10.1 C
عمّان
السبت, 1 فبراير 2025, 6:58
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

بين نتنياهو و”قيصر”

ماجد توبة

بين الموقف الداعم حدّ التماهي للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولحكومة نتنياهو اليمينية من قبل الإدارة الأميركية، وبين إصدار هذه الإدارة لقانون “قيصر” الخاص بتشديد الحصار على سورية والدول التي تتعامل معها، تتجلّى بصورة فاقعة الازدواجية الأميركية في التعامل مع الشرعية الدولية والأخلاقية، ويبدو استهتار الدولة العظمى الأولى بالمصالح العربية على أشده ودون أي اكتراث بمن لا يقدرون هم أنفسهم مصالحهم القومية والوطنية.
يتباهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو يوقع قبل أيام ما يسمى بقانون حماية المدنيين في سورية “قيصر”، وهو قانون لا يهدد فقط بمعاقبة ومحاكمة المسؤولين السوريين بدعوى ارتكاب جرائم حرب، بل ويفرض عقوبات مشددة على دول وشركات تتعامل تجاريا مع سورية أو تشارك بإعادة إعمار هذا البلد، متناسيا أن هذه العقوبات لن تطال الحكومة السورية بقدر إضرارها أساسا بالشعب السوري واستقراره ومصالحه، بعد أن دمرت الحرب والصراعات الدولية والإقليمية بلاده، وفاضت شرورها وأضرارها على دول الجوار السوري.
في هذا الوقت الذي تتذرع فيه الإدارة الأميركية بأن قانونها المذكور يأتي للدفاع عن الشعب السوري وتحقيق العدالة له، لا يرف لها جفن وهي تقدم كل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لكيان الاحتلال الإسرائيلي، رغم كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني ورغم مخالفته الفاقعة للشرعية الدولية وللمواثيق الإنسانية، بل وتتبجح هذه الإدارة وهي تقر بكل الاختراقات الإسرائيلية للشرعية الدولية ولكل ما نتج عن الاحتلال من مصادرة غير شرعية للأراضي والحقوق الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تتباكى فيه الإدارة الأميركية كذبا على الشعب السوري وهي توقع قانون “قيصر”، يخرج حليفها المدلل الإرهابي الأول نتنياهو ببرنامجه وخطته للمرحلة المقبلة التي يعد بها الناخبين الإسرائيليين، وفيها يعد واثقا بتحصيله اعترافا أميركيا بسيادة الاحتلال الاسرائيلي على غور الأردن المحتل وعلى كل مستوطنات الضفة الغربية المحتلة. هذا الوعد المتغطرس من نتنياهو لا يبدو حلما أو تمنيا بل يعكس ثقة كبيرة وتلقيه وعودا مؤكدة من ترامب باتخاذ هذه القرارات العدوانية التي تضرب عرض الحائط بالشرعية الدولية وتغلق الباب على كل جهود التسوية السياسية التي ما يزال يتشدق بها ترامب وإدارته.
بل إن السياق الطبيعي لسياسات وقرارات ترامب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تشير إلى أن الإقرار الأميركي بشرعية فرض الاحتلال لسيادته على غور الأردن والمستوطنات بالضفة أمر مفروغ منه وقادم لا محالة، بعد أن اعترفت تلك الإدارة بالقدس الموحدة عاصمة لكيان الاحتلال وبعدم مخالفة المستوطنات للقانون الدولي وبضم الجولان المحتل، وبعد إعلانها حربا شعواء على “الأونروا” وحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.
بعد كل هذه الازدواجية الأميركية المعلنة والفاقعة والاستهتار بالحقوق العربية في القضية المركزية للأمة يبدو الأقسى على النفس ما يبشرنا به نتنياهو في خطته المذكورة وبعد أن يؤكد عزمه الحصول على اعتراف أميركي بشرعية ابتلاعه لكل الضفة الغربية المحتلة، حيث يعد ناخبيه بالنجاح في التطبيع مع دول عربية والوصول الى توقيع اتفاقات “سلام” معها، وذلك بالتوازي مع إقامة تحالف دفاعي تاريخي مع الولايات المتحدة يحافظ على حرية التصرف الإسرائيلية، والتصدي لإيران وحلفائها بشكل حاسم!
ليست الكارثة والبؤس في الانحياز الأميركي الأعمى لكيان الاحتلال ولا في تبجح ترامب ونتنياهو بخطابات النصر على الشعب الفلسطيني والحقوق العربية والشرعية الدولية، بل البؤس والكارثة هو في هذا الواقع العربي المزري، الذي يترافق فيه الحديث عن تصفية قضيته المركزية مع حديث التسويات و”السلام” والتطبيع الواسع مع دول عربية قريبة وبعيدة!

Share and Enjoy !

Shares

الوزيرة حين ترد التهمة عن نفسها

فهد الخيطان

لم تتخلف وسيلة إعلام أردنية عن نشر تصريح حكومي منسوب ضمنا لوزيرة الطاقة هالة زواتي تنفي فيه معلومة هي في الحقيقة بديهية مفادها أن السيدة زواتي لم تكن هي الوزيرة التي وقّعت في زمنها اتفاقية الغاز الإسرائيلي بين شركتي الكهرباء الوطنية ونوبل أنيرجي الأميركية.
وكان واضحا الحرصُ الزائدُ من طرف الجهة الرسمية على ضمان وصول التصريح بهذا الخصوص لوسائل الإعلام كافة في البلاد.
ولم يكتف المصدر الحكومي بتبرئة ساحة الوزيرة من هذه “التهمة الشائنة” بل حرص على ذكر اسم وزيرين في حكومتين متعاقبتين، وضعا توقيعيهما على الاتفاقية.
قيل في التصريح أن صفحات على مواقع تواصل تداولت المعلومة الكاذبة، فجاء الرد عليها مدويا في جميع وسائل الإعلام، ليس لتصحيح معلومة أو تفنيد إشاعة فحسب، إنما تذكير للرأي العام الرافض بشكل واسع لهذه الاتفاقية بأن ثمة وزراء آخرين هم من ارتكبوا هذه “الجريمة” وليس الوزيرة زواتي!
لست بصدد مناقشة الموقف من الاتفاقية، لأنني شخصيا أعارض توقيعها، لكن الكلام هنا عن وزيرة في حكومة خلفت حكوماتٍ سابقة، وجاءت إلى موقعها الوزاري مثلما جاء من سبقوها. فحزبها لم يفز بالانتخابات لنقول إن من حقها إعلان موقفها المبدئي التزاما بسياسة حزبها، ولا هي جاءت من صفوف المعارضة التقليدية. وعندما تولت موقعها وزيرة للطاقة كانت على علم تام بأن هناك اتفاقية لاستيراد الغاز من إسرائيل وستلتزم بتطبيقها في الموعد المقرر، لا بل إن الوزارة في عهدها أشرفت على استكمال البنية التحتية اللازمة لمد أنبوب الغاز، وتجهيز المحطة لاستقباله.
في الذاكرة التي نبشها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة لزواتي ما قبل الوزارة يفهم منها أنها ضد هذه الاتفاقية. حسنا إذا كانت معاليها ضد الاتفاقية من البداية، كان بوسعها أن تعتذر عن المنصب الوزاري، أو تستقيل حين وجدت إصرارا رسميا على إنفاذها.
كان هذا خيارا منصفا، عوضا عن التشهير بزملاء سابقين لها، ومخالفة تقليد دستوري وسياسي أردني تلتزم بموجبه الحكومة الجديدة بما تعهدت أو وقعت عليه سابقتها من اتفاقيات ومعاهدات.
للتذكير فقط؛ في الدول التي تشهد تغييرا جذريا للنظام الحاكم، أول ما يحرص عليه القادة الجدد الخروج للعالم وإعلان التزامهم بالاتفاقيات الموقعة سابقا مع مختلف الدول، فكيف الحال بدولة مستقرة وثابتة مثل الأردن لم يعهد لوزير فيها أن ناكف زميلا سابقا تسلم منه حقيبة وزارية حتى لو ورث منه ملفات شائكة أو سياسات خاطئة.
ليس جديدا موقف الوزيرة هذا، فعند مناقشة الاتفاقية المذكورة تحت قبة البرلمان أعلنت الحكومة براءتها منها، لتمنح بذلك زخما كبيرا للتيار البرلماني والشعبي المعارض لها. لكن كان بمقدورنا أن نقبل هذا التكتيك من الحكومة في حال كان لديها النية فعلا لوأد الاتفاقية، وهو ما لم يحصل بالطبع.
كانت المسؤولية تقتضي من وزيرة الطاقة أن تخرج بتصريح يوضح الخط الزمني لتوقيع الاتفاقية، مع تأكيد على التزام وزارتها بتنفيذها ما دام المشروع في حكم المنتهي والغاز يوشك أن يندفع بالأنبوب صوب الأراضي الأردنية.
ومن المفيد أيضا أن يحسب الوزير وهو في موقع المسؤولية ما سيقال عنه لاحقا، ففي المستقبل سيأتي وزير من بعد زواتي وحين يسأل عن اتفاقية الغاز سيقول إنها وقعت في زمن الوزيرين محمد حامد وإبراهيم سيف ودخلت حيز التنفيذ في زمن الوزيرة هالة زواتي.
عندما يكون المرء في موقع المسؤولية يتعين عليه دائما أن يضع المصلحة العليا للدولة فوق كل اعتبار.

Share and Enjoy !

Shares

كازينو القمار .. والغاز الصهيوني ..!!!

خالد خازر الخريشا

أيام تفصلنا عن انارة منازلنا ، ومساجدنا ، وكنائسنا من الغاز الفلسطيني المسروق من قبل الاحتلال الاسرائيلي الذي وقع اتفاقية مع الاردن لتزويده بالغاز حيث اعلنت شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) عن بدء الضخ التجريبي للغاز المستورد من شركة نوبل انيرجي اعتباراً من العام المقبل 2020 ، هذا الاعلان صدر بعد حلسة نيابية عاصفة خلصت الى اعطاء صفة الاستعجال لاعداد مشروع قانون لالغاء الاتفاقية والسؤال هل سيسعف الوقت اللجنة القانونية النيابية لاعداد مشروع القانون قبل وصول الغاز المسروق الى محطة الخناصري شمال الاردن ؟
في المقابل اتهم النائب عن كتلة الاصلاح المحامي صالح العرموطي شركة الكهرباء الوطنية بتضليل الرأي العام من خلال الخبر الذي نشرته والذي جاء فيه بان الشركة وقعت الاتفاقية مع شركة نوبل انيرجي علماً ان التوقيع مع شركة موجودة في المحيط الاطلسي وغير معروف من هم مالكوها ويملكها ثلاث شركات من ضمنها نوبل انيرجي وتوقيع الاتفاقية مع شركة “ان بي ال ” ، مشيراً الى ان شركة الكهرباء قالت ان هناك ضمانات حيث اكد خلو الاتفاقية من الضمانات والالتزامات في نص الاتفاقية لصالح المشتري “الاردن” بينما اعطت الحكومة الاردنية الضمانات للبائع وكفالة كشرط جزائي .

قالت وزيرة الطاقة هالة زواتي، إن ثمن العودة عن اتفاقية الغاز مع “نوبل إنيرجي” هو 1.5 مليار دولار تدفع مرة واحدة، يعني الشرط الجزائي في العدول عن الاتفاقية ، وأعلنت شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو)، عن بدء الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المستورد من شركة نوبل إنيرجي الأميركية اعتباراً من العام المقبل .
وقالت الشركة في بيان ، إن “بدء الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المستورد من شركة نوبل إنيرجي المقرر مطلع العام المقبل يأتي وفقا لالتزامات مترتبة في الاتفاقية الموقعة عام 2016 بين شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) وشركة نوبل إنيرجي الأميركية”.

كتب الخبير النفطي عامر الشوبكي في صفحته الشخصية على الفيسبوك :
6 مليار دولار سيدفعها الاردن بشكل مباشر لحكومة الاحتلال الصهيوني من اصل 10 مليار قيمة الاتفاقية لشراء غاز مسروق هذا عدا الضرائب التي سيجنيها الاحتلال من شركة نوبل انيرجي ،الشركات الثلاث الشريكة في حقل ليفياثان شركة ديليك وشركة افنير وشركة ريتيو مملوكة بالكامل لحكومة (إسرائيل أو لاسرائيليين ) .
لكن لمصلحة من الشرط الجزائي لشركة نوبل انيرجي الاميركية لإنتاج النفط والغاز، وهي تمتلك حصة 40% في حقل لفيتان البحري، أحد أكبر حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط ويعد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون من بين لوبيات الشركة في واشنطن، تفاقمت خسائرها الفصلية في الربع الأول من عام 2016 لتتجاوز ربع مليار دولار.

أبرمت شركة “نوبل إنيرجي” في مطلع 2014 عقدا مع شركة “البوتاس” العربية لبيع الغاز لمدة 15 عاما ، وفي سبتمبر/أيلول 2016 وقعت شركة الكهرباء الأردنية اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من اسرائيل مع “نوبل إنيرجي” الأميركية المطورة لحوض شرق البحر المتوسط مقابل عشرة مليارات دولار.

وتقضي الاتفاقية بتزويد الشركة الأردنية بـ40 % من حاجتها من الغاز الإسرائيلي من حقل ” لفيتان البحري”، لتوليد الكهرباء على مدى 15 عاما، وتبلغ الكميات التي ستستوردها الشركة بدءا من عام 2019 نحو 225 مليون قدم مكعبة يوميا، وتقدر قيمة العقد بحوالي عشرة مليارات دولار.
وكشفت صحف إسرائيلية في وقت سابق أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان يملك أسهما تتراوح قيمتها بين 550 ألف ومليون دولار في شركة “نوبل إنيرجي” حتى نهاية عام 2013 ، لكنه باعها عام 2015 ، وذكرت المصادر ذاتها أن كيري استخدم ثقله لتمرير صفقة الغاز الإسرائيلي للأردن.

الله أكبر الشرط الجزائي في اتفاقية كازينو القمار كان مليار ونصف المليار دولار ، والشرط الجزائي مع الغاز الصهيوني المسلوب من الاراضي الفلسطينية والذي سيذهب للكيان الصهيوني الغاصب هو ايضا مليار ونصف المليار دولار … لمصلحة من هذه الشروط الجزائية ويبدو ان هناك حيتان على المستوى المحلي والخارجي سيلهطون هذه الشروط الجزائية .. بالله عليكم هل هذه الحكومات نتامل منها الخير والاصلاح والامان .. لا والله !!!!!

Share and Enjoy !

Shares

التحكيم الجيد ميزان النجاح

محمد جميل عبد القادر

التحكيم الجيد هو الضمانة الرئيسة لنجاح وتقدم أي لعبة من الألعاب خاصة اللعبة الشعبية الأولى “كرة القدم”.
خلال زيارتي في الأيام القليلة الماضية للمغرب، وجدت أن 8 من 16 ناديا تشتكي من التحكيم وتتهمه بأنه غير ملتزم بالقانون أو روح القانون، وأن فرقا عدة خسرت مباريات مهمة ومفصلية بسبب سوء التحكيم الذي رافق كل فئات التنافس، رغم وجود تقنية الفيديو “الفار”، لأن استعماله لم يقض على سوء التحكيم أو لنقل ثغراته مع أنه ساعد نوعا ما.
لا تمر جولة واحدة في البطولة الاحترافية إلا وتصاحبها إتهامات واحتجاجات وأيضا بلاغات استنكار، تهاجم التحكيم بضراوة وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد تابعنا مؤخرا أكثر من بطولة إقليمية كدورة الخليج العربي 24 التي أقيمت بقطر وفازت بها مملكة البحرين، وبطولة أبطال الدوري في آسيا وفاز بها فريق الهلال السعودي، وبطولة الكونفدرالية الإفريقية التي فاز بها الزمالك المصري.
كل البطولات المشار إليها أعلاه لامسنا الأخطاء التحكيمية فيها، لكنها لم تؤثر على نتائج مباريات البطولات كثيرا.
إن هناك أخطاء في التحكيم، وهذه الأخطاء طبيعية، لأن الذين يقودون تحكيم المباريات بشر يخطئون ليس فقط بالتحكيم بل في نشاطات أخرى شتى.
المطلوب من الاتحادات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة وعادلة وقانونية لتخفيف هذه الأخطاء، من خلال التوجيه والتوعية وعقد دورات صقل وورش عمل مختلفة وندوات، تعزز من قدرات الحكم وتثقيفه تحكيميا، خاصة بوجود الوسائل الحديثة لتكنولوجيا الاتصال وتعدد القنوات الرياضية التلفزيونية المختصة والتواصل الاجتماعي والاهتمام بالتخصص الذي تحتاجه اللعبة.

Share and Enjoy !

Shares

الصين والإيغور..!

علاء الدين أبو زينة

تثير قضية الإيغور، السكان المسلمين لمقاطعة شينجيانغ (سنجان) الصينية، جدلاً بين المتحاورين ومواطني وسائل التواصل الاجتماعي. البعض يهاجمون الصين بشدّة على ما يصفونه بأن القمع المتطرف لسكان تلك المنطقة. والبعض الآخر يدافعون عن الصين، إما على أساس أن ما يقال عن قمعها لمسلمي شينجيانع دعاية أميركية وغربية، أو على أساس أن سكان المنطقة انفصاليون، وتحت خطر التطرف الإسلاموي بدليل مشاركة بعضهم في القتال مع “داعش” والقاعدة في سورية.
ينطلق المدافعون عن الصين أساساً من إعجاب بما تنجزه تلك الأمة اقتصادياً وعسكرياً، وقدومها القوي لمنافسة أميركا على الهيمنة العالمية. ويكفي أن يقف أحد في وجه الهيمنة الأميركية التي نحن من أبرز ضحاياها حتى يصبح مفضلاً. كما أن الصين لا تتدخل في بلداننا بشكل مباشر ولا تستهدفنا بالقصف والاحتلالات والازدراء. وبالإضافة إلى ذلك، سيفضل ذوو النزعات اليسارية نسخة الصين الشيوعية على الغرب الرأسمالي الإمبريالي.
من المعقول أولاً أن للإعلام الغربي تأثيرا على تكوين الرأي العام لدينا أكثر من الصين. ومن أسباب ذلك عامل اللغة، حيث وصولنا إلى الإنجليزية والفرنسية وبعض اللغات الأوروبية أوثق بما لا يقاس من الصينية. وبذلك تسهل علينا قراءة الإعلام الغربي أو ترجمته، بعكس الصيني. كما أن استهداف الغرب المباشر لمنطقتا يجعلنا هدفاً متعمداً لإعلامه، ويجعل إعلامه مهماً عندنا لنعرف ما يفكرون به لنا.
سوف يعني ذلك سماع رواية أحادية عما يجري حقاً في إقليم الإيغور، في جملة ما نسمع عن الصين في ما يتعلق بالحريات و”دولة المراقبة” وما شابه. وسيكون الناس معذورين في تكوين تصوراتهم عن الصين من الصورة التي يعرضها لنا الإعلام الغربي الذي يصل إلى هناك، بينما يغيب الإعلام الصيني عن تزويدنا برواية مقابلة تتيح توازناً في عملية بناء التصورات.
أياً يكُن، ثمة المئات على الأقل من التحقيقات الاستقصائية والشهادات الفردية التي قدمها صحفيون غربيون ذهبوا إلى شينجيانغ وكتبوا عما شاهدوه. وفي الحقيقة، لم أصادف مادة واحدة كتبها صحفي ذهب إلى تلك المنطقة ونقض فيها الادعاءات السائدة – إما لأن ما يُحكى عن تلك المنطقة حقيقي، أو لأن الإعلام الغربي لا يميل إلى نشر مدائح للصين- ولو أنه احتمال مستبعد في ضوء الحرية النسبية للإعلام هناك. وهناك “يوتيوبات” فردية لأشخاص ذهبوا إلى الإقليم ونقلوا صورة مساجد مغلقة، وأناسا خائفين من التلفظ بكلمات تتعلق بالدين، وأكد بعضهم وجود “مراكز الإصلاح والتأهيل” التي يقال إنها مراكز اعتقال لغسل الأدمغة.
بطبيعة الحال، سوف يعاتبك الصينيون والمتعاطفون إذا تحدثت عن التصورات التي تصلك عن ذلك الإقليم. لكنهم في المقابل لا يفعلون ما يجب ولا يوظفون قدراتهم الإبداعية لترويج رواية مقابلة مقنعة. إنهم لا يقومون، مثلاً، بإطلاق حملة تدعو الزوار والصحفيين من كل أنحاء العالم للقدوم إلى الإقليم والتحدث بحرية مع سكانه، ولا هُم يعملون يهتمون بإعلام الناس في منطقتنا بطريقة تتيح لهم اختيار تصديق إحدى روايتين.
مع قناعة الكثير منا بتفضيل الصين كقوة عالمية تقف في وجه انفراد الولايات المتحدة بالضعفاء – ونحن منهم- فإن أحداً لا يمتلك أطروحة متماسكة لتوضيح موقف الصين في شينجيانغ. ولا تكفي قصة المتطوعين في سورية لوصف الإقليم كله بالتطرف وتبرير استحقاقه للإخضاع بالعنف. وإذا كانت لدى سكان ذلك الإقليم قضية انفصالية مسوّغة، فإننا لا نعرف عن ذلك حقاً. لكنّ كثافة القصف الإعلامي الغربي للصين تخلق انطباعاً بأنه “لا دخان بدون نار”.
عموماً، إذا كان ما يقال لنا عن الدولة البوليسية في الصين وعن الإيغور صحيحة، كما ينقلها لنا الإعلام الغربي – مع عدم إهمال غاياته المعروفة- فإن ذلك لا يجعل الغربيين أنبياء العالم الصالحين. إن الولايات المتحدة نفسها دولة مراقبة تدس أنفها في خصوصية مواطنيها قبل الآخرين. وهي لا تكتفي باضطهاد المسلمين في إقليم تدعي ملكيته، وإنما تستهدفهم بالتدخلات والمؤامرات وتخريب البيوت في كل ركن في العالم. بل إنها تسن القوانين العنصرية لمنع دخولهم أراضيها على رؤوس الأشهاد. ويظهر الاهتمام العام بقصة الصين والإيغور أن الناس لدينا ربما نسوا قصة أميركا المؤسفة والمستمرة مع المسلمين –ربما بسبب اعتياد الألم حد النسيان.

Share and Enjoy !

Shares

حزم جديدة.. وأسئلة عديدة

د. صبري الربيحات

بل اعوام أفاق الأردنيون على ارتفاع ارقام الدين العام دون ان يفهموا الاسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع. الرؤساءالمتعاقبون قدموا كشوفا لنسب الارتفاع في عهد حكوماتهم في محاولة لبيان رشاد قراراتهم ومسوغات اقتراضهم. ايا كانت المبررات فقد أشار آخر ثلاثة رؤساء للحكومات الأردنية إلى خدمة الدين العام وخسائر المصفاة وتعويض شركة الكهرباء كأسباب رئيسة لاستمرار ارتفاع الدين.
للخروج من هذا الوضع نادى الجميع بضرورة التحول إلى سياسة الاعتماد على الذات وتبني برنامج الاصلاحات لمالية الدولة فأقر النواب والاعيان قانون الضريبة الجديد واعلنت الحكومة عن سياسات طموحة لترشيد وضبط النفقات ووعد الرئيس ببرنامج للتكافل الاجتماعي يضمن حصول المواطن على خدمات نوعية مقابل الضرائب والرسوم التي يدفعها.
اليوم وبعد مرور عام على إقرار قانون الضريبة واعلان الدولة عن تبنيها لسياسة الاعتماد على الذات ومع تدفق المنح والمساعدات السعودية والالمانية والاوروبية والاميركية والاماراتية يأتي التصريح بارتفاع الدين العام ليصل بمجمله إلى اكثر من 30 مليارا بعد ان كان 28 مليارا في العام الماضي.
ارتفاع حجم الدين العام واستمرار الاقتراض بالرغم من الاصلاحات التي ارهقت جيب المواطن وادخلت اقتصاده في حالة من الركود امور لا يمكن ان تغطي عليها اخبار الاصلاحات ولا جاذبية الحزم والاجراءات التي تقول الحكومة بأنها ستنجزها. معظم ما ورد في الحزم الحكومية بنسخها الاربع اجراءات وممارسات حكومية ادخلت عليها تعديلات طفيفة فالنقل مشكلة تاريخية والتعليم يعاني من مشكلات لا تزينها اوصاف الاحتياجات واعداد المدارس الجديدة والحديث عن الدمج الذي لم يتحقق، كذلك الصحة والاسكان وكل قطاعات الانتاج واجراءات الادارة. على اهمية ما تقوم به الحكومة فإن الاصلاح لا ولن يتحقق ما لم يستند إلى رؤية شاملة وادراك واضح للتداخل والتشابك بين القطاعات.
من يستمع للتصريحات التي يدلي بها الوزراء هذه الايام يشعر بالحيرة والارتباك. وزير التربية والتعليم يتحدث عن كلف التعليم ويعقد المقارنة بين طلاب المدارس الصغيرة حيث ترتفع كلف الطالب لتصل إلى 1380 دينارا مقابل ثلث هذا المبلغ لطلبة المدارس الكبرى. لا افهم دواعي ومسوغات استخراج واعلان هذا الرقم واذا ما كان مقدمة لإغلاق بعض المدارس التي طالما تفاخرنا بأننا أسسناها لتوفير التعليم للأردني اينما كان. في الوقت الذي يعقد فيه معاليه المقارنة بين مدارس المدن والتجمعات السكنية الصغيرة يبدي استعداد الأردن ووزارته لتقديم خدمات التدريب للمعلمين العراقيين.
ومثلما فعل وزير التربية صرحت وزيرة الطاقة بوجود شرط جزائي على الخزينة في حال تم الغاء اتفاقية الغاز من قبل الجانب الأردني. الناس يتساءلون ببراءة حول مدى الحاجة إلى مثل هذا الغاز في بلد تقول وزيرة الطاقه انه يملك فائضا من الكهرباء ومستعد لتزويد الجوار فأي سياسات تلك واي ارتباك يدفع ببلد إلى استيراد ما لا تحتاج فيصبح عبئا لا تعرف كيف تقوم بتصريفه.
في باب تقديم الخدمات الاساسية للمواطن يستغرب الناس حديث الوزراء عن الكلف فالجميع يعرف ان لكل نشاط وجهد كلفة كما يعرف المواطن انه يدفع ومع اشراقة كل شمس صباح اموالا طائلة على هيئة رسوم وجمارك وضرائب وفروق اسعار وغيرها وبمستويات تفوق ما يدفعه اي مواطن في بلد آخر.
سيل الارقام والحزم واخبار المديونية والتضارب بين الاقوال والاجراءات امور تحير المتابع وتستدعي المراجعة لوضعها في سياق يفهمه الناس فمن غير المعقول ان ترتفع المديونية بعد كل هذا الاصلاح ونأتي بالغاز الاسرائيلي في الوقت الذي نبدي استعدادنا لتصدير الطاقة لجيراننا…في المشهد العام قضايا تحتاج إلى تفسير واسئلة تحتاج إلى اجابات.

Share and Enjoy !

Shares

الملك .. جيل الشباب جيل الأحزاب

د .حازم قشوع

بطريقة سياسية قريبة من اسلوب الشباب في التحدث وتنم عن مدى قرب جلالة الملك من اسرته الاردنية الواحدة، جاء لقاء جلالة الملك مع طلبة جامعة اليرموك، حيث حث جلالته ابناءه الطلبة على الانخراط في اطار التشكيلات المدنية الديموقراطية بحث تمكن الحياة السياسية الحزبية وتعزز مناخات المشاركة في صناديق الاقتراع باعتبارها الوسيلة الامثل بالتغيير السلمي لاسيما وان المجتمع الاردني على ابواب الدخول الى مشهد انتخابي من مهم المشاركة فية وعبره من اجل الاردن ومن اجل الارتقاء بالنهج الديموقراطي التعددي الحزبي.

فالمجتمع الاردني بات بحاجة الى تجذير النهج الديموقراطي التعددي الذي به يستطيع ان يجسد ما ذهب اليه جلالة الملك في رؤاه في الاوراق الملكية عندما اوضح الأهداف التي تنشدها الرؤية الملكية من اجل تشكيل حكومات برلمانية حزبية، وبما يجعل المجتمع الاردني قادرا على اعادة تشكيل (بيت العبدلي) الى المكانة القادرة على ترجمة ذلك، على اعتباره يشكل دستوريا بيت القرار.

الامر الذي يتطلب ايجاد كتل نيابية حزبية قادرة على الارتقاء في العمل الجماعي الكتلوي في مجلس النواب من جهة وعاملة على دعم العمل المؤسسي الحزبي وبعث حركة النهوض الديموقراطي من جهة اخرى مما يفضي الى تأطير الحراك الشعبي والتطلعات العامة ضمن اطار ذلك العمل البرلماني السياسي القادر على تجسيد التطلعات الشعبية وتشكيل حكومات برلمانية حزبية.

وهي الجملة السياسية التي تلخص تطلعات حركة الاصلاح السياسي المنشودة رسميا وشعبيا، والتي من المفيد ان تكون حاضرة على طاولة صناع القرار عند تعديل الادوات القانونية او تغيير الوسائل الرافعة، كونها تشكل ذلك المنطلق القويم الذى لابد من الانطلاق منه للوصول عليه من خلال ضبط مسارات الاطر وتحديد تجاهات البوصلة في كل مرحلة من مراحل تراكم الانجاز التي عليها تتكئ استراتيجية عمل الدولة الاردنية وذلك بهدف الوصول بها الى مبتغاه المنشود.

فان عملية الفك والتركيب على قاعدة مقتضيات المشهد العام لن تحقق انجازا يمكن البناء عليه حتى لو حققت فائدة آنية، لكونها تتعامل مع المشهد ضمن قواعده البسيطة وليس ضمن محتواه العميق الذي قد يوصلنا الى تطلعاتنا، فلا بد من تعميق المسار بأناة، عبر استثمار عامل الوقت حتى يقودنا ذلك الى مبتغانا بسلاسة، والا فقد لا يكون امامنا ترف الوقت ويكون لا خيار لنا سوى الغوص للنجاة من التداعيات الاقليمية التي كان يمكن إنجازها باعتبارها تعد احد التطلعات الشعبية ومرتكز الرؤية الملكية للاصلاح، هذا لان في حينها لن تفيدنا فنون السباحة حتى لو كنا نتقن فن العوم، فان الوقت ليس دائما حليفنا مع متغيرات الزمن المتسارعة في ارض كروية ثابتها جاء نتيجة السرعة التي لا تدركها الابصار لكن تعلمها علم اليقين البصيرة، وهي القراءة التي يمكن استنباطها من وحي حديث جلالة الملك الاستدراكي مع ابنائه الطلبة.

Share and Enjoy !

Shares

مستقبل العالم الجديد.. كتاب جديد لغورباتشوف..

عوض الصقر

عوض الصقر

عادة يلجأ المسؤولون في مختلف دول العالم بعد تنحيهم عن السلطة أو إحالتهم على المعاش إلى كتابة مذكراتهم بأسلوب لا يخلو من التضخيم والمبالغات والحديث عن أمجاد ومواقف بطولية ربما لم يكونوا مارسونها أثناء فترة وجودهم في السلطة ومواقع صنع القرار.
ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو ما قرأته في وسائل الإعلام العالمية أن آخر رئيس للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف أصدر كتابا جديدا مؤخرا بعنوان «مستقبل العالم الشامل» أشار فيه إلى أن السياسة العالمية تتجه نحو منحى غاية في الخطورة وأن النشاطات العسكرية العالمية في الوقت الحاضر تحمل سمات حرب كونية بالفعل.. كما أكد أن تحقيق السلام هو الشرط الأساسي لضبط ايقاع المشاكل العالمية، مثل أزمة البيئة والارهاب الدولي والهجرات القسرية واللجوء وكل التحديات الاخرى التي يتركز عليها اهتمام مختلف الدول والمنظمات الدولية.
 وربما يعلم الجميع أن الاتحاد السوفيتي تفكك في عهد غورباتشوف وتحول الى ست عشرة جمهورية مستقلة، وهو صاحب نظرية الغلاسنوست والبيريسترويكا وتعني الاولى الانفتاح والشفافية في المؤسسات العامة وحرية الحصول على المعلومات فيما تعني البيريسترويكا  إعادة الهيكلة الاقتصادية ضمن برنامج الإصلاحات الاقتصادية الشاملة المنشودة.
وتشير المعلومات إلى أنه تم إشهار الكتاب بمناسبة الذكرى الثلاثين لانهيار جدار برلين في أواخر العام 1989 وانفتاح اوروبا الشرقية على اوروبا الغربية، وهو ما اعتبره المحللون الاوروبيون تهديدا لأسواق العمل وللنسيج الاجتماعي في اوروبا الغربية.
ويشار أن الاتحاد السوفيتي تأسّس في العام 1922م، في أعقاب الثورة البلشفية التي اندلعت في العام 1917 وهو وليد اتحاد عدة دول، هي: (روسيا، وأوكرانيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأوزباكستان، وتركمانستان، وفيرغيزستان، وطاجيكستان، ولاتفيا، وليتوانيا، واستونيا، وملدوفا، وروسيا البيضاء، وأرمينيا).
كان تفكك الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991، وهو إشارة لانتهاء الوجود القانوني لدولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية، وعقب ذلك التاريخ أصدر مجلس السوفييت الأعلى إعلان الاعتراف باستقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة، وإنشاء رابطة الدول المستقلة لتحل محل الاتحاد السوفيتي.
وقبيل ذلك التاريخ وجه غورباتشوف خطابا الى شعوب الاتحاد السوفيتي أعلن فيه أنه تم الغاء مكتب رئيس اتحاد الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية وتسليم كافة سلطاته الدستورية بما فيها السلطة على الأسلحة النووية الروسية وشيفرة استخدامها، إلى الرئيس الروسي بوريس يلتسن، وكما هو معلوم فإن روسيا كانت الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي.
على الصعيد الدولي شكل تفكك الاتحاد السوفيتي نهاية الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو ونهاية حالة التوتر والجاهزية العسكرية والتأهب للحرب بين حلف شمال الأطلسي الناتو الذي يمثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبين وحلف وارسو الذي كان يمثل دول الكتلة الشرقية وبالتالي انتهاء حالة العداء المستحكم منذ عقود بين الكتلتين.
وبعد التفكك شكلت الدول الوليدة الناشئة تحالفات من نوع معين بينها مثل المجموعة الاقتصادية الأوروآسيوية والدولة الاتحادية بين روسيا وبيلاروسيا  والاتحاد الجمركي الأوراسي والمجموعة الاقتصادية الأوروآسيوية لتعزيز التعاون الإقتصادي والأمني. في الوقت الذي تحاول فيه بعض دول الاتحاد السوفيتي السابقة الإنضمام إلى حلف شمال الاطلسي  لتعزيز استقلالها العسكري والإقتصادي عن روسيا.
وأخيرا أقول، إن شخصية غورباتشوف تمثل الكثير من الشخصيات على مستوى العالم ممن كان لهم صولات وجولات خلال فترة وجودهم في السلطة وبعد أن غادروا مواقعهم، قسرا أو طواعية، بدأوا بكتابة مذكراتهم بشيء من المبالغة وتهويل المواقف والحديث عن المثاليات والأخلاقيات التي لم يكونوا يمارسونها أثناء فترة وجودهم في الحكم، فهل من معتبر؟؟؟.

Share and Enjoy !

Shares

المشهد يتكرر .. شوارعنا ترسب في أول اختبارات فصل الشتاء

رئيس التحرير :خالد خازر الخريشا

في الشتاء .. الكوارث تتكرر والمسؤولين .. لا يتعلمون من الدروس

رئيس التحرر

خالد خازر الخريشا

تجود السماء بالمطر فيسعد الناس مستبشرين بما قد يحمله معه من مواسم الخير لكنهم يصطدمون بالسيول التي تشكلها هذه الأمطار دون أن تجد طريقها إلى مصارف مطرية تستوعبها وعندما تجد بعضها على قيد الحياة نكتشف أن الأوساخ والردميات قد خنقتها لتصبح عاطلة عن العمل .
ما أن تسقط نعمة السماء على الأرض حتى تتبدى عيوب الواقع الخدمي في كافة مناطق المملكة دون استثناء ، وكأن الشوارع في الاردن صممت لفصل الصيف فقط حيث تتكرر المشاهد التي لا تسر الخاطر بدءاً من تحوّل الشوارع في معظم المدن إلى برك وبحيرات ومستنقعات تربك حركة المشاة والآليات معاً مع انسداد المناهل المطرية ومناهل شبكات الصرف الصحي وإن وجدت في بعض المواقع فهي لا تعمل … حفر ومطبات كثيرة تشكل مصيدة للمركبات التي لايمكن أن تكشف نتيجة غمرها بمياه الأمطار ، هذا الى جانب تشكل الاختناقات المرورية خاصة عندما تتعطل الاشارات المرورية بفعل الرياح او الامطار في حينها تضيع الطاسة حتى يأتي احد المخلصين المتأخرين من رجال المرور، أما بالنسبة للأرصفة فحدث ولا حرج فهي تمثل وبالاً بالنسبة للمواطنين في فصل الشتاء فهم إن هربوا من المياه وسط الشوارع فإنهم يجدونها تحت أقدامهم تخرج من أطراف البلاط .‏‏

‏‏ في كل شتوية تكشفت الأمطار عيوب الطرق و شبكات تصريف المياه، وتغرق بعض الشوارع سواء في العاصمة عمان او في المحافظات الاخرى كل هذا الإرباك يأتي في ظل إعلان الجهات ذات العلاقة ” وضع الخطط الأزمة لاستقبال فصل الشتاء بجاهزيه عالية”، والاعلان من خطة شاملة لاستقبال فصل الشتاء تضمنت تنظيف مناهل وخطوط تصريف مياه الأمطار، ومداخل ومخارج عبارات التصريف، والقنوات المكشوفة بالتنسيق مع مديريات المناطق ،علاوة على فتح مجاري السيول والأودية الطبيعية، الا ان الأمطار التي تهطل في كل مرة علينا تجعل الامانة وعدد من البلديات تعيد الحسابات لخططها حيث تُحمل أمانة عمان والبلديات المواطن وشركات الإنشاءات مسؤولية التجمعات المائية التي قد تحصل في الشوارع مع كل فصل شتاء ، اما شركة مياهنا فتحمل ايضا المواطن سبب الفيضانات بأنه يربط مزاريب العمارات على شبكات التصريف الصحي ، فالجهات الفنية بالدولة مجتمعه غير مسؤولة وليست مقصرة والتهمة جاهزة للمواطن .
أظهرت فيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي غرق شوارع بمنطقة الدوار السابع في العاصمة عمان، وذلك بعد هطول الأمطار لساعات معدودة
كما انهار جدار استنادي ليل الخميس الجمعة على احد المنازل، في منطقة الحنو التابعة لأم الدنانير والواقعة في عين الباشا، وذلك جراء تجمع مياه الأمطار في الشارع ضعيف البنية ، أصحاب المنازل القريبة من الجدار قالوا ، أنهم خاطبوا بلدية عين الباشا عدة مرات وعلى مدى أشهر لإعادة تأهيل الشارع، مشيرين الى أن مياه الأمطار تتجمع داخل جسم الشارع وتتسرب داخله وتستقر بمحاذاة الجدران الإستنادية التي أقامها أصحاب المنازل قبل تنفيذ الشارع السكان أشاروا الى أن الجدران الإستنادية باتت تشكل خطرا على المنازل ومستخدمي الشارع بسبب انهيار بنية الشارع، متهمين البلدية بعدم الإهتمام بالموضوع الى أن انهار أحد الجدران الإستنادية ليل الخميس الجمعة .
في المقابل تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومشاهد تظهر غرق بعض الطرق في مناطق بالرصيفة وشهدت بعض شوارع الرصيفة ارتفاعاً
في اكثر من منطقة خاصة بركة التوحيد التي تحتاج الى قوارب لمرورها والقريبة من احياء العامرية وحي الحسين مما يثبت الاهمال وعدم المبالاه من قبل المسؤولين .

وتحمل الاخبار العاجلة انهيار لشارع بالسلط واضرار تصيب السيارات ، كذلك محافظ اربد بقرر اغلاق طريق وادي الغفر في اربد بسبب ارتفاع منسوب المياه علماً بان هذا الشارع جرى صيانته قبل شهرين من خلال رصد 70 ألف دينار وفشل في الامتحان مع اول شتوة .
كشف الدفاع المدني انه تم التعامل مع (179) حالة مداهمة مياه لمنازل في محافظات الشمال والوسط وتأمين 23 شخصاً ونقلهم إلى مناطق آمنة؛ نتيجة ارتفاع منسوب المياه أو عدم القدرة على الاستمرار في المسير ، ونتيجة الرياح الشديدة تم التعامل مع بعض حالات تطاير للأجسام المتحركة مثل ألواح الزينكو واللوحات الاعلانية كما تم التعامل مع انهيار لبعض الجدران الاستنادية نتيجة تجمع مياه الأمطار حيث بلغ عددها (11) جدار استنادي في محافظة العاصمة وعجلون واربد والزرقاء ، والسؤال من يرخص الجدران الاستنادية اين الامانة واين البلديات واين نقابة المهندسين لان المأساة تتكرر.
المنخفضات الجوية بالاردن وإن ما تحدثه من أضرار وإرباكات يمكن تحملها واستيعابها باعتبارها لا تدوم أكثر من ساعة أو ساعتين، تنتهي بعدها المسؤوليات، إلى أن تتكرر بذات الحجم مع كل زخة مطر طوال فصل الشتاء ، أمين أسبق لعمان قال في مناسبة، إن عمان مدينة صيفية، وليست معدة من أجل الشتاء، وإنه لا فائدة من إعدادها له، طالما أن الشعب يستطيع تحمل هطول زخات المطر كلما فاضت الشوارع أو غرقت مناطق لساعة أو ساعتين ، يا سامعين الصوت التاريخ يعيد نفسه .. شوارعنا ترسب في أول اختبارات فصل الشتاء ..!!!

Share and Enjoy !

Shares

هموم صغيرة

د.عاصم منصور

تجربة فريدة تلك التي يمنحنا إياها مركز الحسين للسرطان، بالاستماع إلى بعض المصابين والمتعافين من مرض السرطان وهم يروون قصصهم من خلال مختلف القنوات الإعلامية والاجتماعية، والتي اختار أصحابها طوعاً وبشجاعة يحسدون عليها مشاركتنا تفاصيل رحلتهم مع مرض ما يزال البعض يخاف من مجرد ذكر اسمه.
هذه التجربة أتاحت لنا فرصة نادرة لرصد النفس البشرية في مختلف حالاتها، في ضعفها وقوتها، يأسها وأملها، استسلامها وتشبثها بالحياة، لكنها في نهاية المطاف النفس المطمئنة لقضاء الله، الراضية بحكمه، وفي الوقت نفسه الآخذة بالأسباب المادية.
هذه العناصر المعقدة والمتناقضة في تكوين النفس البشرية، تؤدي الى انتصار الإنسان في معركته مع الشدائد، ذلك النصر الذي وصفه توماس مان بهذه الكلمات “إن الصمود للقدر وملاقاة الشدائد بالابتسام، شيء يعلو على معنى الصبر”.
لا يمكن للمرء إلا أن يقف مشدوها عند الاستماع لأناس من أعمار مختلفة، وخلفيات متباينة، يروون معاناتهم خلال رحلتهم مع مرض صعب المراس كثيراً ما ننسبه للمجهول “ذاك المرض” مخافة ذكر اسمه.
أطفال في عمر الزهور، وآخرون في ريعان الشباب، ورجال ونساء من أعمار مختلفة، خاضوا المعركة حتى حافة الانهيار، لكن إيمانهم وعزيمتهم، والدعم الذي يتلقونه ممن حولهم، كل ذلك أمدهم بالوقود اللازم للاستمرار في هذه المعركة الشرسة، والإصرار على المضي قدما في رحلة غير مضمونة العواقب.
لا يملك المرء، عند الاطلاع على هذه التجارب، إلا أن يراجع نفسه وأن يشعر بالخجل من بعض الهموم التي تنغص عليه حياته وتسبب له الكآبة، هذه الهموم التي تقتات على أرواحنا وتستنزف أعصابنا وتسد علينا الأفق حتى أصبحنا نرى الدنيا من خلالها لتسرق منا لحظات السعادة التي نحن في أمس الحاجة إليها في زمن تقلصت فيه مساحات الفرح. لكن هل تستحق هذه الهموم الصغيرة الحيز الذي تستحوذ عليه في حياتنا؟ وما قيمة هذه المنغصات أمام ما يعانيه المرضى من آلام جسدية ونفسية وروحية؟
ما قيمة هذه الهموم أمام طفل حرم من اللعب مع أقرانه أو من مرافقتهم الى المدرسة لسبب لا يمكن لعقله الطفولي أن يستوعبه أو أمام فتاة في مقتبل العمر، وقفت ذات صباح أمام المرآة فلم تجد شعرا تمشطه، ما قيمتها أمام امرأة فقدت عضوا من جسمها طالما ارتبط في وجدانها بأنوثتها، أو أمام مريض يكابد الحمى ينتظر فجراً يخشى ألا ينبلج؟
هذه القصص ومثيلاتها تشكل فرصة حقيقية لنا جميعا لمراجعة النفس وتصحيح الكثير من الأمور التي نتعامل معها كمسلمات، فهي بمثابة جلسات للعلاج النفسي، ترينا تفاهة همومنا الصغيرة التي تستنزف طاقاتنا وأوقاتنا فتأخذ من حياتنا أكثر مما تستحق.

Share and Enjoy !

Shares