش، وموظفون كانوا عبيدا لكراسيهم ومناصبهم. ساسة حملوا على عاتقهم قول رأيهم بشجاعة من موقع الإخلاص الوطني، وآخرون عاشوا وماتوا متملقين ومنافقين. صنف صمد في وجه الأزمات ولم يترك الموقع عندما كان يكلف صاحبه حياته، وفريق ثان لا يعرف الإخلاص إلا في زمن الرخاء والبحبوحة. المنصب بالنسبة إليه يرتبط بحجم المكاسب والمغانم.
قلة من هؤلاء ربما لم يفكروا في حينها بأنه سيأتي يوم ويروي فيه أحدهم التاريخ ويسرد الأحداث والمواقف، ليتكشف معدن الرجال، ويعلم الناس من كان حقا رجل دولة أو مجرد موظف يجلس على كرسي.
وحين يطالع المرء كتب السير هذه، يتساءل مع نفسه عما يمكن أن تحمله كتب مماثلة في المستقبل لمسؤولين حاليين. الزمن تغير بالطبع، ووسائل التدوين وانتقال المعلومات تتطور سريعا لدرجة قد لا تكون معها بحاجة لاستعادة الزمن، نصا مكتوبا. فثمة وسائل تقنية متقدمة تنقل الأحداث بالصوت والصورة وتوثقها للأبد.
باختصار، تستطيع بسهولة اليوم وبفضل وسائل الإعلام أن تميز بين رجال الدولة والموظفين.
أظن أن بعضا ممن تولوا المسؤولية في زمننا هذا سيخجلون من تدوين مذكراتهم.
إعادة كتابة التاريخ بالحبر المسموم
كنت أراجع، صباح أمس، مقالي الذي كتبته لأرسله إلى «القدس العربي»، لينشر اليوم، حين قرأت عن القضية التي رفعها الأسترالي إبرهارد فرانك (79 عاماً) ضد حكومته بلاده، لأنها رفضت أن تسجل، في جواز سفره، أنه رسمياً من مواليد فلسطين، وكم سعدت أن الحكومة الأسترالية خسرت هذه الدعوى القضائية بعد قيامها بإزالة اسم فلسطين في العام الماضي من طلب جواز السفر الذي قدّمه فرانك.
قال فرانك: «طوال حياتي، أخبرني والدي أنني ولدت في فلسطين، ولدي شهادة ميلاد بعنوان حكومة فلسطين تذكر أنني ولدت في يافا».
تفتح قصّة، أو قضية، فرانك جرحاً واسعاً، ونحن نستعيد الطريقة التي تمّ فيها محو اسم فلسطين من ملايين جوازات السفر المعرفية لأبنائنا، وأعني كتبهم المدرسية، بتواطؤ حكومات عربية وبتواطؤ السلطة الفلسطينية ذاتها، التي بات علينا أن نطالبها بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، كما نطالب أمريكا! على رأي أحد الأصدقاء. ونستعيد كيف عملت دول على التواطؤ على اسم فلسطين حيثما ورد، وسعت إلى محوه، أو محته من كتب الجغرافيا والتاريخ، وكيف عملت على إجبار الفلسطيني على أن يكفّ عن ترديد هذا الاسم في كثير من منافيه، بل كيف حولت هذا الاسم إلى دليل اتهام، أو دليل عدم انتماء للمكان الذي حلّ فيه، وأصبح هذا الاسم سبباً لقتله، أو تهميشه، أو عقابه إنسانياً ووظيفياً، وحياتياً في أدق التفاصيل، بل غدا هذا الاسم سبباً في ممارسة تمييز عنصريّ ضده بأشكال جديدة لم تخطر ببال عتاة العنصريين.
من الطبيعي، في المنطق الصهيوني، أن يتم محو اسم فلسطين، ووضع اسم بغيض مكانه، ومن الطبيعي في هذا المنطق أن يتمّ محو مئات الأسماء لقرى وبلدات ومدن فلسطينية ووضع أسماء بغيضة أخرى مكان الأسماء الأصلية، ومن الطبيعي أن تُطلق على من بقي في أرضه، في فلسطين البحرية، أو يُطلق البعض عليهم: عرب إسرائيل. كي لا يرِدَ اسم فلسطين في التسمية، لكن المرعب في الأمر هو ذلك التبرع الذي تقدّمه اليوم أنظمة عربية وبعض غربانها، الذين ينعقون بين حين وحين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويمحون اسم فلسطين والشعب الفلسطيني ويروّجون لذلك، أو يذهبون لالتقاط الصورة مع القتلة وهم يبتسمون لأنهم حرروا النازية الصهيونية من بُغضنا لها!
قد يُتفِّه بعضنا تأثير هؤلاء، ولكن ذلك غير دقيق، ولا يكفي، فهناك كثير من السُّذّج الذين تمتص أدمغتهم الحبر المسموم لأقلام هؤلاء، ويرددون نعيقهم، بسذاجة، أو اقتناع، وأقول اقتناع، لأن ثقافة هؤلاء السُّذج، لا تملك ذلك الترياق الذي يبطل مفعول ذلك الحبر البغيض.
في معرض عمان الدولي للكتاب، طُرِح عليّ سؤال لم يسبق أن طرح عليّ في أي مكان، وأعني أي مكان في العالم حتى الآن، بعد مئات من اللقاءات مع البشر على سطح هذا الكوكب، وفي ظني أن التي طرحت السؤال كانت تطرحه ببراءة جاهلة مبالغ فيها، لأنها لو كانت تدرك القليل من خطورته لتحفّظت، ولكنها كانت تملك جرأة طرحه لسبب واحد: أنها تعتبره سؤالاً لا يمس إنسانيتها ووطنيّتها ووعيها أمام أكثر من 200 من زميلاتها وزملائها الشباب!
كان السؤال كالتالي: البعض يقول إن الأرض، كل الأرض، مُلك لله، فلماذا نعترض على أن يأخذ اليهود فلسطين، فهم أيضاً أفضل منا، علمياً، وديمقراطياً، وأكثر تقدماً في كل المجالات؟!
التفتّ لأعين الجالسين من الكتّاب وأساتذة الجامعات في الصفّ الأول، فرأيتها قد اتسعت على نحو مرعب، ولم يكن قلبي أقلّ رعباً أمام صدمة السؤال التي هزّته؛ فهذا سؤال لم أتخيل أنني سأسمعه هنا، وفي لقاء يقام خصيصاً لهؤلاء الشباب على هامش معرض عمان الدولي للكتاب، وأفزعني أكثر أن السؤال معزز بمنطق (دينيٍّ).
سألت تلك الفتاة، التي تبدو في مطلع العشرينيات من عمرها، سؤالاً أحسست أنه في حجم وعي سؤالها: أنت تسكنين في بيت، البيت مقام فوق أرض، ومواد بنائه من تلك الأرض أيضاً، أي أنه أرض، كله أرض، صحيح؟
أجابت: أجل.
فسألتها: أنتِ في بداية حياتك الثانية في مجال التعليم. ماذا لو جاء رجل أو امرأة يحملان شهادة في الهندسة، أو الطب، أو أساتذة جامعات، أو أصحاب مصانع، وطرقوا بابك وقالوا لك: نحن أحق بهذا البيت لأننا أكثر منك تعليماً وثقافة، هل تمنحينهم بيتك؟!
أجابت: لا.
المشكلة الكبيرة أن ننظر إلى الفلسطينيين كما لو أنه لم يكن بينهم أساتذة وأطباء ومهندسون، كما لو لم يكن لهم صحفهم وكتّابهم ومبدعوهم في كل مجالات الحياة، وثوارهم أيضاً الذين رفضوا الذلّ، وقالوا: لا. هي الـ «لا» نفسها التي قالتها تلك الفتاة حين تعلّق الأمر ببيتها، ولكن «لا» الفلسطينيين كلفتهم دماء كثيرة وآلاف الشهداء ومئات الآلاف من الأسرى، وملايين مشردة في كل بقاع الأرض، يقفل المتصهينون الجدد أفواه هذه الملايين، في كثير من البلدان، كما لو أن هذا الاسم الجميل هو فايروس سيدمّر تلك المنافي.
من المحزن أن المرء يستطيع اليوم ترديد اسم فلسطين في لندن وروما وباريس وكانبرا وملبورن وسيدني، وحتى نيويورك، بحرية تفوق قدرته على ترديده في عواصم عربية كثيرة.
في ذلك اللقاء، قلت لتلك السائلة: في أول حوار صحافي معي، وكنت في السادسة والعشرين من عمري، قلت شيئاً لم أزل أردّده حتى اليوم: إننا نقف مع فلسطين، لا لأننا فلسطينيون أو عرب، بل لأن فلسطين امتحان يومي لضمير العالم. ولو كانت الصهيونية أقامت كيانها البغيض، العنصري، في أقصى مكان في العالم أو في أبعد جزيرة في المحيط الهادي، لكان علينا أن نكون ضد هذا الكيان، كما كان ضمير العالم ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وبلاد أخرى في هذا العالم.
وبعد:
ماذا لو قام فلسطيني، كما فعل فرانك، برفع دعوى ضد حكومة عربية رفضت أجهزتها وضع اسم فلسطين في جواز سفره؟ هل سيتركونه يربح قضية كهذه؟ هل سيبقونه في ذلك البلد، وهم يفكرون في ممارسات أشد عنصرية ضده؟ هل سيلقون به في مخيمات الصحراء، ليشويه الحرُّ نهاراً ليأكله البرد ليلاً، كما حدث كثيراً، لأنه فقط: فلسطيني، ولأنه مُصرّ على ذلك؟
خطيئة استباحة حرمة المدارس
لقد كان وزير التربية والتعليم – لو يدرك مقتضيات الامانة التي يتقلدها بحكم موقعه- هو المعني الاول بحماية حرمة المدارس، وعدم استباحتها من قبل اي كان، وما كان ليقبل ان يدخل اي طرف رسمي او شعبي الى المدارس للمساس بها، وان تبلغ الاستهانة بها هذا الحد حيث يتم اصدار الاوامر الى المعلمين والمعلمات ممن لا شأن لهم بهم اداريا، وكان الخلل كبيرا باقتحام مدارس البنات، والتلاسن مع المعلمات مما انذر بخلق فتنة اهلية في اطار المجتمع الواحد .
وحتى لو كان معاليه يرفض اضراب المعلمين فيبقى حماية مؤسسات التعليم الرسمي والخاص من اولى اولويات الوزارة ، والقضية لا تتعلق بالمعلمين فقط مهما بلغ الخلاف معهم، وانما تنسحب الى حرمة المدارس التي تعطيها الصفة الاعتبارية، والمكانة الرفيعة في المجتمع، وهو ما يسهم في اداء دورها في بناء الاجيال ، وتنشئتهم التنشئة الوطنية السليمة.
والدولة معنية بحماية المدارس وعدم السماح باقتحامها، او التطاول على المعلمين، والمعلمات، والتدخل بشؤون الهيئات التعليمية من قبل الحكام الاداريين او المراكز الامنية، او بعض الاهالي ، وهو ما يمس بوزارة التربية والتعليم التي تتبع لها المدارس ادارياً .
وفي هذا السياق اذكر قصة اوردها سعادة الاستاذ مصطفى الرواشدة النقيب الاول لنقابة المعلمين ومفادها ان احد اولياء الامور في ستينيات القرن الماضي خلع حذاءه على بوابة احدى المدارس في الكرك، ولم يرض ان يدخلها منتعلا الحذاء استشعارا منه لحرمة المدرسة ومكانتها لدى الاردنيين.
ولا شك ان نهضة الدول او انتكاستها مرتبط بالعملية التعليمية، والمعلم جوهر هذه العملية، وكرامة المعلم هي من كرامة المجتمع الذي يأتمن المعلمين على ابنائه، وهم بالملايين، ومن مختلف الاعمار، وهو ينزل المعلم المنزلة الرفيعة، ويصل المعلم في النظرة الاجتماعية العامة الى منزلة الاب، والمربي، والمدارس لها حرمتها ولا يجوز انتهاكها، وانضباط الاجيال مرتبط برمزية هذه المدارس.
والمجتمع لا يتنكر للمعلم، ويدرك اهمية العلمية التعليمية في بناء الدولة، وارساء قواعد تطورها، ويدرك العبء الكبير الناجم عن تأهيل وتعليم وفتح افاق المعرفة لملايين الطلبة منذ نعومة اظفارهم وحتى بلوغهم اعتاب الشباب.
والاردنيون يساندون المعلمين والمعلمات لنيل حقوقهم، وكي يكون العطاء اكثر، ولا يضيقون بمن اتسع وقتهم وقلوبهم لابنائهم، وعلموهم ، ووضعوهم على طريق الحياة، وان الخلل الذي قد يحدث اليوم في مسار العملية التعليمية سيعمق الفجوة بين الحاضر ومتطلبات المستقبل للاسف.
صفقة سرية بدون العرب
وفقاً للمعلومات التي سربتها “نيويورك تايمز” فقد رفض الرئيس الإيراني، استقبال مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي، بوساطة الرئيس الفرنسي، الذي رتب للمكالمة خلال وجود ماكرون وروحاني، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
القصة هنا، ليست قصة مكالمة هاتفية، بل أكبر من ذلك بكثير، إذ إن الرئيس الإيراني ووفده تعرضوا لمضايقات كثيرة في نيويورك، خلال الاجتماعات، وتم منع وزير الخارجية الإيراني من عيادة مندوب ايران الذي يتلقى العلاج في احدى المستشفيات، فوق رفض منح إيرانيين تأشيرات لمرافقة وفد الرئيس الإيراني الى الاجتماعات التي تعتبر دولية، وليست أميركية وان كانت تجري في الولايات المتحدة، حيث مقر الأمم المتحدة.
سياسة واشنطن في الملف الإيراني، ليست غامضة كما يظن البعض، كل القصة لدى واشنطن ترتبط بالمخاوف الكبيرة من المشروع الإيراني وتمدد طهران في العراق وسورية واليمن ولبنان، والتأثير على جبهات حساسة جدا، على صلة بأمن العالم، وتدفق النفط، والملاحة، إضافة الى الملف الإسرائيلي، وهو الأكثر أهمية لدى الاميركيين.
كل الضغوطات الأميركية على طهران، بذريعة الملف النووي الإيراني، والصواريخ طويلة المدى، هي مجرد شيفرة سرية، تخفي الملف الأهم، أي النفوذ الإيراني في المنطقة، الذي تريد واشنطن تحجيمه، او في مرحلة لاحقة التفاوض حوله، وفقا لتفاهمات محددة.
لن تقوم الولايات المتحدة، حاليا، كما قيل مرارا، بتوجيه اي ضربة كبرى لطهران، سواء بسبب قرب الانتخابات الأميركية، في تشرين ثان العام المقبل، او بسبب ذعر الاميركيين من حسابات الحرب، واذا كانت الولايات المتحدة متفوقة عسكريا وتكنولوجيا وعلميا، وقادرة بنظر البعض على تدمير ايران خلال نصف ساعة، وهذا صحيح، الا ان من يتبنى هذا الرأي ينسى ان ايران استبدلت ضعف قوتها مقارنة بالأميركيين، بمزايا اكثر خطورة تتعلق بجانبين، أولهما موقعها الجغرافي المطل على الخليج العربي، والذي يعنيه ذلك على مستوى امن العالم، وثانيهما صنع كيانات تابعة لها في عدة دول مؤثرة على ذات امن العالم، كما في اليمن، ولبنان، وأثر ذلك على كل المنطقة، وهو أثر لا يمكن وضع حد له، بمجرد ضربة كبرى، تمحو طهران عن الخريطة، فهذا مجرد وهم.
واشنطن تعرف هذه الحقائق جيدا، ولذلك اعلن الرئيس الأميركي مرارا انه لا يريد شن حرب على ايران، والسبب انه غير قادر على شن هذه الحرب، او انه قادر على بدء عملياتها، لكنه غير قادر على احتواء تداعياتها، وامتدادها خارج السيطرة الأميركية، بما قد يقود الى حرب أوسع، تدخل اطراف أخرى مثل موسكو وبكين على خطها، من أجل التسبب بأضرار كبرى للأميركيين تصفية لحسابات دولية عبر هذه المنطقة الحساسة في العالم.
في هذه الحالة، ستواصل واشنطن اللعب في المساحات المتاحة، أي الاستمرار في العقوبات، والتضييق على الإيرانيين، من اجل خنقهم تدريجيا، وطهران تعرف ان الاستسلام للعقوبات لوقت أطول يعني انتحارا ذاتيا، لن تقبله، وسترد عليه، بإجراءات تجبر الاميركيين على عقد صفقة نهاية المطاف مع الإيرانيين، وبين يدي طهران أوراق حساسة سترد من خلالها، مثلما شهدنا الفترة الماضية، عبر إعادة تصدير الازمة الإيرانية الى المنطقة العربية، والمس بأمن الإقليم والمنطقة، وهي حالة قد ترتفع درجات حدتها.
لقد قيل مرارا إن أسوأ ما قد تواجهه المنطقة، اضطرار الاميركيين الى التخلي عن كل تعهداتهم العلنية بمحاربة ايران، والبحث عن صفقة سرية مع إيرانيين، حول نفوذ طهران في المنطقة، وبحيث يتم قلب هذه الصفقة الى صفقة ثانية علنية تتعلق بالملف النووي الإيراني، والصواريخ طويلة المدى، وبحيث يدفع العرب الكلفة فقط، بسبب خضوع واشنطن للمعادلة الإيرانية، التي قد تبدو شكلا ضعيفة، لكنها فعليا قوية وخطيرة.
امام هذا المشهد، هناك فريق سياسي في العالم العربي، يرى ان الحل هو تحرك العرب نحو ايران، من اجل تسوية كل الملفات العالقة، حتى لا يدفع العرب الثمن مرتين، مرة بسبب احتمال نشوب حرب كبرى، ومرة بسبب احتمال تقاسم النفوذ في المنطقة، غير ان المشكلة هنا، ان العالم العربي، ليس حرا في تحديد بوصلته وطرق بوابات طهران، اذ ان كل المنطقة تخضع لحسابات دولية وأميركية، تفرض على العرب عدم التحرك منفردين، ونحن هنا نشنق انفسنا بأنفسنا في كل السيناريوهات وعبر كل الاحتمالات.
اضراب المعلمين بات عنق الزجاجة الإستراتيجي في مجمل خارطة البلاد السياسية
ابدأ مقالي بإرسال تحية الاحترام المقترنة بصبر المتألم الى أولياء أمور أبنائنا الطلبة، … على مدى أسبوعين على بدء العام الدراسي كانت ساحات مدارسنا في انحاء البلاد كئيبة وفارغة من الطلاب والطالبات وكان الامل ومع بدء عامنا الدراسي الحالي ان تزدان مدارسنا بمن وجدت من أجل تربيتهم وتعليمهم وهذا موجع لنا جميعا للحكومة وللمعلمين والمعلمات قبلنا…
يا سادة … بعيدا عن العواطف أقول وقد فاض حبر قلمي ليخرج الى العلن من شدة الغضب الممزوج بالعتب على الكثير من القوى السياسية ” المزعومة ” هذا ان وجدت ، وهم الذين كنا ننتظر منهم للوقوف على مسافة واحدة بين المعلم ” موظف الحكومة ” و ” الحكومة ” صاحبة الرعاية الأولية على الوطن الشعب والحجر والشجر، وكنت اعتقد وقد خاب ظني بالأحزاب والتي طاف عددها أيام الشهر بعشرين والذين كان من المفترض ان يلبُّوا نداء الوطن عند ظهور اول ازمة وهو ما تضمنته انظمتهم الداخلية المنسوخة، حيث لا مناقشة ولا إبداء رأي صريح ولا نصيحة مخلصة وكلهم اختفى بانتظار الفائز في كسر العظم ما بين الحكومة والمعلمين …
يا سادة … الجلوس إلى مائدة التفاوض يستدعي تبادل الآراء لسرعة إيجاد الحلول لهذه القضية العرضية، مثلما يستدعي تهيئة الأجواء السياسية بتوحيد الجبهة الداخلية لدرء التدخلات الأجنبية، وهي تهيئة لا تتم إلا بقيام الحكومة بسماع وجهة النظر التي تصر عليها نقابة المعلمين وأخذها في الاعتبار والعمل على إيجاد الحل الناجع من لدن دهاقنة الإدارة ونطاسي التشريح السياسي وان يكون الحل وفقا لأجندة وطنية لإسعاف البلاد وإخراجها من الأزمة الوطنية التي تشهدها وما قد يترتب عليها من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية، آخذة بالتفاعل والتفاقم مع مرور الأيام، وأنه قد حان الوقت لأن يجلس الجميع وان يستمعوا لبعضهم البعض والتخلي عن الانفراد بالقرار الوطني وإقصاء الآخرين والتمترس خلف الاجندات والرؤى المتزمتة، ويتجاوز النهج في سبيل مواجهة المخاطر التي تواجه الوطن وتتهدد كيانه ووجوده.
يا سادة … ماذا جرى والذي سيجري!، حيث خيّم الصمت على مدارسنا وعلى امتداد البلاد في طولها وعرضها بعد أن انهى إضراب المعلمين أسبوعه الثاني، رغم المحاولات المكثفة لحلّ الأزمة، رئيس الحكومة الرزاز دعا الطلبة إلى التوجه لمدارسهم يوم الأحد الماضي في بداية هذا الأسبوع، وأكد الرزاز على ضرورة متابعة التطورات الميدانية في المدارس، وتركيز العمل على خدمة الطلبة وتسهيل وصولهم للمدارس، لأنهم أساس وهدف العملية التربوية والتعليمية ، وفي ذات السياق لا زال رئيس الحكومة وهو بالأمس القريب الذي كان وزيرا للتربية والتعليم يؤكد على أن الحكومة قد توافقت مع مجلس نقابة المعلمين السابق على ربط العلاوات بمؤشر قياس أداء المعلم والطالب، مشددا على أن “لا تراجع عن هذا المؤشر المهم” … وامام هذا التشدد هناك تشدد اخر من قبل نقابة المعلمين والتمترس خلف مطالبهم بالعلاوة الـ (50%) على الراتب الأساسي وغيرها من الشروط الشكلية…
يا سادة … الى اين تأخذون البلاد ، … الحكومة وقفت يوم الخميس 14 سبتمبر / أيلول 2019 بوجه الاعتصام على الدوار الرابع والذي كان من الممكن احتوائه ومسايرة المعلمين وفي امتصاص حركتهم بالتظاهر والاحتجاج ولو كان ذلك لما وصلنا الى هذا المنحنى ، … نقابة المعلمين وما حفلت به أيضا تحركاتهم الميدانية ، حيث احتشد المئات منهم أمام مبنى بعض مديريات التربية والتعليم في بعض المحافظات ورددوا هتافات تطالب بحقهم في العلاوة، في حين ذهب هتف بعض المعلمين برحيل حكومة الرزاز في إشارة لتصعيد محتمل لاسيما وأن منع الأجهزة الأمنية لاعتصام مماثل هذا الشهر على الدوار الرابع كما ذكرنا والذي كان هو السبب في الدعوة للإضراب…
يا سادة … الملاحظ وبدون مواربة ان هناك موقفا ” تصعيديا واستفزازيا ” بين الطرفين الحكومة ونقابة المعلمين الامر الذي سوف ينعكس بالدرجة الاولى على مستقبل ابنائنا الطلاب وتعليمهم ، وفي رأينا لقد بدأ واضحا انه توجد “حالة انقسام في المجتمع” في ظل تباين المواقف من شخصيات برلمانية وسياسية منها ما أكدت مساندتها لمطالب المعلمين في تأدية الحكومة لرفع رواتبهم وحمّلت الحكومة مسؤولية الأزمة الحالية ومواقف تساند الحكومة في وجهة نظرها نحو عجز الموازنة لتلبية مطلب المعلمين متهمة إياهم بالمتاجرة بمستقبل الطلاب وتعليمهم ومع إصرار الحكومة على معايير منح المكافآت المقترن بحسن الأداء للمعلمين…
يا سادة … اضراب المعلمين في الأردن بات عنق الزجاجة الإستراتيجي في مجمل خارطة البلاد السياسية والتحديات الجسام التي قد تنفجر في المنطقة والاقليم في قادم الأيام وفي ظل أوضاع إقليمية معقدة يواجه الأردن تحديات صفقة القرن، التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على دول الإقليم، في ظل علاقات عربية – عربية يسودها الصراع والتنافس ، حيث تسود علاقات الأردن مع بعض الدول العربية المهمة الضبابية وعدم الثقة والتنافس ، إذ دخلت قوى إقليمية عربية على خط القضية الفلسطينية ، تنافس الدور الأردني التقليدي في فلسطين ، … وفي هذا الاطار لا يستطيع الأردن مواجهة هذه التحديات القادمة والخروج بأقل الخسائر إلا بالاعتماد على تمتين الجبهة الداخلية التي تصدعت مؤخرا لأسباب كثيرة وعلى راسها اضراب المعلمين وغياب الثقة بين المواطنين والدولة، وهذا يتطلب إعادة ترتيب البيت الداخلي بشكل شامل…
يا سادة … اليوم الخميس 26 سبتمبر / أيلول 2019 اسال الله ان يدخل حكمة الراي والصواب وتغليب مصلحة الوطن ومراعاة مصلحة أبنائنا الطلاب واهليهم وان يكون الصواب حليف حكومة بلادنا ونقابة المعلمين والخروج بحل توافقي تاريخي جريء يأخذ بالاعتبار الإمكانيات والخطوات والتوقيت ويكون نبراسا لنا جميعا وللأجيال القادمة من بعدنا…
باحث ومخطط استراتيجي
الطريق الصحراوي
(طريق الموت)
كثر في الأوانه الاخيره الحديث عن حوادث تقشعر لها الأبدان على الطريق الصحراوي وهناك عائلات بأكملها ذهبت ضحيه الطريق المشؤوم وقد ناشد الكثير بعمل صيانه لهذه الطريق ولكن لا حياة لمن تنادي وكأن أرواح البشر لاقيمه لها ولأهمية هذا الموضوع أرتايت ان اتحدث عن أبعاده ومخاطره بدايه لماذا تكون حياة المواطن من آخر أولويات الحكومه ولاتكترث اذا كانت حياته بخطر ام لا جراء هذا الطريق ولماذا كل هذا الاستهتار والإهمال وأين دور البلديات من مجريات الأحداث التي تحصل وهنا تذكرت مقوله الملك الراحل المغفور له جلاله الملك حسين رحمه الله الشهيره بأن الإنسان هو أغلى ما نملك ولكننا في زمننا هذا أصبح ارخص سلعه وليس لديه ايه حقوق ولاقيمه واخيرا اود ان أوجه رساله الى كل مسؤول اتقوا الله وحكموا ضمائركم واعملوا على اصلاح وترميم هذا الطريق المخيف الذي أصبح يشكل كابوسا لكل شخص يعبر من خلاله وننقذ أرواحا بريئه لا ذنب لها حقيقه لست أدري ماذا ننتظر لحل أزمة هذا الطريق وإلى متى سوف نبقى مكتوفي اليدين ولانحرك ساكنا هل عندما تزداد أعداد الوفيات والمصابين سوف يخجل المسؤولين على أنفسهم حينها سوف يكون قد فات الأوان ومن حقي كمواطن بأن أنعم بالأمن والسلامه من كل اذى وهذا هو من ابسط الحقوق وعلى الحكومه توفيرها
إشكاليات قانونية في قرار المحكمة الإدارية!
تعليق أولي على قرار المحكمة الإدارية القاضي بوقف قرار إعلان نقابة المعلمين الاضراب المفتوح مؤقتاً.
قررت المحكمة الإدارية في الطلب المستعجل رقم 20/ط/2019 المتفرع عن الدعوى رقم 381/2019 وبتاريخ 29/9/2019 وقف قرار إعلان نقابة المعلمين الاضراب المفتوح مؤقتاً.
إن هذا القرار وأسبابه وأسانيده تثير مسائل قانونية مهمة يجب دراستها بشكل معمق من قبل المختصين والمهتمين من قضاة ومحامين وأكاديمين لما انطوى عليه من اشكاليات تتعلق بإختصاص المحكمة بالنظر في الدعوى التي أقامها إثنان من أولياء أمور طلبة المدارس.
المسألة الأولى: هل يتحقق شرط المصلحة الشخصية المباشرة لطالب إلغاء القرار الإداري؟ حيث تنص المادة 5/هـ من قانون القضاء الإداري (لا تُقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية)، وقد استقرّ قضاء محكمة العدل العليا سابقاً والمحكمة الإدارية على أن المصلحة في إقامة الدعوى يجب أن تكون مصلحة مباشرة وتؤثر في المركز القانوني للطاعن أي أن القرار الإداري يؤثر سلباً في المركز القانوني لشخص الطاعن وعدم قبول الطعن في القرارات الإدارية ذات الصفة العامة، فدعوى الإلغاء ليس دعوى شعبية أو دعوى حسبة تقبل الطعن من غير المعني فيها بشكل شخصي ومباشر.
المسألة الثانية: هل تختص المحكمة الإدارية إبتداءً بالنظر في الدعوى وهل يقع قرار إعلان نقابة المعلمين الاضراب ضمن القرارات الإدارية التي تختص المحكمة في النظر في الطعون المتعلقة بها؟ حيث حددت المادة 5 من قانون القضاء الإداري اختصاص المحكمة بالنظر في الطعون المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية وبينت هذه المادة ماهية هذه القرارات على سبيل الحصر في تسعة أنواع من القرارات.
والسؤال المهم هنا: ضمن أيٍ من أنواع القرارات التسعة يقع إختصاص المحكمة في النظر في هذه الدعوى أو هذا الطعن؟
وقد يقول قائل أن المحكمة لم تنظر الدعوى بعد ولم تنظر في مسألة القبول الشكلي للدعوى وانما نظرت في الطلب المستعجل المقدم في الدعوى أولاً وأصدرت قرارها فيه فقط وأنها بالتأكيد ستنظر تفصيلاً في مسألة الإختصاص فيما بعد عند الشروع في اجراءات الدعوى. وهذا قول يخالف صحيح القانون وصريحه، ذلك أن المحكمة يتوجب عليها لقبول الطلب المستعجل والبت فيه أن تقرر إختصاصها في النظر في الدعوى الأصلية إبتداءً ومن ثم تشرع في بحث شروط الطلب المستعجل الأخرى، حيث نصّت المادة 6/أ من قانون القضاء الإداري على ما يلي: (تختص المحكمة الادارية بالنظر في الطلبات المتعلقة بالامور المستعجلة التي تقدم اليها بشأن الطعون والدعاوى الداخلة في اختصاصها)، أن عبارة (الطعون والدعاوى الداخلة في اختصاصها) عبارة صريحة ومباشرة وواضحة الدلالة وتفرض على المحكمة عند النظر في الطلب المستعجل أن تحكم في مسألة الإختصاص وتقرره لنفسها وفق المادة 5 التي تحدد إختصاصات المحكمة.
ومن الواضح أن المحكمة الإدارية لم تعالج هذه المسألة بالشكل المطلوب قانوناً بل تجاهلته تماماً، واكتفت بتبرير إختصاصها بنظر الطلب المستعجل بأن هذا الطلب مُقدّم إليها تبعاً للدعوى الإدارية رقم 381/2019 ولم تبحث في مسألة إختصاصها بالنظر في هذه الدعوى.
والجدير بالذكر هنا أن قرار المحكمة الإدارية بالطلب المستعجل ليس قراراً نهائياً وهو قابل للطعن لدى المحكمة الإدارية العليا خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره أو تبليغه حسب مقتضى الحال وفقاً للمادة 29/ب من ذات القانون.
مع المعلم
جاءت هذه الحكومة الحالية عقب سقوط حكومة الدكتور هاني الملقي بمظاهرات شعبية عارمة وكنا نتوقع أن تكون هذه الحكومة أفضل من سابقتها ولكن للأسف الشديد اتضح للجميع أنها لا تختلف كثيرا وان حكومة الملقي كانت أفضل بكثير .
منذ ثلاثة أسابيع ونقابة المعلمين في إضراب مستمر للحصول على علاوة بسيطة تقدر بنحو 120 مليون دينار كنتيجة لارتفاع أسعار السلع والخدمات والحكومة عاجزة عن إقرار هذه العلاوة البسيطة .
هذه العلاوة في حالة اقرارها سوف تعود بالنفع والفائدة على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتساهم بشكل واضح في تحسين النمو الاقتصادي وتقليل التضخم كنتيجة مباشرة في زيادة السيولة النقدية في أيدي المواطنين.
أستطيع أن أؤكد بأن حكومة هاني الملقي السابقة لو تعرضت لهذا الإضراب فإنها سوف تقوم على الفور بإقرار العلاوة دون أي إبطاء أو تأخير بعكس هذه الحكومة برئاسة الدكتور عمر الرزاز والتي لم تتعامل مع إضراب المعلمين بالكياسة والذكاء السياسي المطلوبين في مثل هذه الحالات وذلك لقلة خبرتها السياسية ومحدودية تفكيرها الاستراتيجي وعدم استيعابها لتوجيهات القيادة السياسية العليا.
يتضح من متابعة الأحداث فيما يتعلق بإضراب المعلمين أن لدى النقابة وهيئتها العامة إصرار كبير على ضرورة انتزاع هذه العلاوة لو استمر الإضراب ثلاثة أعوام كاملة فالمسألة مسألة كرامة وحقوق وليست كما يحاول البعض تصويرها بأنها استقواء على الدولة أو محاولة فرض لاجندات حزبية أو ما شابه ذلك.
أنصح الحكومة بالاستجابة الكاملة وغير المشروطة لكل طلبات نقابة المعلمين وإقرار هذه العلاوة والاعتذار للمعلمين عن ما حدث يوم 9/5 وإنهاء هذا الموضوع بأسرع وقت ممكن خشية أن تتطور الأحداث مستقبلا بصورة مفاجئة وتسارع ويحدث أمور لم تكن في الحسبان خاصة أن الأغلبية الساحقة من الشعب الأردني حسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي تقف مع النقابة والمعلمين لحين الوصول إلى حقوقهم وإقرار العلاوة المنشودة.
الهجوم خير وسيلة للدفاع
الهجوم خير وسيلة للدفاع، هذه هي السياسة الإيرانية التي اعتمدت الرد على العقوبات الأمريكية الاقتصادية بضغوط ميدانية على أصدقاء أمريكا، والنتيجة البائنة حتى هذه اللحظة هي تصاعد نجم القوة الإيرانية، وثباتها على موقفها الرافض للشروط الأمريكية الجديدة لاستئناف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إيران.
إيران لن تسكت طويلاً على تجويعها وذبح شعبها، ستعاود الكرة هنا وهناك، وستواصل الضغط الميداني، وهي تقدم المفاجآت التي أذهلت المراقبين، وعكست واقعاً عسكرياً جديداً في المنطقة، أجبر العسكريين الإسرائيليين قبل الأمريكيين على أخذ تهديدات إيران على محمل الجد، وإظهار قدر من ضبط النفس خشية تصاعد المواجهات إلى حرب شاملة، وصفتها المملكة السعودية بأنها مدمرة، وستنعكس سلباً على الاقتصاد العالمي بشكل عام.
الدرس الذي تعلمه الإسرائيليون عبرت عنه القناة الثانية حين وصلت إلى الاستنتاج بأن الاحتكار الغربي للأسلحة الدقيقة قد تبدد، وقد تعلمت دول المنطقة كلها، بما في ذلك دولة الاحتلال، تعلموا أن أنظمة الاستشعار والاستكشاف والردع غير كافية لمواجهة التهديدات الجديدة، والتي أمست معها دولة الاحتلال الإسرائيلي غير آمنة على جبهتها الداخلية.
ورغم هذا التطور العسكري الإيراني، ورغم المبادرات الميدانية المذهلة إلا أن سياسة الحصار والعقوبات ما زالت هي السياسة الأمريكية والإسرائيلية السائدة، وما زال الرد الأمريكي يقوم على محاصرة وخنق كل بلد يرفض سياسة الهيمنة والسيطرة على المنطقة.
وحتى اللحظة، نجحت السياسة الإيرانية في تحقيق التعادل الميداني على أقل تقدير، ونجحت في الدفاع عن مصالحها، وفشلت سياسة أمريكا في تركيع الشعب الإيراني، أو تحريك مسيرات غضب واعتراض ضد السياسة الخارجية، وأزعم أن الحكومة الإيرانية لن تسكت طويلاً على العقوبات المفروضة ضد شعبها، ولن تنتظر الموت البطيء، إيران ستبادر قريباً، وتشن هجوماً جديداً، في مكان ما في المنطقة، هجوم يفاجئ السياسة الأمريكية،، ويحمل رسائل الشعب الإيراني المطالب بكسر الحصار، وهو يعتمد سياسة الرد الذكي على صناعة النفط في المنطقة، ضمن منطق سياسي يقول: لن أسمح لكم بالرخاء الاقتصادي طالما نعيش الضائقة الاقتصادية.
رسالة الشعب الإيراني تمثل درساً لشعوب المنطقة، سياسة الهجوم خير وسيلة للدفاع، ولن نسمح لعدونا أن يعيش الرخاء الاقتصادي طالما نعيش نحن تحت خط الفقر.