تلعب أجهزة الأعلام المختلفة المرئية والسمعية والمقروءة في عصرنا الحالي دورا مؤثرا في صناعة الرأي العام , ورسم الأنماط السلوكية للشباب , والتأثير في صناعة القرار السياسي , بل التأثير في مختلف السياسات العامة, وذلك بفعل التطور المذهل والسريع في أجهزة الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة , والذي مكن الإعلام من امتلاك إمكانيات وقدرات عالية التأثير لم يكن يمتلكها قبل مدة غير طويلة من الزمن , مما أعطى للإعلام سلطة وقدرة لا يمكن لأحد تجاهلها .
الشباب طاقة إنسانية متميزة بالطموح والحماسة والسعي نحو الاستقلال وحب الاستطلاع والمعرفة والتطلع نحو المستقبل بكل ثقة وعزم, وهم أساس التنمية والطاقة الكبيرة التي ينبغي الاستفادة منها في عملية التنمية الوطنية الشاملة في المجالات المختلفة السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية وفي مجالات البحث العلمي والتقدم التكنولوجي.
التنمية الشاملة هي عملية مجتمعية واعية تشمل الجوانب الروحية والذاتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والعلمية والتكنولوجية والسياسية والبشرية وهي أيضا موجه لإيجاد تحولات هيكلية تؤدي إلى أطلاق طاقة إنتاجية ذاتية يتحقق بموجبها تزايداً كبيراً في الطاقة الإنتاجية وذلك من العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الجهد والمكافأة وتعميق متطلبات المشاركة وضمان الأمن والاستقرار الفردي والاجتماعي والوطني.
الأردن وطن العطاء والشباب, وطن الموارد البشرية التي تمتلك البناء والتجدد والحيوية والعطاء الذي لاينضب, ويشكل الشباب في مجتمعنا أحد مصادر البناء والإنجاز للنهوض بالمجتمع، ودفع مسيرة التنمية الشاملة بإبعادها المختلفة، وهو ما يلقي عليهم مسؤوليات كبيرةً تضعهم على طريق التحدي، خصوصاً وأن المجتمع الأردني يمتاز بأنة مجتمع فتي فغالبية سكانه هم من قطاع الشباب, وإيماناً بدور هذا القطاع الذي يشكل احد روافد التقدم والتطور والنماء، فإن جلالة الملك عبد الله الثاني حرص على تقديم الشباب في خطاباته المختلفة، إن كانت على الصعيد المحلي أو العربي أو الدولي, ومنذ أن تولى جلالته سلطاته الدستورية استطاع أن يرتقي بالشباب ويضعهم على سلم الأولويات المجتمعات المتقدمة، وهو يشخص واقعهم ويرصد التحديات التي تجابههم، ويرنو للنهوض بواقعهم على نحو مشرق ومشرف بطريقة فريدة على مستوى العالم.
وشكل الاهتمام الملكي بالشباب محط أنظار صانعي القرار على الصعيد العالمي، لا سيما وأنهم ينظرون بإعجاب للتجربة الأردنية في التعامل مع هذه الفئة من المجتمع، وتمكينها من أخذ دورها على الصعيد المحلي، وهو ما دفع بها للتقدم في شتى مناحي الحياة ومساهمتهم بصورة رائدة في التنمية الوطنية.
من هنا بدأت في الأردن خطوات متميزة في الاهتمام بقطاع الشباب من قبل وسائل الإعلام المختلفة في تخصيص ملاحق شبابية مرفقة مع الصحف اليومية والمواقع الاخبارية الالكترونية بالاضافة الى العديد من البرامج التلفزيونية والاذاعية التي تلامس الواقع الشبابي والتي تلعب دورا هاما في تنشيط الحركة الشبابية وذلك لربط القاري مباشرة بإخبار الشباب, والرائع في هذا الجانب إن من يقوم على إعداد وتجهيز الملاحق هم الشباب أنفسهم, كما تقوم الكثير من المواقع الالكترونية بإبراز انجازات واهتمامات الكثير من الشباب الوطني وتساعد على توفير البيئة الإعلامية الوطنية للنهوض بهذا القطاع الحيوي الهام, مطلب شبابي واهتمام وطني في تطوير مهارات الشباب والعمل على تحسين إمكانياتهم وقدراتهم في التعامل مع المصدر المعلوماتية في ظل الكم الهائل من وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية والاتصال الرقمي والتحقق من صدق ودقة المعلومة وبناء فكر وطني شبابي إعلامي مبني على التربية الوطنية الإعلامية والذي يعتمد على تنمية وتطوير مهارات الاتصال والتفكير النقدي وخاصة في مجال الاتصال الرقمي
وتعمد الصحافة من خلال الملاحق لنشر وتعزيز الانجازات الشبابية فهي دافع كبير في بناء الشخصية الوطنية للشباب خصوصا عندما تنشر الانجازات والمبادرات والتميز لدى الشباب التي ينظر إليها المجتمع بعين من الايجابية فسيعمل على تطوير ذاته أكثر فتكون بمثابة الحافز للاستمرار نحو تقديم الأفضل من العمل والانجاز وتحسين الشباب من الأفكار المظللة والبعد عن الإشاعة الهدامة التي تفتك بالوطن ومقدراته لان الإشاعة أصبحت تسيطر على حيز كبير من مصادر المعلومة والأحداث في تداول الأخبار في ظل سرعة وصول المعلومة وتداولها وما تعانيه مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية في تناقل معلومات غير مؤكدة وعدم التأكد من مصداقيتها، حيث تعتبر الإشاعة من أخطر المظاهر الاجتماعية التي أخذت بالتزايد مؤخراً في مجتمعنا والتي تعزى أسبابها إلى عدة عوامل من بينها غياب الوازع الديني وتراجع قيم الأخلاق والظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة وازدياد نسبة البطالة بين الشباب والفراغ والتي من شأنها توفير الوقت الكافي للانشغال بهذه الظاهرة السلبية.
على قطاع الإعلام الوطني نعقد الأمل في ابراز طاقات الشباب ودعم امكانياتهم واكتشاف مواهبهم والسير قدوما مع انجازات الشباب الأردني وابدعاتهم وخطاهم وتطوير قدراتهم لنصل إلى طريق الانجاز والتقدم ورفعة الأردن لان الاعلام داعم رئيسي لافكار وتطلعات الشباب المميز المبدع وابراز بيئة الابداع والريادة وخلق فرص عمل ذاتية وتسويقها ضمن برامج اعلامية متطورة تساعد في خلق فرص عمل مناسبة للشباب تساعد في النمو الاقتصادي.
كتاب واراء
الاعلام الوطني وتنمية قدرات الشباب
ثلاثة أيّام من الحزن والفرح
&&&&
نعم كسبتُ القضية على نقابتي وأعادت المحكمة الإدارية العضويّة إليّ..ولكن قبل تلك اللحظة كان هناك تفاصيل كثيرة..تفاصيل أورثتني الهمّ والغمّ والحزن والبكاء أيضاً..نعم بكيت ولن أستحي من قول ذلك..!
كان يوم السبت قاسياً عليّ..عمّي حسن سيوارى التراب..وهو كبيرنا وعميدنا ؛ وهو من شكّل جزءاً مهما من ذاكرتي..منتهى الحزن..ولكنني تذكرتُ أن في ذات توقيت طقوس الجنازة يجب أن أكون موجوداً في رابطة الكتاب الأردنيين لإجراء القرعة بيني وبين زميلي نزار السرطاوي ليفوز أحدنا بالهيئة الإدارية..وما من حلّ إلا أن أحضر أو أفوّض خطيّا أحد الزملاء ففوضتُ الزميلة القاصّة هديل الرحامنة ..والناس تسلّم عليّ وتقول لي : عظم الله أجركم ؛ يأتي تلفون : مبروك ؛ فزتَ أنت..! أية مشاعر لحظتها..أية تداخلات بيني وبيني..والتلفونات تتوالى ..عظم الله أجركم ومبروك..وأنا التائه بين الحالتين..!
كنتُ أعلم أن يوم الاثنين هو يوم قرار المحكمة بقضية فصلي من النقابة وهو ثالث أيام العزاء ..لن أدعي الصمود وأنها مش فارقة معي..لا ..كنتُ على أعصابي..ومتوتراً في كثير من اللحظات..أردتُ لكلّ هذا الظلم أن ينزاح..أردتُ لتأميني الصحي أن يعود..أردت أن أعود للنشاطات الإعلامية بعد أن منعتُ نفسي عنها لشهور نتيجة القيل والقال والأثر النفسي الذي كان يكبر كلّ يوم..أردتُ أشياء كثيرة..تحققت الساعة العاشرة والنصف صباحا حينما تمّ ابلاغي بإنني كسبت القضية..مبروك..ولن أنسى جملة المحامي مروان سالم عندما قال لي: بس طلع القرار وسمعته من القاضي قشعر بدني..! إذا هو قشعر بدنه فماذا أقول أنا..؟
أما المحامي محمد قطيشات فذاك حكاية أخرى ..حكاية لو عبرت على بحر لصارت سفينة يلوذ بها من يريد النجاة..فقبل اتخاذ قرار فصلي قال لي ضاحكا: ما تخاف ؛ أنا رح أرجعك..! وعندما تم فصلي قال : قضيتك على حسابي ولن تدفع شيئاً وهي هدية مني لقامة مثلك ..ضحكت على (قامة) التي انفصلت قبل قليل..!! لن أنسى خوفه عليّ..ومواساته لي..وضحكه على قلقي وتوتري..ولن أنسى أيضاً شريكه الثالث في (مكتب الفصل ) المحامي عبد الرحمن الشراري الذي التقيته مرة واحدة وقال لي: انت راجع واللي صار معك عيب..! والآن اضحك على عودتي من الفصل على يد مكتب الفصل وكأنه (مكتب الفصل لإلغاء الفصل)..!
اليوم الثالث عزاء..يوم كبير..من المعزّين والمباركين..مئات الرسائل وعشرات الرنات التي لم استطع الرد عليها..عاجز عن شكركم جميعاً..عاجز عن حضنكم واحداً واحداً..عاجز عن فعل شيء..فقد قلت لمحمد قطيشات الصديق لحظتها وليس المحامي: أنا بكامل ارتباكي ومش عارف شو أكتب؟ فقال لي ببساطة: لا تكتب واقعد واهدأ وبس..حتى إنه رفض الحلوان..وقال لي: ما تورجيني حالك إلا بعد شهر..
وشكر الله سعيكم ويبارك فيكم ..ثلاثة أيام فاصلة من الحزن والفرح.
المستشارون الاعلاميون يمارسون الاعلام الفطري ولا يتعاطون مع الدعاية السياسية
فن الدعاية في وسائل الإعلام هو سلاح ذو حدين لأن الدعاية السياسية هي فن الاقناع لمختلف الأوجه المتعددة والاطياف التي باستطاعتها التأثير على العامة بفعل مهني يتقن محاكاة العقل الجمعي بفلاسفة المنطق المتاح وحدود الواقع المعاش .
الدعاية في إحدى تعريفاتها هي محاولة للتأثير على الأفكار وذلك عن طريق استغلال كل وسائل الاتصال الجماهيري، وتختلف عن الاعلام الذي يفترض أن تكون مهمته، أن يزود الناس بالأخبار الصحيحة التي يستطيعون في ضوئها المناقشة والتوصل إلى الحلول والآراء .
حرب الاشاعة أو حرب الإعلام ،في هذه الحرب لا ينشر خبر إلا لغاية ولهدف من أجل السيطرة على نشر الاخبار والتحكم في نشرها هذه الاخبار تعتبر من أهم الأمور بالنسبة لأي جماعة سواء كانت أسرة أو عشيرة أو مؤسسة أو دولة والمهم ليس صحة ودقة هذه الاخبار التي تنشر ، بل دورها ووظيفتها ،و فائدها للناشر وما تحققه من غايات ودوافع التأثيرات المطلوبة يكون الفاعل المسيطر على نشر الاخبار الناشر قبل تغلل شبكات التواصل الاجتماعي في صلب العملية الاعلامية وهو من يملك أهم واقوي المؤثرات التي يستطيع استخدامها وتوظيفها في حرب الإشاعة .
إن الأعلام المهني المحترف يستعمل لغة مميزة في عرض الدعاية السياسية وذلك من خلال الصحفيين والاعلاميين المحترفين اللذين يتميزون بنشر دعاية إيديولوجية خاصة تسمى الدعاية السياسية أو ما يعرف (الدعاية المضادة ) وذلك من خلال وسائل واذرع الدولة الاعلامية لتصل لجمهورها (المتلقي)، ونجد أن هذه الرسائل الإعلامية الدعائية ما هي إلا للتأثير على عقول وأحاسيس القراء فنجد أن الإعلام يختلف عن الدعاية السياسية و ينقسم من ناحية الانتماء السياسي والإيديولوجي حسب انتماء كتابها وقراءها أيضا إلى فئات المجتمع او الشعب او النخبة التي ينتمون اليها انطلاقا من المواضيع المتناولة والمكتوبة نرى ظهور الدعاية السياسية التي يتم الترويج لها من قبل أطراف المكون في الساحة الاردنية والتي تختلف فيما بينها ، وفقا لذلك نرى المقالات السياسية والإيديولوجية التي يقوم بكتابتها كتاب أو مغردون او مشاركات عبر شبكات التواصل الاجتماعي تأخذ الطابع الحراكي المنتمي فكريا وسياسيا إلى الشارع .
الدعاية الرمادية تستند إلى بعض الحقائق، وتضيف إليها بعض الأكاذيب ولا تكشف المصدر بينما الدعاية البيضاء تخاطب العقل و العواطف، وتعتمد على عرض الحقائق، وتكشف المصدر والاتجاه و الأهداف، ويستخدمها رجل العلاقات العامة وعلى ما يبدو هي ما تطالب به الحكومة من دعاية بيضاء ومضادة في ذات الوقت من مستشاريها الذين يغردون خارج السرب الرسمي بجانب الحراكيين وفوضى الشارع والاعلام الفطري غير الموجة والذي يستند الى الحس الخاص على العام .
ان الرسالة الإعلامية بين المرسل (إعلامي) والمستقبل (الجمهور) عبر وسيلة إعلامية، تنقل بواسطتها الرسالة الإعلامية تشكل عمودا فقريا مهما لتنوير جمهور الموا طنينين حول مجموعة من القضايا، والمعلومات و زيادة الوعي لدى المتابعين و تستطيع هذه الوسائل أن تقدم للمشاهدين سلسلة من الآراء، وتكون هذه الآراء صادرة عن محللين مشهود لهم بالمهنية وتترك للمشاهد حرية اختيار الرأي الذي يراه صوابا. وتعد هذه البرامج كوسيط بين المواطنين وأصحاب السلطة و يستطيع الجمهور من خلال هذه الوسائل إبداء الاراء حول كثير من القضايا، والمشاركة في الضغط على مجموعة من القرارات الشائكة التي تحتاج إلى تدخلات من قبل المواطنين، وتعتبر هذه القضايا مهمة من قبل المواطنين.
وظهر في الآونة الاخيرة في اروقة الرئاسة، مستشارون اعلاميون يمارسون انتقادات واضحة للسياسات العامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يسمى مختصون بصداع “جديد في رأس الحكومة “
و يندب النواب حراك المستشارين عبر شبكات التواصل الاجتماعي بوصفهم ” جوائز ترضية ” .
قصة وصفي التل: إنجازات وبطولة وتضحية
الثامن والعشرون من شهر تشرين الثاني من كل عام ذكرى أليمة في نفوس الأردنيين بفقدهم سيد الرجال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل الذي اقترن اسمه على الدوام في نفوس الأردنيين بالإخلاص والتفاني وتحقيق المنجزات الحضارية التي هي موضع احترام وتقدير كل الأردنيين بدون استثناء.
نستذكر المرحوم وصفي التل الذي كانت له الأيادي البيضاء في إنجاز عشرات المشاريع الحضارية، ففي حكومته الأولى عام 1962 جاء تأسيس الجامعة الأردنية كأول صرح علمي في الأردن، تلاه مشروع سد الملك طلال الذي تم على أثره استصلاح آلاف الدونمات في منطقة الأغوار الوسطى والتي شكلّت فيما بعد سلة غذاء الاردن، وأحد الروافد الداعمة للاقتصاد الاردني في مجال تصدير الخضار والفواكه للدول المجاورة، وكذلك مشروع قناة الغور الشرقية التي تولت نقل مياه نهر الاردن ونهر اليرموك لأغراض الشرب لساكني إقليم الوسط من خلال محطة زي للمياه وكذلك ري المشاريع الزراعية في منطقة الاغوار الشمالية.
ومن المشاريع الحيوية التي تمت في عهد حكومة وصفي التل الأولى إنشاء الخط الصحراوي الذي شكل العصب الرئيسي في ربط شمال الاردن ووسطه مع محافظات الجنوب مرورًا بمحافظات الكرك والطفيلة ومعان وصولًا الى مدينة العقبةـ حيث أسهم هذا الطريق في زيادة حجم صادرات الاردن من الفوسفات وزيادة حجم واردات الأردن عبر ميناء العقبة الى الأسواق المحلية الأردنية، اإضافة الى استصلاح الاراضي الزراعية في مناطق عديدة من الصحراء الأردنية الوسطى وخاصة في منطقة الظليل حيث كان التل أول من بادر الى استصلاح الأراضي في المنطقة المذكورة لأغراض الزراعة.
كما كان لوصفي التل شرف المبادرة في إنشاء شركة الفوسفات وشركة البوتاس لاستغلال ثروات البحر الميت الهائلة وتوسيع الساحل الأردني على خليج العقبة لمسافة ١٠٠ كيلو متر جنوبًا.
وفي حكومة وصفي التل الثانية تم إنشاء التلفزيون الأردني ومحطة الأقمار الصناعية التي باتت تشكل نقطة تواصل الأردن مع العالم الخارجي وإنشاء مستشفى الجامعة الأردنية وتطوير مستشفى البشير ليكون أهم صرح طبي في العاصمة عمان.
وحين نستذكر وصفي التل نذكر إخلاصه للقضية الفلسطينية حيث اندفع في بداية شبابه كمقاتل في صفوف جيش الانقاذ الفلسطيني بقيادة الزعيم فوزي القاوقجي لينتقل بعدها ضابطُا في صفوف الجيش السوري ليرتقي الى رتبة مقدم كضابط مقاتل ليعود بعدها الى فلسطين التي أحب ليعمل مع رجل الاعمال الفلسطيني موسى العلمي لانشاء أكبر مشروع زراعي في محافظة أريحا التي مازالت تدر الخير على من جاورها ويعمل فيها.
وبحكم عملي كسكرتير صحفي وإعلامي للشهيد وصفي التل في حكومته الثالثة فقد قرر الراحل إنشاء جريدة الرأي لتكون ناطقة باسم الدولة الأردنية، كما قرر إنشاء حزب الاتحاد الوطني ليكون دافعًا للحياة السياسية والحزبية في البلاد، كما أنني عايشت العديد من المواقف الإنسانية لذلك الرجل الذي خصص يومًا من كل أسبوع لاستقبال المواطنين في دار الرئاسة مقدماً العون والمساعدة لطالبيها من أبناء الوطن دون تمييز او محاباة لأحد.
وأستذكر أنه في احد ايام الصيف جاء إليه في دار الرئاسة وفدٌ من اهالي مخيم الحسين شاكين انقطاع المياه عن منازلهم حيث بادر على الفور بالاتصال مع مدير الدفاع المدني طالبًا اليه قيادة تنك ماء بنفسه الى المخيم لتشجيع باقي زملائه على انجاز مهمة ايصال المياه الى بيوت المخيم عبر التنكات في مدى ثلاث ساعات.
وفي أحد الأيام استذكر حدوث أزمة تمثلت بعدم وجود مادة السكر في المحلات التجارية في جميع انحاء الوطن حيث جاء وزير الاقتصاد الوطني انذاك شاكياً له امتناع وكيل مادة السكر في الاردن عن توفير مادة السكر للمواطنين حيث بادر المرحوم وصفي الى الاتصال مع الوكيل وابلاغه انذارًا شفويًا بضرورة توفير السكر في مدى ثلاث ساعات حيث تم توفيرها في جميع المحال التجارية بصورة عاجلة.
ومن المواقف المشهودة لوصفي التل زياراته المتكررة لجميع المدن والقرى والمخيمات في المملكة حيث كان يعمد كل اسبوع الى زيارة مدينة وعدة قرى اردنية للاطلاع على اوضاع المواطنين والعمل على حل المشاكل التي تواجههم ميدانياً وبدون الرجوع الى ما يسمى لجان العمل.
ومن إنجازته رحمه الله أنه أوعز بإلغاء السجلات الأمنية للعديد من السياسيين والحزبيين، وأمر بنقل ملفاتهم إلى “بيت النار” في مصنع الاسمنت بالفحيص، وسمح بعودة العديد من السياسيين الذين لجأوا ذات وجع أردني إلى مصر وسورية ولبنان، وأعادهم إلى الأردن، وعين عددًا منهم في مناصب قيادية وأذكر منهم نذير رشيد وعلي أبو نوار وعلي الحياري وعبد الله الريماوي وغيرهم الكثير.
وصفي التل كان صاحب فكر قومي متحرر وكان يشارك في جميع الندوات والمؤتمرات التي تعقد في العديد من دول العالم نصرة للقضية الفلسطينية وكان يردد على الدوام أن أفضل وسيلة لمقارعة العدو الاسرائيلي هي المقاومة الشعبية بسبب ما حصلت عليه اسرائيل من أسلحة ومعدات حربية متطورة من الدول الغربية فاقت في حجمها وتاثيرها جميع الدول العربية مجتمعة.
وقد أثبتت الأحداث أن المقاومة الشعبية هي الوسيلة الانجع والانجح لمقارعة العدو الإسرائيلي وهذا ما لمسه الجميع في انتفاضتي الحجارة الاولى والثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما تأكد فعليًا مؤخرًا وبصورة جلية واضحة حيث احرزت المقاومة الاسلامية انتصارات جلية وواضحة على العدو الإسرائيلي وبخاصة في قطاع غزة.
واستذكر هنا بحكم عملي في الصحافة والاعلام ما صرح به رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي سيء الذكر اسحق “شامير حين” سئل عن الشخصية العربية التي كانت تهدد الكيان الاسرائيلي حيث قال بالحرف الواحد: “كان وصفي التل هو الشخصية العربية الأخطر على إسرائيل لأنه كان يدعو دوماً الى اعتماد المقاومة الشعبية ضد اسرائيل”.
وشكّل وصفي التل حكايةٍ أردنية رائدة واضحى اليوم مثالًا للسيرة الحسنة التي لا تزول مع تقادم الزمان… ملامح سيرة وصفي انه بادل الوطن والقيادة وفاءً بوفاء.
لقد كان وصفي التل درة في جبين الوطن وأحد جنوده البواسل الذين خدموه بشرف مع القائد المرحوم الملك حسين بن طلال وبقية الشرفاء أمثال هزاع المجالي ومصطفى خليفة وحابس المجالي وقاسم المعايطة وابراهيم هاشم وملحم التل وعبد الوهاب المجالي وعمران المعايطة وكاسب الصفوق وأحمد طوقان وأنور الخطيب وغيرهم من رجالات الوطن الشرفاء الذين قدموا أرواحهم خدمة للوطن واهله.
“برفع الأيدي يا إخوان”
لا شيء يثير دهشتي ويدفعني للاستغراب وفقدان الأمل في التغيير أكثر من متابعة لحظات التصويت التي تأتي في نهاية المناقشات التي يجريها مجلس النواب للتشريعات والبيانات والموازنات. كل الاثارة والحدة التي نسمعها في المناقشات تنتهي عند سماع الجملة التي تقول ” برفع الايدي يا اخوان” في اشارة إلى أن المجلس لن يستخدم النظام الإلكتروني للتصويت بل سيعتمد رفع الايدي. وهنا ترسم الجملة الحد الفاصل بين القول والفعل فغالبا ما تسمع كلمة موافقة.
منذ أكثر من عشر سنوات جرى تزويد مجلس الأمة بتقنيات لتيسير عمليات الاتصال والتداول والتصويت من ضمنها نظام التصويت الإلكتروني. المأمول من التحديث الذي مول بدعم خارجي ان يوفر الجهد ويختصر الوقت المستخدم في عمليات الاقتراح ويساعد النواب على التعبير عن مواقفهم الحقيقية من القضايا والسياسات بسرية تامة ودون وجل أو تردد.
في كل مرة تنتهي فيها ولاية مكتبه الدائم واللجان يمضي النواب اياما وأسابيع وهم يتنقلون بين مقاعدهم ومنصات الاقتراع في عمليات انتخاب يمكن ان تنتهي في دقائق لو استخدمت التكنولوجيا المتوفرة. لا أعرف الاسباب الحقيقية التي اعاقت استخدام هذا النظام وتفعيله ولا أسباب استمرار التصويت برفع الايدي على قضايا يمكن ان تحسم بكبس الازرار التي تم تركيبها على خلايا الاتصال التي زودت بها مناضدهم.
الشاشات التي أمام النواب واللوحة الإلكترونية اصبحت ديكورات لا قيمة لها. الموضوعية وصدق التعبير عن ارادة الناس هي العوامل التي يحتاج لها المجلس لاستعادة ثقة الجمهور به وبدوره في احداث التغيير المنشود في سائر مناحي الحياة. اللجوء إلى الأسلوب التقليدي في التصويت بالرغم من وجود اللوحات الإلكترونية أحد الامثلة على استمرار الفجوة بين الشكل والمضمون وانسحاب هذه الحالة على عملية الإصلاح السياسي برمتها.
في الأردن وبالرغم من كل ما يقال عن الإصلاح واعتباره أولوية وطنية إلا أن الملف معقد وجدلي فمن ناحية يمكن ان تسمي عشرات الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية حيث اسست هيئة مستقلة للانتخابات ووزارة للتنمية السياسية ونظام لدعم الاحزاب ومحكمة دستورية وهيئة للنزاهة ومكافحة الفساد إضافة الى كوتة للنساء في مجالس النواب والبلديات واللامركزية والتزمت بمواعيد الانتخابات.
على الجانب الاخر يرى البعض ان معظم التغيرات شكلية لا ترقى لمستوى الإصلاح الذي يتيح للناس التعبير عن ارادتهم فالانتخابات تتقيد ظاهريا بالقواعد والشروط لكن الدوائر الانتخابية تمنح السلطات هندسة النتائج والتحكم بها فتسهل للبعض النجاح وتعيق فرص من لا تضمن امتثالهم لسياساتها كما يلعب المال السياسي ادوارا كبيرة في تحديد النتائج.
الاستطلاعات الأخيرة تشير الى تراجع الثقة بالمجالس النيابية الى مستويات غير مسبوقة فالبعض ممن يدخلون الى صفوف المجالس النيابية لا يملكون معرفة قانونية أو اهتمامات سياسية والعديد منهم بلا سجلات واضحة في العمل العام إضافة إلى امتلاك البعض مشاريع ومؤسسات ترتبط بعلاقات ومصالح عمل مع الحكومة.
من غير الممكن للدولة ان تحدث تحولا حقيقيا في العلاقة مع المواطنين دون البحث عن صيغ جديدة تسهم في ايجاد حالة من التوازن بين حاجة الدولة للاستقرار وحقوق المواطن في التعبير عن ذاته ومواقفه من السياسات والخطط والتشريعات واتاحة الفرص للمجتمعات في اختيار من يمثلهم بحرية ونزاهة وبعيدا عن تأثير الحاجة أو المال أو الوعد بتقديم أي منها. المجتمعات القوية لا تبنى بلا ارادة حرة يعبر عنها ممثلون اقوياء اكفياء يملكون احترام الشارع ومنزهون عن المصالح الشخصية ويشكلون نماذج محترمة في مجتمعاتهم المحلية.
عشيرة أبو لهط .. تريد شفط الاراضي الحرجية
عشيرة ابو لهط شفطت ونهبت واستولت على اراضي الخزينة الصحراوية والاميرية والمشاع ، وعيونها اليوم ترنو الى الاراضي الحرجية والغابات ، يا سامعين الصوت نسبة مساحة الغابات الحرجية في المملكة أقل من 1% وهي الافقر عالمياً بالغابات ، ومع ذلك يصمم الحيتان والقطط السمان والديناصورات التي تأبى الانقراض على اعدام اخر شجرة في هذا البلد المبارك وتتذكرون جيداُ انهم حاولوا وما زالوا ( يحوصون ويلوصون) لاعدام غابات برقش بحجة اقامة كلية عسكرية عليها وكما تعلمون هذه الغابات هي رئة الارض الحقيقية الي تتنفس بها ارضنا احد اهم المصادر الطبيعية المتجددة الي تقوم بدورها الحيوي على اكمل وجه في امتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون والغازات الضارة الاخرى من الجو واطلاق الاكسجين النقي وفلترة الهواء .
اراضي خزينة الدولة استولى عليها كبار المسؤولين في الدولة واراضي الواجهات العشائرية استولى عليها بعض المتنفذين للاسف من شيوخ العشائر والله يا ناس المواطن البسيط او المزارع الفقير لو اعتدى على متر ارض لحركنا له قوات الدرك والتدخل السريع اما المتنفذين فهم يلهطون مئات الاف الدونمات من اراضي الدولة دون حسيب او رقيب لابل ان اليات الدولة تساعدهم على فتح الطرق وتركيب اعمدة الكهرباء وحفر الابار الارتوازية .
أي قانون او تشريع أو تعديل في الاردن يجلس خلفه حوت كبير اليوم هناك طبخة كبيرة من خلال تمريرالمادة الثالثة المعدلة من قانون الزراعة والمعاده من مجلس الأعيان الى مجلس النواب والتي تنص على منح مجلس الوزراء صلاحية الموافقة على مبادلة أراض جرداء بأراض مملوكة داخل الأراضي الحرجية، او تتصل بها على الحوض ذاته، وببدل المثل، ومنح مجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير الزراعة الموافقة على مبادلة أراض حرجية جرداء بأراض مملوكة تنمو عليها أشجار حرجية لا تقل كثافتها عن 30 % شريطة أن تكون في المحافظة نفسها وببدل المثل ، كما قال أحد النواب هذه المادة جاءت لمصلحة الحيتان والقطط السمان وبعض المتنفذين بالدولة من الوزراء السابقين أو نواب سابقين او وزراء حاليين او نواب حاليين او اشخاص لهم علاقات طيبة بالحكومة.
بالامس اتهم النائب عواد الزوايدة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بمحاولة استملاك 96 ألف دونم من أراضي وادي رم، وذلك بعد استملاكها 300 دونم في المنطقة، قائلا إن هذه المساحة شاسعة وتتجاوز مساحة بعض الدول ، طبعاُ حكومة النفي بادرت بنفي صحة المعلومة لكن لايوجد دخان بدون نار .
تشير بيانات حكومية إلى وجود نحو 9 آلاف حالة تعد على مساحات كبيرة من أراضي الدولة خلال الأعوام الـ13 الماضية وهناك1982 تعديا وقعت بعد صدور قانون الزراعة عام 2002، قسما من هذه الاعتداءات أبطالها مسؤولين كبار من سلك الدولة أو بعض النواب, أن هذه القضايا تعد من أكبر قضايا الفساد التي يجب تجريمها ومحاسبة المتورطين فيها، خاصة أن الاستيلاء جاء من جهات يفترض أنها تراعي الصالح العام وتحافظ على ممتلكات الدولة، الطامة الكبرى هناك مئات ابار المياة والاف الهكتارات تم الاستيلاء عليها بطرق ملتوية وطرق غير قانونية من قبل رجالات يسمون أنفسهم شخصيات وطنية كان همهم اشباع بطونهم واشباع جيوبهم من خلال احتلال سافر للمال العام .
فيما أظهرت وثائق رسمية، موافقة مجالس وزراء سابقة أو وزير الزراعة، أو كليهما، على بقاء حالات اعتداء ببعض المواقع والأراضي، رغم وجود قرارات قضائية أو رسمية، كانت صدرت بإزالة “تعديات”، من قبل متنفذين، على أراضي حراج ودولة، تعود ملكيتها للخزينة العامة , والمسؤولين الرسميين سابقين ولاحقين يرفظون حتى الان المطالبات الرسمية بازالة الاعتداء .
بات من الضروري فتح سجلات ووثائق دائرة أملاك الدولة فيما يتعلق بكل معاملات تفويض وتأجير أراضي الدولة ونشرها ليتاح للمواطنين والاعلام والمؤسسات الرقابية الاطلاع على كيفية تصرف الحكومات بهذه الأراضي التي هي ملك كل مواطن والأجيال القادمة من الأردنيين .
اللصوص الكبار يسرقون باطن الأرض وظاهرها والمستقبل , واللصوص الصغار يسرقون الأحذية من المساجد والهواتف الخلوية من الكادحين ، اللص الكبير محترم لأنه يملأ جيوب المجتمع المدني وحراس “الفضيلة” بالرشوة ، واللص الصغير منبوذ لأنه يسرق أشياء رخيصة ويشعر بالذنب عندما يختبئ بفعلته فيمسكه قانون الكبار ، والتمرد في وطن هش يصنع الفتنة ويمزق الجغرافيا، واللصوص الكبار يملكون تذكرة للطيران، والطيبون وحدهم من سيدفع الثمن .
الماضي والحاضر رسالة
حينما تتواجد، في مكان تستذكر، به ،ذكريات جميلة ،حينها تُدرك ،أنَّ واقعنا يشتاق لرائحة القهوة ،التي يجتمع عليها كافة ، أنواع الرجال ،و على مر العصور وهناك رسالة ، واضحة تتجلى إلى مخيلتي ،ولكن
رغم رائحة العطر الفواحة ، التي هي مبعثرة في كل مكان ،إلا أنَّ وهناك في الماضي القديم ،كان هناك محبة صادقة ،حتى إلا تحولت إلى حاضر مجهول .
أيام ما كانت البشر، تُشاهد كابتن ماجد ،وهو فلم كرتون ، كنا حينها، نرى كابتن ماجد ،كان يُسجل الهدف ،لنراه بأم أعيُننا ،أن الهدف هو من أجلنا ، ومن يشاهد فلم الرسالة ،يرى أنَّ زمان الرسول عليه افضل الصلاة، والسلام هو أفضل من حالنا ، حيث كانت البركة، و الشهامة، والأصالة ،حتى أصبح التطور لدينا ،من مركبات، و هواتف خلوية نقالة، و كهرباء، و تطور بالغ إلى واقعنا ،إلا أنَّ حالنا الآن، أصبح يُشبه بمسلسل عنوانه قديمك حبيبك .
هكذا نحن في وضع أرق ،و وضع غير متوازن ،وغير مرغوب به ، في فلم الرسالة المؤلف كان أسمه عباس العقاد، وهو مؤلف فلم الرسالة ،الذي أعجب به الجميع ،من المسلمين ،وفي حادثة وفاة عباس العقاد كان الوضع به الألم ،على فراق أحد الكُتَّاب، والمؤلفين، الذين أنجزوا فلماً عربياً ، يُعجب به الكثير ،ولكن حينما توفي العقاد كان خبر وفاته مؤلماً للغاية، والسبب قد كان في إحدى الفنادق، التي انفجرت نتيجة الإرهاب الغاشم ،في إحدى فنادق عمان ،حتى تم القبض على ساجده التي كانت تُريد تفجير أحد فنادق عمان حينها ،وتم اعدامها ،على إثر استشهاد معاذ كساسبه ، ولكن في القديم أي في أيام زمان لم يكن هناك تنظيمات إرهابية، حتى تغيرت الأنفس، وأصبحت الأنفس المريضة، في التحريض على الإرهاب ، وفي القديم الزمان لم يكن هناك انتشار، بشكل كبير بالنسبة إلى المخدرات ،حيث الآن أصبح انتشار المخدرات بصورة بائسة ،ولا يحمد عقباها فيما بعد .
الماضي والحاضر رسالة ،وهي الإيمان بالله عز وجل، هو سر الهدوء والاطمئنان ،ومخافة الله عز وجل هي سر النجاح وراحة البال ،ومصدر الرزق والابتعاد عن الفواحش هكذا في الماضي ،بينما بالحاضر هو العكس مما إثر سلباً على مجتمعنا .
دمج المؤسسات المستقلة لتقليص عجز الموازنة..
ندرك جميعا أن المؤسسات المستقلة تشكل عبئا حقيقيا على الموازنة العامة للدولة خاصة في ضوء الأوضاع الإقتصادية المتردية التي تشهد تراجعا كبيرا: ركود اقتصادي وبطالة متزايدة وعجز في الموازنة ومديونية متفاقمة، وعليه فإنني أعتقد أنه آن الأوان لتتخذ الحكومة قرارا جريئا بإعادة النظر بعشرات الهيئات والمؤسسات العامة التي تم تفصيل بعضها على مقاس أشخاص معينين للترضية أو كمكافأة لهم لا أكثر ولا أقل.
وللعلم فإنه يوجد في الاردن نحو 60 هيئة ومؤسسة عامة وكل واحدة منها تضم جيشا من الموظفين بدءا بالرئيس أو المدير العام مرورا بالمساعدين ورؤساء الاقسام والكادر الوظيفي ومن الممكن جدا تحويل الاعمال والمهام التي تقوم بها هذه الدوائر الى الوزارات المعنية واستحداث مديرية مخصصة في تلك الوزارة.
هذا الإجراء مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لترشيد الانفاق العام وخفض عجز الموازنة العامة وأيضا لطمأنة دافعي الضرائب على مصير الاموال التي تقتطعها الدولة من قوت أبنائهم وعائلاتهم.
ومن الامثلة على هذه الهيئات: هيئة تنظيم قطاع الاتصالات (وزارة البريد والاتصالات) وهيئة الاعلام المرئي والمسموع (وزارة الاعلام) وهيئة الاوراق المالية (وزارة المالية) وهيئة الاستثمار (وزارة المالية) وهيئة اعتماد التعليم العالي (وزارة التعليم العالي) بالاضافة الى هيئة الطاقة الذرية (وزارة الطاقة) والمجلس الوطني لتطوير المناهج (وزارة التربية والتعليم). كما تضم القائمة هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن (وزارة الطاقة) ومجمع اللغة العربية (وزارة الثقافة) ودائرة الموازنة العامة (وزارة المالية) ودائرة مراقب عام الشركات (وزارة الصناعة) ودائرة العطاءات الحكومية (وزارة الاشغال العامة والاسكان) ومؤسسة الإقراض الزراعي (وزارة الزراعة).
وتضم القائمة كذلك المجلس الطبي الاردني والمجلس الصحي العالي (وزارة الصحة) والمجلس الاعلى للمعوقين (وزارة التنمية الاجتماعية) والمجلس الاعلى للتعليم العالي (وزارة التعليم العالي) والهيئة العامة لسكة الحديد وهيئة الخط الحجازي (وزارة النقل) وهيئة اعتماد الجامعات (وزارة التعليم العالي) ومركز تكنولوجيا المعلومات الوطني (وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) وهيئة تطوير قطاع السياحة (وزارة السياحة والاثار العامة) سلطة المياه وسلطة وادي الأردن (وزارة المياه والري..ألخ. وكل هذه الهيئات لها مخصصات مالية في الموازنة أغلبها على شكل رواتب ومكافآت وعلاوات وبدل سفرات وضيافة وهي تضغط على الموازنة العامة للدولة بشكل كبير.
صحيح أن وجود بعض هذه الهيئات والمؤسسات ضروري لكن البعض الآخر ممكن حله أو دمجه كمديرية في الوزارة المعنية.
خلال السنوات الماضية التقى رئيس الوزراء في حينه برؤساء تلك المؤسسات لتقليص عدد تلك المؤسسات لضبط الإنفاق العام، وما لفت الأنظار أن بوابة القاعة التي جمعت الرئيس بتلك القيادات، غصت بأحدث أنواع السيارات الفارهة يقف أمامها مرافقون وسائقون، وكل ما يشير الى أنك لست في بلد تفوق مديونيته 30 مليار دينار وعجز سنوي متفاقم في الموازنة العامة!
أنا على يقين تام بأن مثل هذه الخطوة ستحقق وفرا سنويا بمئات الملايين من الدنانير بالامكان استغلالها لتنفيذ مشاريع تنموية وخدماتية تحرك الاقتصاد أولا وتسهم في توفير فرص وظيفية للشباب المؤهل والمدرب ثانيا، فهل من مستجيب وهل إلى من يأخذ بزمام المبادرة؟
نحو نهج افضل لتشكيل الحكومات
تعديل الحكومات صفة اردنية بامتياز حتى اصبحت ظاهرة عابرة للحكومات . لكن الملفت جداً في حكومة الرزاز اجراء اربعة تعديلات في غضون 17 شهراً بمعدل تعديل كل اربعة اشهر .
تعديل الحكومات في الاردن يبدأ مع تشكيلها نظراً لنهج وتقاليد تشكيل الحكومات التي تتسم بغياب المعايير واعتماد العلاقات الشخصية والتسرع في التشكيل والمحاصصة المناطقية.
ما ان تبدأ الحكومة اعمالها حتى تبدأ اعراض نهج وتقاليد تشكيلها بالظهور . ضعف لدى بعض الوزراء ، او اختلافهم مع الرئيس ، او عدم انسجام الفريق الوزاري. وتكبر المشكله اذا لم يكن الرئيس قادراً على ادارة وقيادة الفريق .
ما حدث ويحدث مع دولة الرزاز للاسف ان حكومته تعاني من كافة مظاهر نهج وتقاليد التشكيل التي اشرنا اليها . واضيف اليها ايضاً ان الحكومة كانت تدار برأسين.
سوف تستمر مظاهر نهج وتقاليد التشكيل وتظهر في حكومات اكثر من غيرها كما هو حال حكومة دولة الرزاز ما لم يتم تغيير هذا النهج الذي حان زمنه منذ فترة غير قصيرة.
إلى ان يحين زمن الحكومات التي تقوم على اسس ومعايير الديمقراطية لا يمكن الاستمرار بالوقوف عند النهج الحالي لتشكيل الحكومات الذي اثبت فشله ولم يعد قادراً على افراز حكومة قادرة على ادارة شؤون الدولة وتحقيق اهدافها.
لابد من التقدم تدريجياً خطوة بخطوة نحو حكومات يتم تشكيلها وفقاً لمعايير محدده تساعد في التخلص من مظاهر نهج التشكيل الحالي . ومثل هذا التقدم رهن بارادة المرجعيات العليا في الدولة.
وليس بعيداً عن ذلك اصلاح قانون الانتخاب وتسهيل دخول الاحزاب الى مجلس النواب ، وتعزيز مأسسة الكتل النيابية ليكون مجلس النواب عاملاً مساعداً وضاغطاً للتقدم المتدرج باتجاه نهج افضل واكفأ لتشكيل الحكومات.
يقامرون بالأردن ولا يأبهون أبدا
لدينا نواد ليلية مرخصة، وبارات مرخصة، وشبكات من النساء تعمل في المهن الليلية، فلماذا لا يكون لدينا كازينو، خصوصا، في ظل الأزمة الاقتصادية؟!
لن تقف القصة عند حدود القمار، فكل الممنوعات الأخلاقية مرخصة ومسموحة، والتشدد في وجه الكازينو يضيع على الأردن أرباحا سنوية تصل إلى مليار دولار، وفي بعض التقديرات ملياري دولار، وبدلا من ان يذهب العرب إلى دول اجنبية، وإلى سفن في البحر، يمكن تحويل الأردن إلى كازينو إقليمي يستقطب كل هؤلاء، هذا فوق ان افتتاح كازينو في الأردن قد يؤدي إلى عدم استثناء الأردنيين، ومنحهم الفرصة لدخول الكازينو، بدلا من سفرهم إلى هذا البلد او ذاك، فنحن أولى بأموالهم.
كل ما سبق قبل سنوات عندما تم الترخيص لكازينو في الأردن، وتم التراجع عنه لاحقا، والذين يريدون إنشاء كازينو في الأردن، لا يكلون ولا يملون، وآخر الاخبار هنا، أن إنشاء كازينو في مدينة العقبة، قد يكون مطروحا، وذات الجماعة التي ساقت المبررات السابقة، في قصة الكازينو القديمة، يعودون اليوم لبيع ذات الحجج، بل يضيفون عليها، ان هذا سيؤدي إلى إنعاش السياحة في العقبة، وتحريك المدينة الميتة هذه الأيام.
من المثير جدا هنا، ان يعود بعضنا أيضا إلى قصص اقدم، عبر الكلام عن وجود نواد للقمار قبل عقود في عمان، وبعضهم يتحدث عن كازينو أريحا، ويزيدنا البعض سطرا على قصيدة الشعر هذه بالكلام، عن تفشي القمار في مقاهي عمان، وفي فلل وشقق سرية، فلماذا نتشدد في وجه الترخيص لكازينو، بدلا من هذه الحالة حيث لا تستفيد الخزينة أي دينار من كل هذه القصة، التي لا يستطيع احد منعها.
لقد وصل الإفلاس بنا ألا نجد حلا لأزمتنا الاقتصادية سوى اللجوء إلى خيار الكازينو، وقد يخرج علينا آخرون ليطالبوا بتحويل السياحة إلى ذات النموذج التايلندي، أي السياحة الجنسية، مادامت القصة هي قصة المال، فقط، دون أي معيار ديني او أخلاقي او مجتمعي، وهذا التيار الاقتصادي الليبرالي، لا يأبه بأي معيار سوى جلب المال، ولا يؤمن لا بغضب رباني، ولا حرمة، ويعتقد ان كل شيء مباح، حتى لو كان ذلك على حساب قيم المجتمع.
الكارثة الأخرى ان البعض يسرد لك كل الخروقات الاجتماعية في البلد، ويسألك لماذا تحتجون على الكازينو، وتسكتون على بقية الأشياء، من ترخيص النوادي الليلية وصولا إلى كل ما نراه في البلد، وهذا رأي مردود، لأن وجود خروقات أخلاقية، لا يعني الاستزادة منها، ولا يعني أيضا ان غالبية الناس، يقبلون بكل ما نراه من تجاوزات.
لقد آن الأوان ان تحدد الدولة هويتها، هل هي دولة عربية إسلامية، شرعيتها دينية، ام انها دولة بلا هوية، تقول في النهار شيئا، وتريد ان تفعل في الليل شيئا آخر، إذ لا يعقل ان نحتمل هذا الانفصام، عبر المزج بين الشعار الجميل والبراق، وممارسات على الأرض تناقضه تماما، واذا كان تحديد هوية الدولة يحدد اتجاهات كثيرة، فإن الأصل هو احترام خصوصية الأكثرية، وعدم الانسياق وراء الأقلية التي ترى في القمار، مجرد عمل تجاري يعود على الخزينة بالمال، فلم يفوض احد فينا هؤلاء، لاتخاذ قرارات من هذا القبيل.
سيخرج لاحقا من ينفي التوجه نحو تأسيس كازينو في العقبة، تحت ضغط الرأي العام، لكن في كل الأحوال، من المؤكد ان جهات عدة ستمنحه رخصة للعمل، لو ضمنت ألا تحدث ردود فعل غاضبة، ومن اليوم، يقال لكل من يفكر بهذا المشروع، انه مرفوض تماما، ولا يحق لأحد تشويه سمعة الأردن، وتحويله إلى محطة للمقامرين من جنسيات مختلفة، فوق الإساءة العميقة للمعيار الديني الذي يحرم القمار، ويعتبر كل محرم مجلبة لغضب الله، وزوال البركة، وغير ذلك من اعتبارات يهزأ بها كثيرون هذه الأيام، ويظنونها مجرد اساطير يؤمن بها عامة الناس، ويعيشون عليها.
حين يصل الإفلاس إلى هذا الحد، فلا يكون هناك أي حل سوى القمار، ويقال لمن يتبنى هذا الرأي انكم تقامرون بالأردن ذاته، على صعيد هويته ومستقبله وبنيته الاجتماعية، وهذا ليس من حق احد، في الاساس، هذا فوق ان وجود مخالفات أخلاقية أخرى، لا يعني أبدا أنها باتت القاعدة، وأن الاستزادة مقبولة، او مبررة.
ثم هل نسيتم هوية هذه الأرض ، أي أرض اليرموك ومؤتة والكرامة وحطين والأنبياء والصحابة والشهداء، وتوأم القدس، وما من شبر فيها إلا وباركه الدم ذات يوم!!