26.1 C
عمّان
السبت, 19 أبريل 2025, 17:35
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

كتاب واراء

فلسطين: الإستراتيجية الدبلوماسية بين حقوق الدول وحقوق الإنسان

الدكتور حسين عمر توقه

لم أر في حياتي شعبا تكالبت عليه الأمم وتآمرت عليه الشعوب كما تكالبت على الشعب الفلسطيني وتآمرت على القضية الفلسطينية.

إن القاسم المشترك الأعظم الذي يجمع بين حقوق الدول وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير هو عبارة عن ألفاظ منمقة في قمم عاجية يتبجح بها المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة وكافة الهيئات التي تنضوي تحت لوائها بدءا بمجلس الأمن الدولي . وتعجز عن تطبيقها لا سيما إذا كانت هذه الحقوق تتعلق بالشعب الفلسطيني . حيث أن أبسط هذه الحقوق الإنسانية تتمثل بحق الإنسان في تقرير مصيره والحفاظ على حقوقه في الحياة والإطمئنان على شخصه لا تعذيب ولا نفي ولا توقيف تعسفي وحق الإنسان في الحرية لا رق ولا عبودية وحق الإنسان في العودة إلى وطنه وحقه في الإطمئنان إلى قضاء عادل بالإضافة إلى حق الشعوب في اختيار شكل الحكومة التي تريد أن تعيش في ظلها.

إن إقامة المستوطنات التي تجاوزت في تعدادها 500 مستوطنة في الضفة الغربية هي عبارة عن خرق لكل الأعراف والقوانين الدولية . إن بناء المستوطنات في الضفة الغربية هو عودة إلى بدايات تأسيس الدولة الإسرائيلية وسلب الأرض الفلسطينية عن طريق بناء المستعمرات في الأراضي الفلسطينية وتأسيس مجموعات من العصابات المسلحة للدفاع عن هذه المستوطنات والعمل على شراء الأراضي العربية المحيطة بهذه المستوطنات عن طريق التمويل من المنظمات الصهيونية العالمية أو العمل على إحتلالها .

إن وجود مليون ومائتي ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية يعني خلق واقع ديمغرافي جديد وإن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حملته الإنتخابية ضم الأراضي المتاخمة للحدود الأردنية إلى السيادة الإسرائيلية يعني فرض واقع جديد يحرم الحكومة الفلسطينية من حدودها ويجعلها رهينة المحبسين الأرض والقرار السياسي . وهي المقدمة المتوقعة لإنهاء القضية الفلسطينية واقعا وتاريخا قبيل الإعلان عن صفقة القرن التي بقيت مكتومة وسرية لم يطلع عليها من سقاطتنا أي حاكم عربي بينما اطلع عليها بنيامين نتنياهو وناقش تفاصيلها المخزية والمرعبة في ذات الوقت مع جاريد كوشنر .

الإستراتيجية الدبلوماسية:

هي مجموعة الأساليب والطرق التي تطبقها وزارة الخارجية مباشرة أو بواسطة ممثليها الدبلوماسيين في سبيل تحقيق هدف معين . ويراعى فيها اختيار الوقت المناسب والطريقة الملائمة لإتخاذ مبادرة أو التقدم بإقتراح أو إصدار بيان يتضمن التأييد أو الإستنكار . أو التريث في الإجابة عن موضوع ريثما تتجللى الحقائق وتستقر الظروف أو عدم الإجابة مطلقا أو تجاهل الموضوع أو كشف الستار عن معلومات خفية أو التأجيل أو التسويف أو المماطلة . أو اللف والدوران حول الموضوع أو اللجؤ تارة الى المسايرة أو الملاينة وطوراً الى التحذير والتنبيه أو استدراج الجهة الثانية الى إفراغ ما في جعبتها أو القيام بحملة إعلامية واسعة النطاق أو إيفاد بعثات شرف على مستوى عال للتهنئة بتسلم الرئاسة أو الجلوس على العرش أو بالحصول على الإستقلال أو بعقد الإتحاد أو القيام بحملات دبلوماسية لشرح قضية معينة. أو رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي أو تخفيضه أو قطع علاقات الصداقة مع جهة دون غيرها. أو عقد الأحلاف ومعاهدات الصداقة أو تقديم المساعدات المالية أو وقفها أو عقد قمة أو دعوة شخصية كبرى أو هيئة رسمية والمبالغة في تكريمها رسميا وشعبياً. على أن تراعى في كل ذلك أحكام القانون الدولي وقواعد المجاملة والأخلاق الدولية.

حقوق الدول:

لقد وضعت لجنة القانون الدولي بناء على تكليف الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها الصادر عام 1974 مشروع بيان يتضمن حقوق الدول وواجباتها وقد تضمن هذا البيان أربعة حقوق للدول هي :

1: حق الإستقلال واختيار شكل حكومتها دون أي ضغط خارجي.
2: ممارسة اختصاصاتها الحكومية في اقليمها وعلى جميع الأشخاص المقيمين في هذا الإقليم والأشياء الموجودة فيه.
3: التمتع بالمساواة في القانون مع الدول الأخرى.
4: الدفاع المشروع الفردي أو الجماعي ضد أي عدوان مسلح.

حقوق الإنسان :

لقد ورد في مقدمة ميثاق الأمم المتحدة ” نحن شعوب الأمم المتحدة نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق السياسية وبكرامة الفرد وقدره. وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ” وجاء في المادة الأولى فقرة 3 منه ما يلي ” تحقيق التعاون على تعزيز إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال أو النساء “.

وبتاريخ 10 كانون الأول 1948 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ” البيان العالمي لحقوق الإنسان ” الذي يتضمن تعداداً لحقوق الإنسان تربو على المائة ويمكن حصرها بأربع نقاط :-

1: الحقوق الشخصية وهي حق الإنسان في الحياة والإطمئنان على شخصه ” لا تعذيب ولا نفي ولا توقيف تعسفي ” وحقه في الحرية ” لا رق ولا عبودية ولا عقود عمل طويلة الأجل ولا زواج إجباري . وحقه في الإطمئنان الى قضاء عادل يضمن مصالحه وحقه في التنقل والهجرة وطلب اللجؤ والعودة الى الوطن.
2: حقوق الأسرة : وهي حق الزواج وحماية الأمومة وحق التربية والتعليم.
3: الحقوق السياسية والحريات العامة أي حرية الفكر والمعتقدات وحق الحصول على الوظائف العامة والإشتراك في الإنتخابات.
4: الحقوق الإجتماعية والإقتصادية : وهي حق التملك الفردي والجماعي وحق العمل والراحة والحماية من البطالة والمرض والشيخوخة وتأمين مستوى لائق من الحياة.

حق تقرير المصير:

هو مبدأ من مبادىء القانون الدولي الحديث انبثق عن مبدأ القوميات ويقضي بمنح كل أمة الحق في أن تقرر مستقبلها السياسي والإقتصادي بحرية تامة وبدون تدخل أجنبي . وقد أيد هذا المبدأ الرئيس ويدرو ويلسون في البيان الذي القاه بتاريخ 8 كانون الثاني 1918 وجاء فيه ” يجب رعاية مصالح السكان ورغباتهم عند الفصل في الطلبات الخاصة بالسيادة”.

وجاء في المادة الأولى من ميثاق الأطلسي الموقع من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا بتاريخ 14 آب 1941 ” إن الحكومتين لا ترغبان في أي تعديل إقليمي لا يتفق مع الرغبة التي يعرب عنها السكان المدنيون بحرية تامة ” كما تعهدت المادة الثالثة ” باحترام حق جميع الشعوب في اختيار شكل الحكومة التي تريد أن تعيش في ظلها” ونص ميثاق الأمم المتحدة على هذا المبدأ في المادة الأولى ” الفقرة 2″ إذ جاء فيها ” إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير المصير”.

كما جاء في المادة 55 من الميثاق المذكور ” رغبة في تهيئة دواعي الإستقرار والرفاهية الضروريتين لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم . مبنية على احترام المبدأ الذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيره”.

وقد أكدت هذا الحق عدة مؤتمرات ولا سيما تلك التي نظمتها الدول والشعوب الآسيوية والإفريقية ودول عدم الإنحياز وفي مقدمتها مؤتمر باندونغ المنعقد في 24 نيسان 1955 إذ تضمنت قراراته ” الإعتراف بحق تقرير المصير وتأييد قضية الحرية والإستقلال بالنسبة الى الشعوب التابعة.

الإحتلال العسكري :

وهذه العبارة لاتينية ويقصد منها الإحتلال العسكري لإقليم أجنبي والناشىء عن أعمال حربية. وينتهي الإحتلال بالإنسحاب . إما تنفيذا لقرار أحد أجهزة الأمم المتحدة مثل مجلس الأمن أو الجمعية العامة. أو تنفيذا لأحكام الهدنة أو معاهدة الصلح التي تعقد بين الطرفين .

وكان الإحتلال العسكري يستعمل في القديم لتوطيد أركان الإستعمار وتحقيق أهدافه كإخضاع السكان الأصليين وإذلالهم وتأمين استيطان رعايا الدولة المستعمرة واستغلال الموارد الطبيعية المحلية ومساندة الإحتكارات والشركات الأجنبية. وفي الموسوعة البريطانية يعتبر الإحتلال العسكري أقسى أنواع الإرهاب في العالم فما بالك بإحتلال فلسطين وهو أطول إحتلال عسكري في العالم .

والآن لو وضعنا كلمة فلسطين بعد حقوق الدول وبعد حقوق الإنسان ووضعنا شعب فلسطين وراء حق تقرير المصير. ووضعنا كلمة اسرائيل وراء الإحتلال العسكري . وأخيرا لو وضعنا كلمة العرب وراء الإستراتيجية الدبلوماسية . لوجدنا أن حق شعب فلسطين في تقرير المصير قد نسفته قوات الإحتلال الإسرائيلية وذلك لفشل الإستراتيجية الدبلوماسية العربية. وفشل الجيوش العربية في تحقيق أي تفوق عسكري بالإضافة إلى فشل الدول العربية والإسلامية في الحفاظ على الحق الفلسطيني مقابل الباطل الإسرائيلي.

Share and Enjoy !

Shares

من أين لك هذا .. ؟

د. صبري الربيحات

السؤال الذي أقلق الشارع وأتعب المشرع وأعاق عمل الجهات الرقابية كان وما يزال يدور حول “من أين لك هذا؟”. البعض منا يتجنب طرح السؤال علنا مسايرة للمتنفذين والبعض يلفق الإجابات مستعينا بالدين والتراث. فيما يروى عن القائد الإنجليزي للجيش العربي “جلوب باشا” انه كان يصف الشيوخ بأنهم كسابون وهابون في إشارة الى انهم يضعون ايديهم على الكثير من الثروات ليطعموا الجياع ويفكوا الكرب ويجبروا الخواطر.

اليوم بقي الكسابون وغاب الوهابون فلم تعد ثروات الاثرياء في محيطهم الجغرافي، فهم يجمعون ثرواتهم هنا وينفقونها هناك ينتشرون على مساحة العالم ويودعونها في مصارف العالم الآمنة يتناولون إفطارهم في لندن ويستعدون لتلبية دعوات العشاء على متن القوارب او في مطاعم لوس انجلوس وطوكيو وباريس.

في بعض جلسات الاثرياء يستغرق تبادل الملاحظات حول السيجار وانواع النبيذ ومقارنة خدمات الفنادق والمنتجعات الاوروبية اكثر مما تستغرق مناقشة القضايا العامة بمرات. في بلادنا اكرمنا الله بنخبة سياسية واقتصادية تعرف اشهر مطاعم وفنادق ومنتجعات العالم ولا تتمكن من تسمية خمس قرى في الجنوب او تدري اذا ما كانت الموجب منطقة او اسم لأحد اطباقنا الشعبية.

في ثقافتنا الكثير من الاحاديث والقصص والروايات التي تتحدث عن اهل الخير وكرمهم وعن الرزق والطبقات والقدر والمقسوم وتحث على الطاعة والقبول والقناعة وتنهى عن الحسد والطمع والتجاوز على ما هو للغير.

إحدى أجمل الإجابات الدرامية على السؤال المتعلق بالثراء والتفاوت الطبقي نجدها في فيلم البداية الذي انتجته السينما المصرية العام 1986. في العمل الدرامي الرائع تعاون الكاتب لينين الرملي على تأليف وإخراج قصة تحاكي نشأة المجتمعات البشرية وظهور الدكتاتوريات واستغلال البشر لبعضهم.

قصة الفيلم تبدأ بتعرض طائرة ركاب الى عاصفة تؤدي الى سقوطها ونجاة عدد من الركاب وافراد الطاقم قبل انفجارها. ويتطور البناء الدرامي للقصة مع بداية بحث الناجين عن مظاهر للحياة في المنطقة الصحراوية الموحشة وعثورهم على واحة تصلح للعيش والاستقرار.

في الفيلم الذي تتبدى فيه الاوجه البشعة للكائنات البشرية تمكن رجل القانون المتمرس جميل راتب “نبيه” من تطوير فكرة النشوء للواحة، ويقدم لرفاقه نظرية حول علاقاتهم بها وببعضهم حيث يقنع الجميع بأنها منحة له من الرب الذي فوض له الحق في استخدامها وادارتها والانتفاع بكل ما تنتجه الارض من ماء وثمار وطالب الجميع بالعمل من اجل ان يكسبوا العيش واثبات الطاعة والولاء.

وسط قبول البعض وتردد الآخرين يعلن الحاكم الاسم الجديد للواحة “نبيهاليا” ويقيم قصره بجانب نبع الماء الوحيد والمطل على نخيل الواحة بعد ان يقيم علاقة رومانسية مع عالمة الكيمياء المتعجرفة سميحة طاهر “نجاة علي” فيشكلان معا ثنائيا بارعا ويحكمان القبضة على الواحة وكل ما فيها غير آبه للمعارضة التي يقودها رسام الكاريكاتير المثقف عادل “احمد زكي”.

في وقائع الفيلم الذي يعتبر مختبرا مصغرا لما جرى لشعوب الارض يستغل نبيه القدرات البدنية العالية للملاكم صبري عبدالمنعم فيسند له الوظائف الامنية وينعم عليه بالالقاب ليصبح الذراع العسكرية للدولة الناشئة وعمود من اعمدة نظامها الى جانب الفلاح سليم سالم الذي جسد دوره الفنان حمدي احمد.

صور الجدل الدائر هذه الايام حول الفاقة والفقر والتخمة التي يعيشها البعض يجسدها فيلم البداية في صور ومشاهد يصعب نسيانها. لكن الاسئلة المتعلقة باستمرار غنى وتخمة من لم ينشطوا يوما خارج دوائر العمل العام تبقى احد اهم مصادر الغضب والعتب والمظلومية. فالفقراء يسألون ومعهم كل الحق عن اسباب تضخم ملكيات وثروات من امضوا حياتهم في الوظيفة العامة يتلقون دخولا محدودة كغيرهم.

في كل ازمة يطل عليهم متخم ليحدثهم عن فضائل الجوع والعمل والشهادة وهم يرون كيف يمكن ان يتصرف احدهم اذا ما خسر مقعده النيابي او العطاء الذي توقع ان يرسو على إحدى شركاته او اذا ما خطر ببال احدهم ان ينزع عنه الغطاء ويجرده من بعض الامتيازات التي اصبحت إرثا لا غنى عنه.

الاجابة على السؤال التاريخي الملح: من أين لك هذا؟ هي البداية للنهضة وبغير ذلك يبقى الحديث عن النهضة تمرينا في الجدل العقيم الذي لا يفضي الى نتيجة او يحل ازمة.

Share and Enjoy !

Shares

قانون الزكاة .. والمزيد من الشعبوية

د. محمد حسين المومني

للزكاة قيمة دينية وإنسانية خاصة ونبيلة، فهي ليست فقط تأدية لعبادة، بل تطهير للنفس، وتعظيم إنسانيتها وسموها. كثير ممن يزكّون أو يتبرعون يفعلون ذلك خدمة لنفوسهم وتطويعاً لها، ولإعطائها الشعور بالرضى والسكينة. في المجتمع الاردني الكريم والمليء بالمروءة، تسود وتنتشر قيم الزكاة والاحسان والمساعدة، لسنا بحاجة لتدخل حكومي من أجل حثنا على ذلك، بل أجزم أن أي تدخل حكومي سيضر بهذه القيمة المجتمعية النبيلة، وهذا الركن الديني الأساسي.

في وقت تئن فيه الخزينة تحت وقع المطالبات المتكاثرة، وفي وقت تعلن فيه الحكومة تراجع عوائد وإيرادات الضريبة، تقر وبرمشة عين، ودون أي حوار، قانوناً يمكن بموجب المادة (ب) منه أن “للمزكي تنزيل ما دفعه فعلاً للمؤسسة العامة للزكاة (وهي هيئة مستقلة جديدة ستنشأ بقانون بعكس التوجه العام بإلغاء الهيئات) من الضريبة المستحقة عليه لسنة التقديم نفسها.. ووفق نظام خاص يصدر لتنظيم هذه المسألة والنسبة التي يسمح بتنزيلها على ألا تقل عن (50 %) من الضريبة المستحقة”، والمادة (ج) “المبلغ المتبقي من الزكاة المدفوع للمؤسسة بعد التقاص مع الضريبة.. يجوز تنزيله من دخل المكلف بموجب أحكام قانون ضريبة الدخل النافذ”.

كيف يمكن فهم هذا التناقض الا أنه شعبوية مفرطة، وتجسيد لعقلية استسهال التضحية بموارد الخزينة، وروحية “أنا ومن بعدي الطوفان” ومن يأتي لاحقاً “يدبر حاله”. ثم منذ متى تدخلت الحكومات بالعبادات في الأردن إلا بجوانبها التنظيمية؟ أليست الزكاة ركناً من أركان الاسلام التي يجزي فيها الخالق عباده؟ لماذا تتدخل الحكومات الآن لتجزي عباد الله مالياً إذا ما قاموا بفرائضهم؟ ألا يمكن الآن لمن يمارس ركن الحج أن يطالب بخصم تكلفة حجه من ضريبته المستحقة عليه؟ ماذا عن الأردنيين غير المسلمين وهل نعطيهم نفس الإعفاءات الضريبية اذا ما تبرعوا لجمعياتهم الخيرية أو لأفراد على شكل زكاة؟ هل إقرار القانون يعني الاعتراف ضمناً بفشل جهود مكافحة التهرب الضريبي واللجوء لأساليب التحفيز الدينية لحث المتهربين من دفع الضريبة بشكل زكاة؟ ثم ماذا عن دور مؤسسات الدولة الرسمية والناجحة التي تقوم بنفس دور المؤسسة المنوي استحداثها، أهمها وأوضحها صندوق المعونة الوطنية الممول من خزينة الدولة الممولة من الضريبة؟

لا أجد إجابات ولا منطقا مقنعا خلف إقرار هذا القانون الذي رفضته عدة حكومات، وأعتقد أنه يثير العديد من الأسئلة الفقهية والمالية أكثر مما يحل المشاكل التي أتى لحلها. النتيجة المباشرة لهكذا قانون نقص ملموس لعوائد الخزينة، وذهابها للمؤسسة العامة للزكاة ليقرر مجلس أمناء من أحد عشر شخصا أوجه إنفاقها، في حين أن أموال الخزينة يقرها كافة أعضاء مجلس الوزراء ثم تذهب للبرلمان بشقيه ليناقشها ويمحص فيها.

لما سبق، لا أعتقد أن العقل الذي وقف خلف هذا القانون قد تدبر. المشكلة أن مجلس النواب بتكوينه ودوره لا بد أن يكون شعبوياً فهذا عمله، لذا فسيكون على مجلس الاعيان دور مهم في التعامل مع هذا القانون.

Share and Enjoy !

Shares

الوطن

ابراهيم الحوري

حينما أرى الوطن، بألف خير ،أرى ذاتي بألف خير ،الوطن لا يقتصر على أن نكون قاطنين به فحسب ،وإنما أن نكون مُدافعين عنه ،وعن حقوقه ، فالناس أصبحوا يتألمون، كثيراً، نتيجة الشيء الذي فقدوه ،وهو الراتب أصبح بحالة فقدان قبل نصف الشهر ،مما أثر سلباً على إحتياجات المواطن الأردني من تقليص الكثير من الاحتياجات التي يتوجب شراءها ،فالوطن هو كلمة يجب أن نُحافظ عليها ،ولكن المواطن الأردني أصبح يتذمر ،وفاقد الأمل في الأيام القادمة .

مما لا شك فيه أن المواطن الأردني، الان يعيش في حالة نادرة ،وهي حالة اكتئاب شديدة ،نتيجة ثقب بسيط في ملابسه، بجانب الجيب الأيمن ،او الجيب الايسر ،يكون هناك ثقب كُل ما وضع به نقود ،كلما كانت النقود في حالة نزول من الجيب ، المواطن الاردني يا دولة رئيس الوزراء الاكرم ،بحاجة وبأسرع وقت الى تحسين وضعه المعيشي ،حيث الوطن هو الذي يُعمره المواطن ، فالمواطن الأردني، لم يعد أشبه كالسابق ،حيث تغيرت عليه ظروف الحياة ،من أشياء قد حدثت، في واقع المواطن الأردني، ولم تحدث بالسابق .
والإثبات على ذلك زاد الفقر، وزادت البطالة ، زادت الجرائم ،وزاد إنتشار المخدرات، حيث الاسباب الرئيسية لحدوث هذه المشكلات ،هما الفقر والبطالة ،فالمواطن يتألم ،والوطن يتحسر ،على شبابه، وشابته ،نعم هذا هو الواقع ،فالدموع تذرف دمعاً من عيني ، على الواقع الذي نحن به ،فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وعلى ذلك، أقوم بعمل إيجاز ،عن الواقع المرير، لا بل الحزين .

Share and Enjoy !

Shares

الاردن يحتاج الى رجالات دولة حقيقيين ..!!

خالد خازر الخريشا

يا سادة يا كرام هناك فساداً سياسياً وادارياً يسود الدولة ويسود المجتمع ويتزايد يوماً بعد يوم، بسبب مخالفة الدستور والقانون وتعطيل أجهزة الرقابة وعدم تنفيذ معظم أحكام القضاء، والتغطية السياسية من النافذين لكل هذه المخالفات .

لن ينهض الاردن من أزماته السياسية والإقتصادية والإجتماعية، إلا على يد سياسيين ومسؤولين كبار، وكبرهم لا في نفوذهم السياسي بل في شجاعة التجرد من المصالح الرخيصة، والإغراءات المالية، والأرباح غير الشرعية ، الاردن اليوم يحتاج إلى رجالات دولة حقيقيين جاؤوا ليعطوا بتفانٍي وإخلاص، لا ليأخذوا ما ليس يحق لهم، حينئذ يحفظ المال العام، ويكثر بوفرة، وتتأمن للمواطنين كل حقوقهم الأساسية من أجل عيش كريم ومكثف لأن حقوقهم هي من واجب الدولة والمسؤولين. وليست منَّة من أحد
يتضح يوما بعد يوم أن التغيير المنشود في الاردن نحو الأفضل لا يستقيم بوجود الطبقة السياسية الحالية سواء كانت في مفاصل النظام أو في واجهة الحكومة والبرلمان وكي أكون صريحا أكثر أقول إن الاردن يفتقد لرجال الدولة الحقيقيين الذين تلمع معادنهم كالذهب أيام الازمات والمحن…
ما أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم هو غياب القرار الحازم والعادل في الوقت نفسه على مستوى السلطة وردود الفعل العشوائية أو «المبرمجة» على مستوى المعارضة الفيسبوكية والتويترية .

منذ زمن غاب رجال الدولة وترك الملعب للسفهاء الذين تقدموا الصفوف في السلطة فخربوا ولم ينجزوا ،كان النظام بحاجة ماسة الى رجال دولة حقيقيين لإعانته على الرقابة وضمان مبدأ الشفافية والنزاهة في كل اعمال السلطة التنفيذية، وقيادة مشروع دائم للتطوير والتغيير نحو الأفضل يشمل كل مجالات التنمية مع وجود جهاز ضخم لمتابعة تنفيذ المشاريع وكشف الهدر ومحاسبة المقصر والفاسد ، ومعاقبة السارق والمخالف والمساعدة على ادارة العملية السياسية برقي وحلم وحكمة وعدل والتزام بالقانون والدستور والثوابت الوطنية .

هل هناك رجال دولة حول الحكومة وداخل مجلس الوزراء؟ قد يكون هناك وزير أو مجموعة قليلة من الوزراء صاحبة اختصاص وناجحة في عملها، إنما التجربة أثبتت أن أخطاء الحكومة صارت خطايا غير قابلة للتصحيح خصوصا أن الطعن والتسريب يخرج من اجتماعاتها، وتكريس المحسوبية والواسطة والشللية والصفقات والمجاملات على حساب القانون والهيبة تخرج من أروقتها وملفاتها وقراراتها، وصراعات الأقطاب تخرج من كواليسها.

هل هناك رجال دولة بين النواب؟ طبعا هناك نائب برلماني بامتياز، وهناك قانوني بامتياز، وهناك مخضرم بامتياز… لكنهم قلة قليلة من جهة، وتخصصاتهم لا تنقلهم الى مصاف رجال دولة من جهة ثانية لأن ذلك يحتاج مناخاً من العمل المتجانس المتكامل الطامح الى الانجاز وفق مصلحة الاردن لا وفق أجندات ومصالح ضيقة خاصة كما رأينا في المجالس السابقة حيث تحول بعض النواب الى محامي دفاع للحكومة ضد القواعد الشعبية التي أوصلته الى قبة البرلمان، وبعضهم الآخر تحول الى رأس حربة في المشاريع الاستثمارية يعني نائب بزنس وعطاءات موجود حتى يمشي مصالح شركاته بالضغط على الحكومة، فيما يلهث نواب اخرون وراء مشاريع شخصية ومصلحية مثل إسقاط بعض القروض وفتح الموازنات بلا حساب ليثبتوا ان بعدهم عن رجال الدولة بُعد الاردن عن كوكب المريخ .

هل هناك رجال دولة معارضين في الاردن؟ هناك رموز معارضة تاريخية على عدد اصابع اليد في الاردن سيسجل لها الاردنيون أنها سبقت عصرها في مفهوم رجال الدولة وأعطت دروسا في هذا المجال لمعارضين وسياسيين من دول مجاورة لكن هذا المفهوم غير موجود للأسف الشديد عند الغالبية الساحقة من حركة المعارضة الوطنية التي اجهضها تشكيل كوكتيل الاحزاب الهلامية التي تجلس في حضن صاحب القرار السياسي بالحكومة، لان طرح المطالب الوطنية العامة بنبرة حزبية خاصة لا يحقق الهدف المنشود، كما ان الهم الوطني العام لا يتم التعبير عنه برد فعل على قرار أو حكم محكمة دستورية مع ما يصاحب رد الفعل من اثارة واستفزاز بل ومصادرة الامة والشعب والادعاء بان طرفا يمثلهما.
المطالب الوطنية للتغيير والإصلاح تحتاج استقرارا سياسيا بالدرجة الاولى مصحوبا بمناخ شعبي عام يؤمن مشاركة واسعة من كل فئات المجتمع الوطني لتحقيق هذا الهدف…

رجال الدولة لا يلعبون على سمفونية العنصرية والطائفية والجهوية ولا يطرحون أجنداتهم الخاصة عندما يتسيدون القرار التشريعي فينكبون على تعديلات دستورية بعينها بينما كانوا يثورون سابقا ويثورون الشعب كي لا يمس الدستور ، رجال الدولة لا يكفرون بالحراك الشبابي إذا كان خارج أهدافهم ويؤمنون به اذا كان يخدم أهدافهم، رجال الدولة يواكبون الحراك الشبابي لان الاردن يحتاج هذه الحيوية فيلفتون نظرهم اذا كان هناك من شطط أو تطرف ويشجعونهم اذا كان هناك من عزوف أو استكانة.

كم نفتقد الى رجال الدولة في كل مؤسساتنا ، كم نفتقر الى هؤلاء الذين يحاورون تحت سقف الثوابت الوطنية، ويفتحون القلوب قبل الأبواب بل و«يتواطأون» مع الأضداد لمصلحة الاردن، ويتنازلون لمصلحة الاردن… ويخسرون لتربح الاردن ؟

Share and Enjoy !

Shares

حياة كريمة

ابراهيم الحوري

حينما أسأل، أي شخص كان ،هل راتبك يكفي لشراء احتياجتك الشهرية ؟ ،حينها يقول ليّ ، لا ابداً ، فالسؤال هو عبارة عن تحليل واقع مؤلم ،ومؤسف ،يجب الإجابة عليه من قبل الحكومات المُتعاقبة، التي جعلت من المواطن الأردني، يشكو الفقر، والبطالة ،جراء مُعيقات قد خلقتها الحكومات ،منها ازدياد الفقر، من سيء الحال، الى أسوء حال ، لعلنا مدركين أنَّ واقعنا يتزاماً مع التطور، ولكن في ظل التراخي، الذي أصبح، المواطن الأردني، يفقد الثقة تجاه الحكومات المتعاقبة، مما خلق نوع من ، من الشك في اداء اي حكومة تستلم إدارتها.

اتعلمون ما الذي يُريده المواطن الأردني ،من الحكومات ،يُريد أن يتجاوز خط الفقر ، الذي يشعر به ، كل مواطن اردني قاطن في المملكة الاردنية الهاشمية،
حينما نقول حياة كريمة، أذن نرسم في مُخيلتنا، حياة بها شراء كُل ما يلزم كُل مواطن ،من مأكل ،ومشرب ،و حياة ترفيهية ،ولكن الذي أصبحنا، نشاهده ،هو غلاء الأسعار ، من غير رفع رواتب موظفي القطاع العام،
ولكن ما يدور في هذه الاونة حقيقة، هو صراع ما بين المواطن الأردني، والحكومة الاردنية، وأن كان أسمه سوفَ يطلق عليه ، صراع من أجل لقمة العيش ، مشهد غامض ، لا يكون متفتحاً الا أن تكون شخصية رئيس الوزراء ،أشبه في رئيس الوزراء الأسبق، و هو المرحوم وصفي التل ، أتعلمون ما الذي يُريده المواطن الاردني ،يُريد أن يتجاوز خط الفقر ،ويُريد أن يعيش حياة بها رفاهية ، أي حياة كريمة ، وفي النهاية حرية الرأي قد كفلها الدستور من غير الاساءة لأي شخص كان .

Share and Enjoy !

Shares

دروس من الإضراب

د. صبري الربيحات

الكثير من النداءات والحركات والقضايا التي تثار من وقت لآخر تنطفئ بعد فترة قصيرة من ظهورها او يتخلى اصحابها عنها وينسوا ما تحركوا من اجله. انتهاء هذه المطالبات والقضايا لا يعود لعناد وهيمنة الادارات ولا لعدم عدالة المطالب او لضعف ايمان المطالبين بمطالبهم وإنما لأسباب تتعلق بسوء التنظيم وتداخل الاهداف وغياب الشعارات التي تحدد المطالب وتوحي بالعدل وتبدد شكوك من يتصدوا لشيطنة الجماعة وتشويه صورتها.

الحراك والإضرابات الأردنية ليست استثناء فقد خفتت أصوات العديد منها او جرى احتواء قياداتها واستمالتهم وتدجين البعض منهم الامر الذي ادى الى تفتيت بنيتها وإضعاف الثقة بقياداتها وتراجع المؤيدين عن تأييدهم لها. خلال العقد الاخير تحول العشرات ممن قادوا الحراك في العلن الى عناصر هدم وتقويض للبناء ليظهروا لاحقا وزراء ومدراء ورؤساء هيئات مستقلة ومعدّين ومنتجين لبرامج حوارية على منصات عديدة.

على خلاف تجربة الحراكات السابقة تفاجأ الجميع بتطور الاحداث التي جرى تصعيدها من وقفة مؤقتة لإضراب أصبح الاطول في تاريخ النقابات والمهن الاردنية منذ نشأت الروابط والنقابات في منتصف القرن الماضي. المعلمون الذين تواردوا للعاصمة من كل مدن وبوادي وقرى الاردن يعرفون مطالبهم ويملكون الوعي بحقوقهم ويدركون ان النقابة تمثلهم فهم جاهزون للانصياع للقرارات وقادرون على قراءة المشهد والتنبؤ بالمآلات التي قد يتطور اليها.

وفاة النقيب احمد الحجايا في اوج استعدادات النقابة للتصعيد وتسلم نائبه ناصر النواصرة أعطت للنقابة دفعة قوية لا سيما ان خطابات النقيب الراحل اكدت على تمسك النقابة بمطلب الزيادة والعمل باتجاه تحقيقها أيا كانت الكلفة اعطت للنقابة ومجلسها دفعة قوية وإرثا لا يملكون التخلي عنه.

 


انطلاق الاضراب وأساليب تعاطي الحكومة وضعت الحكومة الاردنية واساليب عملها على مشرحة الشعب وقد انشغل الاعلام الرسمي والشعبي والالكتروني في متابعة الاحداث وقراءة المشهد واستكشاف جوانب القوة والضعف في خطابين احدهما رسمي يحاول التأكيد على الضبط والانضباط ويستند الى القانون والثاني يستند الى مفاهيم الحق والحرية والعدل المستمدة من الدستور والقيم والاخلاق والدين.

على الجانب الاهلي يطالب المعلمون باعتذار حكومي على منعهم من الوصول للعاصمة وعلى الممارسات والتعديات التي قيل انهم تعرضوا لها داخل مراكز التوقيف وهي إن صح الادعاء مهينة ومزعجة وتستوجب الاعتذار والتحقيق. كما يطالبون بزيادة في الاجور بواقع 50 % على الراتب الاساسي ويتطلعون الى اعتراف الحكومة بحق المعلمين في الزيادة ولا يعترضون على جدولتها او تقسيطها او إنفاذها بأي صورة من الصور.

بالمقابل تنكر الحكومة وجود التزام مسبق بإعطاء العلاوة ولا تمانع في تقديم حوافز للمعلمين على هيئة علاوات ترتبط بالمسارات المهنية تصل الى 25 دينارا بالمتوسط وهي اقل من 15 % مما يتطلع له المعلم. موضوع الاعتذار والتحقيقات موضوعات لم تتطرق لها الحكومة بالرغم من انها مطالب يجري التاكيد عليها من قبل النقابة يوميا.

وسط كل هذا الجدل والتعنت دخل على ادبيات الإضراب شعار ربما هو الاقوى والاهم. “نجوع معا او نشبع معا” شعار يدعو السامع الى التأمل في التفاوت الطبقي والتمييز في الأجور والهدر الحكومي والمؤسسي وتأخر تقديم الخدمات والرواتب الخيالية للمستخدمين في الهيئات والمناطق الحرة والشركات شبه الحكومية التي لا تعود على الاقتصاد بفائدة. في وجه تنامي التعاطف واتساع دائرة التأييد تأتي قرارات المحكمة الادارية التي تتوالى بسرعة لتعتبر وقف الاضراب نافذا. 

الاضراب الطويل فتح عيون الأردنيين على نماذج قيادية محترمة ومعتبرة واوضحت ان الديمقراطية يمكن ان تفرز قيادات غير مدجنة او مصنعة تحظى باحترام القواعد وتؤتمن على مصالح الأمة.

Share and Enjoy !

Shares

هل اقتربت ساعة الرحيل؟

سيف الله حسين الرواشدة

لأيام الماضية أتت بحقيقتين، سحب الشارع ثقته عن الحكومة، وفشل الحكومة في إدارة الازمات المتتالية التي عصفت بنا، فأداء الحكومة في أزمة المعلمين أضر بالدولة وصورتها، وهدد لحمة المجتمع وسلمه الاهلي (فكلنا شاهدنا ما حصل أمام بعض مدارس الاناث من احراق للإطارات ومشادات بين المعلمات وأهالي الطلبة) وضرب للأردنيين بعضهم ببعض عبر أدوات الحكومة المختلفة وبعض وسائل الاعلام، ناهيك عن زجها للقضاء الأردني (الذي نؤمن بنزاهته واستقلاله) في الأزمة وما حصل بعده من جدل قانوني وتلويح بإجراءات تأديبية أزمت الموقف أكثر.أضف لهذا، اخفاق الحكومة في إيجاد انفراجة للملف الاقتصادي، فالعجز تعدى حاجز المليار دينار قبل نهاية العام، والمديونة مستمرة في الارتفاع، وانخفضت نسب النمو (١،٨٪) لتكون الأقل منذ سنوات وارتفعت نسب البطالة بشكل قياسي مرعب، والادهى ربط الإخفاق الاقتصادي بانخفاض الارادات الضريبية على الدخان والسيارات وغيرها، وكأن الحكومة عدمت ألف ناصح لها أخبرها، أن التوسع في فرض الضرائب يورث انخفاض ارادها وانكماش السوق و تراجع النمو، وأن النهضة لا تأتي على ظهر قوانين الضريبة وتقليل الدعم ورفع الأسعار، بل بالاستثمار وتشجيعه وبناء البنية التحتية اللازمة للنهوض بالصناعة والزارعة ودعم التجارة للمنافسة بالسوق المحلي والإقليمي وقبل كل هذا تكون النهضة عمومًا في النهوض بالإنسان الأردني، لا بتحميله عبء اخفاق سياسيات اقتصادية لم يشاوره أحد فيها ولومه على واقع لم يكن له فيها يد.حكومة الرزاز أتت إثر احتجاجات شعبية كبيرة، وروج لها كثيرًا تحت عناوين عريضة مثل “العقد الاجتماعي الجديد” و “تغير النهج” انسحبت منها الحكومة بعد أسابيع قليلة، وخيبت ظن الأردنيين في مواقف عدة، أولها التشكيل الوزاري وما تلاه من تعديلات، فالإبقاء على أسماء كثيرة من حكومة هاني الملقي (الفريق الاقتصادي عمومًا) لم يستحسنه الشارع أما أداء الفريق الوزاري الذي ينقصه روح الفريق وتعم على طريقة عمله صفة الجزر المتباعدة فقد عمّق أية أزمة مرت فيها البلاد، وأفقد الحكومة أي ثقل أو تأثير لها على الرأي العام، وما جرى في الأيام الماضية من دعم شعبي لنقابة المعلمين هو استفتاء حقيقي أجراه الأردنيين على رضاهم عن الرئيس وطاقمه الوزاري، وزد على ذلك انعدام أي مبادرة سياسية للحكومة وتعاملها مع كل الملفات من وجهة نظر فنية وكأننا أمام مجلس إدارة لشركة أو بنك وليس لدولة يناهز عمرها مئة عام بناها الأردنيين بالعرق والسهر والدماء.نهاية، جردة حساب الحكومة في كل الملفات الاقتصادية منها والسياسية وحتى الإدارية تطالبها بالرحيل قبل أن تجر الأردن والاردنيين الى أزمة أعمق في ظل ظروف إقليمية وعالمية تتطلب منا حكمة حكومية لمواجهتها، واذكر أن دولة الرئيس لما وصل الرابع غرد أنه كان وزيرًا للتربية والتعليم يمتحن أبناء الأردنيين واليوم نحن نمتحنه، وبعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من عمر الحكومة، ما سبق ذكره كان ملخص نتيجة الامتحان الحكومي وليس بعد هذه “العلامات” الا الرحيل وافساح المجال لمن قد يملك الحلول.

Share and Enjoy !

Shares

بين رجال الدولة والموظفين

فهد الخيطان

أمتع ما في كتب التاريخ تلك المعروفة بكتب السيرة الذاتية، حين يدون الزعماء والساسة والفاعلون في مراحل تاريخية مذكراتهم، وسيرتهم في المواقع العامة.

عالميا يعد هذا الصنف من الكتب الأكثر مبيعا في المكتبات، وفي ثقافة الدول المتقدمة عادة ما تأتي السيرة مليئة بالمعلومات الجديدة والأسرار التي لم يكشف عنها من قبل. في بلداننا العربية يبقى الإفصاح التام محفوفا بمخاطر سياسية واجتماعية، ولذلك تأتي أقل زخما من مثيلاتها الغربية، ومع ذلك تحتفظ بقدر غير قليل من المتعة والتشويق والفائدة. وبقدر قليل دخل إلى عالم السيرة الذاتية أسلوب جديد يوثق اليوميات، لكن ذلك يشترط مسبقا أن يكون الشخص قد واظب خلال عمله على تدوين منتظم لمجريات عمله اليومية.

وتبقى هناك عشرات السير الذاتية غير المكتوبة، تسمعها شفاهة من أصحابها ممن لا يفضلون تدوينها لاعتبارات مختلفة، لكن يمكن الركون إليها كمصدر يضيء على جوانب مخفية من تفاصيل أحداث تاريخية ومفصلية.

قد تبدو روايات من عاشوا ذات المرحلة متباينة أو متناقضة أحيانا، وذلك يعود لاختلاف الزوايا التي نظر إليها الأشخاص لتلك الأحداث واختلاف مواقعهم الرسمية، وربما مواقفهم أيضا. لكن المهم في المحصلة أن هناك مواقف ووجهات نظر تنطلق من اعتبارات المصلحة العامة كما يعتقدها أصحابها.

أهم ما في المذكرات والسير الذاتية، أنها تعطيك الفرصة لتميز بين صنفين من المسؤولين؛ رجال الدولة والموظفين، ويتجلى ذلك في أوقات الأزمات والشدائد، عندما يكون لقول كلمة الحق بشجاعة تبعات ومسؤوليات، دون تملق أو نفاق.

تاريخ السياسة في بلادنا عرف كل الأصناف كما تروي لنا المذكرات؛ رجال دولة أخلصوا للوطن والعرش، وموظفون كانوا عبيدا لكراسيهم ومناصبهم. ساسة حملوا على عاتقهم قول رأيهم بشجاعة من موقع الإخلاص الوطني، وآخرون عاشوا وماتوا متملقين ومنافقين. صنف صمد في وجه الأزمات ولم يترك الموقع عندما كان يكلف صاحبه حياته، وفريق ثان لا يعرف الإخلاص إلا في زمن الرخاء والبحبوحة. المنصب بالنسبة إليه يرتبط بحجم المكاسب والمغانم.

قلة من هؤلاء ربما لم يفكروا في حينها بأنه سيأتي يوم ويروي فيه أحدهم التاريخ ويسرد الأحداث والمواقف، ليتكشف معدن الرجال، ويعلم الناس من كان حقا رجل دولة أو مجرد موظف يجلس على كرسي.

وحين يطالع المرء كتب السير هذه، يتساءل مع نفسه عما يمكن أن تحمله كتب مماثلة في المستقبل لمسؤولين حاليين. الزمن تغير بالطبع، ووسائل التدوين وانتقال المعلومات تتطور سريعا لدرجة قد لا تكون معها بحاجة لاستعادة الزمن، نصا مكتوبا. فثمة وسائل تقنية متقدمة تنقل الأحداث بالصوت والصورة وتوثقها للأبد.

باختصار، تستطيع بسهولة اليوم وبفضل وسائل الإعلام أن تميز بين رجال الدولة والموظفين.

أظن أن بعضا ممن تولوا المسؤولية في زمننا هذا سيخجلون من تدوين مذكراتهم.

Share and Enjoy !

Shares

إعادة كتابة التاريخ بالحبر المسموم

ابراهيم نصر الله

كنت أراجع، صباح أمس، مقالي الذي كتبته لأرسله إلى «القدس العربي»، لينشر اليوم، حين قرأت عن القضية التي رفعها الأسترالي إبرهارد فرانك (79 عاماً) ضد حكومته بلاده، لأنها رفضت أن تسجل، في جواز سفره، أنه رسمياً من مواليد فلسطين، وكم سعدت أن الحكومة الأسترالية خسرت هذه الدعوى القضائية بعد قيامها بإزالة اسم فلسطين في العام الماضي من طلب جواز السفر الذي قدّمه فرانك.

قال فرانك: «طوال حياتي، أخبرني والدي أنني ولدت في فلسطين، ولدي شهادة ميلاد بعنوان حكومة فلسطين تذكر أنني ولدت في يافا».

تفتح قصّة، أو قضية، فرانك جرحاً واسعاً، ونحن نستعيد الطريقة التي تمّ فيها محو اسم فلسطين من ملايين جوازات السفر المعرفية لأبنائنا، وأعني كتبهم المدرسية، بتواطؤ حكومات عربية وبتواطؤ السلطة الفلسطينية ذاتها، التي بات علينا أن نطالبها بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، كما نطالب أمريكا! على رأي أحد الأصدقاء. ونستعيد كيف عملت دول على التواطؤ على اسم فلسطين حيثما ورد، وسعت إلى محوه، أو محته من كتب الجغرافيا والتاريخ، وكيف عملت على إجبار الفلسطيني على أن يكفّ عن ترديد هذا الاسم في كثير من منافيه، بل كيف حولت هذا الاسم إلى دليل اتهام، أو دليل عدم انتماء للمكان الذي حلّ فيه، وأصبح هذا الاسم سبباً لقتله، أو تهميشه، أو عقابه إنسانياً ووظيفياً، وحياتياً في أدق التفاصيل، بل غدا هذا الاسم سبباً في ممارسة تمييز عنصريّ ضده بأشكال جديدة لم تخطر ببال عتاة العنصريين.

من الطبيعي، في المنطق الصهيوني، أن يتم محو اسم فلسطين، ووضع اسم بغيض مكانه، ومن الطبيعي في هذا المنطق أن يتمّ محو مئات الأسماء لقرى وبلدات ومدن فلسطينية ووضع أسماء بغيضة أخرى مكان الأسماء الأصلية، ومن الطبيعي أن تُطلق على من بقي في أرضه، في فلسطين البحرية، أو يُطلق البعض عليهم: عرب إسرائيل. كي لا يرِدَ اسم فلسطين في التسمية، لكن المرعب في الأمر هو ذلك التبرع الذي تقدّمه اليوم أنظمة عربية وبعض غربانها، الذين ينعقون بين حين وحين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويمحون اسم فلسطين والشعب الفلسطيني ويروّجون لذلك، أو يذهبون لالتقاط الصورة مع القتلة وهم يبتسمون لأنهم حرروا النازية الصهيونية من بُغضنا لها!

قد يُتفِّه بعضنا تأثير هؤلاء، ولكن ذلك غير دقيق، ولا يكفي، فهناك كثير من السُّذّج الذين تمتص أدمغتهم الحبر المسموم لأقلام هؤلاء، ويرددون نعيقهم، بسذاجة، أو اقتناع، وأقول اقتناع، لأن ثقافة هؤلاء السُّذج، لا تملك ذلك الترياق الذي يبطل مفعول ذلك الحبر البغيض.

في معرض عمان الدولي للكتاب، طُرِح عليّ سؤال لم يسبق أن طرح عليّ في أي مكان، وأعني أي مكان في العالم حتى الآن، بعد مئات من اللقاءات مع البشر على سطح هذا الكوكب، وفي ظني أن التي طرحت السؤال كانت تطرحه ببراءة جاهلة مبالغ فيها، لأنها لو كانت تدرك القليل من خطورته لتحفّظت، ولكنها كانت تملك جرأة طرحه لسبب واحد: أنها تعتبره سؤالاً لا يمس إنسانيتها ووطنيّتها ووعيها أمام أكثر من 200 من زميلاتها وزملائها الشباب!

كان السؤال كالتالي: البعض يقول إن الأرض، كل الأرض، مُلك لله، فلماذا نعترض على أن يأخذ اليهود فلسطين، فهم أيضاً أفضل منا، علمياً، وديمقراطياً، وأكثر تقدماً في كل المجالات؟!

التفتّ لأعين الجالسين من الكتّاب وأساتذة الجامعات في الصفّ الأول، فرأيتها قد اتسعت على نحو مرعب، ولم يكن قلبي أقلّ رعباً أمام صدمة السؤال التي هزّته؛ فهذا سؤال لم أتخيل أنني سأسمعه هنا، وفي لقاء يقام خصيصاً لهؤلاء الشباب على هامش معرض عمان الدولي للكتاب، وأفزعني أكثر أن السؤال معزز بمنطق (دينيٍّ).

سألت تلك الفتاة، التي تبدو في مطلع العشرينيات من عمرها، سؤالاً أحسست أنه في حجم وعي سؤالها: أنت تسكنين في بيت، البيت مقام فوق أرض، ومواد بنائه من تلك الأرض أيضاً، أي أنه أرض، كله أرض، صحيح؟

أجابت: أجل.

فسألتها: أنتِ في بداية حياتك الثانية في مجال التعليم. ماذا لو جاء رجل أو امرأة يحملان شهادة في الهندسة، أو الطب، أو أساتذة جامعات، أو أصحاب مصانع، وطرقوا بابك وقالوا لك: نحن أحق بهذا البيت لأننا أكثر منك تعليماً وثقافة، هل تمنحينهم بيتك؟!

أجابت: لا.

المشكلة الكبيرة أن ننظر إلى الفلسطينيين كما لو أنه لم يكن بينهم أساتذة وأطباء ومهندسون، كما لو لم يكن لهم صحفهم وكتّابهم ومبدعوهم في كل مجالات الحياة، وثوارهم أيضاً الذين رفضوا الذلّ، وقالوا: لا. هي الـ «لا» نفسها التي قالتها تلك الفتاة حين تعلّق الأمر ببيتها، ولكن «لا» الفلسطينيين كلفتهم دماء كثيرة وآلاف الشهداء ومئات الآلاف من الأسرى، وملايين مشردة في كل بقاع الأرض، يقفل المتصهينون الجدد أفواه هذه الملايين، في كثير من البلدان، كما لو أن هذا الاسم الجميل هو فايروس سيدمّر تلك المنافي.

من المحزن أن المرء يستطيع اليوم ترديد اسم فلسطين في لندن وروما وباريس وكانبرا وملبورن وسيدني، وحتى نيويورك، بحرية تفوق قدرته على ترديده في عواصم عربية كثيرة.

في ذلك اللقاء، قلت لتلك السائلة: في أول حوار صحافي معي، وكنت في السادسة والعشرين من عمري، قلت شيئاً لم أزل أردّده حتى اليوم: إننا نقف مع فلسطين، لا لأننا فلسطينيون أو عرب، بل لأن فلسطين امتحان يومي لضمير العالم. ولو كانت الصهيونية أقامت كيانها البغيض، العنصري، في أقصى مكان في العالم أو في أبعد جزيرة في المحيط الهادي، لكان علينا أن نكون ضد هذا الكيان، كما كان ضمير العالم ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وبلاد أخرى في هذا العالم.

وبعد:

ماذا لو قام فلسطيني، كما فعل فرانك، برفع دعوى ضد حكومة عربية رفضت أجهزتها وضع اسم فلسطين في جواز سفره؟ هل سيتركونه يربح قضية كهذه؟ هل سيبقونه في ذلك البلد، وهم يفكرون في ممارسات أشد عنصرية ضده؟ هل سيلقون به في مخيمات الصحراء، ليشويه الحرُّ نهاراً ليأكله البرد ليلاً، كما حدث كثيراً، لأنه فقط: فلسطيني، ولأنه مُصرّ على ذلك؟

Share and Enjoy !

Shares