14.1 C
عمّان
السبت, 1 فبراير 2025, 16:01
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

عن الملكية الأردنية والزمن الجميل

د.عدنان الطوباسي

أول رحلاتي مع الملكية الأردنية كانت ذات يوم من أيام شباط في أوائل الثمانينات من القرن الماضي … يومها كنت في بداية حياتي في الاعلام الرياضي وطلب مني المرحوم نظمي السعيد أن أرافق منتخبنا الوطني لكرة القدم كإعلامي رياضي في رحلة إلى العراق الشقيق.. وكان المنتخب العراقي في أوج استعداده لدورة الخليج وقد لعبنا مباراتين على ستاد الشعب في بغداد وخسرناهما بنتائج ثقيلة…

وسافرت مع الملكية عدة سفرات، وخلال الأسبوع الماضي عدت من واشنطن إلى روما فعمان.. وكنت محظوظاً أن أصعد عبر ثلاثة خطوط جوية: الفرنسية والإيطالية والملكية.. كانت رحلة الملكية من روما إلى عمان.. احسست بالفرح في مطار روما بأنني عائد مع خطوطنا الجوية…

ولابد أن أشكر الخطوط الجوية الملكية في هذه الرحلة التي كانت يوم الجمعة الماضي حيث كان موعد الاقلاع ثابتاً..
وكراسي الطائرة مريحة، والطاقم ممتاز، ولاحظت أن هذا العدد من الطاقم أقل مما كنت الاحظه سابقاً، والأكل رائع، وجو الطائرة مريح، لكن لا توجد شاشات أمام مقاعد الطائرة، فقالوا لنا أن هواتفكم الخلوية هي الحل من خلال تطبيق معين، وعندما سألتهم اين أماكن شحن الهواتف.. فقالوا أن ذلك غير متوفر.. طبعا إذا أردت أن تشاهد فلماً لمدة ساعتين فأن الهاتف بحاجة إلى شحن، فكيف إذا كان الهاتف غير مشحون.. هذه ملاحظة أتمنى أن يتم حلها مستقبلاً…

مع تمنياتي للملكية وطواقمها النجاح والتوفيق المستمر..

Share and Enjoy !

Shares

متى حزمة تخفيض ضريبة المبيعات؟

محمد سويدان

تعلن اليوم الحكومة عن الحزمة التنفيذية الرابعة من برنامجها الاقتصادي، الذي يهدف ويسعى، بحسبها إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم.
وكانت الحكومة أعلنت عن ثلاث حزم في أوقات سابقة، لم تجد صدى ايجابيا كبيرا لدى القطاعات المستهدفة، ولم تؤد فعليا إلى تحسين أوضاع المعيشة للمواطنين، وهذا ما أظهرته ردود الفعل التي تم رصدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال التصريحات الصحفية لممثلي بعض القطاعات الاقتصادية.
وما تزال الشكوى من ضعف القدرة الشرائية للمواطن، وانخفاض الرواتب وعدم قدرتها على تلبية المتطلبات الأساسية للمواطنين، وازدياد الحاجة والفقر وقلة فرص العمل، السمة البارزة قبل وبعد اعلان الحزم لشكوى المواطنين.
إذن، نحن اليوم سنعرف ماهية الحزمة الرابعة والتي بحسب ما تم نشره تتضمن العديد من الإجراءات والقرارات في قطاعات الخدمات، لاسيما الصحة والتعليم والنقل، وهي ستعمل، وفق الحكومة على تحسين معيشة المواطن والخدمات المقدمة له.
والخشية كل الخشية، ألا تساهم هذه الحزمة الجديدة، بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وألا تلامس همومهم الكبيرة في التعليم والصحة والنقل.
فبحسب الكثيرين، فإن غالبية الحزم التي تم الاعلان عنها، هدفها بالدرجة الأولى تلطيف وتحسين النظرة الشعبية للحكومة، وزيادة رصيدها، من خلال الايحاء بتقديم حزم غايتها المواطن وتحسين أوضاعه، ويدللون على ذلك، بأن غالبية المواطنين ما يزالون حتى اللحظة لم يلمسوا الآثار الايجابية لهذه الحزم.. كما أن العديد من القطاعات الاقتصادية لم تتحسن أوضاعها، وهذا ما تظهره بين فينة وأخرى تصريحات ممثلين عنها.
ولكن، وبحسب اعتقاد الكثير من المواطنين والمراقبين والمختصين والنشطاء فإن بإمكان الحكومة تحقيق العديد من الاهداف الايجابية، وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية، لو قامت بتخفيض الضرائب القائمة، وخصوصا ضريبة المبيعات التي هناك دعوة واسعة لإلغائها، بدلا من تخفيضها.
الحكومة وعدت بعدم فرض ضرائب جديدة، ومع ذلك هناك الكثير لا يصدقون هذا الوعد، ويعتقدون أن الحكومة في النهاية سترضخ لصندوق النقد وستفرض ضرائب جديدة ولكن بطريقة ذكية وغير مباشرة.
وبهذا السياق، فإنهم يضربون مثلا على عدم وفاء الحكومة بوعودها، الوعد الذي قطعته على نفسها بتخفيض ضريبة المبيعات على العديد من السلع الأساسية، فقد مضت الأيام وما يزال المواطنون بانتظار الوفاء بتطبيق هذا الوعد.
تخفيض ضريبة المبيعات، أو إلغاؤها على عدد كبير من السلع الأساسية سيساهم بدرجة كبيرة وملموسة بتحسين الأوضاع المعيشية لغالبية المواطنين، وخصوصا من الفئات متوسطة ومحدودة الدخل والفقراء.
فإلغاء ضريبة المبيعات، سيعزز من القدرة الشرائية للمواطنين، وسيمكنهم من توفير التزاماتهم المعيشية على الاقل في حدها الأدنى.. فهل تفعلها الحكومة، وتكون الحزمة الخامسة تخفيضا بشكل كبير أو الغاء ضريبة المبيعات؟ عندها سيكون الفرق جليا ولا يمكن إخفاء آثاره الايجابية.

Share and Enjoy !

Shares

مش شغلك..

د. صبري الربيحات

الفضول ظاهرة يشترك فيها الانسان مع غيره من الكائنات الأخرى. في العديد من المجتمعات البشرية استطاعت الثقافة وقواعد السلوك أن ترسما حدود ما هو مقبول او مرفوض في العلاقات التي تنشأ بين الافراد والجماعات في المواقف والاوساط المختلفة فأصبح غالبية الناس يعرفون ما يمكن ان يقال او لا يقال او ما يعتبر مقبولا او خارجا عن دائرة المسموح في التواصل والتفاعل والسؤال بين الاشخاص في المناسبات والاوساط المختلفة.
مع كل الجهود التي بذلت في هذا المجال فليس مستغربا ان تسمع في بعض المناسبات واللقاءات طلبا من احد المشاركين لآخر بلغة حادة وغير حيادية بالتوقف عن الغوص في خصوصيات الغير. عبارات “خلص” او “بكفي” او “بعدين معك” بعض من ومضات الانذار المبكر التي يجري استخدامها لتنبيه المتحدث ودعوته لوقف الاسترسال في الاسئلة او الاحاديث التي قد تتجاوز الحدود المعقولة للتفاعل الذي تسمح به المناسبة او الحدث.
لا أعرف عدد المرات التي سمعت فيها التعبير الذي يستخدم للنهي بقول “مش شغلك” فقد سمعته صغيرا وكبيرا في القرية والمدرسة وفي الحياة العامة. في بلادنا يحاول الناس السؤال عن كل شيء والتدخل في حياة وشؤون الغير دون دعوة او استئذان ومراعاة لشعور الآخرين او احترام لخصوصياتهم. غالبية الناس لا يعرفون الحدود الفاصلة بين ما هو عام وخاص وبين ما هو شخصي وجمعي وبين ما يمكن ان يقال او لا يقال . البعض يصادفك ويطرح عليك سيلا من الاسئلة قد يذهب بعضها الى اكثر الجوانب خصوصية وقد ينتظر منك اجابات علنية عن كل ما يسأل ويغضب اذا ما تأخرت او ترددت في الاجابة.
الأردنيون يسألون بعضهم بطيبة وبساطة عن احوالهم المادية واوضاعهم الاسرية وعن التزامهم بالعبادات وعادات النوم وأوجه الانفاق والعلاقات مع الاقارب وقد يسألونك عن الصحة والمرض والعلاقات الزوجية وعدد الابناء وغيرها من التفاصيل التي لا تعني شخصا قلما تقابله او قد تراه للمرة الأولى في حياتك.
في كثير من الاوساط يوجد افراد ينشغلون بجمع البيانات عن الناس ويتابعون تفاصيل حياتهم لمستويات تحاصر الاشخاص وتقلق راحتهم.التشابك والترابط في العلاقات يشجع البعض على جمع معلومات عن الغير لاستخدامها في التواصل والتفاعل الذي قد يستمر لساعات طويلة على امتداد الفضاءين العام والخاص. بعكس المجتمعات الغربية, في ثقافتنا يطغى اهتمام الناس بتصرفات وخصوصيات الغير وعاداتهم وتفاعلاتهم على اهتمامات الناس بالاماكن او الافكار والاشياء.
في الوقت الذي يهتم فيه الافراد بخصوصيات غيرهم من المعارف والاصدقاء يتجاهل معظم الأردنيين حقهم في الانخراط بالشأن العام. بالنسبة للكثير من الرجال والنساء والشباب لا تزال قضايا الحكم والادارة العامة ونوعية الخدمات والمشكلات الاجتماعية والضرائب والاجور واسعار السلع وفساد العاملين في القطاع العام موضوعات عابرة لا تستحوذ على اهتمام غالبية الناس ولا يعرفون الكثير عنها.
بالرغم من تأكيد الدستور على ان الشعب هو مصدر السلطات ومع تسجيل الاردن لنسب عالية في الاقتراع الا ان الناخب الاردني لا يهتم كثيرا في البرامج التي يطرحها المرشح ولا يكترث المرشح لتقديم نفسه كمرشح برامج يعرف بالقوانين ويهتم بالشأن العام ويملك القدرة على المدافعة والرقابة والتأثير بقدر ما يهتم بإرضاء أهواء الناخبين واظهار انه معني بمشاركتهم للافراح والاتراح فالعلاقات الشخصية هي الاهم في حسم خيارات الناخب.
إدراك النواب لحقيقة اهتمام الناخب بما هو شخصي اكثر مما هو عام دفع ببعض النواب الى تجنب مناقشة القضايا العامة مع قواعدهم واستثمار الاتصالات التي قد تتم بالاطمئنان على اوضاعهم ومواساتهم ومشاركتهم الافراح والمناسبات. عبارة “مش شغلك” تعبر عن واقع العلاقة بين المواطنين والشأن العام.

Share and Enjoy !

Shares

البلديات … ومن سيربح الملايين ؟؟؟

خالد خازر الخريشا

جلالة الملك عبدالله الثاني أطلق 3 جوائز شملت جائزة لانظف بلدية بقيمة 6 مليون دينار ، وجائزة الابداع والتمييز لأهم مشروع تنموي يوفر فرص عمل وقيمتها 5.5 مليون دينار ، وكذلك جائزة تنطلق مطلع العام المقبل وتقدم للبلدية ذات أسرع وأنجح مشروع يخلق فرص عمل لأبناء المجتمعات المحلية .
قال مدير بنك تنمية المدن والقرى في برنامج الاحد الاقتصادي التي تبثه قناة المملكة ، إن 10 بلديات تعاني من صعوبات مالية من أصل 100 بلدية موجودة في محافظات المملكة .
ما زالت أغلب بلديات المملكة الكبرى ترزح منذ عقود تحت وطأة تحديات ثقيلة تتشابه الى حد كبير وتتكرر في كل بلدية، ما أحال العديد منها إلى عاجزة عن التعامل مع مهامها الأصلية، وتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية، التي من المفترض ان تساهم في تطوير خدماتها والنهوض بواقعها المتردي .
ويعد ارتفاع حجم الديون والرواتب وزيادة اعداد الموظفين الذي يفوق حجم الطاقة الاستيعابية الموجودة فعلى سبيل المثال والحصر بلدية الزرقاء يعمل بها أكثر من4700 موظف مماجعل الكم الهائل للموظفين يستنزف كامل الايرادات يعني الرواتب ودفع بدل الضمان ويبقى للخدمات جزء بسيط لا يلبي طموح المواطنين دافعين الضرائب، وازدياد اعداد السكان بشكل كبير بسبب الهجرات القسرية من دول المنطقة، من ابرز التحديات التي تواجه موازنات البلديات، في المحافظات وتستأثر على حصة الاسد منها، وسط ضعف التحصيلات والمداخيل، وتراجع حركة العمران والتجارة .
ولعل ابرز تجليات العجز البلدي في المحافظات، يتبدى في تهالك الآليات وتراجع كبير في اوضاع النظافة لدى الكثير من البلديات، بالاضافة الى تردي اوضاع الطرق وبعض الشوارع في المدن الرئيسية لا ترتقي الى مستوى الطرق الزراعية، و كذلك غياب الانارة عنها ودائما البلديات بالطليعه بخصوص المخالفات والتجاوزات التي يوردها تقرير ديوان المحاسبة .

في احد المؤتمرات الصحفية صرح مصدر مسؤول في هيئة مكافحة الفساد
ان البلديات تتصدر مشهد الفساد بنسبة 44% بواقع 182 ملفا تحقيقيا، وقضايا تضمنت اخلالا بواجبات الوظيفة و قضايا صنفت قضايا عدم اعلان عن منافع تؤدي الى تضارب مصالح وقضايا تضمنت تزويرا او تلاعبا في البيانات ادى الى مكاسب ، وتابع ان 21 قضية اهدار اموال عامة و21 قضية استغلال سلطة وردت في تقرير ديوان المحاسبة وتم التحقيق بها، مضيفاً ان 46 ملفا تحقيقيا احيلت للمدعي العام، و331 قضية قررت الهيئة حفظها واغلاقها ومن اغرب قضايا الفساد في البلديات قيام احدى البلديات بشراء أشجار نخيل للزينة بقيمة مليون و ٢٢ ألف دينار كما وقامت بشراء مياه لسقايتها بقيمة ٧٢ ألف و ٢١٢ دينار .

كشف تقرير متخصص عن ارتفاع نسبة الأجور والعلاوات من إجمالي نفقات البلديات خلال الفترة 2016-2018 لتصل لنحو 55.4 %، مما أثر سلبا على قدرة تلك البلديات بتقديم الخدمات الرأسمالية التي تعود بالمنفعة على المستوى المعيشي والصحي والاجتماعي للمواطنين في مختلف مناطق المملكة
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل أظهر تقرير الأداء المالي لبلديات المملكة كافة خلال الأعوام 2016 و2018، أن نحو 150.3 مليون دينار التي أنفقت لتلك الغايات، أرهقت الموازنات واستنزفت إيرادات البلديات، لتصبح غير قادرة على إقامة مشاريع تنموية أو خدمية تلبي احتياجاتها وتجذب استثمارات جديدة لها، علما بأن قانون البلديات وضع سقفا محددا لهذا البند بحيث لا يتجاوز الـ40 % من حجم موازناتها .
وبين التقرير، الصادر عن بنك تنمية المدن والقرى والبنك الدولي، ، أن ارتفاع المديونية المترتبة على البلديات قيد قدرتها على رسم السياسات المالية والتنموية وبالتالي زيادة مشكلتي الفقر والبطالة فيها .
لذلك، قامت الحكومة بتسديد جزء من مديونية بعض البلديات، مما أدى إلى انخفاض نسبة إجمالي القروض إلى الإيرادات في العام 2018 إلى 18.2 % مقارنة مع 32.7 % و35.8 % في عامي 2016 و2017 على التوالي .
وأشار التقرير إلى أن بلديات المملكة حققت خلال عامي 2016 و2017 عجزا مقداره 25.82 و18.8 مليون دينار على التوالي، نتيجة زيادة النفقات العامة مقابل إيراداتها وساهمت الزيادة في الرواتب والأجور والعلاوات والزيادة بالمصاريف الإدارية والعمومية بالنسبة الأكبر في المصاريف على حساب النفقات الرأسمالية الخدمية .
بعد كل هذه التحديات والارهاصات والمخالفات والتجاوزات لا نعرف الى من ستذهب جائزة من سيربح الملايين ؟؟؟

Share and Enjoy !

Shares

إنفلونزا الخنازير.. مبالغة رسمية تضاعف القلق

فهد الخيطان

كان لنا مثل سائر الشعوب تجارب سابقة مع مرض إنفلونزا الخنازير والطيور عندما ظهرت في عديد من الدول،لا بل كنا طرفا فاعلا في حالة الهلع التي سادت العالم بعد انتشار مرض جنون البقر قبل عقدين من الزمن.
لكن ذاكرتنا وخبرتنا مع الإنفلونزا تحديدا لم تسعفنا في ضبط ردود أفعالنا هذا الشتاء، بعد تسجيل مئات الاصابات في أوساط المواطنين، فسادت حالة من الهلع والقلق،وتوافد المئات من المواطنين على أقسام الطوارئ في المستشفيات لمجرد الشعور بأعراض نزلة البرد، بينما في وقت سابق كان معظمنا يكتفي بالعلاج الطبيعي في المنزل أو بمراجعة الصيدلية للحصول على أدوية متعارف عليها للتعامل مع أعراض الانفلونزا.
إشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي عن وفيات وإصابات بالجملة، خلقت إرباكا شديدا في أوساط المواطنين،ورغم تأكيدات وزارة الصحة بأن الحالات المسجلة لا تتعدى المعدلات الطبيعية،وبأن الوفيات مرتبطة بحالات مرضية مزمنة وخطيرة،إلا أن ذلك لم يخفف من حدة القلق.
وقد يكون للتغطية الإعلامية المفرطة دور في زيادة منسوب القلق.فحرص المسؤولين في القطاع الصحي على إعطاء تصريحات يومية متوالية، وأحيانا اكثر من تصريح في اليوم الواحد،إلى جانب الإحصائيات مستمرة لعدد الإصابات المسجلة، خلق حالة من الاستنفار العام.
في كل موسم تسجل آلاف الاصابات بمرض الإنفلونزا،لكن لم يسبق لوزارة الصحة أن أصدرت إحصائية يومية أو حتى شهرية بعدد الإصابات.
القصد أن النوايا الحسنة من وراء سلوك وزارة الصحة وحرصها الأكيد على التعامل بشفافية وطمأنة المواطنين بدأ يأتي بنتائج عكسية.
عدد الوفيات على سبيل المثال بلغ سبعة، لكن الإعلان اليومي عن ارتفاع العدد، ترك الانطباع بأنها تجاوزت السبعين. ثمة أمراض وحوادث تقتل يوميا اكثر من هذا العدد، ولا نكاد نبالي كمواطنين بإحصائيات وفيات حوادث السير مثلا أو الوفيات جراء حوادث حريق المنازل التي تلتهم أطفالا صغارا في معظم الأحيان.
في دول العالم الأكثر تقدما منا، تقتل الإنفلونزا سنويا أعدادا كبيرة تعد بالآلاف، خاصة في أوساط المسنيين والمصابين بأمراض نقص المناعة،لكننا بالرغم من ذلك لا نشهد هذا القدر من التغطية الإعلامية الجارفة ولا الهلع في صفوف الناس.
أول من أمس أصدر وزير الصحة توجيهاته لمديري الصحة في المحافظات بإصدار بيانات يومية حول عدد الاصابات المسجلة.هذا يعني إصدار 12 تصريحا صحفيا في اليوم الواحد، يجري تناقلها آلاف المرات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فيخيل لملايين المتابعين أننا أمام كارثة صحية تضرب البلاد والعباد،وهو أمر يدفع بالمواطنين إلى التدفق بأعداد كبيرة على المستشفيات والمراكز الصحية،مما يزيد من معاناتها من الاكتظاظ، ويضاعف الضغوط على كوادرها الطبية،ويؤثر على قدرتها على تقديم الرعاية الصحية لمن يحتاجها فعلا.
إذا كان مرض إنفلونزا الخنازير كما تؤكد وزارة الصحة لا يشكل خطرا على صحة المواطنين وعلاجه متوفر في الصيدليات،لا بل يمكن الاكتفاء بالطبابة المنزلية للتعامل معه، فلماذا إذا حالة الاستنفار هذه؟

Share and Enjoy !

Shares

الإصلاح ومعارك “الفضاء”

ماجد توبة

تماما كما هي ظاهرة عالمية باتت مواقع التواصل الاجتماعي للمجتمع الأردني، بما توفره من حرية شبه مطلقة في النشر والتداول والتعبير، صانعة للرأي العام وموجهة للاهتمام والنقاش المجتمعي وإحدى أدوات التأثير المهمة في المجال العام. إلا أن الفخ الذي نقع فيه في الحالة الأردنية كما في حالات المجتمعات النامية والتي تغيب فيها الديمقراطية وتتغول فيها السلطة وتضرب فيها أدوات المجتمع المدني، هو في أن هذا الفضاء الإلكتروني وحراكه المستمر يصبح بديلا عن الأدوات المدنية الأساسية على الأرض التي يفترض بها قيادة الحراك المجتمعي وتنظيمه وتأطير خطابه وبرنامجه.
هذا الغياب أو التغييب للأطر المدنية المفترض بها قيادة التحول والحراك المجتمعي، من أحزاب ونقابات ومنظمات شبابية وطلابية وقطاعية وإعلام وحتى مؤسسة برلمانية وهو تغييب يتعلق بحضور الدور وقوة التأثير لا الوجود الشكلي والضعيف، لم يكن ناتجا عن التضخم والحضور الطاغي لمواقع التواصل الإلكترونية والثورة الشاملة التي شهدتها، بل هو غياب سابق أو مواز لكن لأسباب أخرى أعمق كثيرا من منافسة القادم الجديد، والذي اكتفى بملء الفراغ الذي وفره ذلك الغياب ولكنه بلا شك لم يكن قادرا ولن يكون بإمكانه سد الحاجة الحقيقية والأساسية لتلك الأطر المدنية لإنجاز التحولات المجتمعية المطلوبة.
لا يستطيع أحد التقليل من أهمية مواقع التواصل الإجتماعي والتفاعل الشعبي الواسع عبر المنصات التي توفرها، ولا من قدرتها على التأثير والتغيير والترشيد في القرار الرسمي وقدرتها على التحشيد والرقابة على الأداء العام، لكنها بطبيعتها وديناميكيات النشر والتفاعل فيها وحسب التجارب الملموسة لا يمكن أن تشكل الأداة الطليعية والمتقدمة للحراك المجتمعي المنتج وإن كانت قادرة على المساهمة فيه، بل إن الاكتفاء بها بديلا عن دور الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والنخب الثقافية والفكرية في تفاصيل المجتمع ذاته قد يقلبها إلى سلاح خطير قادر على إطلاق الفوضى والاستقطابات والانتحار الذاتي وضياع بوصلة الحشود وتضليلها حتى ضد مصالحها.
والمشكلة أن الحماسة وحجم التضليل الذاتي قد يدفع البعض وأحيانا الكثيرين إلى الاعتقاد بأن ما توفره مواقع التواصل الاجتماعي من مساحات حرة ومفتوحة يمكن أن تسد عن الحاجة لأدوات بناء الديمقراطية على أرض الواقع بحجة ضعف الأخيرة أو تماهيها مع السلطة والوضع الفاسد القائم، وهذا اعتقاد خاطئ بل وقد يكون مطلوبا من قبل السلطة التي طورت من أدواتها للتعامل الناجع مع القادم الجديد وعرفت مفاتيح التأثير فيه وأصول لعبته، بالرغم من تكرار شكواها -أي السلطة- من هذا العالم الافتراضي وما ينشر عبره، لكنها شكوى المتمكن والقادر على الاستفادة حتى من الشكوى لفرض سيطرته على رياح التغيير وتوجيهها حيث يريد.
المعركة الرئيسة في التغيير والإصلاح تكمن هناك، على جبهة أدوات بناء الديمقراطية على الأرض، من نقابات وأحزاب ومجالس نيابية وإعلام ومؤسسات مجتمع مدني وحركات طلابية وشبابية، لذلك كان القصف والهجوم الأساسي والمركز والمثابر باتجاه تلك الأدوات، عبر تشريعات وسياسات وقرارات فوقية وعبر اختراقات واحتواءات لا تعد ولا تحصى، والنتيجة اليوم ماثلة على الأرض، تجريف وتصحير شبه شامل للحياة السياسية ونزع للدسم من الأحزاب والنقابات والبرلمان وكل العناوين المجتمعية الفاعلة لصالح تضخم السلطة وأذرعها ونخبها الزائفة.
لن تكون مواقع التواصل الاجتماعي وما توفره من سقوف وحريات شبه مطلقة، على كل أهميتها وضرورتها، بقادرة على إخراج المجتمع من الحلقة المفرغة التي يدور فيها، ولن تكون بديلة عن النضال المجتمعي الحقيقي لاستعادة وبناء الحياة الحزبية والنقابية والنيابية السليمة والفاعلة، ففي لب هذا النضال يكمن الإصلاح والتقدم والتنمية للدولة والمجتمع.

Share and Enjoy !

Shares

الدمج الإستراتيجي

يعقوب ناصر الدين

للوهلة الأولى ستبدو توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة بالسير الفوري لدمج المديرية العامة للدرك ، والمديرية العامة للدفاع المدني ضمن مديرية الأمن العام، بأنها مجرد ترتيبات لتوحيد ثلاث مؤسسات أمنية، من أجل تعميق التنسيق الأمني المحترف، وتحسين الخدمات المقدمة، والتوفير على الموازنة العامة .
ما هو أبعد من ذلك من الناحية الإستراتيجية يتعلق بتعزيز قواعد أمن الدولة وقوتها في تعميق كيانها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وربما يكمن التحدي الحقيقي هنا في الكيفية التي ستتم بها عملية الدمج، ليس من الناحيتين التشريعية والإدارية وحسب، وإنما من خلال القدرة على استخدام عناصر التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية في عملية الدمج لتحقيق مبدأ الكفاءة الذي أكد عليه جلالة الملك في رسالته إلى رئيس الوزراء بهذا الشأن .
منذ عدة سنوات يتبنى الأردن مشروعا للإصلاح الشامل ، وقطاع الأمن واحد من القطاعات التي يشملها الإصلاح، بمعنى التطوير والتحديث وحسن الأداء ، ودائما هناك ما هو جيد، وما هو أكثر جودة، بالإمكان الوصول إليه عبر عمليات إعادة الهندسة أو الهيكلة، أو الحوكمة وضمان الجودة، وغير ذلك مما تعرفه مؤسساتنا الأمنية وتعمل عليه بكفاءة واقتدار، والآن لديها فرصة مناسبة، لتجعل من عملية الدمج منطلقا لإقامة كيان أمني جديد، يعزز من قدرات الدولة على تجاوز أزمتها الاقتصادية، ويثبت قوتها في التعامل مع الأزمات الإقليمية المحيطة بها.
مفهوم إصلاح القطاع الأمني ظهر في تسعينيات القرن الماضي في دول أوروبا الشرقية، وذلك النموذج لا يعنينا من قريب أو بعيد، لكن الفكرة تقوم أساسا على تحسين مستوى توفير خدمات الأمان والعدل الفعالة والقوية ، وتوسيع مفهوم الأمن ليشمل المؤسسات جميعها، بما ينعكس إيجابيا على المواطنين، وهو ما يفسر استهلال جلالة الملك رسالته بالإشارة إلى تواصله مع أبناء وبنات شعبه الغالي، وتلمسه لاحتياجاتهم وحرصه اللامتناهي والدائم على تحقيق الأفضل لهم فتلك إشارة واضحة للغاية الأسمى من دمج المؤسسات الأمنية وغيرها من المؤسسات.
عملية الدمج بين مؤسسات أمنية تعمل وفق أرقى المعايير الأمنية الدولية سهلة وممكنة وضرورية، لكن إضافة البعد الإستراتيجي إليها سيجعلها خطوة نوعية بامتياز.

Share and Enjoy !

Shares

خبراء ألمان لحل أزمة المرور بعمان

خالد خازر الخريشا


 
الاسبوع الماضي أعلن وزير الداخلية سلامة حماد عن وجود توجه لدى الحكومة للاستعانة بخبراء ألمان لحل الأزمة المرورية التي تعاني منها العاصمة  .
مشكلة أزمة المرور في عمان والزرقاء وأربد أضحت مشكلة مؤرقة .. في الدول المتقدمة تكون الازمة في شوارع معينة فقط و في اوقات معينة … في عمان والمدن الكبرى كل شوارعها ازمة و في كل الاوقات … حتى اوقات الفجر وبعض المعلقين على ازمة السير يقول لابد من بناء طابق ثاني في عمان .. حى نحل الازمة في الشوارع وللاسف ما زالت الحلول جبائية من خلال المخالفات ولا يوجد حلول فنية وهندسية وتنظيمية ومرورية ونفس الازمة موجودة في شوارع الزرقاء واربد حيث هناك غياب لاقسام المرور في البلديات وهذه الاقسام تنشط في زرع قارمات ممنوع الوقوف والتوقف والكمرات فقط وللوهلة الاولى يبين الهاجس جبائي بامتياز وغاب الهاجس التنظيمي والمروري عن المشهد .
 
تشهد شوارع العاصمة عمان بشكل يومي وملفت أزمة مرورية خانقة تشكل قلقاً لكل مواطن يقود سيارته متوجه إلى مكان عمله، واضاعة جزء من وقته اليومي يصل في بعض الاوقات الى ساعات طويلة، ناهيك عن زيادة مصروف المحروقات والضغط النفسي ، وشد الأعصاب وتوبيخ صاحب العمل جراء تأخر الموظفين عن اوقات دوامهم ، وزيادة في نسبة حوادث السير اليومية .
ويرى مواطنون ان السبب وراء الازمات المرورية التي تشهدها عمان هو التضخم والكثافة السكانية فيها وانحصار الخدمات العامة كافة من مستشفيات ودوائر حكومية ووزارات داخلها إضافة الى الخدمات الحياتية التي تستقطب الجميع للعيش فيها تاركين بذلك باقي مناطق ومحافظات المملكة وأشار مواطنون أن الازمات المرورية ايضا تؤثر وبشكل كبير على وسائل النقل العامة التي تستغرق وقتا كبيرا في نقل الركاب وتقوم بتحويل خط سيرها لتجنب الازمات مما يعيق المواطنيين من الوصول الى اماكن عملهم ومنازلهم وفق المفروض
 
 
 
قدر تقرير سابق لمجموعة اكسفورد للأعمال، تكلفة الوقت الضائع والمحروقات على المواطنين بأزمة المرور اليومية في العاصمة عمان بنحو 1.4 مليار دولار سنويا

وأوضح التقرير أن النمو المضطرد للسكان والذي يقدر بنحو 7 ملايين نسمة فيما تشير توقعات دائرة الاحصاءات العامة الى وصوله لنحو 8.5 مليون نسمة بحلول العام 2025 سيضع ضغوطا متزايدة على البنية التحتية للنقل في الأردن على خلفية التوسع الحضري السريع
ولفت التقرير إلى أنه ومع تطور المراكز الحضرية في الأردن، تأمل الحكومة في أن تلعب مشاريع حافلات التردد السريع دورا في التخفيف والحد من الازدحام، والحد من التكاليف وتسهيل التنقل على المواطنين بين المحافظات

وأشار التقرير الى التحديات الحضرية التي تواجهها العاصمة عمان، والتي يقع على رأسها الاختناقات المرورية، خاصة داخل وحول المدن الكبرى في البلاد. ووفقا لتصريحات سابقة لمدير تنفيذي في أمانة عمان الكبرى  « يفقد السائقون الكثير من الأموال على استهلاك الوقود عندما تتقطع بهم السبل اثناء القيادة» و حسب بعض التقديرات، تكلف الاختناقات المرورية 1.4 مليار دولار سنويا في الوقت الضائع والوقود، وفقا لأمانة عمان الكبرى
“ساعات الذروة، مصطلح فقد دلالته ومعناه مع توسع أزمة السير والاختناقات المرورية، لتمتد على مدار الساعة في العاصمة عمان وغيرها من المحافظات الكبيرة الاخرى، حتى باتت “الأزمة” سمة عمان، التي تضغط على أعصاب المواطنين، سائقين وركابا ومشاة
كل الاوقات اصبحت “ساعة ذروة” أو أزمة، حتى في ساعات منتصف الليل، بحسب مواطنين، فيما يشير مختصون الى ان وراء هذه الازمة وتفاقمها زيادة اعداد المركبات بصورة كبيرة، بما في ذلك سيارات الزوار والمغتربين، وضعف بنية الشوارع، وكثرة المولات وصالات الأفراح والكافيهات والمقاهي والمطاعم، وتركز البنوك والدوائر الحكومية في شوارع ومناطق رئيسية، وافتقار معظم المناطق لساحات ومباني اصطفاف سيارات طابقية
يبدو ان التخطيط والتنظيم والتوسع مصطلح غائب من أجندة البلديات الكبرى وستبقى أغنية (أحمد عدوية) زحمة يا دنيا زحمة هي الراسخة في ذهن وتطلعات المسؤولين وأصحاب القرار ولا يوجد (بعد نظر) .

Share and Enjoy !

Shares

نحو بوصلة واضحة الاتجاه

د. حازم قشوع

دخل مجلس النواب في الربع الاخير من مدته الدستورية، ومازالت بوصلة الاتجاه غير واضحة حيال المشهد الانتخابي النيابي، فهنالك أحاديث تتحدث عن ظروف تستدعي التمديد واخرى تتحدث عن موجبات تستدعي اجراء الانتخابات بما هو موجود قانونيا، ومؤشرات اخرى تشير الى ضرورة ايجاد قانون انتخاب يمزج ما بين التطلعات الشعبية في الاصلاح والمقتضيات السياسية في الخيوط الرابطة، من اجل الارتقاء بالعمل الجماعي والاعتراف الضمني بالعمل الحزبي ليشكل ذلك المضمون التعددي حتى لو كان مجزؤا بدلا ان تبقي منزلته تراوح في خانة المؤسسة المدنية والمنبر السياسي.

وايا ما كان القرار الذى يبين خطوط المسار، فان لزوم توضيح البوصلة اصبحت واجبة حتى يرى الجميع المشهد القادم واطره الناظمة، لاسيما ولقد بدأ المرشحون في تكوين قوائمهم الانتخابية، واشتعلت مناخات المنافسة على استقطاب المرشحين داخل القوائم الانتخابية، فان بعض المحافظات باتت تشهد اجواء انتخابية ساخنة، مع ان النظام الانتخابي لم يحسم بعد ومسالة التمديد ايضا لم يبت فيها، فان حدث تعديل او تمديد فان ذلك ربما يحمل نتائج عكسية على الاجواء الانتخابية التي يشوبها (السكون العازف)، وهى الدرجة التي بحاجة الى اهتمام دافئ ورعاية خاصة، تجعلها متحركة ايجابية ومتفاعلة انتخابية.

صحيح ان الحكومة تعمل بنظام المراحل المتوالية وليست المتوازية لكن طبيعة المشهد العام قد تحتم احيانا استخدام التوازي المرحلي بدلا من التوالي النمطي، في ظل وجود قانون الموازنة العامة الذي يحمل اهمية، وولادة الاجواء الانتخابات النيابية التي باتت ضمنية مع دخول المشهد المحلي في الربع الرابع في الحياة العامة، وهذا لان المناخات الانتخابية وبالتالي مكانة الاصلاح السياسي ستسقط بظلالها على المشهد العام مهما حمل البرنامج الحكومي من اهمية تجاه المسار الاقتصادي او الاداري من مسارات التنمية، فان الانتخابات ستفرض نفسها على طبيعة المناخ المحلي وحتى النيابي.

الامر الذى بات بحاجة الى اجابة رسمية تجيب عن كل الاسئلة والاستفسارات التي تهم المرشحين وتخدم المواطنين، وهذا ما يستدعي الحكومة للافصاح عن اولويات المرحلة القادمة وعن ماهية القوانين التي في جعبتها للربع الاخير النيابي اضافة الى كشف اللثام عن النظام الانتخابي.

ان كان هنالك جديد، فان المشهد اصبح يتطلب العمل وفق سياسات متوازية، نستثمر فيها الوقت لصالح مزيد من الجذب الشعبي تجاه المشهد صناديق الاقتراع، والذى بحاجة الى دوافع ذاتية تحركه نحو الايجابية وروافع مؤثرة تحفزه على المشاركة ومناخات مجتمعية تدعم حركته وتجعلها قادرة على تعزيز ثقة المواطن الاردني تجاه مؤسساته الدستورية التي على رأسها بيت القرار في البرلمان.

Share and Enjoy !

Shares

العربية في يومها

مكرم أحمد الطراونة

احتفلنا الأسبوع الماضي بيوم اللغة العربية، وهو اليوم الذي نحاول من خلاله استذكار واحدة من اللغات العظيمة التي صاغت الوجدان العالمي خلال فترة طويلة من التاريخ، وإعادة الاعتبار لدورها في الحضارة الإنسانية، خصوصا أنها مثلت، في فترة ما، لغة العلم والفكر والفن والثقافة، وكان تعلمها واجبا لكل من أراد الخوض في غمار تلك القطاعات.
وأيضا، في يوم اللغة العربية، فإننا نحاول الإشارة إلى التحديات التي تواجهها، وهي كثيرة جدا في الوقت الراهن، خصوصا مع انفجار المعرفة والاتصال، وعدم تميز الإنتاج المعرفي العربي الأصيل، والاعتماد على اللغات الأخرى في تحصيل المعرفة والاطلاع عليها، بسبب ضعف النتاج العربي، وأيضا بسبب ضعف الترجمة من اللغات الأخرى، وعدم وضع منهجية معينة لها على شكل مشروع قومي يتصدى لنقل المعرفة من اللغات العالمية الحية.
لكن التحديات أمام اللغة العربية لا تتوقف عند هذه الحدود فقط، فالتحدي الأكبر يكمن في سلوك أبنائها من خلال عدم احترامهم لها بواسطة سلوكيات غير صحية، والتي تؤثر على تأصيلها بشكل حقيقي في جميع أوجه حياتنا.
في المدرسة والشارع والعمل والحياة اليومية، يساء استخدام اللغة العربية، بحيث نزيد الهوة بيننا وبينها، ففي المدرسة يتم التركيز على اللغات الأجنبية، خصوصا الإنجليزية، وذلك لأنها، بحسب واضعي سياساتنا التعليمية، هي اللغة الأهم لتقدم المسار الوظيفي للفرد، بحيث تكون هي المتطلب الأهم لنيل اي وظيفة عند اتقانها، بينما لا تكترث الشركات والمؤسسات بالسؤال عن مدى اتقان اللغة العربية، وكأنما هذا الأمر لا ضرورة له في الحياة العملية!
مدارس خاصة كثيرة أهملت اللغة العربية بشكل شبه كامل، فبينما اكتفت بمبحث وحيد للغة العربية في الصفوف جميعها، نراها قد لجأت إلى تدريس جميع المباحث الأخرى من رياضيات وعلوم ومجتمع باللغة الإنجليزية، لتخرّج، بالتالي، طلبة غير قادرين على صياغة جملة واحدة يتيمة بعربية سليمة، وهي بذلك تتقصى مزيدا من التغريب بين العربي ولغته.
لكن، وحتى في المدارس الحكومية التي تعتمد منهاجا وطنيا للطلبة، نرى أن الكتب التي تعتمد اللغة العربية مثقلة بالنصوص التراثية الثقيلة التي تعمل على تنفير الطلبة من لغتهم نظرا لصعوبتها الكبيرة، بينما نعلم أن اللغة العربية تطورت كثيرا خلال القرنين الأخيرين، واشتملت على تراكيب واستخدامات عصرية في الشعر والنثر زادت من جمالياتها، ونستطيع من خلال إدخالها في التعليم لفت انتباه الطلبة إلى هذه الجماليات وإلى روعة العربية.
على المستوى الجمعي، ففي حين أصبحت شبكة الإنترنت وجهة مهمة للبحث والمعرفة، فإن المحتوى العربي عليها لا يشكل سوى 0.6 %، متراجعا من 1.6 % في العام 2011، وهو تراجع لا يمكن تفسيره إلا بالتقصير الشديد في فهم أهمية هذه الشبكة في تعزيز اللغة العربية، وجعلها مصدرا للبحث والعلم والمعرفة.
ومع ذلك، لا يمكن لنا أن ننكر أن هناك جهات عديدة تعمل من أجل صالح لغتنا، خصوصا مجمع اللغة العربية برئاسة أستاذنا الدكتور خالد الكركي، فقد أقر المجمع قانون حماية اللغة العربية الذي يسعى إلى تصويب وضعها في الحياة العامة ودور العلم، وأوجد امتحان الكفاية في اللغة، لكن الأمر المحبط هو أن هذا القانون لم يوضع حتى اليوم حيز التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية التي نطالبها بأن تمنح أولوية له كونه يدافع عن هويتنا ووجداننا.

Share and Enjoy !

Shares