الثلاثاء, 4 مارس 2025, 22:03
صحيفة الأمم اليومية الشاملة
حكمة القيادة في مواجهة التحديات: مقاربة سياسية بين صلح الحديبية وقرار التهجير

كتاب واراء

لأنني اشتقت لعمان سأبقى في البيت

جهاد المنسي

في زمن كورونا تتغير الأولويات، وتدخل على حياتنا عادات جديدة لم تكن حاضرة في أوقات سابقة، فكورونا التي قيّدتنا في البيت، جعلتنا نتعرف على أنفسنا من جديد، نتعرف على المكان الذي كنا نسكن إليه، نتعرف على أولادنا وعوائلنا وميولهم وأفكارهم، نعرف كيف يفكرون وكيف يتعاملون مع الأشياء، نعرف زوجاتنا وأمهاتنا وأخواتنا بشكل مختلف، ونعرف أن البيت لم يكن بالنسبة لهنّ مكان راحة فقط، وإنما مكان عمل متواصل، جعلتنا نعرف كم تمكث سيدة البيت في المطبخ لتلبية طلبات الأولاد ونظافة المكان، والتعامل مع حاجيات أخرى كنا نجهلها أو نغض النظر عنها.
نتمنى أن تنتهي الأزمة التي تجتاح العالم قريبا، وأن نخرج للشارع ونرى السيارات، والناس تعمل، ونشاهد العمال في مصانعهم والمطاعم تفتح، والأماكن عاد لها وهج الناس وحضورهم، وصحيح أننا نريد أن نرى عمان وباقي محافظاتنا، وأن نمشي في شوارعها نحتضن أهلها نخبرهم بشوقنا، ولكننا في الوقت عينه نريد أن نخرج للشارع ولعمان وباقي محافظاتنا لكي نحضنها بعد أن نكون قد التزمنا بيوتنا ومارسنا حماية ذاتية على أنفسنا وعلى محيطنا ومنعنا انتشار الوباء، وخلصنا وطننا منه واحتفلنا.
وقت ذاك يمكننا أن نخرج لنتحدث عن الشوق للمكان، فأنا العماني شوقي لوسط البلد كبير، فهذا المكان أعشقه وأشعر انه يعشقني، وأتمتع وأنا أتمشى فيه وكأنني أتحسس أقدام عوالم مرت سابقا، وأخط بقدمي خطوة جديدة لعوالم ستأتي بعد مئات السنين لكي تعبر من المكان ذاته، وتشعر بذات العشق الذي يشدني.
الحق يقال، فالحب لا يمكن أن يخفيه عاشق، اشتقت لعمان كما اشتاق غيري لذات المكان، ولأماكن أخرى، اشتقت لإربد، وأن اصطحب أولادي وزوجتي إليها لنتناول الغداء في أحد مطاعمها، ومنها نمر لأم قيس نسلم على المكان، نلقي التحية على الجولان المحتل وطبريا السليبة، نستذكر معا أنشودتنا الخالدة ونحن نطالع البحيرة فننشد (وجوه غريبة بأرضي السليبة)، اشتقت للكرك وقلعتها، والسلط وشوارعها، ومادبا وأزقتها، وعجلون وهواءها وربضها، وجرش وأعمدتها، والمفرق ومن مر بها، والزرقاء ومن سكنها، والطفيلة وروعتها ومعان وبيوتها والعقبة وبحرها.
اشتقنا والمحب لا يخفي شوقه، اشتقنا لكل محافظاتنا وألويتنا ولكننا في الوقت عينه نشتاق أكثر للأردن الذي نحب، والذي وجب علينا حمايته حتى يبقى هذا الحمى وشعبه بخير، وحتى نخرج معا من تلك الأزمة ونحن أكثر قوة وقناعة أننا يجب أن نكون معا، نؤسس للأردن الذي نريد، ونصنع الحلم الذي كنا نفكر فيه، حلم كنا نتحدث عنه طويلا في المؤتمرات وأوراق العمل، وأن ننتقل بالأردن أنموذجا وطنيا ديمقراطيا يتسع للجميع، أردن يسوده القانون وتعمده الحرية، بحريات وأحزاب ونقابات وبرلمان، أردن قوي لدولة حضارية منتعشة بهمة مواطنيها، أردن نرفض فيه جميعا أن يكون أحد فوق القانون، أردن بلا واسطة أو محسوبية أردن تتعزز فيه قيم المواطنة، وتسوده العدالة، ونجتث فيه الفساد والإفساد.
فدعونا نستفد من العبر الذي يتوجب استخلاصها من أزمة كورونا، ونقتنع أن هذا الوطن يتوجب حمايته، وأنه يمكن أن نخرج من أزمتنا أكثر قوة وقناعة بأننا يتوجب أن نؤسس لدولتنا المدنية التي نريد، دولة تذوب فيها العصبية القبلية ويحضر فيها حب الوطن وفكر الوطن وأن الوطن للجميع، دون استثناء.
وأخيرا يحق لي أن أقول إنني اشتقت لشوارع بلدي لأزمة السيارات فيها، اشتقت للعبدلي والحسين والنظيف واللويبدة والنزهة والتاج والأشرفية والمصدار والشميساني والرابية ووادي السير ومرج الحمام وصويلح وضاحية الرشيد، ولكني سأبقى أسير شوقي حتى نتعافى جميعا ونخرج لنحتفل معا.

Share and Enjoy !

Shares

سؤال المليون في الأردن اليوم

ماجد توبة

سؤال المليون اليوم هو؛ متى سينتهي كابوس الحظر وتوقف الأشغال والأعمال في المملكة؟ وهو سؤال ستجد مثله يتكرر بكل الدول بعد أن وحّد “كورونا” البشرية من حيث لا تحتسب.
قد يبدو الحديث عن خلاص فردي لدولة أو مجتمع ما من أخطار وتداعيات هذا الوباء الكوني أمرا صعبا، فالمعركة كما الوباء عالمية وعابرة للحدود ولا مناص من التعاون والتكاتف دوليا لوقف هذه الجائحة بالرغم مما يعتري هذا التعاون حاليا من خلل في ظل إنكفاء كل دولة على نفسها بمعركتها الخاصة، لكننا نعتقد أنه انكفاء جاء من هول الصدمة الأولى وبدافع من حسابات السياسيين قصيرة النظر، ولا بد من تجاوز ذلك باتجاه عمل جماعي وتعاوني أكبر لتنتصر البشرية بهذه المعركة.
ومع ذلك؛ فإنّ لكل دولة خصوصيتها وظروف معركتها بالاشتباك مع هذا الوباء، لذلك يبدو تخصيص السؤال عن وضعنا في الأردن ممكنا ويفترض به أن يكون قابلا للإجابة ضمن عدة افتراضات واحتمالات يجب أن تنبني على معطيات موضوعية وقابلة للقياس والتحليل.
فمتى يمكن أن ينتهي كابوس الحظر وتوقف الأعمال وأن تعود المدارس والجامعات للحياة في الأردن؟ الثابت أولا أنّ على الجميع أن يوطّن نفسه لمعركة طويلة حتى الانتصار النهائي على هذا الوباء والوصول إلى أدوية ومطاعيم لمكافحة العدوى والمرض أو ضعف وتراجع قوة هذا الفيروس مع الأيام كما يأمل بعض العلماء، لذلك فإنّ المعركة حتى الوصول لتلك المرحلة تستوجب اليقظة وتعزيز إجراءات الوقاية والحد من مصادر العدوى قدر الإمكان.
أردنيا؛ ثمة معطيات عديدة على الأرض تبدو مبشرة في القدرة على محاصرة انتشار الوباء والحد من توسعه، تتجلى في تراجع وانخفاض أعداد الحالات المكتشفة من الإصابات حتى مع التوسع بعمليات الفحص والتقصي الوبائي، وهي نتيجة واضحة للسياسة والإجراءات الحكومية المشددة مبكرا من فرض الحظر الشامل بداية ثم الجزئي على حركة المواطنين والتجمعات وتعطيل المؤسسات والشركات وأيضا بوقف حركة الطيران والسفر وفرض العزل الطبي للقادمين من الخارج.
الاستراتيجية الصحية الأردنية بمكافحة انتشار الوباء ركزت كما في العديد من الدول على محاصرة أهم مصدرين لانتشار العدوى، وهما القادمون من الخارج، خاصة من الدول الموبوءة بالفيروس إضافة للمخالطين للحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها وذلك بالتزامن مع تشديد الإجراءات لمنع الاختلاط الاجتماعي والتجمعات ما أثمر- بحمد الله- انخفاض أعداد الإصابات المحلية وانعزالها في بؤر صغيرة على مستوى العائلة، إذا ما استثنينا طبعا قصة العرس الشهير.
هذا التراجع المطرد بأعداد الإصابات وانحصار تسجيلها في المخالطين الأقربين على مستوى العائلة يبشر بأنّ انتشار العدوى في انحسار، وإذا ما انقضت فترات العزل وقابلية العدوى للحالات المصابة في ظل التزام الناس بالتباعد وأخذ الاحتياطات الوقائية فسنكون- بإذن الله- قريبا أمام مرحلة تجفيف هذا الفيروس محليا إلى حد كبير.
أما حركة الطيران والقادمين إلى المملكة فيفترض بها أن تبقى متوقفة إلى أبعد حد (ربما لما بعد شهر رمضان كما توقع وزير الصحة) حيث أن مصدر العدوى المتبقي والرئيسي هو عبر القادمين من الخارج. وبخصوص الأردنيين في الخارج ممن تقطعت بهم السبل ويرغبون بالعودة فيمكن تنظيم العودة لهم لاحقا ضمن اشتراطات وظروف حجر مشددة تحميهم وأهليهم والمجتمع كله من خطر نشر العدوى مجددا.
ضمن هذه الظروف والمعطيات المتفائلة يمكن أن نتوقع اقتراب رفع الحظر عن الحركة وعودة عجلة العمل والإنتاج والحياة تدريجيا قبل حلول رمضان المبارك نهاية هذا الشهر، وقد تكون هذه العودة للحياة الطبيعية جزئية تطال مناطق ومحافظات قبل غيرها ارتباطا بمدى خلو كل منطقة ومحافظة من العدوى مع امتداد تقليص الحركة بين المحافظات إلى حين اكتمال حلقة السيطرة على انتشار المرض.
كل هذا السيناريو المتفائل يعتمد أساسا على نجاحنا حكومة ومواطنين في الأسبوعين المقبلين في استكمال إجراءات العزل والتقصي والالتزام بعدم الاختلاط الاجتماعي إلى أقصى حد.

Share and Enjoy !

Shares

تصاريح الحظر

د. صبري الربيحات

التجربة الأردنية في إدارة وتطويق الأزمة أراحت الأردنيين وعززت الانتماء وأظهرت البلاد بصورة أجمل في عيون أبنائها والعالم. كما كان مذيع محطة الـ CBS الأميركية وولتر كرونكايت يطل على الأميركين في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ليطمئنهم على سير المعارك مع فيتنام أصبح الأردنيون على موعد مع إطلالة الوزيرين أمجد العضايلة وسعد جابر كل مساء.
إلى جانب الإنجازات العظيمة للدولة وأجهزتها؛ أطلت قضية التصاريح وسوء إدارتها وحصول بعض من لا يستحق على أعداد منها لتربك المشهد وتثير القلق خصوصا بعدما تناقلت الأنباء احتجاز بعض هؤلاء على خلفية ضبط أعداد من التصاريح التي سربت لأشخاص لا علاقة لها بالخدمة العامة ومصالح المواطنين في الظروف التي أوجبت ذلك.
قصة التصاريح تموجت يمينا وشمالا لتطال ناشرين وتجارا ونوابا ووزراء، وتضخمت الأرقام لتتحدث عن آلاف التصاريح التي منحت لتلك الشركة أو ذاك القطاع دون أن تظهر بيانات تفصيلية تبدد الشكوك وتحدد المسؤوليات وتضع حدا للقيل والقال الذي تنامى بمتوالية يصعب فهمها أو رسم حدودها.
المدهش فيما حدث التوقف المفاجئ لسلسلة الأحاديث والاتهامات التي طالت من تحملوا مسؤوليات توزيع أكثر من 150 ألف تصريح، وحصر الحديث عما جرى في وزارة الزراعة بل نشر بيانات تفصيلية عن أرقام قيل إن الوزارة وزعتها على شركات وجهات بعينها دون ظهور الصورة الكلية لما حصل.
التصريحات التي أوردها معالي وزير الزراعة وتطابقت مع ما قاله عدد من النواب ممن وردت أسماؤهم في القصص والروايات المتداولة تنفي صحة الأرقام التي تقول بأن شركة ألبان حمودة حصلت على 4700 تصريح، وأن النائب الفلاني حصل على كذا وكذا. حقيقة الأمر أن مجموع ما حصلت عليه الوزارة من تصريحات للقطاع الزراعي لم يتجاوز 10700 تصريح من أصل 150000- 200000 تصريح جرى توزيعها على مختلف القطاعات الحيوية الضرورية لإدامة الحياة في البلاد. ويعتبر هذا الرقم خمس ما حصل عليه النقل، وقريبا مما حصلت عليه المخابز.
في الأردن والعالم يتفق الجميع على أن المدن لا تنتج غذاءها لذا فهي تعتمد في الحصول عليه على الأرياف والسهول والمناطق الزراعية، الأمر الذي يجعل من مهنة الزراعة عملية ذات سلاسل مترابطة ومتداخلة ومعقدة، وحيث يعتمد الإنتاج على عدد من الأنشطة والعمليات السابقة والملازمة واللاحقة التي تتطلب وجود ما لا يقل عن ربع مليون عامل في المزارع والحقول والمراعي للقيام بأعمال الري والتسميد والقطاف وتغذية الدواجن وجمع البيض والعناية بالأبقار وجمع وتصنيع الألبان والنقل والرعي والتصنيع والتشغيل. خلال الأزمات ومع تنامي القلق الوجودي يتزايد إقبال الناس على المواد الغذائية كرد فعل غريزي لإحساسه بالخوف والقلق الأمر الذي يجعل من توفيرها هدفا أمنيا وصحيا وتعبويا.
إيا كانت الحقيقة والملابسات فإن اللافت خلو المؤتمرات والبيانات الصحفية من المعلومات التي تضع المواطن في صورة ما حدث وتطمئن الناس إلى صحة وسلامة الإجراءات المتخذة حيال قضية التصاريح وما أثير حولها من روايات. فلا أحد يعتقد أن القصة تنتهي عند ما حدث في وزارة الزراعة ودفع بالوزير للاستقالة. حتى اللحظة لا تكفي إشارة رئيس الوزراء العابرة في حديثه على “ستون دقيقة” بأن القطاع الزراعي هو الأوسع انتشارا وتنوعا وتمددا وشكره للوزير المستقيل والإشادة بجهوده.
في الأردن هناك من يعتقد بوجود أخطاء في أماكن ومواقع أخرى شارك فيها أشخاص في مواقع رسمية وإعلامية، ينبغي عدم السكوت عنها احتراما لما قام به الوزير الشحاحدة وتكريسا لأخلاقيات العمل الوطني الجاد الذي يتحمل فيه كل مسؤول مسؤولياته بشجاعة وفروسية دون الاختباء وراء أي حجج وتبريرات ومراوغات لا يحتملها الموقف ولا العلاقة الصحية الآخذة بالتطور بين الدولة والمواطن.

Share and Enjoy !

Shares

لا بد من التضحيات

تيسير محمود العميري

في الوقت الذي تتضاعف فيه تضحيات لاعبي البطولات الألمانية والإسبانية والإيطالية برواتبهم، بهدف تقليل التأثيرات المالية التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد على أنديتهم، الا أن لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز ما يزالون مترددين في السير بذات الطريق، في موقف أثار إستياء شعبيا وأصبح يتخذ منعطفا سياسيا، ما حدا برئيس لجنة العموم للثقافة والإعلام والرياضة جوليان نايت، وصف سلوك اللاعبين بأنه “غير مقبول أخلاقيا”، مطالبا بفرض ضريبة محددة على الاندية التي تضع “موظفيها من غير اللاعبين على البطالة الجزئية مع الاستمرار في دفع أجور لاعبيها” بشكل طبيعي.
ويبدو العالم اليوم وحتى يشاء الله غير ذلك، تحت تأثيرات “فيروس كورونا”، الذي أطبق على حياة البشرية وجعل الناس بمثابة “رهائن” في منازلهم خوفا من التعرض للاصابة او الموت، بعد أن واصل عداد الاصابات والوفيات دورانه بشكل متسارع جعل العالم يعيش كابوسا لم يخطر على بال أحد.
وإذا كان لاعبو الأندية الانجليزية يقاومون اليوم فكرة “التنازل والتضحية” لصالح الأخرين، فإن رابطة الدوري الاسباني لكرة القدم نصحت انديتها، باتخاذ اجراءات تتعلق باعتماد البطالة الجزئية، من اجل تقليص الخسائر الاقتصادية، حيث تسمح قوانين تنظيم العمل في اسبانيا بتقليص ساعات عمل الموظفين، وبالتالي تخفيض اجورهم بالاضافة الى تجميد العمل بالعقود مؤقتا.
وتتوقع رابطة الدوري خسائر قد تصل الى 956 مليون يورو في حال الغاء الدوري المحلي وبطولات اخرى مثل دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ).
اما اذا استكمل الدوري من دون جمهور، فان الربح الضائع سيكون قرابة 303 مليون يورو، في حين يتقلص مع الجمهور الى 156 مليون يورو.
ولا شك أن ثمة جوانب مضيئة في عالم نجوم الرياضة، وتدل على شعور النجوم الاثرياء بحاجة غيرهم من الناس للدعم، حيث تبرّع النجم البرازيلي نيمار بنحو مليون دولار أميركي لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد في بلاده، وسيُسدّد المبلغ جزئيا إلى “يونيسيف” وصندوق تضامن انشأه صديقه المقدم التلفزيوني الشهير لوسيانو هوك.
كما تبرع لاعب برشلونة السابق والمدرب الحالي للسد القطري، تشافي هيرنانديز وزوجته نوريا كونيليرا بمليون يورو لمستشفى (كلينيك دي برشلونة) مثلما فعل نجم البرسا، الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى الحملة التي أطلقها المركز الطبي لجمع الأموال، لمواجهة الأزمة الحالية في ظل نقص المعدات والمستلزمات الطبية .
باختصار.. لا يمكن أن يمضي العالم قدما ويخرج من خسائره البشرية والاقتصادية المأهولة ما لم يكن هناك من تضحية يقدمها الاثرياء لصالح الفقراء.

Share and Enjoy !

Shares

الأردن بعد كورونا ليس كما قبله

ماهر أبو طير

يسأل كثيرون عما سيكون عليه الأردن بعد الخلاص من وباء كورونا، والسؤال إذ يخصص الأردن، بشكل طبيعي، إلا أن الإجابة ترتبط بالوضع في كل العالم؟

بين الناس من لا يريد أن يصدق أن وباء كورونا سيترك ضررا كبيرا على الاقتصاد، من خسارة الملايين لوظائفهم، مرورا بتراجعات أسعار النفط وأثر ذلك على دول العالم، وصولا إلى التغيرات على مستويات حياة الناس والعائلات في كل العالم.

الأردن يتأثر من زاويتين، الأولى وضعه الاقتصادي الداخلي الصعب، ومعاناة كل القطاعات أساسا قبل كورونا، ووجود ديون كبيرة على الدولة والمؤسسات والشركات والأفراد، وتأثر تعطل ماكينة العمل لشهر كامل، يليه شهر آخر هو شهر رمضان، ووجود إشكالات تتعلق بوجود مليون فقير، وتعطل مئات الآلاف من الناس عن العمل والأزمات في سداد الالتزامات والأقساط والقروض والإيجارات وغير ذلك، مما يعني أننا بعد كورونا أمام مرحلة جديدة تماما.

عالميا الكل يتابع ويرى كيفية انهيار البورصات، وأسعار النفط، وتأثر دول عظمى واحتمال انهيار بعضها، واضطرارها لإنفاق المليارات للتعامل مع الوباء، وأثر ذلك على كل القطاعات من السفر والسياحة والزراعة، وغير ذلك.

هذا يعني أن الاقتصاد العالمي في قرية صغيرة هي الكرة الأرضية، يترك أثرا على كل حلقاته، بما فيها الدول الصغيرة، أو التي لها اقتصادات صغيرة، أو مدينة للمؤسسات الدولية، والحكومات والمصارف المحلية.

دون إثارة للسلبيات نحن أمام وضع جديد في كل العالم، والأردن ليس الاستثناء، لكن حجم التأثر قد يكون أقل جزئيا كون الاقتصاد الأردني صغيرا، بكل مشاكله، لكن هناك آثار سنراها على أصعدة مختلفة، في كل القطاعات من البناء إلى التعليم، مرورا بالسياحة والزراعة، وصولا إلى التصدير والاستيراد، وعلى مستوى الأفراد والوظائف في القطاع الخاص، وحتى عودة أردنيين من مغترباتهم، بسبب إلغاء الوظائف، إضافة إلى كل ما يخطر بالبال، من قسط المدرسة، وصولا إلى دفع إيجار الشقة، أو حتى دفع ضمان سيارة الأجرة، أو سداد قسطها.

الحلول المتاحة قليلة، لكن التخلص من الوباء سيؤدي في الحد الأدنى إلى إعادة تحريك الاقتصاد الداخلي، مع الإشارة هنا الى أن الفترة الأولى بعد إعلان خلو الأردن من كورونا سوف تشهد مشاكل عديدة، بسبب تداخل الالتزامات، وتأخيرها، وربما قلة السيولة بيد الناس، لكن الحل الوحيد يبقى تحريك الاقتصاد داخليا، إذا استطاعت الحكومة إيجاد حل لدفعات القروض التي على الخزينة، وتأمين المال لدفع التزامات الخزينة من رواتب وغير ذلك، وسط مطالبات مالية لقطاعات كثيرة.

هذا يعني أن ضرر كورونا أصاب كل العالم، سواء كانت الحالات مرتفعة في بعض الدول، أو منخفضة، او حتى تم الإعلان عن خلو بعض الدول، وهذا يقول للناس جميعا، ان العالم بعد كورونا يختلف تماما عن الفترة التي قبله، والأردن مثله مثل غيره في هذا العالم الذي حلت عليه لعنة العولمة وسرعة التأثر السلبي بغيرنا.

الأمر الأهم هنا أن العائلات في الأردن أمام واقع مختلف، وستكون مضطرة أن تغير أنماط عيشها، وخصوصا تلك العائلات التي تنفق بطريقة معينة، فحتى تمر فترة الضرر الاقتصادي، ستجد كثيرا من العائلات نفسها مجبورة أن تخفض نفقاتها، وأن تجد حلا أمام انخفاض الدخل أو توقفه، خصوصا، في ظل تفشي الاستهلاك والإنفاق والانجذاب لإغراءات الأسواق وكل ما هو جديد، إضافة إلى أننا سنلمس تراجعا في سياسة التورط بمزيد من النفقات من جانب الأفراد على حساب كونها استعراضا اجتماعيا ومن باب المفاخرة، أو حتى كونها مجرد ديون من هنا وهناك.

العائلات الأقل إنفاقا ستواجه ظرفا أصعب، وبحاجة إلى حماية اجتماعية من نوع مختلف، وهي حماية قد يكون مشكوكا في القدرة على توفيرها أمام الوضع العام، إلا بشكل جزئي، وهذا يؤشر على أن ملف الفقر سيخضع لتغيرات، لاعتبارات كثيرة، وقد يزيد من حدته احتمالات غلاء السلع داخل الأردن أو في العالم، بسبب تأثر الزراعة والصناعة بكل أنواعها، وهذا أمر محسوم خصوصا الشهور المقبلة.

العالم أمام وضع اقتصادي جديد، والأردن جزء من هذا العالم، ولا نملك إلا أن نتضرع إلى الله القدير، أن تكون التأثيرات الاقتصادية علينا وعلى غيرنا، محتملة.

Share and Enjoy !

Shares

الجيش العربي عنوان المرحلة

د. حازم قشوع

الجيش العربي، عبارة تحوي مدلولا ومضمونا مغزى ومعنى، تمزج بين أصالة الماضي، وهوية التاريخ، وعمق الجذور، وأصالة المعنى، يحمل برنامجا فكريا ظاهرا من عنوانه، ونهجا موضوعيا يرسم حدوده، ومنطلقا قويما تعبر عنه رسالته، وانطلاقة معلومة المنشأ، ومحددة الأبعاد، عقيدته مقرونة بنسب لوائه، ومساره يعرف من بيرق ناصيته، هو محط رجاء الأمة وعنوان مجدها.

الجيش العربي، يعنى لدى الاردنيين الطمأنينة، ويحظى بقدسية نابعة من محتوى عقيدته، يشكل قاسما مشتركا لدى الجميع كالسبع المثاني التي يزهوا بها علمه، يحظى باحترام الكل الأردني ومودة المجموع الوطني،فإن قال سبق فعله صدق قوله، وإن وعد صدق، وإن اؤتمن أوفى بما اؤتمن عليه، وإن استلم الدفة كان للملك العزة وكان للأردنيين نعم العزوة، فلقد شكل على الدوام عنوان الرجاء وعقدة الأمل وعقيدة المجد.

الجيش العربي، يعرفه العالم بجيش الإنسانية من مقدار شراسته في حماية قيمها وقوة شكيمته في المحافظة على مبادئها، وتعرفه المجتمعات الدولية بالجيش الذي يحقق السلام بالسلم، لذا كان في الوجدان الإنساني حامل رسالة مميزة، ونهج فريد امتاز به دون غيره، فكان ان شكل عند المجتمعات الانسانية مركز الحماية، وصاحب العناية، فشكل حظوة وطنية ومنارة إقليمية ومكانة دولية، فان عهد إليه في الظروف الاستثنائية مكانه شكل بالإنجاز استثنائية منجز.

وها نحن نعيش ظروفا تاريخية، وقد تكون عميقة في طول أمدها، وعمق تأثيرها، فإن العمل الذي قام به الجيش العربي منذ إعلان الحرب ضد كورونا الوباء وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى بنجاح يعد خطوة مهمة على طريق الانتصار، وكما يهيئ الظروف للمرحلة القادمة، حيث تحتاج هذه المرحلة إلى دقة في التعاطي، كونها تستوجب ظروفا معايشة خاصة ومناخات تؤدى إلى إعاشة المجتمع بنمطية خاصة لم يعتد عليها في السابق، وضمن إستراتيجية عمل قد تحمل سمة الردعية هذه المرة، ومسارات ذات احداثيات منضبطة تقوم على تشكيل خطوط الحركة الاحترازية للمجتمع، لكن ضمن وسائل احترازية عصرية ووقائية حداثية، وهذا ما يعول عليه الجميع في تحقيق انتصار ذاتي على وباء بيولوجي بات يفتك بأعتى المجتمعات، لكن ثقتنا بالله راسخة وآمالنا بالجيش العربي معقودة بقيادة المحارب الأول جلالة الملك حفظه الله.

حمى الله الأردن من كل مكروه.

Share and Enjoy !

Shares

الرزاز جابر العضايلة ثالوث الاحترام

قمر النابلسي

ما الذي جمع بين هذه الأسماء خاصة في هذه الأزمة التي يشهدها الوطن والعالم أجمع؟ ما الذي جعل الجميع بدون استثناء المحبيين والحاقدين والذين أشبعونا شعارات رنّانة ,يشهد لهم بأنهم فرسان المرحلة,رجال الأزمات ؟ في بلد تعودنا فيه على الجفاء بين الشعب والحكومة, والاختلاف شبه الدائم في وجهات النظر ,اختلف الأمر تماماً في زمن كورونا ,في وقت هو الأصعب على الاطلاق على البلد وعلى العالم كله,ما الذي جمع بين رئيس الوزراء الرزاز ووزيرين من وزرائه جابر والعضايلة, حتى أستحقوا المحبة وكل هذا الاحترام ؟ هي عدة أمور لم نعهدها , أجتمعت بهذا الثالوث ,وأهمها على الإطلاق أنهم يتعاملون مع المنصب على أنه تكليف وليس تشريفاً ,تواضع ,احترام ,بدون عنجهية وتعالٍ على البشر ,قريبون من الشارع ,إلى حدٍ شعر فيه الجميع أنهم يتكلمون مثلنا ,يتحسسون وجعنا و يشعرون معنا ,في أشد الأوقات يعاملون الناس بالترغيب وليس الترهيب ,جابر الرجل العسكري يقول :لا يوجد في الجيش رجاء ,لكنني أرجوكم من أجل مصلحتكم البقاء في المنازل ,العضايلة في ختام كل مؤتمر صحفي يؤكد: نحن في خدمتكم ونعمل لمصلحتكم ,تشعر بحجم تحملهم للمسؤولية ,كخوف الأب على أبنائه واعتبار أي خطأ أو خطر على صحتهم يتحمل هو مسؤوليته,ينسفون مفهوم السلطة الأبوية,فكلنا شركاء في الوطن ,يُطلعون الشعب بكل صدق وشفافية على المعلومات والمستجدات أولاً بأول,وهذا لم يعنِ أبداً عدم استعمال الحزم مع المستهتر والمخطىء,حتى وإن كان مسؤولاً,والذين كانوا ولله الحمد قلة في مجتمعنا الواعي المنتمي ,يقال أن معادن الرجال تظهر في الأزمات, وهذا ما جمع بين هؤلاء الفرسان,الولاء ,الانتماء ,الاحساس بالمسؤولية,الحزم ,التواضع ,الاحترام,ومحبة الناس ,كذب من قال أن الشعوب لا تدار إلا بالعصا ,في هذه الأزمة تعاملت الحكومة بكفاءة,صدق, ثقة واحترام ,فبادلها الشعب ثقة,محبة ,احتراماً والتزاماً .
حماك الله يا وطني

Share and Enjoy !

Shares

فيديوهات كورونا

د. عدنان الطوباسي

في كل يوم تصلني كما تصلكم العشرات من الفيديوهات التي تثير فينا الدهشة والاعجاب والضحك وتاخذنا الى جماليات الاشياء والفكر المبدع وباننا شعب مبتسم مبتكر قادر على ان ينتج الكثير من المواضيع والامور ويثبت ان الاردن بشعبه المعطاء والاجراءات الحكومية والتعاون المطلق بين الجيش والاجهزة الامنية والحرص على الخروج من الازمة بنجاح وتميز ولذلك فهو حتى في الحجر المنزلي يبدع ويبدع..وبين الفينة والاخرى اتابع انا وزوجتي الغالية فيديوهات كورونا المذهلة وارسل بعضا منها الى الابناء الاحبة حفظهم الله في البعيد ليعيشوا ابداعات الشعب الاردني ليس بالتزامه فحسب وانما بابداعاتة .. فهذا فيديو يظهر اطفال الاردن وهم ينثرون الورود على الجيش فيتوقف قطار الجيش ليحي هؤلاء الاطفال بحب وابتسامة ومحبة..وفيديو اخر لاغنية جميلة ترسل من خلالها الفتيات والشباب الاعجاب لوزير صحتنا المدهش الباشا سعد جابر وهو ينثر الابتسامات ليبث الفرح فينا وفيديو اخر للناطق الرسمي باسم الحكومة معالي امجد العضايلة واغنية تعيدنا الى ليالي الفرح..وفيديو سمعة الذي يودع الناس ويثير في نفوسهم الدهشة بانه مسافر الى البعيد لكنه ذاهب الى فرح في زمن الكورونا..وهناك العشرات من الفيديوهات التي تدخل الى قلوبنا الفرح والامل والسعادة وتزيل ضغوط الحجر المنزلي الذي نرجو ان يزول في اقرب وقت..والله على كل شيء قدير..

Share and Enjoy !

Shares

ماهر أبو طير يكتب: لمن نترك الأردنيين العالقين في الخارج؟!

ماهر أبو طير

يتوقف الطيران من الأردن، وإليه، وهذا حال دول عربية وأجنبية كثيرة، مثلما تتوقف المعابر البرية والبحرية، وكأن العالم يهرب من بعضه بعضا.
فجأة يتحول العالم الى دويلات، كل واحدة خائفة على نفسها وشعبها، والمؤشرات في العالم حول وباء كورونا ليست سهلة، وهي تقول إن المطارات لن تفتح في وقت قريب، والأردن مثلا، حتى لو أعلن خلوه من وباء كورونا، فلن يتخذ قرار فتح المطار والحدود البرية والبحرية مباشرة، لسببين؛ أولهما خوفا من سفر أردنيين الى دول عربية وأجنبية وعودتهم بالعدوى، والاضطرار لحجر أعداد كبيرة فوق قدرة الأردن، وثانيهما أن دولا كثيرة ما تزال حدودها مغلقة، فإلى أين سوف تطير الطائرات، حتى لو فتح الأردن مطاره، ما دامت بقية المطارات مغلقة.
هذا وضع صعب جدا، وكأننا ننتظر خلو العالم كله من كورونا، مما يعني أن قطاعات السفر والطيران والسياحة والتنقل كلها معطلة لفترة طويلة.
على هامش هذا الكلام، تبقى القضية الأكثر حساسية، أي قضية الأردنيين في الخارج؛ آلاف الطلبة في مصر، آلاف الأردنيين في تركيا، وآلاف الأردنيين في دول مختلفة، إما تقطعت بهم السبل، أو يريدون الخروج من تلك الدول بسبب ظروفها الصحية، وإذ يراجعون سفارات الأردن، لا يجدون إجابة، لأن المطارات مغلقة، والأردن ذاته في وضع حساس وحرج، وغير قادر حتى الآن على إرسال رحلات خاصة من أجل إخلاء هؤلاء، ووضعهم في الحجر الصحي لأسبوعين.
عشرات الرسائل والبرقيات والمطالبات تتنزل على عمان الرسمية يوميا، من الأردنيين في العالم، ولا يوجد حتى الآن إجابة، بسبب المخاوف من الوباء.
غير أن هذا الملف يتوجب أن يعالج، ولا يجوز ترك الأردنيين في الخارج لمصيرهم، أو للظروف التي يعيشونها، وبينهم من لا يوجد معه مال، وبينهم أيضا من هو عالق لأنه لم يجد حجزا للعودة الى الأردن قبيل إغلاق المطار، إضافة الى وجود ملفات محددة مثل ملف الطلبة الأردنيين في مصر، الذين على ما يبدو لهم مخاوفهم، ويريدون العودة الى الأردن، وهذا يفرض على الجهات الرسمية عدم تأخير هذا الملف، خصوصا أن إمكانات الحجر الصحي الآن، متاحة، بعد خلو الفنادق، ويمكن ترتيب عمليات الإخلاء بشكل تدريجي، وفقا لأوضاع الدول.
القصة ليست قصة عواطف، لكن هؤلاء ينتسبون الى الأردن، ولا يمكن تركهم في هذه الظروف بذريعة الخوف من الوباء، وكأننا نتركهم لمصيرهم، كما أن الدول قادرة على ترتيب جسور جوية أو رحلات بحرية أو برية في حالات مثل هذه، ووضع ترتيبات مسبقة لضمان عودتهم وعدم التسبب بأي عدوى في حال وجود حالات بينهم.
قدم الأردن خدمات ممتازة صحيا لكل من عاد سابقا، يوم الاثنين، قبيل الحظر الكلي بيوم، وهي خدمات استنزفت الكثير من المال، لكننا أمام وضع مختلف، وربما سابقا كان الأردن يحل مشاكل كثيرة لمواطنيه في الخارج، خصوصا في حالات الإخلاء الطبي، وكان آخرها إعادة الأردنيين من ووهان الصينية.
إذا كانت أعداد الراغبين بالعودة كبيرة، وهناك ترتيبات معقدة، فإن حل هذه المشكلة أمر لا مفر منه، مثلما أن المطالبين بالعودة عليهم أن يعرفوا أيضا أن الدول التي سيغادرونها، قد لا تسمح لهم بالعودة قريبا، حسب تطور الوباء لديها، وهذا يعني أن الأردني المقيم في الخارج، عليه أن يحسب جيدا خطوة العودة الى الأردن، حتى لو كانت متاحة، فيما غير المقيمين في الخارج، وتقطعت بهم السبل، قصة أخرى.
سيخرج من يقول لماذا تسمحون لهم بالعودة وقد يكون بينهم حالات عدوى، وسينقلونها الى الأردن مثلما حدث في كثير من حالات المسافرين؟، والكلام صحيح، لكنه أيضا غير قانوني، ولا أخلاقي، فلا حق لأحد أن يمنع الأردني من العودة الى بلاده نهاية المطاف، خصوصا، اذا تركناهم في دول تفتقر للرعاية الصحية!.

Share and Enjoy !

Shares

القفز من السفينة

ماجد توبة

لن تقف آثار انتشار وباء فيروس كورونا عالميا ومحليا عند الأبعاد الصحية، رغم أن الجبهة الصحية هي اليوم التي تتصدر المشهد وسلم الأولويات في سعي محموم لمحاصرة المرض والحد من انتشاره تجنبا للكوارث الإنسانية التي يمكن أن يتسبب بها.
العمل على هذه الجبهة الصحية ترك وسيترك بلا شك آثارا قاسية وخطيرة على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية في ظل حظر الحركة والتجمعات والأعمال، حيث تزداد حدة الفقر وتتسع شريحته مع انضمام عشرات آلاف العاملين بالمياومة وفي القطاع غير المنظم والمحال والحرف الصغيرة إلى طوابير العاطلين عن العمل وانقطاع دخلهم، وهي مشكلة مرشحة للتفاقم والمزيد من التعقيد كلما طال التعطيل الرسمي والحظر الذي تفرضه سياسة الوقاية من الوباء.
وبالتوازي مع تأثر الشرائح السابقة سلبيا بالظرف المستجد وانقطاع دخولها لا تبدو شرائح واسعة أخرى من العمال والموظفين في القطاع الخاص المنظم بمنأى عن الآثار السلبية المتوقعة لتعطل الإنتاج والعمل بالمؤسسات والشركات أو تقلصه للحدود الدنيا، أي أن الخطر الذي يلوح بالأفق وربما قبل أن تهدأ المدافع على الجبهة الصحية هو خطر معيشي واجتماعي واسع وحاد يطال عشرات آلاف الأسر ويهدد استقرار المجتمع والدولة.
الأداء الرسمي للحكومة وأجهزة الدولة على الجبهة الصحية متقدم ومنتج وبات يثمر نتائج إيجابية على الأرض، محاصرةً للمرض وقدرة على تقديم العلاج المناسب للمرضى وتنفيذا جيدا لسياسات العزل الصحي للحالات المشتبه بها وتنظيما كفؤا للحظر الاجتماعي ومنع التجول الجزئي، أما على الجانب الاقتصادي والاجتماعي فإن المعركة ما تزال في أولها وهي المعركة الأصعب التي لا يمكن تحميل استحقاقاتها للحكومة وأجهزة الدولة فقط، خاصة في دولة محدودة الموارد وتعاني ما تعانيه من تحديات اقتصادية ومالية معروفة.
لا نريد أن نثقل أو نحمل بالحكم على القطاع الخاص، ونتفهم أن هذه الظروف الطارئة قد ألقت أعباء كبيرة عليه بوقف الإنتاج والتعطيل الاضطراري وتوقف التدفقات النقدية على مدى الأسبوعين الماضيين والتي قد تستمر أسبوعين أو شهرا آخر، لكن غير المفهوم ولا المقبول هو تسابق بعض المؤسسات والقطاعات للتلويح بالاستغناء عن عمالها وموظفيها بحجة توقف العمل والإنتاج دون تقدير للآثار المعيشية والاجتماعية والأمنية السلبية التي ستنتج عن ذلك.
التلويح بالاستغناء عن العمال والموظفين بهذه الظروف الطارئة وبعد أسبوعين فقط من توقف الإنتاج والعمل هو تهرب من المسؤولية المجتمعية وقفز من السفينة عند أول موجة تتعرض لها. المجتمعات والدول اليوم هي بأمس الحاجة للتشاركية في الغُنم والغُرم لإنقاذ السفينة أمام ما سببه انتشار هذا الوباء المفاجئ، ولا يمكن أن يكون الخلاص فرديا. لذلك كانت قوانين الدفاع والطوارئ في العالم كله والتي تعني بجانب رئيسي منها أنّ لا مصلحة تعلو على المصلحة العامة والجماعية للمجتمع والدولة في الظروف الطارئة.
الحكومة والدولة مطالبة بدور فاعل وضابط في الجانب الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي وعدم التهاون مع الراغبين بالخلاص الفردي والقفز من السفينة ولديها من الأدوات القانونية والمشروعية الكثير لتؤدي هذا الدور تماما كما تؤدي دورها على الجبهة الصحية.
أما المجتمع نفسه وقطاعاته الأهلية المختلفة وأفراده الميسورون فمطلوب منهم اليوم الكثير أيضا لعبور هذه الأزمة في جانبها الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، خاصة تجاه شريحة الفقراء والعاملين بالقطاعات غير المنظمة والمياومة، وقد أحسنت الحكومة بإنشاء صندوق مستقل للتبرعات لمساعدة هذه الشرائح الهشة وعلينا أن نثق بها كما وثقنا بدورها على الجبهة الصحية لأن من مصلحتها أيضا كما المجتمع عدم تفريخ الأزمة الطارئة لبؤر إنسانية وأمنية قاسية سترتد بأخطارها على الجميع.

Share and Enjoy !

Shares