12.1 C
عمّان
الأحد, 2 فبراير 2025, 22:48
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

إضراب المعلمين يفقد مبرراته

فهد الخيطان

لم يعد لتمسك مجلس نقابة المعلمين بالإضراب مايبرره. رد نائب النقيب على قرار الحكومة بزيادة رواتب المعلمين بدا مرتبكا، كما لو أنهم في مجلس النقابة قد فوجئوا بالخطوة الأحادية من جانب الحكومة.

نائب النقيب اعتبر الزيادة التي تبلغ قيمتها الإجمالية 26 مليون دينار مجرد “فتات” وعندما لم يجد ما يقوله لتبرير قرار رفض الزيادة واستمرار الإضراب لأسبوع رابع، صرح بأن “العلاوة لم تعد تعنينا مقابل الاعتذار لأن كرامتنا أهم”. صحيح ان كرامة المرء أهم من فلوس الدنيا، لكن الإضراب ومن قبل الاعتصام كانا من أجل العلاوة فكيف يتخلى عنها نائب النقيب بهذه البساطة، هل شاور المعلمين في الميدان قبل أن يتبرع باسمهم بالعلاوة ويتنازل عنها؟!

قبل قرارات الحكومة الأخيرة كان لسردية مجلس النقابة وخطابها قوة في المنطق والحجة، وكان يمكن للاجتماع الأخير في وزارة التربية أن يدشن اتفاقا شاملا بين الطرفين، يحفظ للنقابة حضورها وزخمها في العمل العام، ويحقق مكاسب إضافية للمعلمين غير الزيادات، فقد كان في نية الحكومة تقديم حزمة مزايا للمعلمين تشمل أمورا كثيرة من بينها زيادة أعداد المقبولين ضمن مكرمة المعلمين.

الجلوس على طاولة المفاوضات يعني الإقرار مسبقا بتقديم تنازلات تفضي إلى اتفاق. هذا هو المبدأ الذي خالفه مجلس النقابة، واستبدله بمنطق الإذعان. حتى في تصريحات المتحدثين باسمهما كانت هناك لغة متعالية، همها إذلال الحكومة والوزراء، لدرجة أن مجلس النقابة كان يصر على تحديد مستوى التمثيل وهوية المشاركين في الوفد الحكومي التفاوضي، بينما لم يسأل أحد عن مغزى تخلف نائب النقيب عن حضور أي اجتماع مع الوزراء حتى عندما حضر رئيس الوزراء شخصيا احدى الجولات استجابة لإلحاح مجلس النقابة. مجلس النقباء اشتكى هو الآخر من تعامل نائب النقيب مع زملائه رؤساء النقابات المهنية، وعدم الرد على اتصالاتهم أو قبول دعوتهم لحضور الاجتماعات.

بهذا السلوك المتعجرف يدفع مجلس النقابة لتأزيم الموقف في البلاد وجرها لأزمة وطنية واسعة، وإجراءات توسع من دائرة الخلاف، وقد سمعنا خطابات في مهرجانات أخيرة تشي بهذه الرغبة، ناهيك عن الكلام غير المسؤول عن “أزمة تتجاوز حدود الأردن”.

المسؤولية الوطنية تقتضي من مجلس نقابة المعلمين قبول العرض الحكومي، وفك الإضراب، وهذا لا يعني التنازل عن المطالبة لاحقا بكامل العلاوة، لكن مبدأ “خذ وطالب” هو التكتيك المنطقي في تعامل النقابات مع الحكومات كما تفيد تجارب عالمية كثيرة.

حتى أيام قليلة كان التيار الغالب يساند النقابة في مطالبها، رغم اتساع دائرة المعارضين لاستمرار الإضراب. بعد قرار مجلس الوزراء الأخير بدا أن كثيرين من المتعاطفين مع النقابة يراجعون موقفهم، وقد شهدنا ذلك في تعليقات “السوشل ميديا”، خاصة وأن الإضراب دخل أسبوعه الرابع، دون اكتراث لخطيئة حرمان أكثر من مليون ونصف المليون طالب من حقهم في التعليم.

يمكن لمجلس النقابة أن يعتبر قرار الحكومة بزيادة رواتب المعلمين نصف استجابة لمطالبهم، ألا يفرض ذلك في المقابل ما يعادلها من طرف النقابة. تعليق الإضراب ومواصلة المفاوضات هي المعادلة المطلوبة حاليا.

Share and Enjoy !

Shares

تعددت متاعب الاردن الراهنة في ظل المشهد الضبابي لادارة الازمات

احمد عبد الباسط الرجوب

بلادنا الاردنية تمر الآن بمتاعب جمَّة، لا ينكرها أحد ويشعر بها الجميع، مع الاختلاف في درجة المعاناة، فالفقراء ومحدودي الدخل يعانون من ارتفاع الأسعار وتضاؤل فرص العمل والتشغيل، والطبقة الوسطى تشكو أيضا من ارتفاع الأسعار بالإضافة إلى البطالة، والطبقة الأعلى تشكو من تضاؤل فرص الربح والاستثمار، والجميع يخافون مما قد يأتي به المستقبل…

متاعب الاردن الراهنة تعددت، ولكن من المفيد التمييز بين درجات تأثيرها على واقع المواطنين والحكومة، حيث يمكن تصنيفها الى نوعين، إذ إن كلا منها يتطلب حلولا مختلفة عن بعضها وللتوضيح نشرح ونقول:

النوع الأول، … من متاعب الاردن الاقتصادية الحالية يتكون من متاعب حقيقية وجسيمة، ولكنها أيضا قديمة. هذه المتاعب تعود إلى الوراء لسنوات كثيرة فهذه المتاعب نتجت في رأيي عن تراكم سياسات اقتصادية حمقاء استمرت لنحو عشرين عاما… وللتوضيح أكثر نقول بأن هذا النوع من المتاعب يشمل استمرار معدل منخفض لنمو الناتج المحلي، وتفاوت فظيع في نمو الدخول، ومعدلا عاليا جدا من البطالة، واستمرار الاختلال الكبير في الميزان التجاري، وفى موازنة الدولة…

لقد قُدِمتْ تفسيرات مختلفة لتفاقم هذا النوع من المتاعب، ولكنى أميل إلى إلقاء اللوم في ذلك على ما بدأ تطبيقه من سياسات اقتصادية منذ أوائل الالفية الجديدة (2000م)، واستمرت دون أي تغير مهم ، هذه السياسات يمكن الإشارة إليها اختصارا بعبارة ” الانفتاح الاقتصادي ” غير المنضبط، ولكنها تشمل أكثر من مجرد فتح الأبواب دون تميز كاف أمام التجارة والاستثمارات والمعونات والهبات الأجنبية، إذ تشمل أيضا نكوص الدولة عن القيام بكثير من واجباتها في التنمية والرقابة، وعلاج ما ينتج عن النشاط الخاص من خلل في مجالات الاستثمار وتوزيع الدخل…

أما النوع الثاني، متاعب نتجت عن الازمات المحيطة بالأردن وبخاصة منذ العام 2011 وقت اندلاع ما سمي بالخريف العربي ومع ما صاحبة من مخرجات الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003 واندلاع الحرب في سوريا، ولكنها نتائج طبيعية يجب توقع حدوثها في أعقاب أي ازمات، وقد كان من السهل والواجب توقعها، كما أنه كان من الطبيعي أن تزول بعد فترة قصيرة من حدوث هذه الازمات… والذى أقصده بالنوع الثاني من المتاعب، وهو ما وصفته بالمتاعب ” الطبيعية “، التي يتوقع أن تقترن بأي أزمات في المحيط او الاقليم، وهو ما حدث بسبب ما أشاعه الخريف العربي من مناخ من عدم الاستقراء، لم يكن غريبا إذن أن تنخفض الإيرادات من السياحة، ويخفض معدل الاستثمار المحلى والأجنبي، ومن ثم انخفاض معدل الناتج المحلي، وارتفاع معدل البطالة، وانخفاض الإيرادات الحكومية ومن ثم زيادة عجز الموازنة العامة، والانخفاض في تحويلات العاملين بالخارج، وانخفاض القيمة الشرائية للدينار وتدني نسبة الاستهلاك دون الـ (10%) بسبب جنون ارتفاع الأسعار…

وفي إطار هذا النوع من المتاعب نزيد ونقول … في اقتصاد السوق الذي تحكمه قوانين ثابتة لا يوجد دكاترة اقتصاد، ولكن يوجد اقتصاد الدكاترة الذين يتحكمون فيه بمخترعاتهم فهو اقتصاد تجريبي وعندما دالت حكومات التحول الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا، فإن الذي استولى على دفة الاقتصاد هم دكاترة الاقتصاد الذين شبعوا فينا تجارب فاشلة اسلمتنا الى الفقر والديون والتخلف…

وفـــــي زمن اقتصاد السوق لا يزال الدكــــــاترة لهــــــم الهيمنة علـــــى التوجهات الاقتصادية، فهم الــــذين يتولون الاستثمار بتطفيش المستثمرين وهم يرون في القطاع العام مملكة يصعب التنازل عنها مهما كانت الخسائر بالملايين وفي رعايتهم لها في بلادنا ارتفعت نسبة البطالة الى 19% وطارت المديونية الى سقف الـ 30 مليار دينار وانخفضت الصادرات وخرب بيت التعليم وانتا ماشي…

وفي إطار ما قدمت اليه لا يمكن اغفال الاضراب الأطول في تاريخ البلاد منذ تأسيس الدولة الأردنية في عشرينيات القرن الغابر وهو اضراب المعلمين، .. وبعيدا عن كيل الاتهامات للمعلمين والتطرف الى رمي السهام الطائش نحو اضرابهم وللتذكير نقول يُخطئ من يظن أن النهضة التي تقوم عليها الدول، وينشدها الاردن في الوقت الراهن، قائمة فقط على آلات ومعدات ومصانع وإنترنت فحسب، بل أن النهضة الحقيقية التي يتطلع إليها الوطن تبدأ من المعلم في المدرسة في هذا البلد الذي يغطي القطاع التربوي نحو ثلث سكانه…

وحيث ان هذا الاضراب الذي يشمل نحو (100 الف معلم) ومليوني طالب في المدارس الحكومية والذي يجب ان يتم احتوائه وبالسرعة الممكنة ومن جميع الاطراف الحكومية والشعبية والمصلحة الوطنية ان لا يتمترس الطرفين (الحكومة والمعلمين) خلف مواقفهم والتي تعود بالضرر بالدرجة الاولى على ابنائنا الطلبة وان نفوت الفرصة لكي لا تكون مقدمة لحركات احتجاجية اوسع وخاصة في هذه الظروف الاستثنائية الساخنة التي يتعرض لها الاقليم وبوادر اندلاع حرب اقليمية ليست بعيدة الامر الذي يجب تظافر الجهود لاحتواء هذا الاضراب ووضع الحل الذي يتوافق عليه الجميع وتعود العجلة التعليمية الى مقاعد الدراسة وينتظم تلاميذ المدارس في صفوفهم وكفى!… وهنا ندعو الطرفين الحكومة ونقابة المعلمين الى تحكيم الرأي وهو سيد الاحكام…

ولوضع النقاط على الحروف لتفسير ما الت اليه المتاعب التي قدمت اليها ، اكاد اجزم الى ان اختيار من يديرون دفة الإدارة الحكومية والمسؤولين الجدد (منهم القديم في السلطة واعيد برمجته من جديد) ، (بل واختيار رؤساء الحكومة أنفسهم) وكثرة تبدل الحكومات، والذين اظهروا عدم قدرتهم على ضبط إدارة الأمور الاقتصادية يضاف الى ذلك عدم قدرتهم في فهم ما يعاني منه الشعب بكافة أطيافه من حالات الفقر والبطالة والركود الاستثماري، أضف إلى هذا كله مواقف غير مفهومة البتة من جانب الممسكين بالسلطة تجاه الحصول على مساعدات اقتصادية خارجية، سواء من صندوق النكد أو البنك الدولي أو الحكومات العربية، … إذاً ما هذا التضارب والغموض في التصريحات الرسمية حول هذه المساعدات؟ .. وما هو الحديث عن المساعدات الأمريكية؟ هل صحونا من سبات بانها تهدد استقلالنا وحرية إرادتنا؟ وما هو ارتباطها بالابتزاز الأمريكي على هامش صعقة القرن؟ .. فلماذا إذن قبلناها طوال نصف قرن من الزمان؟ والممسكون الحاليون بالسلطة كانوا على أي حال هم من بين الممسكين بالسلطة على الأقل طوال العشرين عاما الماضية…

 ختاماً .. من المؤكد إذن أن متاعبنا الاقتصادية الحالية (مثل متاعبنا السياسية) ليست نتيجة طبيعية لمحيطنا الملتهب ولا هي من تأثيرات الخريف العربي، بل والأرجح أيضا أنها ليست مجرد ” السهو والخطأ “، .. بل هناك من الدلائل ما يشير إلى أنها متاعب متعمدة في ظل المشهد الضبابي لإدارة الازمات، لتحقيق هدف أو أهداف لم تتضح بعد…. قادم الأيام حبلى بالمفاجآت!

باحث ومخطط استراتيجي

Share and Enjoy !

Shares

هل من مخرج لأزمة الإضراب؟

فهد الخيطان

ثمة سوء تقدير موقف من الطرفين،الحكومة كانت على قناعة بأن إضراب المعلمين لن يصمد أكثر من بضعة أيام، والنقابة اعتقدت أن الحكومة سترضخ لمطالبها بعد أيام.

مضى الوقت ولم يتراجع الطرفان عن موقفيهما، ومع دخول الإضراب أسبوعه الثالث،صارت كلفة التراجع باهظة على الحكومة والنقابة.الوقت الذي كان من الممكن فيه التوصل لتسوية نفد تقريبا.وساطات نيابية ومبادرات من عدة جهات وصلت كلها لطريق مسدود.

حوار الحكومة المباشر مع النقابة لم يسفر عن نتائج تذكر،سوى تلطيف الأجواء العامة دون تنازلات جوهرية.يمكن الإشارة هنا إلى مقترح الحكومة لحوار مفتوح مع النقابة حول جميع القضايا التي تهم المعلمين والعملية التربوية، وتنازلها عن المسار المهني مقابل دعوتها للنقابة للتنازل عن علاوة الخمسين بالمائة. الأخيرة من جهتها،أبدت مرونة فيما يخص العلاوة وتقسيطها على عدة سنوات،ووعد من الحكومة بالاعتراف بحق المعلمين فيها، لكن دون تراجع قيد أنملة عن الإضراب المفتوح.

يعتقد بعض المراقبين أن الحكومة كانت ستتصرف بطريقة مرنة مع النقابة لو أنها وافقت على طلب تعليق الإضراب والدخول بمفاوضات محددة بسقف زمني.

النقابة ومن خلفها ميدان متماسك، اكتشفت على نحو مذهل سر قوتها المتمثل بوحدتها،وبات من الصعب عليها التفريط بهذه الورقة، تحسبا من عدم قدرتها لاحقا على حشد المعلمين في حال فشلت المفاوضات مع الحكومة.وزاد من نشوة النقابة وتصلبها إدراكها لفشل الحكومة في كسر الإضراب رغم المحاولات المستميتة.

حسابات الحكومة في مقاربة الأزمة متشعبة ولها أبعاد كثيرة تتجاوز الجانب المالي على أهميته. أي صفقة ممكنة للحل في المستقبل ستطرح سؤال المسؤولية عن استمرارها طوال هذه المدة,وقد تجد الحكومة نفسها في عين العاصفة الشعبية والرسمية أيضا.

وفي الحسابات أيضا سؤال المليون ونصف المليون طالب وطالبة، ممن ضاعت عليهم أسابيع من العام الدراسي وبات مصيرهم في مهب الريح.

وعلى الطاولة مشاريع قرارات وإجراءات مؤلمة ربما تؤدي إلى تأجيج الأزمة وتوسيع دائرتها اجتماعيا ووطنيا.

كيف يمكن إذن الخروج من المأزق بأقل قدر ممكن من الخسائر للطرفين، وبما يضمن استئناف العام الدراسي بأسرع وقت؟

أفضل الحلول وأسهلها أن تعلق النقابة الإضراب وتجلس على طاولة المفاوضات، لكن مجلس النقابة يعتقد أن ما مضى من وقت على الإضراب وما يتمتع به الجسم الميداني من تماسك يمكن أن يحصل مكاسب أكبر من الوعود قبل الإقدام على هذه الخطوة.

الحكومة وإن فكرت بتنازلات للنقابة تخشى من ردة فعل قطاعات أخرى من الموظفين، ومن انكسارها أمام الشارع.

الرأي العام وإن تعاطف بشكل واسع مع المعلمين إلا انه منقسم حيال استمرار الإضراب،لكن التحول في موقفه بطيء وغير مؤثر على ميزان القوى لغاية الآن.

هل يمكن لدخول طرف ثالث أن يساعد في تجنيب الطرفين حرج التنازلات؟

ربما لكن لذلك ثمن على الطرفين أيضا.من الصعب على طرف واحد أن يخرج رابحا مائة بالمائة

Share and Enjoy !

Shares

“إنتا معلم .. منك بنتعلم”

د. صبري الربيحات

في فضائنا الثقافي المكتظ بالآراء والتحليلات البعيدة عن غرف صناعة القرار لا أجد ما أقول للأخوة المعلمين أبلغ مما قاله الفنان المغربي سعد المجرد، في أغنيته التي حققت شهرة قياسية. ايقاع الكلمات التي تقول “انتا معلم..منك بنتعلم” يثير الكثير من المشاعر ويذكرنا بخبراتنا المدرسية وسلوكنا في حضرة من احترفوا تعليم الحروف والاجابة على اسئلة الطلبة التي لاتنتهي.

المعاني والقيم والدلالات التي تحركها الاغنية واللحن في الكلمات القليلة التي تخنزل تجربة الطلبة في غالبية مدارس العالم جعلت الاغنية من بين الاعمال الفنية الاكثر رواجا وأوصلت صاحبها الى مصاف مشاهير النجوم بعدما سجلت متابعتها ارقاما قياسية زادت على الـ 735 مليونا.

الشهرة والرواج العالميان دفعت دور الإنتاج واستوديوهات الفن الى إعادة توزيع اللحن والاداء للاغنية في العديد من اللغات ومن قبل فرق ومطربين في اوروبا والصين وافريقيا وكوريا.

المعلم الأردني الذي استحوذ على اهتمام الشارع الأردني والعربي وسلط الضوء على معاناته وقضاياه من خلال الاضرابات والمهرجانات والخطب والبيانات واللقاءات التلفزيونية والاذاعية والمنشورات والرسائل التي جرى تداولها اصبح حاضرا حضورا طافحا في المشهد الأردني الامر الذي يرتب عليه الكثير من الادوار والمهام التي تتجاوز المطالبة والرد على الرفض الحكومي.

الحكومة والمعلمون والطلبة والاهالي في حالة انتظار ولا حلول في الأفق. اليوم وفي هذه الاوضاع التي يتنامى فيها القلق والحيرة ويتساءل الناس عما يمكن ان يحدث بعد كل هذا السجال والتعنت يتوقع الناس من أحد الاطراف ان يتقدم بمبادرة تتجاوز الاتهام وإبراء الذمة. السجال الكلامي والهتافات والبيانات والاخرى المضادة لا تفيد المجتمع في شيء على الرغم من اهميتها في توضيح المواقف والتواصل البيني والذاتي فهي لا تعوض الطلبة عن ملايين الساعات المهدورة ولا تحقق إنجازات مادية على الارض.

كنت اتوقع وما أزال أن ينظم المعلمون والطلبة أنفسهم لمشاركة الأهالي والمزارعين اعمال قطاف الزيتون وحملات النظافة في القرى والمدن والمدارس ففي القرى والارياف والمدن هناك الكثير من الانشطة التي يمكن للطلبة القيام بها، واستثمار وقت الاضراب في خدمة المجتمع. النظافة العامة للساحات والشوارع وترميم المدارس وصيانتها وقطاف الزيتون بعض من الاعمال التي يمكن توجيه الطلاب والطالبات للقيام بها. فالإضراب عن التدريس لا يعني انقطاع صلة المعلم بالمدرسة ولا يشير الى تخلي المدرسة عن رسالتها التربوية الاجتماعية الانسانية.

موقف المعلمين والطلبة يصبح اكثر قوة واهمية اذا ما بقي المعلم لصيقا بمهامه ورسالته التنموية فالخلاف مع الحكومة لا يعني الخلاف مع المجتمع. والمعلم لا تنتهي رسالته عند بوابة الصف. في الاردن اليوم ما يقارب المليون ونصف المليون طالب متعطل عن الدراسة يمكن ان يقدم كل منهم نصف وقته للخدمة الاجتماعية اذا ما اوجدنا آليات التنظيم والادارة المناسبة وفي استثمار هذا الوقت يمكن ان نقدم لمجتمعنا اكثر من 6 ملايين ساعة عمل تطوعي يوميا لتصبح مدننا أنظف وطرقاتنا اجمل ونسيجنا الاجتماعي اقوى وأمتن وطاقتنا افضل وثقتنا بأنفسنا اكثر.

في أوائل أيام حكومة الرزاز تحدث الرئيس غير ذي مرة عن انفتاح المدرسة على المجتمع وإشراك الطلبة في برامج الخدمة العامة وامكانية مشاركة الطلبة في قطاف الزيتون وممارسة قيم التعاون والعمل الجماعي من اجل ان يستمتع الطلبة بالمواسم ويتعرفوا على بيئاتهم ويساعدوا المزارع ويتعلموا النشاط الزراعي، وقد مر الموسم الاول دون ان يحصل ذلك وها نحن ندخل الموسم الثاني للقطاف دون ان يدخل الطلبة صفوفهم.

Share and Enjoy !

Shares

أحاديث الاقتصاد المغلوطة

جواد العناني

أعتقد أن إعلامنا الرسمي وغير الرسمي مقصّر تماماً في شرح أبسط المبادئ الاقتصادية للناس. ولذلك نرى عبر وسائل الإعلام خلطاً كبيراً في هذه المفاهيم. ولمّا يَبُثّ شخص معروف أرقاماً عبر الانترنت تبين حصيلة الدولة من مصانعها وخدماتها وشركاتها ويصل الرقم فرضاً إلى خمسين مليار دينار، ثم يقول إن الحكومة أنفقت منها (8) مليارات، فأين ذهب باقي الرقم أو الـ(42) مليار دينار، فهو يخلط بين أمور ثلاثة.

هذا يعني أولاً أنه لا يفرّق بين مداخيل الدولة وإيرادات الحكومة. ويعتبر الاثنين واحداً، وهذا يدل على عدم إدراك للفرق بين الحكومة والدولة.

والثاني أنه لا يعرف الفرق بين الدخل الإجمالي والدخل الصافي. فالدخل من السياحة قد يصل إلى (4) مليارات، ولكن الإنفاق للحصول على هذا الدخل يصل إلى (2) مليار فهذا يعني أن الدخل الاجمالي (4) مليار، والدخل الصافي (2) مليار.

ولو كان يقرأ مثلاً جدول المدخلات والمخرجات لَعلِمَ أن حساب الدخل الإجمالي لكل القطاعات قد يصل إلى (70) مليارا، ولكن هذا ينطوي على مغالطة كبيرة وهي ازدواجية الحساب. فلو حسبنا مثلاً الدخل من قطاع الزراعة، (3) مليارات، والدخل من قطاع النقل (3) مليارات، والدخل الإجمالي من الصناعة (5) مليارات، وأخذنا الأرقام كما هي، فإننا نحسب مقدار النقل في الزراعة مرتين، وفي الصناعة مرتين، ودخل الصناعة من قطاع الزراعة مرتين.

ولذلك عند حساب الناتج القومي الاجمالي تلغى الازدواجية في الحساب، ويبقى الرقم الإجمالي الصحيح.

وثالثها أن الحكومة لا تنفق كامل الناتج المحلي الاجمالي، فهناك القطاع الخاص والذي هو أكبر من الحكومة. ثم يجب أن تطرح المستوردات من الناتج المحلي الإجمالي لأنها وإن بيعت في الأردن، إلا أنها لم تنتج فيه، بل في بلدان أخرى.

وعندما نوزع هذه الرسالة الصادرة عن شخصية عامة متعلمة ومعلمة، فإن الناس العاديين سوف يقعون في شَركِها لأنهم سيصدقونها. وبذلك يحصل خلط وتشويش كبير ونصُبّ الكاز على نار الغضب عند الناس، فنخلق حالة من الشك والارتياب.

أذكر مرة في مجلس من مجالس الوزراء التي شاركتُ فيها أن وزير المالية آنذاك نسّبَ إلى المجلس موافقته على نقل مخصصات من فائض لدى وزارة الزراعة لتمويل عجز في وزارة الشباب. فقام أحد الوزراء قائلاً “وما الفرق، ما هيه القضية من العِب للجيبة، ومن الجيبة للعِب”.

وكنت أيامها صغيراً نسبياً في السن، وما أزالُ تحت تأثير عملي كرئيس لدائرة البحوث الاقتصادية في البنك المركزي الأردني. ولما سمعت ما قاله الوزير صرخت محتجاً.” هل هذا هو الأسلوب الذي تصرف به الأمور وتؤخذ فيه القرارات؟” فطلب مني رئيس الوزراء أن أفسر ذلك.

قلت إذا كانت المناقلات من وزارة لأخرى هي نقل من الجيبة إلى العب وبالعكس، فلماذا نتعب أنفسنا في وضع موازنات عامة، ونعمل مخصصات للوزارات؟ والقضية ليست قضية محاسبية، بل اقتصادية، فعند المحاسب، الدينار يساوي ديناراً سواء كان بوزارة الشباب أو الزراعة أو الصحة. أما عند الاقتصادي، فالدينار بوزارة الزراعة لا يساوي ديناراً لدى وزارة الشباب. ومضيتُ قائلاً ولا الدينار بيد الساذج كالدينار بيد الحصيف، ولا الدينار المسروق منك يساوي الدينار الذي سقط من جيبك في بئر ماء.

المنطق بسيط وقوي. ومهما كانت الحقائق الاقتصادية بسيطة إلا أنها عميقة ومعقدة. وكثيرون منا يتمتعون بحكمة اقتصادية قائمة على الحدس، وتجارب شخصية وإن كانت لا تتطابق مع المنطق الاقتصادي الرصين.

يجب أن يكون هنالك منصة إعلامية ترد على هكذا اقوال ومواقف وإشاعات فور ظهورها. ويجب أن تقوم أجهزة الإعلام بإنتاج برامج تجيب على أسئلة الناس، وتوسع مداركهم حول الحقائق، وتتكلم معهم بوضوح وثقة. ويكون للقائمين على هذا البرنامج التوعوي مطلق الحرية لقول الحقيقة سواء ساندت الموقف الحكومي أم وجدته مغرقاً في الضلالة، حتى يكسب ثقة الناس.

كثير من الحقائق المتداولة حول مشاريع البنى التحتية وأكلافها، وموازنات الشركات، حجم الفساد وكُلَفِهِ، وأسعار الطاقة، وحجم الرسوم وغيرها بحاجة إلى توضيح وتعليق بشكل منفتح يضع الأرقام أمام الناس، ويفسر معانيها لهم. أما هذا الفلتان في المبالغات، فهو ضارّ بالمجتمع وناخر في أسسه.

Share and Enjoy !

Shares

الطبيب النبيل واستحضار مبادرة أهل الهمة

د. محمد حسين المومني

كان تفاعلاً جميلاً ذلك الذي تضمنته عبارات الثناء والاعجاب بما فعله طبيب الفقراء النبيل رضوان السعد، الذي عالج الفقراء لما يزيد على أربعين عاماً. لنا أن نتخيل حجم الإيثار والطيب وحب العطاء والانسانية الجمة التي تحلى بها الطبيب الراحل. التقدير والإكبار الذي حظي به من قبل الأردنيين لفعله الإنساني يدل على الخير والقيم والاخلاق الكامنة في مجتمعنا الذي فاخر دوما بإنسانيته، وقيمه المجتمعية، من مروءة وشهامة، وإغاثة الملهوف، وإيواء الدخيل، ونصرة المستضعفين، ومساعدة المحتاجين. العارفون بعمق الدين يخبروننا أن هذا هو المعنى الحقيقي أننا “خير أمة أخرجت للناس”؛ لكوننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وفي ذلك تلخيص لكل معاني الأخلاق والشرف والفروسية التي تتحلى بها أمتنا.

لم يشتهر الطبيب السعد إلا بعد أن وافته المنية، فلم ينل حظه من التكريم وهو حي. لكنه حقق مراده بعد مماته، فبعد أن عاش معطاء رحل وغدا قدوةً ومثالا أعلى للكثيرين الذين رأوا في عطائه أسمى مراحل الحياة وأعلاها، مرحلة تحقيق الذات، التي تتجاوز وتأتي بعد كل مراحل النجاح والبناء المادي والمهني بالحياة. كان حقه علينا ان نحتفي به قبل وفاته، وللتعويض عن ذلك لا بد من أن يكرم بأكثر من تسمية شارع باسمه. لنتخيل إجابة الطبيب النبيل إن كنا قد سألناه ماذا تطلب لكي يؤرخ لما قدمته للفقراء من أبناء شعبك؟ حتماً شخص على هذه الدرجة من الانسانية والإيثار لن يطلب أن نسمي شارعا باسمه، والأرجح أنه كان سيطلب إدامة ما بدأه، أو أن يحذو غيره في طريق الخير الذي اختطه ويعالج الفقراء ويخفف آلامهم.

نستحضر هنا مبادرة “أهل الهمة” التي كرّمت وسلطت الضوء على أردنيين قاموا بأعمال استثنائية تطوعية أو ريادية أو خيرية. لماذا لا تتمأسس هذه المبادرة المتميزة، وتصبح حدثاً سنوياً نحتفي به بخمسة أو عشرة أردنيين قدموا لمجتمعهم الخير الوفير الخارج عن المعتاد؟ سيكون لذلك وقعاً طيباً على الناس، وستبث في النفوس روح العطاء الإيجابية، وسيعلم الجميع حجم الخير والفضيلة المختبئ في مجتمعنا. المبادرة وقتها حققت نجاحا منقطع النظير، وأصبحت حدثاً وطنياً متابعاً حقق الكثير من الاهداف السامية، وأعطى المكرمين حقهم، وقدم قدوة للنشء، ودروساً في العطاء والنجاح. نحن بحاجة لهذا النوع من المبادرات التي تبث الإيجابية والإيثار في مجتمعنا، وسط أجواء تعج بالتحديات والسلبيات. بيننا الكثير من الأردنيين الخيرين فواجب علينا أن نعرفهم ونكرمهم ونحتفي بهم.

رحم الله رضوان السعد الذي ترك إرثاً وصيتا عجز عن تقديمه من وصلوا لأرفع المناصب وتقلدوا أعظم المسؤوليات. يكفيه حجم الحب والدعاء الذي حظي به من قبل الآلاف الذين ساعدهم وخفف آلامهم، يكفيه فخراً الجنازة المهيبة التي ودعته بدموع صادقة لا رياء فيها.

Share and Enjoy !

Shares

توقه يكتب: نحن شعب ينسى التاريخ

الدكتور حسين عمر توقه

يبدو أننا في غمرة تهافتنا على الدول الغربية واستنجاد ثوراتنا العربية بكل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وبعد أن أصبحت واشنطن وباريس ولندن مقر انعقاد مؤتمرات المقاومة العربية الحديثة بدءاً برجالات الثورة العراقية وانتهاء برجالات المعارضة الليبية والسورية . أننا قد نسينا بعضا من تاريخ أمتنا وبالذات تاريخ القضية الفلسطينية والأمة العربية لا سيما في بدايات القرن العشرين ويبدو أن أعداء الأمس ومستعمري العالم العربي والإسلامي قد أصبحوا اليوم حلفاء للثورات العربية .

وإنني كأي باحث استراتيجي أريد البحث عن الوسائل التي تنقذ العالم العربي الغارق في الفوضى الخلاقة وفي شتاء الثورات التي لا زالت تشهد نزيف الدم العربي بالمال العربي وتشهد تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفي دول الخليج العربي .

لقد تغنينا في القرن الماضي بحركات التحرر والتخلص من الإستعمار وتغنينا بالقومية والوحدة العربية ولكننا خسرنا كل حروبنا مع إسرائيل بإستثناء ثورة أطفال الحجارة وقد يعارضني أحد الأخوة بأن حزب الله قد صمد في وجه إسرائيل أكثر مما صمدت الدول العربية وأن هذا الصمود هو نصر معنوي وواقعي لأن الخسائر في الجيش الإسرائيلي كانت كبيرة والخسارة الأخلاقية للآلة العسكرية الإسرائيلية أمام العالم كانت أكبر من أي انتصار عسكري .

لقد تغنينا بالتطور العمراني وتحدثنا عن أرقى الفنادق وأعلى الأبراج وأفخم أنواع اليخوت والسيارات والطائرات ولم نذكر أبداً أننا لم نصنع مسماراً أو هاتفا نقالا واحداً . ولم نذكر أبدا أننا أضحينا أسواقا للإستهلاك ولولا رحمة الله بنا أن أعطانا نعمة البترول لكنا جعنا ونهشنا لحم بعضنا بعضا.

أعذروني فأنا أريد أن أذكركم ببعض صفحات التاريخ التي يجب ألا تنتسى وببعض الوثائق والمعاهدات التي لم تسربها ولم تشملها وثائق ويكيلكس لربما نتعلم شيئا منها فهي تحدثنا عن إنشاء دولة إسرائيل وهي تحدثنا عن دور بعض الدول وبالذات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في تحقيق أهداف إسرائيل .

بريطانيا:

بين عامي 1905 لغاية عام 1907 تم عقد مؤتمر يضم كلا من كثيرون من الساسة العرب لم يسمعوا بوثيقة بنرمان التي صدرت عام 1907 والتي تم فيها التخططيط للإستيلاء على العالم العربي الممتد من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي وإبقاء هذا العالم تحت رحمة وسيطرة أوروبا وتم فيه إقرار زرع إسرائيل في قلب فلسطين.

بتاريخ 16 أيار عام 1916 تم التوقيع على اتفاقية سايكس – بيكو بين بريطانيا وفرنسا من أجل تقسيم العالم العربي فيما بينهما.

بتاريخ 2 تشرين الثاني عام 1917 أصدرت بريطانيا وعد بلفور المتضمن إقرار الحكومة البريطانيه بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين .

في عام 1919 تم الإشراف من قبل بريطانيا على وضع المنهج الدراسي العبري في المدارس في فلسطين.

في عام 1920 تم تأسيس اتحاد العمال اليهودي وتأسيس المجلس الوطني اليهودي بالإضافة الى تأسيس منظمة “الهاجاناه” العسكرية.

في عام 1921 تم تأسيس المكتب التنفيذي لأعضاء المنظمة الصهيونية العالمية في فلسطين وما أن تم تعيين السير هيوبرت صامويل حاكماً عاماً لفلسطين بعد أن فرضت بريطانيا الإنتداب والذي أقرته بكل أسف عصبة الأمم بتاريخ 24/7/1922 حتى قامت بريطانيا بالتمهيد لعمليات إجلاء الفلسطينيين وفتح باب الهجرة لليهود وبعد أن كانت الأراضي التي احتلها اليهود عام 1922 تساوي 60 ألف هكتار أصبحت خلال عام 1939 تساوي 55 ألف هكتار وبعد أن كانت نسبة اليهود بتاريخ 24/7/1922 لا تتجاوز 10% من سكان فلسطين أصبحت عام 1939 تساوي 29% وبلغ عدد المهاجرين اليهود في عام 1948 ما يزيد على 452 ألف مهاجر يهودي.

Share and Enjoy !

Shares